الثروة السمكية في مصر الحاضر والمستقبل : في العدد السابق عرضنا الجزء الاول من الدراسة التي أعدها الدكتور نبيل فهمي عبد الحكيم أستاذ الانتاج الحيواني والسمكي بكلية الزراعة جامعة الازهر والدكتور السيد يوسف شريف رئيس قسم الاقتصاد والارشاد بالمعمل المركزي لبحوث الثروة السمكية بمركز البحوث الزراعية والتي تدور حول الثروة السمكية في مصر الحاضروالمستقبل .. وكنا قد توقفنا في العدد الماضي عند مصادرنا الطبيعية واقتراحات الدراسة للتنمية وكذا الاستثمارات المطلوبة .. واليوم يتواصل الحوار حول هذه الدراسة.وفي هذا العدد سنعرض الجزء الثاني من الدراسة حول الاستزراع السمكي والذي يعرف بالتربية المنظمة لانواع معينة من الاسماك في اماكن محددة ومقفولة يمكن فيها التحكم في جميع ظروف التربية وتوفير البيئة الملائمة لنمو الاسماك بغية زيادة الانتاج من وحدة المساحة وتحتاج تربية الاسماك بهذا الاسلوب الي خبرة وادارة مدربة مع وضع استراتيجية ثابته طويلة الامد للتوسع التدريجي في انشاء المزارع السمكية والاستفادة الكاملة من المسطحات الارضية والمائية التي تتناسب مع هذا النوع من النشاط ولا يقتصر الامر فقط علي توفير تلك المسطحات ولكن الاهم من ذلك استمرارية النشاط والعمل علي زيادة الانتاجية بالتخطيط السليم والمتابعة المستمرة والإدارة الأمنية .الاستزراع السمكي :وتزداد اهمية الاستزراع السمكي في مصر بسبب تزايد الفجوة السمكية بين الانتاج المحلي من المصادر الطبيعية وبين الاستهلاك المتزايد من الاسماك وقد اوضحت البيانات الاحصائية ان الانتاج السمكي المحلي في مصر قد ارتفع من حوالي (88.5) ألف طن في اوائل السبعينيات من القرن العشرين ليصل الي حوالي (545.6 ) ألف طن عام 1998 حسب تقديرات الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية اي ان الانتاج تضاعف اكثر من ستة اضعاف ولكن الزيادة في الطلب علي الاسماك كانت اكبر من الزيادة في الانتاج نتيجة لمجموعة من العوامل والمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية مما ادي الي ظهور هذه الفجوة ، وقد ساهمت الموارد السمكية الطبيعية من مصادرها المختلفة بحوالي 74% من الإنتاج السمكي المصري بينما ساهم نشاط الاستزراع السمكي بحوالي 26% منت هذا الانتاج عام 1998 ، وتهدف استراتيجية الانتاج السمكي في مصر الي تحقيق انتاج محلي يبلغ حوالي (1362 ) ألف طن عام (2012 ) ولكن ما يمكن ان تحققه المصايد الطبيعية من الزيادة المستهدفه في الانتاج عن ما هو كائن الآن لن يتمكن من الوفاء بتلك المتطلبات.ويمكن تغطيبة جزء كبير من الفجوة بين الإنتاج الحالي والمستهدف عن طريق تكثيف الاستزراع السمكي بالطرق العلمية واستخدام التقنيات الحديثة حيث تشير الدراسات الي ان الاستزراع السمكي ينتج ما بين (55 ) كجم/هتكار في شكله الانتشاري السمكي زيادة كبيرة في إنتاجية وحدة المساحه بالمقارنة بالمصايد وبالتالي فإن أي زيادة في مساحات الاستزراع السمكي ستنعكس علي زيادة الانتاج المحلي من الاسماك وتقليل حجم الفجوة الغذائية السمكية.يعمل الاستزراع السمكي علي توفير كميات اضافية من الاسماك الطازجة خاصة في الأماكن النائية والصحراوية.يتيح الاستزراع السمكي كأحد المحاور الرئيسية للتنمية استغلالا امثل للموارد في الأرضي البور والغير المستغلة اقتصاديا لإنتاج الأسماك وكذلك في المناطق التي تتوفر بها المقومات الطبيعية للاستزراع السمكي البحري مثل بعض سواحل البحر الاحمر وسيناء والساحل الشمالي الغربي للبحر الابيض الممتد حتي الحدود المصرية الليبية.يعمل نشاط الاستزراع السمكي التكاملي او المختلط مع بعض حيوانات المزرعة مثل الدواجن والبط والابقار علي تخفيض عبء التلوث البيئي بمخلفات هذه الحيوانات عن طريق تحويلها بفاعلية الي بروتين حيوني سمكي نظرا لاهمية هذه المخلفات كسماد لاحواض المزرعة السمكية مما يساعد علي خفض تكاليف تغذية الاسماك بالغذاء الصناعي وبالتالي زيادة دخل المزارع .يتيح الاستزراع السمكي إنتاج اصناف من الأسماك عالية الجودة وذات قيمة تسويقية وتصديرية مرتفعة .يعمل الاستزراع السمكي علي تخفيف الضغط علي المصادر الطبيعية وعدم اجهادها بعمليات الصيد الجائر.