إننا ولا شك في زمن السرعة والتعقيد، في عصر المدنية وتبعاتها حيت أصبحت الكماليات ضروريات وأصبحت لقمة العيش وراحة البال لا تكفي أكثر الناس، البحث والعمل والنجاح والصبر وتطوير الذات والتنمية البشرية.... مصطلحات من بين أخرى ملأت ما بين السماء والأرض، وجعلت من يبحث عن الهناء وراحة البدن إنسانا فاشلا، وأصبحت القيم والمبادئ وحسن الخلق أخر ما يُفَكر فيه، وحتى عندما يفكر فيه يصبح سلعة تحتاج لثمن، ابتسم في وجه عمالك وتغدق عليهم ليرتفع إنتاجهم وحبهم وانتمائهم للشركة، عامل الناس بأمانة لتجتذب أكبر عدد من العملاء.
إن معركتي ومعركتك الأولى صديقي، داخلنا وليست أبدا خارجنا، من يبحث عن السعادة خارجه فلن يجد إلا الشقاء، ومن يبحث عن النجاح خارجه فلن يجد إلا الفشل، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري حيثما ذهبت فهي معي لا تفارقني، قتلي شهادة، وسجني خلوة، وإخراجي من بلدي سياحة)؛ لذلك فَتقوية البيت الداخلي أحق أن تأخذ جل وقتنا؛ لأنه إذا صلح الداخل انعكس على الخارج ؛ وهذه قصة[1] مُؤَكدة لهذا المفهوم ؛
"لما كنت شابا حرا طليقا لم تكن لمخيلتي حدود، كنت أحلم في تغيير العالم، وكلما ازددت سنا وحكمة كنت أكتشف أن العالم لا يتغير، ولذا قللت من طموحي إلى حد ما، وقررت تغيير بلدي لا أكثر.
إلا أن بلدي هي الأخرى بدت كأنها باقية على ما هي عليه، وحينما دخلت مرحلة الشيخوخة حاولت _ في محاولة يائسة أخيرة _ تغيير عائلتي، ومن كانوا حولي، ولكن باءت محاولتي بالفشل.
واليوم... وأنا على فراش الموت، أدركت فجأة كل ما هو في الأمر... ليثني كنت غيرت ذاتي في بادئ الأمر.. ثم بعد ذلك حاولت تغيير عائلتي، ثم بإلهام وتشجيع منها، ربما كنت قد أقدمت على تطوير بلدي، ومن يدري، ربما كنت استطعت أخيرا تغيير العالم برمته؟" قول مجهول
إننا اليوم في عصر غلب عليه الفكر المادي الذي انتقل لنا مع انتشار العولمة ووسائلها من (الإنترنت – الفضائيات – الإذاعات....) حيث أن المستهلك لا يأخذ فقط العلم والصناعة والمواد المستهلكة، بل يأخذ كذلك فكر وثقافة، تخالف بل وتعارض فكره وثقافته، فاليوم نحن مدعوين لإحياء الفكر الإسلامي في أنفسنا أولا قبل أن نحارب به الفكر المادي، ومن أراد إعادة دولة الإسلام فل يحيها في نفسه أولا.
ابدأ بنفسك أولا، حارب هوى النفس ونوازع الشيطان وضغط المجتمع، تعرف على نفسك حدد رسالتك لأن كل باخرة بدون شراع أخر مطافها الصخور، لا يشغلك نقد ومتابعة أخطاء الآخرين عن مراقبة نفسك وتتبع عثراتها لتُصلحها وتُطورها، وتذكر أن أساس النجاح وأساس المدنية وعمارة الأرض هو الفرد الصالح المُصلح، صالحا أولا لنفسه ومصلحا ثانيا لمجتمعه ومحيطه.
أدعكم في حفظ الله ورعايته؛

المراجع

عودة و دعوة دوت كوم

التصانيف

علم النفس