اللغة البولندية واحدة من مجموعة اللغات السلافية[ر] Slavic التي تنتمي إلى ما شاعت تسميته «أسرة اللغات الهندية الأوربية»[ر] Indo-European، وقد تطورت هذه اللغة في القرنين الثامن والتاسع الميلاديين بتطور لهجات السكان القاطنين في المنطقة الواقعة بين حوضي نهري الفيستوله Vistula والأودر Oder في وسط أوربة. وقد دامت عملية تشكل اللغة البولندية قروناً عدة، و ارتبطت بمدى نضج الوعي الثقافي والسياسي في مجتمع يعود انتماء أفراده إلى قبائل مختلفة.
تستخدم اللغة البولندية الحروف اللاتينية في الكتابة. إلا أن عدد الأصوات الساكنة consonants فيها يزيد عما هو في اللغة اللاتينية. وقد حُلّت المشكلة بوضع إشارات فوق بعض الحروف (مثلاً: کž ¨z `z ´s s) وكذلك بالجمع بين حرفين ليرمزا معاً إلى صوتٍ واحد (مثلاً: cz-sz).
وتقسم الكلمات في اللغة البولندية حسب مدلولها إلى أسماء وأفعال وصفات وأشباه أسماء وأعداد وضمائر وحروف الجر وحروف العطف. واللغة البولندية من اللغات التصريفية[ر] inflexional.
تقدر مجموعة مفردات اللغة البولندية المعاصرة بنحو مئة وعشرين ألف مفردة، ويوجد إضافة إلى المفردات البولندية الأصل كلمات دخيلة عليها يقارب عدد المتداول منها عشرة آلاف مفردة دخلتها من اليونانية والألمانية والفرنسية والإنكليزية ومن العربية أيضاً، وأكثرها من المصطلحات العلمية والتخصصية والمفاهيم المجردة.
يعود ظهور اللغة البولندية في أول نصٍ مكتوب إلى عام 1136، إذ ورد في إحدى الوثائق البابوية أسماء لأماكن وأشخاص بولنديين. وكانت اللغة اللاتينية في القرون الوسطى لغة العلم والآداب والتفاوض ولغة الدوائر الرسمية، في حين بدت اللغة البولندية وكأنها لا تصلح لتلبية الاحتياجات الثقافية الرفيعة المستوى، غير أنها أخذت ترتقي مع مضي الوقت حتى غدت قادرة على التعبير عن إنجازات المجتمع البولندي واهتماماته في مختلف المجالات.
وأدت عوامل عدة منذ منتصف القرن السادس عشر إلى ازدهار اللغة البولندية وانتشارها، حين عززت التطلعات الجديدة لعصر النهضة Renaissance أهمية اللغات الأصلية لمختلف البلدان الأوربية، وشجعت العوامل المحلية على انخراط المدنيين والمثقفين من غير رجال الدين في الحياة السياسية والثقافية، وتوسعت طبقة النبلاء ورجال الكنيسة في استخدام اللغة البولندية وسيلة تفاهم في ما بينهم، وقد نجم عن هذه العوامل ازدياد التقدير للغة الوطنية والاهتمام بها. ولجت اللغة البولندية ميدان الأدب منذ أن تصلب عودها وصار مصدراً أساسياً لقواعدها اللغوية في النحو والأسلوب والمفردات. وصدر أول كتاب مطبوع في النحو باللغة البولندية عام 1568م، وكان لدور النشر شأن عظيم في توحيد اللغة وتقييسها.
وعلى الرغم من محاولات إضعاف دور اللغة البولندية في الحياة الاجتماعية في أثناء الاحتلال الأجنبي، فقد ظلت الأعمال الأدبية والعلمية في تطور مستمر، وحرص البولنديون على المحافظة على نقاء لغتهم فقاوموا تأثير اللغات الأخرى، وبهذا الصدد هناك كتب كثيرة تعنى بقواعد اللغة ونحوها وتطويرها. وأنشئت هيئة وطنية لغوية متخصصة لهذا الغرض.
عانت اللغة البولندية تضييق الخناق عليها مجدداً، إذ فرض الاحتلال النازي إبان سنوات الحرب العالمية الثانية للأراضي البولندية (1939-1945) نوعاً من الحصار الشديد على اللغة البولندية ونتاجها الثقافي. وفي نهاية الحرب دخلت اللغة البولندية المرحلة المعاصرة، وتركز تطورها على التوسع في تداول اللغة الفصحى وانحسار استخدام اللهجات العامية نتيجة للتغيرات الاجتماعية والثقافية الكبيرة التي وفرت لكل البولنديين مجالاً واسعاً للتعلم و تحصيل المعرفة، كما وفرت عملية التوسع العمراني المدني لجزء كبير من أبناء الريف فرص الاقتراب من نمط الحياة المدنية، ونشر أعمال كبار الأدباء والمثقفين البولنديين، والتوسع في إصدار الصحف والمجلات والدوريات، وازدياد النشاط المسرحي والإذاعي والتلفزيوني إضافة إلى تأسيس المكتبات العامة.
المراجع
الموسوعة.العربية
التصانيف
الآداب اللغات وآدابها اللغة