يوفر هذا النشاط فرص عمل كبيرة خاصة في المناطق التي تتوفر بها المقومات الطبيعية للاستزراع السمكي .يعمل الاستزراع السمكي من خلال المفرخات السمكية الصناعية علي توفير كمية الزريعة اللازمة لهذا النشاط.تساعد عمليات الاستزراع السمكي علي تطوير نظام الحوش في البحيرات الشمالية وتحويلها الي مزارع سمكية ذات إنتاجية عالية بالنسبة لوحدة المساحة . وأوضحت الدراسة انماط الاستزراع السمكي في مصر ويتلخص في الاستزراع الانتشاري او الغير المكثف ويندرج تحته تجديد المخزونات السمكية في الاجسام المائية واطلاق زريعة مبروك الحشائش في الترع والمصارف .. أما النوع الثاني من الاستزراع فهو الاستزراع الشبه المكثف وتشمل النظم التالية مصايد الحواجز والسدود في بحيرات شمال الدلتا ومزارع الاحواض الشروب الضلحة والتربية في الاحواض المنتظمة بمزرعة سمكية والتربية شبه المكثفة في الاراضي تحت الاستصلاح.اما النوع الثالث فهو الاستزراع السمكي المكثف وتشمل التربية المكثفة في الاحواض الخرسانية او الاحواض الفيبرجلاس والتربية المكثفة في الاقفاص العائمة والاستزراع السمكي التكاملي او المحمل.عوامل النجاح :وجددت الدراسة مقومات نجاح وتنمية مشاريع الاستزراع السمكي في مصر في النقاط التالية :توفير كمية ونوعية الزريعة والأصبعيات اللازمة حيث ان ذلك يعتبر من أهم العوامل المحددة لنجاح هذا النشاط ويوجد في مصر 14 مفرخا صناعيا حكوميا وكذلك 20 مفرخا صناعيا أهليا تعمل كلها في مجال تفريخ اسماك المياه العذبه.توفير العلائق والأعلاف الصناعية الخاصة بالأسماك حيث تعتمد بعض انماط الاستزراع السمكي علي استخدام أغذية إضافية كاحد المدخلات الأساسية في هذه الصناعة ويجد مصنعان لأعلاف الأسماك تابعان للهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية .تقوم شركات متخصصة بإقامة وتشييد المزارع السمكية من أحواض ترابية أوخرسانية ومبان ومفرخات صناعية وبوابات الري والصرف والترع المغذية والمصارف .تطهير الأحواض من الحشائش المائية وتعتبر النباتات المائية من اكبر المشاكل التي تواجه الاستزراع السمكي حيث تنمو بالاحواض مسببة خطورة علي الأسماك المرباة وتزال هذه الحشائش إما يدويا أو باستخدام لنشات متخصصة في ذلك. توفير ادوات ومعدات المزارع السمكية مثل بدالات التهوية والمعالف الأتوماتيكية من الصاج المجلفن وطلمبات رفع المياه وشباك الصيد.معاملة الأسماك بعد الصيد بالطريقة التي تضمن تقليل نسبة الفاقد اثناء المراحل التسويقية المختلفة واتباع الأساليب التكنواوجية الحديثة أثناء عمليات التخزين والنقل من مناطق الإنتاج إلي أماكن الاستهلاك وتقليل كمية الأسماك التالفة يعتبر زيادة رأسية في الإنتاج بدون تكاليف إنتاجية كبيرة وهذا يتطلب وجود متخصصين من شباب الخريجين من كليات الزراعة للقيام بهذا النشاط .العلاقة التكاملية :وأشارت الدراسة إلي العلاقة التكاملية بين قطاع الثروة السمكية والقطاعات الاقتصادية الاخري بأن الأجهزة العاملة في مجال الثروة السمكية في مصر متعددة وتختلف تبعيتها لأكثر من جهة إدارية واحدة فضلا عن عدم استمرار هذه التبعية الامر الذي قد يؤدي إلي اختلاف وجهات النظر والتعارض فيما بينها لانعدام الروابط بين متخذي القرار في هذه القطاعات المختلفة من إنتاج وتسويق وتصنيع وتعمير وإرشاد وبحوث و بيئية وحراسة وخلافه والتي قد تتبع وزارات مختلفة أيضا ، لذلك يلزم التنسيق الاداري بين هذه القطاعات المتصلة بتنمية الثروة السمكية لتحقيق الزيادة المستهدفه في الإنتاج بأقل تكاليف ممكنة وبأعلي جودة مطلوبة ، وكذلك مد القنوات العلمية بين مراكز البحوث ومجالات التطبيق العملي لتوصيل مشاكل المنتجين الي الباحثين وتوصيل نتائج البحوث إلي المنتجين عن طريق جهاز إرشادي كفء ، فقد تم تخصيص حوالي 12211 مليون جنية لهذا الغرض .نسبة المساهمة :وأكدت الدراسة أن مشاريع الاستزراع السمكي في مصر عام 1998 ساهمت بحوالي 26% من جملة الإنتاج وساهمت المصادر الطبيعية الاخري بحوالي 74% وتنتج عمليات الاستزراع السمكي زيادة كبيرة في الإنتاج بالنسبة لوحدة المساحة المقارنة بالمصايد لذلك فإن اي زيادة في المساحة المستزرعة بالأسماك ستنعكس علي زيادة الإنتاج المحلي من الأسماك .
المراجع
اراضينا
التصانيف
الثروة السمكية المصايد السمكية