يشمل تعبير «الأدب الألماني» جميع الفنون الشفوية والمكتوبة بلغة الأقوام الجرمانية ولهجاتها، منذ أواسط القرن الثامن الميلادي، أو باللغة الألمانية التي يتكلمها سكان ألمانية والنمسة وبعض سكان سويسرة وهنغارية وتشيكية بدرجات متفاوتة. ويمثل الشعر البطولي بدايات هذا الأدب الألماني، أما المدوّنات التي تسبق أواسط القرن الثامن، فكانت في الغالب كتابات دينية مسيحية بلغة الأقوام القوطية Gothen. ربما كان أهمها ترجمة الكتاب المقدس إلى تلك اللغة، وقد قام بها المطران أولفيلاس Ulfilas المتوفى في حدود عام 383م.لكن الأدب الألماني لم يكن له ظهور واضح خارج ألمانية حتى أواخر القرن الثامن عشر، وازداد هذا الأثر في القرن التاسع عشر الذي حمل أوربة على الاهتمام بما صدر من أدب باللغة الألمانية، وخاصة إنتاج كبار الأدباء مثل غوته[ر] Goethe وشيلر[ر] Schiller، وبعد ازدهار الإبداعية (الرومنسية) التي تعود جذورها إلى الأدب الألماني في أواخر القرن الثامن عشر.وقد يرجع سبب هذا التأخر في بروز الأدب الألماني على المستوى الأوربي والعالمي إلى عدم وجود مركز إشعاع للأدب الألماني، على غرار ما كان في لندن أو باريس فيما يخص الأدبين الإنكليزي والفرنسي، فثمة ضروب من النشاط الأدبي والفكري ازدهرت في عدد من الدويلات الجرمانية على مر العصور، ربما كان أبرزها «جماعة فايمار» Weimar. لكن شخصيات غوته وشيلر وبضعة من الأدباء الألمان، على أهميتها ونبوغها، لم تستطع مجاراة الإبداع المتنوّع في القرنين السادس عشر والسابع عشر في بلاد مثل إنكلترة وفرنسة. غير أن القرن العشرين شهد اهتماماً متزايداً بالأدب الألماني في أوربة وأمريكة، فحين تسلم النازيون مقاليد الحكم في ألمانية عام 1933م، هاجر كثير من الأدباء الألمان إلى أمريكة وبعض البلاد الأوربية فشكلوا نقاط جذب ذات أهمية خاصة في الفكر المعاصر، ساعد في نشر الأعمال المترجمة عن الألمانية في دور النشر الكبرى في أمريكة وبريطانية وفرنسة، وكان للعربية نصيب فيها سواء بالترجمة عن الألمانية أو عن لغات أوربية أخرى.الأدب الألماني القديم (750-1050م): لا يعرف الكثير عن أدب جرماني باللغة الألمانية الفصحى القديمة قبل حدود عام 800م. فما سبق ذلك التاريخ لا يخرج عن كتابات باللاتينية، أو ترجمات ألمانية عن اللاتينية في شؤون الكنيسة والدين المسيحي. ولا يذكر المؤرخون الرومان شيئاً كثيراً عن ذلك لجهلهم باللغة الجرمانية بالدرجة الأولى. لكن أول مدوّنة بالألمانية القديمة تعود إلى حدود عام 800م، وهي جذاذة قوامها 68 بيتاً من الشعر في آخرها خرم، عنوانها «أنشودة هيلدبراند» Hildebrandslied لشاعر مجهول. تتحدث القصيدة عن مواجهة بين أب وابنه على رأس جيشين يمثلان أحقاد القبائل الجرمانيّة في عهد سابق، وتعالج التناقض بين مفهوم الشرف في الحرب ومفهوم القربى. وهذا التناقض هو السمة الغالبة في الشعر الألماني القديم. وقوام القصيدة الألمانية القديمة بيت من شطرين، في كل شطر نبرتان شديدتان مع عدد من النبرات الخفيفة على كلمات الشطر الأول، تتكرر في الشطر الثاني وتخلو من القافية في آخر البيت، لأن النبرتين الشديدتين في كل شطر توفّران الإيقاع الموسيقي نفسه الذي توفّره القافية. وثمّة جذاذة ثانية بعنوان «موسبيلي» Muspilli يعود تاريخها إلى حدود عام 830م تتحدث عن صراع قوى الخير والشرّ في سبيل عدد من الأرواح تقف يوم القيامة مرتعدة في انتظار نتيجة الصراع. والقصيدة لشاعر مجهول مثل قصيدة «هيلياند» Heliand التي تعود إلى التاريخ نفسه وتتخذ من حياة القديسين مادة لملحمة بطولية بالمعنى التراثي الجرماني. والتناقض بين التراث البطولي الجرماني