إنْ كَانَ دِينُكَ فِي الصَّبَابَة ِ دِينِي فقِفِ المَطيَّ برَمْلَتَيْ يَبْرِينِ
والثِمْ ثرى ً لو شارَفَتْ بي هُضْبَهُ أَيْدِي الْمَطِيِّ لَثَمْتُهُ بِجُفُونِي
وانشُدْ فؤادي في الظِّباءِ مُعَرِّضاً فبغيرِ غِزلانِ الصَّريمِ جنوني
وَنَشِيدَتِي بَيْنَ الْخِيَامِ وَإنَّمَا غَالَطْتُ عَنْهَا بِالظِّبَاءِ الْعِينِ
لَوْلاَ الْعِدَى لَمْ أَكْنِ عَنْ أَلْحَاظِهَا وَقُدُودِهَا بِجَوَازِىء ٍ وَغُصُونِ
للهِ ما اشتملَتْ عليهِ قِبابُهمْ يومض النَّوى من لؤلوءٍ مَكنونِ
من كلِّ تائهة ٍ على أترابِها بِالْحُسْنِ غَانِيَة ٍ عَنِ التَّحْسِينِ
خَودٍ تُري قمرَ السماءِ إذا بدَتْ ما بينَ سالفة ٍ وبينَ جَبينِ
غَادَيْنَ مَا لَمَعَتْ بُرُوقُ ثُغُورِهِمْ إلاّ استهَلَّتْ بالدموعِ جفوني
إنْ تُنكِروا نَفَسَ الصَّبا فلأنّها مَرَّتْ بِزَفْرَة ِ قَلْبِيَ الْمَحْزُونِ
وإذا الرَّكائبُ في الجبالِ تَلَفَّتَتْ فَحَنِينُهَا لِتَلَفُّتِي وَحَنِينِي
يا سُلْمَ إنْ ضاعَتْ عهودي عندَكُمْ فأنا الذي استودَعْتُ غيرَ أمينِ
أَوْ عُدْتُ مَغْبُوناً فَمَا أَنَا فِي الْهَوَى لكُمُ بأوّلِ عاشقٍ مَغبونِ
رِفقاً فقد عسَفَ الغرامُ بمُطْلَقِ العَبَراتِ في أَسرِ الغَرامِ رَهينُ ـعَبَرَاتِ فِي أَسْرِ الْغَرَامِ رَهِينِ
مَا لِي وَوَصْلَ الْغَانِيَاتِ أَرُومُهُ ولقدْ بخِلْنَ عليَّ بالماعُونِ
وَعَلاَمَ أَشْكُو وَالْدِّمَاءُ مُطَاحَة ٌ بلِحاظِهِنَّ إذا لَوَيْنَ دُيوني
هَيْهَاتَ مَا لِلْبِيضِ فِي وُدِّ کمْرِىء ٍ أَرَبٌ وقد أَرْبى على الخمسينِ
وَمِنَ الْبَلِيَّة ِ أَنْ تَكُونَ مَطَالِبِي جَدْوَى بَخِيلٍ أَوْ وَفَاءَ خَؤُونِ
ليتَ الضَّنينَ على المُحبِّ بوَصلِهِ لَقِنَ السَّمَاحَة َ مِنْ صَلاَحِ الدِّينِ
مَلِكٌ إذَا عَلِقَتْ يَدٌ بِذِمَامِهِ علِقتْ بحبلٍ في الوفاءِ مَتينِ
قادَ الجيادَ مَعاقلاً وإنْ اكتفى بمَعاقلٍ من رأيِهِ وحُصونِ
وَأَعَدَّ لِلأَعْدَاءِ كُلَّ مُهَنَّدٍ ومُثَقَّفٍ ومُضاعَفٍ مَوْضُونِ
سَهِرَتْ جُفُونُ عِدَاهُ خِيفَة َ مَاجِدٍ خُلِقَتْ صَوَارِمُهُ بِغَيْرِ جُفُونِ
لَوْ أَنَّ لِلَّيْثِ الْهَزَبْرِ سُطَاهُ لَمْ يَلْجَأْ إلَى غَابٍ لَهُ وَعَرِينِ
وَالْبَحْرُ لَوْ مُزِجَتْ بِهِ أَخْلاَقُهُ عادَتْ مياهُ البحرِ غيرَ أُجونِ
وَالأَرْضُ لَوْ شِيبَتْ بِطِيبِ ثَنَاهُ لَمْ تُنْبِتْ سِوى الخَيرِيِّ والنِّسْرِينِ
والدهرُ لو أَعداهُ طِيبَ طِباعِهِ مَا شِينَ مِنْ أَبْنَائِهِ بِضَنِينِ
قسَماً لقد فضَلَ ابنُ أيّوبَ الحَيا بسَماحِ كفٍّ بالنُّضارِ هَتُونِ
مخلوقة ٍ من سُودَدٍ وندى ً وقدْ خُلقَ الأنامُ سُلالة ً من طِينِ
يَا مَنْ إذَا نَزَلَ الْوُفُودُ بِبَابِهِ نزلوا بجَمٍّ من نَداهُ مَعينِ
أضحَتْ دمشقُ وقد حلَلْتَ برَبعِها مأوى الطَّريدِ ومَؤئِلَ المِسكينِ
وغدَتْ بعدلِكَ وهْيَ أكرمُ مَنزِلٍ تُلْقَى الرِّحَالُ بِهِ وَخَيْرُ قَطِينِ
يُثْني عليكَ المُعتَفونَ بها كما تُثْنِي الرِّيَاضُ عَلَى السَّحَابِ الْجُونِ
