تعتبر حاسة السمع من أهم الحواس التي يرتكز عليها الفرد في تفاعلاته مع الآخرين أثناء مواقف الحياة المختلفة، اذ من خلال السمع يستطيع الفرد التعايش مع الآخرين.

الإعاقة السمعية هي حالة مرضية تُؤثر على الجهاز السمعي لدى الفرد وتجعله غير قادر على أداء وظائفه بالشكل المطلوب أو تُعرف بأنها مجموعة من المشكلات القادرة على التأثير على قدرة سماع الأصوات بأشكالها المختلفة لدى الفرد بصورة أقل من الحد الطبيعي، وتتراوح في شدتها من الدرجة البسيطة والمتوسطة التي ينتج عنها ضعف سمعي ، إلى الدرجة الشديدة جداً والتي ينتج عنها الصم .

ومن ثم تعتبر الإعاقة السمعية من أشد وأصعب الإعاقات الحسية التي تصيب الإنسان؛
إذ يترتب عليها فقد القدرة علي الكلام بجانب الصمم الكلي، ولذا يصعب علي الأصم اكتساب اللغة والكلام أو تعلم المهارات الحياتية المختلفة. كما أن آثار التنشئة في سن ما قبل المدرسة تبقي وتتأصل خلال الحياة المدرسية، ومن ثم فإن العناية بالتكوين النفسي وتقبل الإعاقة لدي الطفل الأصم مع إتاحة الفرصة له للنمو والتواصل والتفاعل مع أفراد الأسرة في مواقف عادية تصقله وتساعده علي نمو شخصيته
ويمثل الأفراد المعاقين سمعياً فئات غير متجانسة فكل فرد لـه خصـائص تميـزه عـن غيـره ولذلك فإن الإعاقة السمعية لا يكون لهـا نفـس التـأثير علـى جميـع الأفـراد المعـاقين سـمعياً وذلك لوجود عدد من الأسباب منها: مقدار الفقـدان السـمعي، العمـر عنـد الإصـابة بالإعاقـة، مدى الاستفادة من القدرات السمعية المتبقية،
فماهي الخصـائص المشتركة التي تجمع بين المعاقين سمعياً ؟

الخصائص اللغوية

لا شك في أن النمو اللغوي هو أكثر مظاهر النمو تأثراً بالإعاقة السمعية. فالإعاقة السمعية تؤثر بشكل سلبي على جميع جوانب النمو اللغوي، ومن تلك الآثار السلبية على النمو اللغوي: عدم تلقي الطفل المعاق سمعياً لأي تعزيز سمعي عندما يصدر أي صوت من الأصوات، كما أنه لا يستطيع سماع كلام الكبار كي يقلده وبالتالي فهو محروم من معرفة نتائج أو ردود أفعال الآخرين نحو ما يصدره من أصوات.
وتتصف لغة المعاقين سمعياً بالفقر البالغ قياساً بلغة الآخرين ممن لا يعانون من هـذه الإعاقـة، وتكون ذخيرتهم اللغوية محدودة وألفاظهم تدور حول الملموس، وتتصف جملهم بالقصـر والتعقيـد علاوة على بطء كلامهم واتصافه بالنبرة غير العادية، فالطفل السامع فـي الخامسة من عمره يعرف ما يزيد عن (٢٠٠٠) كلمة، أما الطفل الأصم لا يعرف أكثر مـن (٢٠٠) كلمة، وبدون تعليم لغوي منظم للطفل الأصم لا يعرف أكثر من (٢٥) كلمة فقط، وبذلك فأن الخصائص اللغوية تختلف من فرد لآخر، وهناك علاقة طردية بين النمو اللغوي للمعاق سمعياً وبين درجة الإعاقة، فكلما زادت درجة الإعاقة السمعية زادت المشكلات اللغوية لدى المعاقين سمعياً، الأمر الذي يجعل من الصعب على الوالدين فهم المعاق سمعياً وما يريد إيصاله من معنى بسهولة ويسر، وبالتالي قد تسوء المعاملة الوالدية له الأمر الذي يؤدي إلى شعوره بالاغتراب النفسي نتيجة لعدم فهمه وتعرضه لأساليب والديه غير سوية.