بما يقوم عليه من مفهومات الشرف والشجاعة والقدر وما تقوم عليه المسيحية من محبة وتواضع وعزوف عن الدنيا هو ما يميز الأدب الألماني القديم بوجه عام. وربما كان «أوتفريد فون فايسنبورغ» Otfrid von Weissenburg أول شاعر ألماني قديم معروف بالاسم وينسب إليه «كتاب البشارات» الذي أكمله في حدود عام 870م وهو أقدم أمثلة الأدب الألماني الذي يقوم على تلخيصات من الكتاب المقدّس، وتظهر فيه كذلك أول أمثلة القافية في آخر البيت الشعري. وفي القرن اللاحق حلّت اللاتينية محل اللغة الألمانية الفصحى القديمة لأن الأديرة أصبحت مراكز الثقافة من دون غيرها في القرن العاشر، ومع ذلك فقد ظهرت بعض الكتب عن موضوعات دنيوية منها كتاب خرافات على ألسنة الحيوان، وكتاب مغامرات، ومسرحيات أخلاقية من وضع الراهبة روزفيتا تحاكي فيه مسرحيات الروماني «تيرنس» Terence.العصر الوسيط الباكر (1050- 1250م): في هذا العصر عرفت اللغة الألمانية الفصحى الوسطى بدايات الشعر القصصي والغنائي على الرغم من أن سيطرة اللاتينية والأديرة، وخاصة دير «كلوني» Cluny طبعت القرنين العاشر والحادي عشر بطابع ديني كنسي. وقد شهد منتصف القرن الثاني عشر تمرّداً ظهر في كتابات دنيوية باللغة المحلية. وربما كان من أسباب ذلك زيادة التواصل بين الشعوب الأوربية إبان الحروب الصليبية التي شملت القرنين الحادي عشر والثاني عشر، من جهة، واتصال الشعوب اتصالاً غير مباشر بأهل المشرق وبغربي الأندلس عن طريق الشعراء الجوّالين الألمان Minnesinger، من جهة أخرى. وتعدّ الحقبة بين عامي 1180و1220م العصر الذهبي الأول للأدب الألماني في العصر الوسيط. فقد ازدهر نتاج الشعراء الجوّالين الذين اقتبسوا نظم الشعر الغزلي الدنيوي من «التروبادور» Troubadour وهم الشعراء الجوّالون من شمالي إسبانية وجنوبي فرنسة الذين تعلموا هذا الشعر الغنائي من الوشَّاحين والزجَّالين في الأندلس منذ القرن العاشر، كما تشير معظم الدراسات الأوربية الحديثة. والملاحظ أن أغلب الشعراء في هذه المرحلة هم من الفرسان والنبلاء، لا من رجال الدين أو رجال الكنيسة، لذلك كان موضوع الشعر في هذه الحقبة حبّاً دنيوياً عرف باسم «غزل البلاط» Hofliebe الذي يقف في مواجهة الحب في التصور المسيحي الذي إذا خرج إلى حب «السيدة» فإن تلك السيدة هي «مريم العذراء» مثال الطهر و«وردة العالم». ولأن هذا الحب الجديد على العصر الوسيط في أوربة يدّعي أن له أثراً روحياً وطبيعة حسيّة، فإن منشديه الجوّالين كانوا بذلك يسيرون في المسار نفسه الذي سلكه الأدب الألماني في تناوله العلاقة بين الروح والحواس وفي اجتهاده في الجمع بين مفهوم الألوهة بالمعنى المسيحي ومفهوم البطولة بالمعنى الجرماني الوثني.وإلى جانب «غزل البلاط» في شعر الجوّالين ظهرت في هذه الحقبة «ملاحم البلاط» Hofepen التي تدور حول تناقضات الولاء في مجتمع فرسان عصور الإقطاع، وهذه كذلك تنظر بعين إلى الموضوعات الدنيوية وبالعين الأخرى إلى الموضوعات الدينية. وربما كانت أهم هذه الأعمال ملحمة «بارسيفال» Parzival للشاعر فولفرام فون إشنباخ Wolfram von Eschenbach وتعود إلى حدود عام 1205م وهي تعتمد بعض الأصول الفرنسية. يمثل بارسيفال فارس العصر الوسيط في بحثه البطولي عن الكأس المقدّسة، وهو بهذا يجمع بين البطولة بالمعنى الدنيوي والبحث عن الخلاص بالمعنى الروحي. والملحمة الثانية المهمة هي ملحمة «تريستان وإيزولده» Tristan und Isolde التي لم تكتمل عند غوتفريد فون ستراسبورغ Gottfried von Strassburg في حدود عام 1210م. تحتفل هذه الملحمة بالأشواق الحسية بأسلوب شعري رائق، يكشف عن علاقة ببناء قصص المغامرات السابقة عليها. وإلى جانب ملاحم البلاط ثمة الملاحم الشعبية Volksepen، ولعل أبرزها «أنشودة نيبلونغن» Niebelungenlied وهم أقوام بلاد الضباب الشمالية، وهي ملحمة جمع قصصها البطولية شاعر نمسوي مجهول في حدود عام 1200م.