لَكَ عِفَّة ٌ فِي قُدْرَة ٍ وَتَوَاضُعٌ فِي عِزَّة ٍ وَشَرَاسَة ٌ فِي لِينِ
وَضَمِنْتَ أَنْ تُحْيِي لَنَا أَيَّامَهُمْ وَأَرَيْتَنَا بِجَمِيلِ صُنْعِكَ مَا رَوَى الـ
كادَ الأعادي أنْ يُصيبَكَ كَيدُها لَوْ لَمْ تَكِدْكَ بِرَأْيِهَا الْمَأْفُونِ
تُخْفِي عَدَاوَتَهَا وَرَاءَ بَشَاشَة ٍ فتَشِفُّ عن نظَرٍ لها مَشْفُونِ
دفنَتْ حَبائلَ مَكرِها فرَددْتَها تَدْوَى بِغَيْظِ صُدُورِهَا الْمَدْفُونِ
وعلِمْتَ ما أخفَوْا كأنَّ قلوبَهم أفضَتْ إليكَ بسِرِّها المَخزونِ
كمِنُوا وكم لكَ من كَمينِ سعادة ٍ فِي الْغَيْبِ يَظْهَرُ مِنْ وَرَاءِ كَمِينِ
فهَوَتْ نجومُ سُعودِهمْ وقضى لهمْ بالنَّحسِ طائرُ جَدِّكَ المَيمونِ
وَإلَيْكَ بِكْراً مِنْ ثَنَائِكَ حُرَّة ً تَخْتَالُ فِي وَشْيِ الْقَوَافِي الْعُونِ
غَرَّاءَ مَا دَنِسَتْ مَلاَبِسُهَا عَلَى أَيْدِي اللِّئِامِ بِنَائِلٍ مَمْنُونِ
أَرَجُ الثَّنَاءِ يَفُوحُ مِنْ أَثْنَائِهَا وَكَأَنَّمَا جَاءَتْكَ مِنْ دَارِينِ
كم سامَني فيها البخيلُ ولمْ أكنْ لأَشِينَ رَونَقَ حُسنِها بمَشِينِ
أَتَرَاهُ يَطْمَعُ أَنْ يَصُونَ ثَرَاءَهُ عنّي ووجهِيَ عنهُ غيرُ مَصونِ
فاجعَلْ قَبُولَكَ واهتزازَكَ مَهرَها وَکظْفَرْ بِعِلْقٍ فِي الثَّنَاءِ ثَمِينِ
وَأَبِيكَ مَا سَامَحْتُ فِي إرْسَالِهَا دوني لأنّي قانِعٌ بالدُّونِ
كلاّ ولا أنّي أُراعُ لنِيّة ٍ قَذَفٍ على أيدي المَطيِّ شَطُونِ
لكنْ أُصَيْبِيَة ٌ لوَقْعِ فِراقِهمْ فِي الْقَلْبِ وَقْعُ اللَّهْذَمِ الْمَسْنُونِ
لولاهُمُ ما قادَني أملٌ ولا ضمَّتْهُ مكّة ُ من صَفاً وحَجُونِ
وَبِكُلِّ أَشْعَثَ كَالْحَنِيَّة ِ شَاحِبٍ يَهوي بهِ حَرفٌ كحرفِ النُّونِ
وَبِكُلِّ دَامِيَة ِ الأَظُلِّ شِمِلَّة ٍ وَجَنَاءَ فَتْلاَءِ الذِّرَاعِ أَمُونِ
لولاكَ لم يُشدَدْ على ظَهرِ المُنى رَحلي ولم يُعلَقْ عليهِ وَضِيني
وَلَطَالَمَا عُفْتُ الْمَطَالِبَ قَبْلَهَا وَنَفَضْتُ مِنْ جَدْوَى الْمُلُوكِ يَمِينِي
فإذا أُنيخَتْ في عِراصِكَ عِيسُها فاعلَمْ أَبَيْتَ اللعنَ عِلمَ يقينِ
أنّي امرؤٌ هَجْرُ المطامعِ مَذهبي والصَّونُ عادي والقناعة ُ دِيني
لا الفقرُ يُلبِسُني لِباسَ مَذَلّة ٍ ضَرَعاً وَلاَ ثَوْبُ الْغِنَى يُطْغِينِي
وَالْبَحْرُ عِنْدِي حِينَ أَطْمَعُ نَغْبَة ٌ وإذا قنِعتُ فبُلْغَة ٌ تَكفيني
قد هذَّبَتْني للزمانِ تجاربٌ فَأَقَادَ صَعْبِي وَکسْتَلاَنَ حَرُونِي
شَحَذَتْ لَيَالِيهِ غِرَارَ خَلاَئِقِي بِصَيَاقِلٍ مِنْ صَرْفِهَا وَقُيُونِ
فاليومَ لا أنا حاسدٌ لثَراءِ مَنْ فوقي ولا زارٍ على من دُوني
وَلَقَدْ رَقَدْتُ وَلِلزَّمَانِ قَوَارِضٌ تَعتادُني وشَوائبٌ تُصْميني
أُغْضِي عَلَيْهَا وَالإبَاءُ يُهِبُّ بِي "قَوِّضْ خِيامَكَ عن ديارِ الهُونِ
واقصِدْ حِمى ملِكٍ عزيزٍ جارُهُ سامي الذوائبِ شامخِ العِرْنينِ

عنوان القصيدة: إنْ كَانَ دِينُكَ فِي الصَّبَابَة ِ دِينِي.

بقلم سبط ابن التعاويذي.


المراجع

mawsoati.com

التصانيف

شعراء   الآداب