الخصائص المعرفية

تباينت الآراء ونتائج الدراسات حول أثر الإعاقة السمعية على القدرات المعرفية للأفراد المعاقين سمعياً مقارنة بعادي السمع، فقد أشارت بعض البحوث إلى أن النمـو المعرفـي لا يـرتبط باللغـة بالضرورة ولذلك فهم يؤكدون أن المفاهيم المتصلة باللغة هي وحدها الضعيفة لدى المعوقين سـمعياً، ويعزو هؤلاء اختلاف المعاقين سمعياً على العاديين في اختبارات الذكاء إلى عدم توافر طرق فعالـة لتعليم المعاقين سمعياً، بينما أشار البعض الأخر إلى ارتباط القـدرة العقليـة بالقدرة اللغوية، وبما أن الإعاقة السمعية تؤثر بشكل كبير على القدرات اللغوية فليس من المسـتغرب أن نلاحظ تدني أداء المعاقين سمعياً على اختبارات الذكاء وذلك لتشبع هـذه الاختبـارات بالناحيـة اللفظية.
والجدير بالذكر وجود فروق في القدرات المعرفية بين المعاقين سمعياً والعاديين، فيعزو المخلافي (٢٠٠٥) هذه الفروق في القدرات المعرفية بينهم إلى الفارق الزمني، فما قد يتعلمه عادي السمع خلال ساعة قد يتعلمه المعاق سمعياً خلال ساعتين، ويضيف أن الطفل المعاق سمعياً لا يتعرض إلى ما يتعرض له الطفل العادي من رعاية وخدمات، ففاقد الشيء لا يعطيه، بالإضافة إلى ضعف كفاءة القائمين على تطبيق اختبارات الذكاء في عملية التواصل مع المعاقين سمعياً، وعدم ملائمة هذه الاختبارات لقياس ذكاء المعاقين سمعياً.
على أية حال، فيما يتعلق باختلاف الآراء حول تأثير الإعاقة السمعية علـى القـدرات المعرفيـة للمعوقين من حيث ارتباطها بالجانب اللغوي أو عدم ارتباطها، فإن الباحث يرى أن الإعاقة السـمعية تؤثر في أي حال من الأحوال على القدرات المعرفية سواء اعتمدت القدرات المعرفية على اللغـة أم لا، وما يهم هو هذا التأثير الذي ينبغي أخذه بعين الاعتبار عند التعامل مع المعاقين سمعياً سواء مـن حيث تدريبهم أو تعليمهم أو تأهيلهم، وبالتالي التقليل من حدة شعورهم بالعزلة الاجتماعية والاغتراب النفسي.