العصر الوسيط (1250- 1500م): تطلق هذه التسمية على المرحلة الواقعة بين عام 1250م وبداية الإصلاح الديني الذي نادى به لوثر في القرن السادس عشر الذي هو عصر النهضة كذلك. وشهدت هذه المرحلة في بدايتها عودة إلى الكتابات الدينية شعراً ونثراً، كما شهدت نمو المدن نمواً تدريجياً وظهور طبقة «سكان المدن» التي غدت موضوعاً لكتابات هازلة في الشعر والنثر «حكايات نورنبرغ» Nurnberger Kronik كما شاع الشعر التعليمي في القرنين الرابع عشر والخامس عشر. وقد صاحب ظهور طبقة سكان المدن انحدار في منزلة الفرسان فغدت قصصهم موضع تندّر في بعض الأحيان، بأسلوب يفتقر إلى الكياسة غالباً. كما ظهرت في هذه الحقبة الكتب الشعبية Volksbücher، وهي أقاصيص شعرية أو نثرية ومغامرات غريرة بالقياس على ملاحم الحقبة السابقة.وبعد الجوّالين في العهد السابق جاء شعراء المايسترسنغر (أساتذة الغناء) Meistersinger، وهم في مستوى أدنى ويعنَوْن بالصنعة الشعرية وتكلّف النظم والتقفية.لكن الكتب الشعبية شهدت تطوراً في الأسلوب حتى ظهر في أواخر هذه المدة عدد من صيغ أسطورة «فاوست» Faust. وكان من نتائج ظهور طبقة سكان المدن انتشار الهجاء في الشعر إلى جانب القصص الهازل، كما ظهرت المسرحيات التي لم تقتصر على الموضوعات الدينية بل تعدّتها إلى موضوعات دنيوية تعرض في ساحات المدن والأسواق.النزعة الإنسانية والإصلاح الديني: بدأ القرن السادس عشر في ألمانية بتوكيد النزعة الإنسانية التي قامت على ترجمة أعمال أدباء إيطالية من القرن الثالث عشر فصاعداً، كما شهد هذا القرن موقف المعاداة تجاه البابوية والكاثوليكية بدرجات متصاعدة تدل عليها الأعداد الهائلة من المنشورات ذات الطابع الجدلي، وخاصة كتابات مارتن لوثر (1483- 1546م). وإلى جانب الإصلاح الديني نشط أدباء النزعة الإنسانية في إصلاح اللغة الألمانية بتقريبها من الكلام السائر وإبعادها عن التكلف. وقد نشر لوثر نفسه «رسالة إلى المترجمين» عام 1530م يحضهم فيها على الإصغاء إلى «الأم في دارها والأطفال في الشوارع والعامة في الأسواق». وقد تطوّر الهجاء وانتشرت الأغاني الشعبية كما قام لوثر بترجمة الكتاب المقدّس إلى لغة العصر. وكان من أهم نتائج الاهتمام بالأدب الشعبي تدوين «كتاب شعبي عن الدكتور فاوست» Doktor Faust Volksbuch von عام 1587م.عصر الباروك Barok (القرن السابع عشر): كان من نتائج انتشار البروتستنتية في القرن السادس عشر نشوب حرب الثلاثين سنة، وهي من أعنف الحروب في تاريخ ألمانية فانعكس ذلك على الكتابات الأدبية المختلفة في القرن السابع عشر. وربما كان كتاب غريملسهاوزن Grimmelshausen بعنوان «الغرير» (Simplisius (1669 خير ما يمثّل مشاعر الناس في ذلك العصر. وقد اشتد الاهتمام باللغة الألمانية في هذا العصر فظهرت كتابات تميل إلى الاستقلال عن النزعة الإنسانية في العهد السابق كما يلمس في «كتاب الشعر الألماني» Buch von der Deutschen Poeterey الذي نشره أوبِيتس Opitz عام 1624م.