عمان– يتعذر على الأهل، في معظم الأحيان، اكتشاف ما لدى أطفالهم من أعراض تنم عن إصابتهم بأمراض نفسية. نتيجة لذلك، فقد يبقى الطفل من دون علاج يريحه ويحسن حالته ويجعله عضوا منتجا في المجتمع.
وتعود معرفة ما إن كان الطفل مصابا بمرض نفسي أم لا إلى من حوله من البالغين. فإن كانوا مثقفين حول الأعراض والعلامات التي تدل على ذلك، فهم حتما سيساعدونه على تخطيه، إلا أن معظم الأهل لا يعلمون علامات وأعراض هذه الأمراض لدى الأطفال. كما أن بعض الأهالي لا يستطيعون التفرقة بين الإشارات الواضحة لوجود اضطراب نفسي لدى أطفالهم وبين السلوكات الطبيعية للأطفال. وذلك فضلا عن أنهم قد يظنون أن أي طفل سيقوم بهذه السلوكات في وقت ما من طفولته.
هذا ما ذكره موقع www.mayoclinic.com الذي أوضح أن ما يمنع البعض من عرض طفلهم على الطبيب النفسي رغم علمهم بحاجته لذلك هو “العار” المحيط بالأمراض النفسية، والذي منع الكثيرين من العيش حياة صحية ومنتجة، سواء أكانوا صغارا أم كبارا.
ومن الجدير بالذكر أن الحالات والأمراض النفسية التي قد تصيب الأطفال تتضمن ما يلي:
• اضطرابات القلق، فالأطفال المصابون بهذه الاضطرابات، سواء أكانت على شكل اضطراب الوسواس القهري أو اضطراب ما بعد الصدمة أو الرهاب الاجتماعي أو اضطراب القلق العام أو غيرها، يكون الشعور بالقلق معيقا لهم عن أداء نشاطاتهم وواجباتهم اليومية.
• اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة، والذي عادة ما يكون مرتبطا بجهات مختلفة من سلوك الطفل، منها صعوبة المحافظة على الانتباه، فضلا عن فرط الحركة والسلوك الاندفاعي.
• التوحد، والذي يقع ضمن مجموعة من الاضطرابات التي تحمل اسم اضطرابات الطيف التوحدي autism spectrum disorders والتي تظهر خلال مرحلة الطفولة المبكرة، حيث إنها عادة ما تظهر على الطفل قبل إتمامه لعامه الثالث. ورغم أن الأعراض تختلف في شدتها بين مصاب لآخر، إلا أن ما يجمع بين كل المصابين هو التأثر السلبي على قدرتهم على التواصل والتفاعل مع الآخرين.
• اضطرابات الأكل، والتي تتضمن النهام العصابي bulimia nervosa واضطراب نوبات الدَّقَـر، أي ما يسمى أيضا باضطراب الأكل الشره. وتؤدي هذه الاضطرابات إلى أن يكون تفكير الطفل المصاب منصبا على وزنه وما يتناوله من طعام أكثر من أي شيء آخر.
• اضطرابات المزاج، والتي تتضمن الاكتئاب والاضطراب ثنائي القطب.
• الفصام، والذي يفقد الطفل القدرة على التواصل مع الواقع.
أما عن الأعراض والعلامات التي تشير إلى أن الطفل قد يكون مصابا بمرض نفسي، فهي تتضمن ما يلي:
• التغيرات المزاجية، فعلى الأهل الانتباه لمشاعر طفلهم، منها الكآبة والانسحابية، خصوصا إن استمرت لأسبوعين على الأقل. كما ويجب الانتباه إلى إصابته بتقلبات مزاجية، خصوصا إن تسببت تلك التقلبات بمشاكل في علاقاته ودراسته.
• المشاعر القوية أو المكثفة، فعلى الأهل الانتباه لوجود مشاعر قوية لدى طفلهم، منها الخوف الشديد الذي قد يتصاحب مع تسارع في ضربات القلب والتنفس، أو القلق الشديد، ما يتعارض مع مسيرة الطفل الحياتية.
• التغيرات السلوكية، ويتضمن ذلك حدوث تغيرات قوية في سلوكات الطفل وشخصيته. ويشمل ذلك قيامه بسلوكات خطرة خارج نطاق السيطرة. كما أن كثرة التورط بالمشاجرات والرغبة في إيذاء الآخرين تقعان ضمن هذا الإطار.