الخصائص الاجتماعية والنفسية

إن افتقار الفرد في أي مجتمع من المجتمعات لمهارات التواصـل الاجتمـاعي مـع الآخـرين، وضعف مستوى قدراته وأنماط تنشئته الأسرية يقود إلى عدم بلوغه النضـج الاجتمـاعي المناسـب لعمره الزمني، ولا يستثنى من ذلك الأفراد المعاقين سمعياً، وبما أن المعوقين سمعياً لديهم فقراً في طرق الاتصال الاجتمـاعي فـإنهم يعـانون مـن الخجـل والانسحاب الاجتماعي، ويتصفون بتجاهل مشاعر الآخرين، ويسيئون فهـم تصـرفاتهم، ويتصـفون بالأنانية، كما يتأثر مفهومهم عن ذواتهم بهذه الإعاقة، ومن أهم خصائصهم النفسـية عـدم تـوافقهم النفسي وعدم الاستقرار العاطفي. ويتصف هؤلاء بالإذعان للآخرين، والاكتئاب، والقلق، والتهـور، وقلة توكيد الذات، والشك في الآخرين، والسلبية والتناقض، والدونيـة ونقـص الثقة وسوء التوافق الانفعالي والضبط الذاتي والشعور بنقص الكفاءة، وتوقع مواجهة مواقف إحبـاط جديدة لم يسبق مواجهتها نتيجة لفقد السمع مما يثير لديهم القلق والاضطراب الانفعالي الـذي يـؤدى إلى العزلة والعجز والاغتراب وشعورهم بالوحدة النفسية.
ويشير كل من دوجان وانجلش ( English, 2001),( Dugan, 2003 ) إلـى أن الدراسـات أوضحت أن مفهوم الذات لدى الأشخاص المعوقين سمعياً يتصف بعدم الدقة فهو غالباً مبـالغ فيـه، وتشير الدارسات أيضاً إلى أن المعوقين سمعياً الملتحقين بمؤسسات خاصة للمعوقين سمعياً أو الـذين يعاني آباؤهم أو أمهاتهم من الإعاقة السمعية يكون لديهم مفهوم ذات أفضل من غيرهم من المعـوقين سمعياً، وتوصلت دراسة (حرب، ١٨١ :٢٠٠٣) إلى أن الـذكور من المعاقين سمعياً لديهم مشكلات في مفهوم الذات الجسمية والرضا عن الذات، بينما كانت مشـكلة الإناث في مفهوم الذات الاجتماعية.
كما يشير حسن (١٩٩٩) إلى عدد من الدراسات التي بينت أن المعاقين سمعياً يؤثرون العزلة على المشاركة، والانسحاب على الإقدام، ويميلون إلى الانزواء، ويميلـون إلـى الألعاب الفردية التي تتطلب مشاركة عدد محدود ويشير بعض الباحثين إلى أن القصور في قدرة المعوقين سمعياً على التواصـل مـع الآخـرين، وكذلك أنماط تنشئتهم الاجتماعية تؤدي إلى الاعتمادية وعدم النضج الاجتماعي، كمـا إن المعـاقين سمعياً يبدون قدراً كبيراً من التفاعل الاجتماعي مع أقرانهم المعوقين سمعياً وذلك بشكل يفـوق مـا يحدث بين فئات الإعاقات الأخرى وهو ما يعني التعصب من جانبهم لفئة المعـوقين سـمعياً حتـى يحصلوا على القبول من الآخرين، كمـا يعدون أقل معرفة بقواعد السلوك المناسب، ويعانون من قصور واضح في المهـارات الاجتماعيـة، كذلك فإنهم يعدون أكثر شعوراً بالوحدة النفسية قياساً بأقرانهم المعوقين من فئات الإعاقات المختلفـة، وقد يلجئون إلى السلوك العدواني من جراء ما يصادفونه من إحباط، وقد ترجع الخصائص النفسية للمعوقين سمعياً إلى تعرضهم لمواقف تتسم بالإهمال وعدم القبـول والسخرية أحياناً أو تتسم بالإشفاق والتعبير عن هذا الإشفاق أمامهم.
كما أن المعاقين سمعياً الذين يولدون لأسرة تعاني من العوق السمعي قد يكونون أكثـر توافقاً من الناحية الاجتماعية مقارنة بالمعاقين سمعياً الذين يولدون لأبوين عاديين، ذلك لأن الأبـوين المعاقين سمعياً يستطيعان فهم ابنهم المعاق سمعياً ويكون بمقدورهما أيضاً التواصل معـه، وبالتـالي يحصل المعاق سمعياً على فرص أكبر لتطوير علاقاته الاجتماعية سواء مع مجتمع العاديين بشـكل عام أو مجتمع المعاقين سميعاً بشكل خاص، ويحصل على فهم أكثر من قبل والديه ومن ثم يـنعكس هذا على إتباع الأساليب الايجابية في معاملة الوالدين له الأمر الذي يخفف من شعور المعاق سـمعياً بالعزلة الاجتماعية والاغتراب النفسي.