عصر التنوير Aufklärung (القرن الثامن عشر): بدأ هذا العصر بكتابات غوتشد (1700- 1766م) Gottsched، النثرية والدرامية التي تستوحي أمثلة الاتّباعية الفرنسية من القرن السابع عشر. لكن لسينغ[ر] Lessing هو الذي رفع الأدب الألماني إلى أعلى مراحل تطوره إذ تناول القضايا الاجتماعية الملحّة فوضع بذلك أسس واقعية التنوير في اهتمامها بالصبغة القومية للأدب والفن. ثم جاء فيلاند (1733- 1813م) Wieland، فوضع أسس ذلك الجنس الأدبي الألماني المسمى «الرواية التربوية» Bildungsroman، الذي يقوم على تصوير سلسلة من الأفكار الهادفة. وبين عامي 1770 و1785م نشط جماعة من الشبان الكتّاب باسم جماعة «العاصفة والاندفاع» Strum und Drang فطوّرت أفكار لسّنغ وكان هيردر (1744- 1808م) Herder أحد مؤسسيها. وكانت الجماعة تعنى بالمشاعر والأشواق بالدرجة الأولى وتتنكّر لأصحاب الاتباعية، وقد ضمّت عدداً من مشاهير الأدباء أهمهم غوته وشيلر.ربما كان من أهم ميزات حركة «العاصفة والاندفاع» أنها رعت بواكير الإنتاج الأدبي لكل من غوته وشيلر. كان غوته (1749- 1832م) متعدد المواهب وعاش في مقتبل شبابه في كنف الدوق كارل أوغست Karl August في فايمار ووقع تحت تأثير هردر في ستراسبورغ منذ عام 1770م فأسهم في حركة «العاصفة والاندفاع» حتى عام 1785م. وفي عام 1774م نشر غوته رواية «آلام فرتر» Die Leiden des Jungen Werthers فغدا مشهوراً على نطاق واسع. وأعقب ذلك توجهه نحو القيم الاتباعية في الفن الإيطالي (1786-1788م) إلى جانب عيشه في بلاط فايمار مما خفف من حدة العواطف والتعبير المشبوب في كتاباته من المرحلة الأولى، ويظهر ذلك في عدد من المسرحيات نشرها بعد ذلك التاريخ، وهي تضع العقل بمنزلة فوق منزلة العواطف والعالم المادي مما يقرب إبداعيته من تخوم الاتباعية، بما فيها من سيطرة على المشاعر واقتصاد في العبارة وتصوير الشخصية، واحترام للشكل والمجتمع. تسعى كتابات غوته في هذه المرحلة إلى الاهتمام بالفرد بصفاته الكليّة لا بعواطفه وحدها أو مشاعره، وهو في الواقع ما كانت تسعى إليه كتابات عصر التنوير، وما أسهم فيه شيلر إلى جانب غوته. كانت أعمال شيلر (1759- 1804م) الباكرة تعبيراً عن تمرّد الشباب على السلطة، كما يُلمس في «اللصوص» (1781م) Die Räuber و«مكيدة وحب» Kabale und Liebe، وفيهما يعلي شيلر أهمية الفرد مما يجعلها شديدة القرب من روحية «العاصفة والاندفاع». وشيلر مؤلف درامي بالدرجة الأولى، إضافة إلى شاعريته. وفي مسرحيته اللاحقة «دون كارلوس» (1787م) Don Carlos تتجلى روح الثورة في إدراك دور الفرد في المجتمع. وكان لدراسته فلسفة كَنت Kant وصداقته المثمرة مع غوته أثر في سعيه نحو الوضوح في عرض مسائل الفن. وكان من نتيجة التعاون بين الأديبين الكبيرين نشر مجموعة شعرية عام 1796م وثانية عام 1797م، كما أن غوته استطاع إكمال «فاوست» ورواية «فيلهلم مايستر: سنوات التحصيل» (1795- 1796م) Wilhelm Meisters Lehrjahre وعاد شيلر إلى نشاطه في التأليف المسرحي فنشر عدداً من المسرحيات كان آخرها «فيلهلم تل» (1804م) Wilhelm Tell، وهي تخلو من النهاية المأسوية.عصر الإبداعية (القرن التاسع عشر): كان لتعاون غوته وشيلر في فايمار أثره في إنتاج أعمال مهمة أغنت الأدب الألماني والأوربي عموماً وأدخلت التراث الاتباعي في صلب الإبداعية الألمانية. وفي «يينا» Jena اجتمع الأخوان أوغست فيلهيلم August- Wilhelm وفريدريش شليغل Freidrich Schlegel ونوفاليس Novalis المتصوف والشاعر تيك Tieck وألفوا أول حلقة إبداعية تبعها حلقات أخرى في هايدلبيرغ وبرلين ضمت مشاهير الشعراء والقصاصين مثل آيشندروف[ر] Eichendroff وهوفمان Hoffmann. وقد اهتم الأخوان ياكوب وفيلهلم غريم Jakob und Wilhelm Grimm [ر.غريم (الأخوان ـ)] بالتراث الألماني القديم والقصص الشعبي والأغاني التي كانت معيناً لدراستهما اللغوية.كما اشتهر في هذه المرحلة الشاعر هولدرلين Holderlin والشاعر القاص كلايست[ر] Kleist. لكن هذا الفيض في الإنتاج الأدبي النفيس في بدايات القرن التاسع عشر بدأ بالاضمحلال بعد غوته، وعلى نحو ملحوظ بعد ثورة 1848م إذ اختار كثير من الأدباء حياة المنفى.