• صعوبة التركيز، فعلى الأهل الانتباه إلى ما قد يظهر على طفلهم من علامات تشير إلى كونه يجد صعوبة في التركيز وصعوبة في البقاء في مكان واحد. ويجدر بالذكر أن هاتين العلامتين تؤثران سلبا على الأداء الدراسي للطفل.
• الفقدان غير المبرر للوزن، فإن ذلك، فضلا عن فقدان الشهية وتكرار التقيؤ، يدلان عن احتمالية كون الطفل مصابا باضطراب في الأكل.
• إيذاء النفس، فحتى الأطفال قد يقومون بإيذاء أنفسهم أو حتى ينتحرون، أو قد يفكرون أو يحاولون القيام بذينك الأمرين.
• سوء استخدام الأدوية، فإن ظهر على الطفل عرض أو أكثر مما ذكر، أو كان الأهل غير مطمئنين بشأن صحة طفلهم النفسية لأي سبب آخر، استوجب عليهم عرضه على الطبيب وإطلاعه على تلك الأعراض وما لديهم من مخاوف. كما يجب عليهم النقاش مع مدرسيه والاستفسار منهم حول سلوكه في المدرسة ومن ثم إطلاع طبيبه على انطباعاتهم.
وفي حالة ظهور أن الطفل مصاب بالفعل بمرض نفسي ما أو كان لديه اضطراب سلوكي ما، فعندها سيقوم الطبيب أو الاختصاصي النفسي بالبدء بعلاجه. وتجدر الإشارة إلى أن التدخل الطبي السريع يساعد على الشفاء من أي مرض أو اضطراب، سواء أكان نفسيا أو غير ذلك.
أما عن الأساليب العلاجية للأمراض النفسية لدى الأطفال، فإنها تتضمن الأسلوبين التاليين:
• العلاج النفسي، أي ما يسمى أيضا بالعلاج بالتحدث والعلاج السلوكي، والذي يمرن الطفل على تبني سلوكات إيجابية للسيطرة على ما لديه من مشاكل نفسية. ويختلف الأسلوب الذي يجرى به ذلك بناء على عوامل عديدة، منها سن الطفل ومدى قدرته على الاستيعاب.
• العلاج الدوائي، فالطبيب النفسي قد يقوم بإعطاء الطفل أدوية معينة، منها الأدوية المنشطة والأدوية المضادة للاكتئاب والأدوية المضادة للقلق والأدوية المضادة للذهان.
كما أن بعض الأطفال قد يستفيدون من الخلط بين الأسلوبين العلاجيين.
وتجدر الإشارة إلى أن الطفل يكون في أشد الحاجة إلى دعم العائلة عندما يكون مصابا باضطرابات نفسية. لذلك، ينصح الوالدان بالاستفسار من الطبيب أو الاختصاصي النفسي حول ما يمكن عمله لدعم الطفل المصاب وتحسين حالته. ويتضمن ما يمكن فعله لدعم الطفل ومساعدته بما يتعلق بدراسته ما يلي:
• قضاء الأوقات السعيدة مع الطفل عبر اللعب معه وممارسة النشاطات الأخرى التي يحبها.
• مدح ما يقوم به من إنجازات وما لديه من مهارات، وذلك مهما كانت صغيرة.
• تعلم أساليب الاسترخاء والسيطرة على الضغوطات النفسية للتمكن من الاستجابة للسلوكات المضطربة لدى الطفل.
• إعلام مدرسيه حول حالته ليتمكنوا من التواصل معه أو تحويله لمدرسة خاصة إن اقتضى الأمر.
ومن الجدير بالذكر أن البعض يرفضون عرض أطفالهم، أو حتى أنفسهم، على طبيب نفسي خوفا مما يحيط بهذه الأمراض من “عار” إلا أن ذلك لا يؤدي إلا إلى تفاقم الحالة وزيادة إمكانية علاجها صعوبة.
ليما علي عبد
مساعدة صيدلاني
وكاتبة تقارير طبية
المراجع
alghad.com
التصانيف
حياة أطفال طب أطفال العلوم الاجتماعية