الخصائص الأكاديمية

بالرغم من أن ذكاء الطلاب المعوقين سمعياً ليس منخفضاً إلا أن تحصيلهم العملي عموماً منخفض بشكل ملحوظ عن تحصيل الطلاب العاديين، فغالباً ما يعاني هؤلاء الطلاب- وبخاصة الصم منهم- من مستويات مختلفة من التأخر أو التخلف في التحصيل الأكاديمي عموماً وبوجه خاص في التحصيل القرائي، والفارق التعليمي بين ذوي الضعف السمعي وذوي السمع
العادي يتسع مع التقدم العلمي، وبذلك فإن تحصيل المعاقين سمعياً يأتي ضعيفاً، حيث يتناسب ضعف تحصيلهم الأكاديمي طردياً مع ازدياد المتطلبات اللغوية ومستوى تعقيدها ويزداد الطين بله بازدياد عدم فاعلية أساليب التدريس حيث أشارت بعض الدراسات بأن (50%) من أفراد هذه الفئة ممن هم في سن العشرين كان مستوى قراءاتهم تقاس بمستوى قراءة طلاب الصف الرابع الأساسي، وأن (15%) كانوا بمستوى الصف الثامن من التعليم الأساسي.

الخصائص الجسمية والحركية

لم يحظ النمو الجسمي والحركي لدى المعاقين سمعياً باهتمـام كبيـر مـن قبـل البـاحثين فـي ميدان الطفولة أو التربية الخاصـة، وعلـى أيـة حـال، فـإن الإعاقـة السمعية تؤثر على حركة الأطفال حيث يعاني أفراد هذه الإعاقـة مـن مشـكلات فـي الاتصـال تحول دون اكتشافهم للبيئة والتفاعل معها، لـذلك يجـب تزويـد أفـراد هـذه الإعاقـة بالتـدريب اللازم للتواصل إن الفقدان السمعي ينطوي على حرمان الشخص من الحصول على التغذية الراجعة السمعية مما قد يؤثر سلبياً على وضعه في الفراغ وعلى حركاته الجسمية، ولذلك فإن بعض الأشخاص المعوقين سمعياً تتطور لديهم أوضاع جسمية خاطئة، أما نموهم الحركي فهو متأخر مقارنة بالنمو الحركي للأشخاص العاديين، كذلك فإن بعضهم يمشي بطريقة مميزة فلا يرفع قدميه عن الأرض، وترتبط هذه المشكلة بعدم مقدرتهم على سمع الحركة وربما لأنهم يشعرون بشيء من الأمن عندما تبقى القدمان على اتصال دائم بالأرض.
وتشير بعض الدراسات إلى أن الأشخاص المعاقين سمعياً كمجموعة لا يتمتعون باللياقة البدنية مقارنة بالأشخاص السامعين، هذا بالإضافة إلى هذه الخصائص الخاصة بالمعوقين سمعياً فإن هناك خصائص عامة يشترك فيها المعاقين سمعياً مع السامعين، وتكون أكثر بروزاً ووضوحاً في مرحلة المراهقة وتشمل التغيرات الجسمية والانفعالية والعاطفية، وينبغي أخذها بعين الاعتبار عند التعامل مع الطلبة المعاقين سمعياً في المرحلة الثانوية كون هذه المرحلة تقابل مرحلة المراهقة.

أسباب الإعاقة السمعية

هنالك مجموعة من الأسباب المتعلقة بالإصابة بالإعاقة السمعية، حيث إنّها تختلف من فرد لآخر، وتأتي على النحو الآتي

  1. من الأسباب الرئيسة وراء نصف حالات هذا النوع من الإعاقة هو العامل الوراثي
  2. عدم توافق العامل الرايزيسي
  3. العيوب الخلقية في الأذن الوسطى كالتشوهات الخلقية في الطبلة .
  4. إصابة الأم الحامل بالحصبة الألمانية.
  5. التهاب السحايا .
  6. نقص الأوكسجين عند الولادة أو الولادة المتعسرة .
  7. التسمم بالعقاقير والأدوية .
  8. تعرض الأذن الوسطى للالتهابات المتكررة .
  9. ثقب الطبلة نتيجة التعرض لأصوات مرتفعة جداً لفترات طويلة .
  10. تجمع المادة الصبغية التي يفرزها الغشاء الداخلي للأذن وتصلبها .


المراجع

audition.guide

التصانيف

حياة  صحة  إعاقة   العلوم الاجتماعية   العلوم البحتة