وعاد العصر الذي عرف أشعار هاينه Heine يميل إلى مشاغل سياسية واتجاهات واقعية. لكن الأنماط الأدبية التي أبدع فيها غوته وشيلر بقيت هي الغالبة مثل الأغنية lied التي تستمد من الأغاني الشعبية، والدرامة والمأساة التاريخية المنظومة بالشعر المرسل والرواية القصيرة التي تقوم على غرائب الأحداث. وقد اشتهر في هذه الحقبة كذلك الفيلسوف الأديب نيتشه[ر] Nietzsche الذي رفض الفلسفة التي دعا إليها هيغل[ر] Hegel وشوبنهاور[ر] Schopenhauer، وقد امتد أثر أفكار نيتشه حتى أوائل القرن العشرين.القرن العشرون: بعد اضمحلال الإبداعية في ألمانية وأوربة في أواسط القرن التاسع عشر ظهر المذهب الواقعي في صيغة ردّة فعل على الإبداعية، وصار الأدب يعنى بالواقع الاجتماعي بوجه خاص ويشتطّ في ذلك أحياناً لأن الإبداعية في المدة السابقة لم تكن تعنى بذلك الواقع. لكن المذهب الواقعي لم يلبث أن تضاءل أمام نشأة المذهب الطبيعي Naturalism في حدود عام 1885م على يد هاوبتمان Hauptmann وهولتس Holtz وكان ذلك التضاؤل بطيئاً لأن الواقعية الألمانية كانت مشوبة بإبداعية تذهب بعيداً في التراث الألماني. يرى المذهب الطبيعي أن سلوك الإنسان، وبالتالي أوصافه، يمكن فهمها بتحليل المحيط والصفات الموروثة. ولذلك يرى أصحاب هذا المبدأ أن على الأدب أن يعنى بالإصلاح الاجتماعي. لكن المذهب الطبيعي لم يدم طويلاً في ألمانية إذ سرعان ما جاءت الرمزية[ر] Symbolism في أواخر القرن التاسع عشر لتحل محل المذهب الطبيعي في توجيه الأدب في ألمانية كما في فرنسة.وكان من أبرز شعراء هذه الحقبة غيورغي[ر] George وريلكه[ر] Rilke وهوفمانستال Hofmannsthal وبقيت أشعارهم في مركز الصدارة حتى الحرب العالمية الأولى وبعدها بقليل. وقد صاحب الرمزية في ابتعادها عن الاهتمام بالمشكلات الاجتماعية مذهب آخر هو الإبداعية الجديدة Neoromanticism التي لا تبتعد عن الرمزية كثيراً. ولتلاحق المذاهب الأدبية في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، فقد يوجد عدد من هذه المذاهب في إنتاج شاعر واحد مثل ريلكه الذي عاش نصف سنواته الخمسين في القرن التاسع عشر ونصفها الثاني في القرن العشرين، وفي أعمال الأخوين هاينريش وتوماس مان H.&T.Mann خاصة، كما في أعمال السويسري هرمان هسِّه H.Hesse ثم ما لبثت التعبيرية Expressionism أن ظهرت مذهباً جديداً في الأدب طبع الكتابة الألمانية في الشعر والمسرح حتى نهاية الحرب العالمية الأولى وهي تهتم بإبراز المعنى في الشعر، ولو على حساب نظام الجملة التقليدي، وفي المسرح باستخدام فنون الإضاءة والبهرجة. ومن بين من يمثّل هذا المذهب في الشعر النمسوي تراكل[ر] Trakl وغوتفريد بِن[ر] G.Benn وغيورغ هايم G.Heym.وإبان الحكم النازي بقي الأدباء الذين اشتهروا في القرن العشرين هم الأكثر شهرة. فمنذ عام 1933 صار توماس مان يكتب من منفاه في الولايات المتحدة الأمريكية فنشر في أربعة أجزاء روايته الكبرى «يوسف وأخوته» Joseph und seine Brüder بين عامي 1933 و1943، التي يعالج فيها مفهوم الزمن الذي بدأه في روايته «جبل السحر» Der Zauberberg ويعرض الحياة على أنها تكرار أنماطٍ من الخبرة. وفي «دكتور فاوست» (1943م) يعيد تفسير أسطورة فاوست على نحو يرمز إلى هَوَس الألمان بكل ما هو شيطاني وغير معقول. وكأنه يقيم مناحة على ألمانية في سعيها لتدمير ذاتها. وفي العام نفسه أصدر الروائي السويسري هرمان هِسِّه آخر أعماله الكبرى «لعبة الكريات الزجاجية» Das Glasperlenspiel عن ثنائية الفكر والواقع بأسلوب الرواية التربوية. وفي المدة نفسها كان برتولد بريشت B.Brecht يكتب من المنافي المتعددة. وعاد أخيراً إلى برلين الشرقية حيث أسس مسرح برلين Berliner Ensemble وبقي نشيطاً في التأليف المسرحي حتى وفاته عام 1956م وكان قد حصل على الجنسية النمسوية قبل ذلك بثلاث سنوات.وبعد الحرب العالمية الثانية كانت ألمانية خاوية من أي إنتاج أدبي يستوقف القارئ الجاد، لذا كان لا مفر من إعادة الروابط مع العالم خارج ألمانية النازية التي انتهت عام 1945م. وقد برزت أسماء أدباء لم يكونوا مشهورين في حياتهم مثل روبرت موزيل (1880- 1942م) Musil وهرمان بروخ (1886- 1951م). تقوم شهرة موزيل على رواية لم تنته مع أنها بلغت 1600 صفحة بعنوان «الرجل الذي لا خصال له» Der Mann ohne Eigenschaften واستغرقت كتابتها ثلاث عشرة سنة، وهي تصف الحياة في فيينة إبان الحرب العالمية الأولى. وربما كان أهم الأدباء الألمان الذين اشتهروا بعد انهيار ألمانية النازية غونتر غراس G.Grass المولود عام 1927م، والذي نشر عام 1963م رواية «سنوات البؤس» Hundejaher التي تصوّر فظائع ألمانية النازية.لكن أهم المسرحيين الألمان في هذه الحقبة هم من سويسرة: ماكس فريش[ر] M.Frisch المولود عام 1911م وفريدريش دورنمات[ر] F.Durrenmutt المولود عام 1921، فقد نشر الأول عدداً من المسرحيات عن موضوعات معاصرة، كما نشر الثاني مسرحيات تناقش قضايا معاصرة كذلك، بأسلوب لا يخلو من الكآبة. ففي عام 1956م ظهرت مسرحيته «زيارة السيدة العجوز» Der Besuch der atlen Dame وفي عام 1962م ظهرت مسرحيته «الفيزيائيون» Die Physiker التي تصوّر عالماً به مسّ من الجنون. وأما أسلوب دورنمات فيصوّر الفظيع و اللامعقول في الحياة، ويبدو أن حياته لا تخلو من هاتين الصفتين. فقد كان يرى أن المأساة لم تعد كافية لتصوير العالم المعاصر لذلك انقلب إلى الكوميدية السوداء أو الكوميدية المأسوية tragicomedy.وفي الشعر برزت بعض الأسماء بعد الحرب العالمية الثانية منها باول سيلان (1920- 1970م) P.Celan وإنغبورغ باخمان I.Bachmann اللذان يشغلهما رعب الإنسان في الحياة المعاصرة. وثمة موضوع لا يغيب عن المعالجات الأدبية في ألمانية في أغلب العصور وهو دور الشعر في العالم المعاصر.أدباء ألمانية الغربية قبل التوحيد: في عام 1947م تألفت في ما كان يُسمى ألمانية الغربية «جماعة 47» Gruppe 47 ضمت مشاهير الأدباء الألمان، منهم من عاد من المنافي الاختيارية ومنهم من ترك ألمانية الشرقية مثل غونترغراس، يسيطر عليهم جميعاً رعب الحرب العالمية الثانية والشعور بثقل الخطيئة التي جرّتها على البشرية ألمانية النازية. وقد كان التعبير عن ذلك يتخذ مسارب شديدة الخصوصية والعرقية أحياناً لكنه يتخذ توجّهات تتشوّف إلى عوالم أرحب في أحوال غيرها.وكان من الظواهر الملموسة في ألمانية بعد الحرب العالمية الثانية إقبال القراء الشديد على استيعاب التيارات الأدبية التي شاعت في العالم الخارجي ولم تصل إلى الألمان إبّان الحكم النازي، مثل الواقعية الجديدة في روايات الأمريكي إرنست همنغوي[ر] Hemingway ووجودية الفرنسي سارتر[ر] Sartre كما اشتد الإقبال على مؤلفات الألمان الذين اختاروا حياة المنافي أو أُرغموا عليها منذ عام 1933م، مثل هاينريش وتوماس مان والفريد دوبلينA. Döblin وبرتولد بريخت وآنّا زيغرز A.Seghers، وقد شاع بين الكتّاب الشبان رغبة شديدة لـ «البداية من الصفر»، وإجراء «تنظيف شامل» في الساحة الأدبية. وظهرت عنوانات تعبّر عن أيام الرعب، مثل «وراء الباب» Draussen vor der Tur و«تقرير ناج من الموت» Bericht enies Uberlebenden وتشير إلى ميل الأدباء في هذه الحقبة إلى تسخير الأدب لخدمة قضايا المجتمع. لكن ذلك الميل ما لبث أن تضاءل في عقد الستينات، ربما بسبب خيبة الأمل بمجتمع «البحبوحة» Affluent Society الذي أقامته مشاريع الدعم الاقتصادي، كما يلمس في روايات فولفغانغ كوبن W.Koeppen وهاينريش بُل[ر] H. Böll ومارتن فالزر M.Walser مما جعل كثيراً من الأدباء يشككون في قدرة الأدب على تغيير المجتمع، فظهرت نبرة تصف الأدب بأنه مسألة خاصة. لكن هذا الاتجاه انقلب في آخر عقد الستينات فغدا الأدب معنياً بالسياسة بالدرجة الأولى وخاصة بعد حركات الطلبة عام 1968م التي عمَّت فرنسة وعدداً من الأقطار الأوربية. وبعد أن كان الكثير من الأدباء يعلن نفوره من السياسة راحوا ينغمسون فيها إلى حد المشاركة في الحملات الانتخابية ويسخِّرون أدبهم في هذا السبيل، وهنا اتخذت الرواية طابعاً تسجيلياً يذكِّر المرء بروايات ظهرت بعد الحرب مباشرة تؤرخ لسنوات الرعب النازي وتستخدم سجلات السجون والمحاكم أساساً تقيم عليه الأدب الروائي في تلك الحقبة. لكن هذا الاتجاه ما لبث أن تغيّر كذلك فعادت النغمة القديمة القائلة بأن الأدب مسألة خاصة وأن الشعر الغنائي مسألة أشد خصوصية. وفي أواسط السبعينات اشتدت حركة تحرر المرأة في ألمانية أسوة بما كان يحدث في بريطانية في ذلك الوقت، وظهر الأدب النسوي في الميدان في كتابات مارغو شرودر M.Schroeder وفيرينا شتيفان V.Stefan وغابرييله فوهمان G.Wohmann وجميعهن يتناولن العلاقات الطبقية والفوقية بين الجنسين. وقد شهدت أواخر السبعينات ظاهرة نزوح عدد من الأدباء من ألمانية الشرقية ليستقروا مؤقتاً أو دائماً في ألمانية الغربية مثل يورك بيكر J.Becker وكارلهاينتس ياكوبس K.Jakobs وسارة كيرش S.Kirsch ورولف شنايدر R.Schneider.لقد عرفت ألمانية الغربية ستة من الحائزين على جائزة نوبل في الأدب. كان منهم هاينريش بُل عام 1972م وموضوع رواياته الرئيس وضع الكاثوليكية في العالم المعاصر، وهو شديد الاهتمام بصورة الإنسان العادي التي يقدمها بلغة شديدة البساطة.بقيت «جماعة 47» ظاهرة النشاط في الحياة الأدبية في ألمانية الغربية، تجتمع كل عام لتكريم كاتب شاب. وحلت محل هذه الجماعة «جماعة 61» Gruppe 61 التي ما لبثت أن اندمجت مع نقابة عمال الورق والطباعة بعد 1972م ثم بدأ أثر هذه الجماعة في الحياة الأدبية يتضاءل.ألمانية الشرقية: كان للأدب أهمية خاصة في الحياة الثقافية في ألمانية الشرقية، وتنشط دور النشر الحكومية في برلين ولايبزيغ بوجه خاص وتضع في متناول القارئ بأبخس الأثمان روائع الأدب الألماني من جميع العصور، ولكن تحت رقابة شديدة من الدولة. ففي عام 1959 اجتمع مؤتمر بيترفلد Bitterfeld ليحدّد دور الكاتب في المجتمع الاشتراكي، فنتج من ذلك «حركة العمال الكاتبين» Bewegung Schreibender Arbeiter لتشجيع ذوي المواهب في تجسيد الواقعية الاشتراكية. ويحتل المسرح كذلك أهمية فائقة إذ ترعاه الدولة وتدعمه مادياً ومعنوياً. ففي ألمانية الشرقية نحو 110 من المسارح الدائمة و 1000 من المراكز الثقافية و200 من المسارح المكشوفة الموسمية. وقد أعيد فتح المسرح الألماني Deutsches Theater في برلين بعد انتهاء الحرب بقليل، كما أعيد بناء دار الأوبرا الألمانية Deutsche Staatsoper ودار التمثيل Schauspielhaus والأوبرا Oper في لايبزيغ والمسرح الوطني Nationaltheater في فايمار. وكان من نتيجة ذلك كله أن المسارح صارت ذات أثر كبير في نشر الأفكار الرسمية لنظام الحكم في ألمانية الشرقية، وخاصة في برلين حيث يقوم مسرح برلين الذي أسسه برتولد بريخت وامتدت آثار النشاط المسرحي هذا إلى عدد من بلاد العالم خارج ألمانية الشرقية. ويعنى النشاط المسرحي بمسرحيات الأطفال والشباب بوجه خاص وفي المدن الكبرى مثل برلين وهاله، ولايبزيغ ودرسدن. ويؤلف جمهور المسرح في ألمانية الشرقية حجماً لا ينافسه سوى جمهور الفنون الموسيقية.وكان من أشهر كتّاب المسرح بيتر هاكس P.Hacks وهاينر مولر H.Müller وكلاهما من تلامذة برشت في الفن المسرحي. يعنى الأول بالشخصيات التاريخية في مسرحياته وخاصة الشخصيات الأدبية، محاولاً بذلك تجنُّب المواجهة مع دعاة الواقعية الاشتراكية. كما يعنى مولر بمسائل التراث جاعلاً من شخصياته وسائل انتقاد للحياة في ظل النظام الاشتراكي الذي كان سائداً مما جعل الرقابة تمنع الكثير من مسرحياته. وربما كان هذا ما جعله يحذو حذو زميله في اختيار شخصياته من التاريخ الحضاري الأوربي مثل مسرحية فيلوكتيت (1966م) Philoktet وبروميثيوس (1968م) Prometheus. ومنذ أواخر السبعينات صار مولر يعنى بأحداث الماضي القريب في مسرحياته مثل أحداث الحربين العالميتين الأولى والثانية والأوضاع في كوبة. من الصعب جداً تفريق الأدب الألماني المكتوب بعد عام 1949م إلى أدب ألماني شرقي وآخر غربي. فالأسماء الكبيرة في الأدب الألماني قبيل الحرب العالمية الثانية وبعدها بقيت هي الأسماء الكبيرة، سواء كان هؤلاء الأدباء يعيشون في سويسرة أو المكسيك أو الدنمارك، أو غيرها من المنافي، أم أنهم بقوا يعيشون في ألمانية الشرقية بعد تقسيم 1949م، أو أنهم هاجروا إلى ألمانية الغربية. فتوماس مان هاجر إلى سويسرة، وبرتولد برشت تنقّل بين أمريكة وألمانية الشرقية، وغونترغراس هاجر إلى ألمانية الغربية، وآنا زيغرز هاجرت إلى المكسيك، لكنهم جميعاً كانوا يكتبون بروح جرمانية بالدرجة الأولى، تجمعهم كراهية النازية بدرجات متفاوتة. لقد بقيت هذه الأسماء الكبيرة هي المسيطرة على الساحة الأدبية في ألمانية حتى أواسط السبعينات في القرن العشرين. ويبدو أن مؤتمر بيترفلد عام 1959م لم ينجح في خلق مواهب جديدة تواكب فلسفة في الحكم هي في الحساب الأخير دخيلة على الروح الألمانية. فالمؤلف المسرحي برشت كان قد أقام شهرته قبل تقسيم ألمانية بكثير. والكاتبة آنا زيغرز اشتهرت قبيل الحرب العالمية الثانية وآرنولد تسفايغ A.Zweig اشتهر قبل ظهور الحكم النازي. وإذا كان أغلب الذين هاجروا من ألمانية هرباً من الحكم النازي قد بقوا في المنافي حتى بعد تقسيم ألمانية فإنهم استمروا في الكتابة بوصفهم مواطنين ألمان يكرهون النازية ولا يحبذون بالضرورة نظام الحكم الجديد في ألمانية الشرقية.وفي عقدي السبعينات والثمانينات نزح عدد من مشاهير الكتّاب في ألمانية الشرقية إلى ألمانية الغربية أو غيرها. ويجمع هؤلاء شعور مشترك وموقف من الأوضاع العامة في ألمانية الشرقية، على المستوى الاجتماعي والسياسي. وقد سمحت الحكومة لهؤلاء الكتاب والنقاد بمغادرة البلاد وهو امتياز لا يعطاه بسهولة المواطن العادي في ألمانية الشرقية. فإضافة إلى من سبق ذكرهم من النازحين ثمة غونتر كونرت G.Kunert وإريش لوست E.Loest. وربما كان أبرز كتّاب ألمانية الشرقية من النازحين إلى ألمانية الغربية راينر كونتسه R.Kunze الذي تلقي كتاباته أضواء كاشفة على الحياة اليومية في ألمانية الشرقية، إضافة إلى أشعاره التي تجري على المنوال نفسه.ويستطيع المرء أن يلمس في أدب ألمانية الشرقية موقفاً حازماً من كراهية الفاشية والنازية وتوجهاً واضحاً نحو الواقعية الاشتراكية والشيوعية التي ترعاها الدولة، وهي المسيطرة على الإنتاج الأدبي والفني. يقابل ذلك توجّه نحو مشكلات الحياة اليومية وهموم الإنسان على المستوى الأشمل في أدب ألمانية الغربية.
المراجع
الموسوعة.العربية
التصانيف
الآداب اللغات وآدابها الآداب الجرمانية