عمان- يمتلك الأطفال منذ الولادة مناعة طبيعية، من الممكن تعزيزها من خلال الرضاعة الطبيعية، وتعد هذه المرحلة الأولى في تطوير جهازه المناعي. تأتي بعد ذلك مرحلة المناعة المكتسبة المتمثلة في التحصين باللقاحات (التطعيم). وتعد عملية التطعيم جزءاً مهماً من حياتهم؛ فهي السبيل الأمثل لحمايتهم من أمراض كانت على مر العصور سبباً في القضاء على حياة الكثيرين.

ماذا نعني بعملية التطعيم؟ وما التأثيرات الجانبية المصاحبة لها؟ وكيف نتعامل معها؟
مفهوم التطعيم
هو عبارة عن حقنة تحتوي على كائنات مجهرية دقيقة (بكتيريا أو فيروس) لها دور في حدوث أمراض معينة. تُعالج هذه الميكروبات في المختبر لتصبح غير ضارة بالإنسان، وتهدف إلى تطوير قدرة الجهاز المناعي على الاستجابة السريعة للإصابة بتلك الميكروبات، فبعد حقن الجسم بهذه اللقاحات (المطاعيم) يتم تحفيز جهاز المناعة على تكوين أجسام مضادة لمكافحة هذه الكائنات، وأيضا يتم تفعيل آلية خلايا الذاكرة المناعية، فتصبح قادرة على التعرف السريع والاستجابة الفاعلة عند حدوث مواجهة ثانية بين جهاز المناعة والكائنات المجهرية نفسها، أي أن جسم طفلك يبدأ بتعلم كيفية حماية نفسه.
التقنيات المستخدمة في التطعيم
1) تطعيم نشط ( (active vaccination ويتم فيها إدخال جزيئات غريبة إلى جسم الإنسان؛ قد تكون هذا الجزيئات:
– ميكروبات ميتة غير ممرضة (inactivated vaccine).
– ميكروب حي تم إضعافه، مما يقلل من قدرته على الإصابة بالمرض (attenuated vaccine).
– أجزاء من جسم الميكروبات وليس الميكروب كاملا؛ حيث وجد أن هذه الأجزاء لديها القدرة على تحفيز جهاز المناعة عند دخولها إلى جسم الإنسان؛ مثل البروتين المكون للغطاء الخارجي لجسم الفيروس. وهذا النوع من التطعيم يولد مناعة ضد هذا الجزيء من خلال تكوين الأجسام المضادة لتلك الميكروبات.
2) تطعيم سلبي (passive vaccination): يتم فيها حقن الإنسان بأجسام مضادة للميكروبات مصنعة مسبقاً داخل المختبر، حيث يقوم  باستخدامها بدون الحاجة إلى تصنيع أجسام جديدة، وهذا الأسلوب من التطعيم يبدأ مفعوله بشكل سريع، لكنه لا يدوم طويلاً.
وتعتمد وزارة الصحة في الأردن برنامجاً وطنياً لتطعيم الأطفال، يتم فيه إعطاؤهم المطاعيم الآتية:
1 – مطعوم التدرن أو السل (BCG): يعطى في الشهر الأول أو في أقرب فرصة بعد الولادة.
2 – بعد ستين يوما أو في بداية الشهر الثالث: يعطى الجرعة الأولى من مطعوم شلل الأطفال (IPV) والمطعوم الخماسي الذي يتكون من: المطعوم الثلاثي (DPT)، (الدفتيريا والسعال الديكي والكزاز)، مطعوم المستدمية النزلية نوع (ب)، (HiB) المسبب لمرض التهاب السحايا البكتيرية لدى الأطفال وخصوصا دون السنة من العمر، مطعوم التهاب الكبد نوع “ب”(HBV).
3 – بداية الشهر الرابع: الجرعة الثانية من مطعوم شلل الأطفال (IPV + OPV (الفموي)) + الجرعة الثانية من المطعوم الخماسي.
4 – بداية الشهر الخامس: مطعوم الشلل الفموي (OPV) + المطعوم الثلاثي DPT + مطعوم (HiB). ومطعوم التهاب الكبد نوع “ب” (على شكل رباعي أو خماسي).
5 – في بداية الشهر العاشر: يعطى الطفل مطعوم الحصبة Measles + مطعوم OPV.
6 – وعند بلوغه عامه الأول: يعطى الجرعة الأولى من مطعوم الثلاثي الفيروسي MMR (النكاف “أبوكعب”، الحصبة، والحصبة الألمانية).
7 – في عمر 18 شهرا: يعطى الجرعة المدعمة من مطعوم شلل الأطفال (OPV + DPT) والجرعة الثانية من مطعوم MMR.
وعند دخوله المدرسة، يتم التأكد من تلقي الطفل جميع الجرعات المطلوبة، ثم يعطى جرعة مطعوم ثنائي الكبار (Td) ضد الكزاز والدفتيريا، ومطعوم الشلل الفموي ومطعوم MMR. ويسعى البرنامج الوطني للتطعيم إلى إدخال مطاعيم جديدة، كمطعوم المكورات الرئوية ومطعوم الروتا فيروس، ومطعوم الجدري المائي ومطعوم التهاب الكبد نوع “أ”.
التأثيرات الجانبية للمطاعيم
المطعوم كغيره من الأدوية لديه القدرة على إحداث تأثيرات جانبية، فقد تؤدي مكونات المطاعيم إلى حدوث تفاعلات تحسسية لدى بعض الأطفال، تتراوح بين موضعية إلى عامة وشديدة -وهذه نادرة الحدوث- إلا أنه يجب الإلمام بها لمعالجتها عند حدوثها، كما أنه من الضروري شرحها للآباء لأن ذلك يخفف من حدة القلق والتوتر الذي يعانيه بعضهم.
وفيما يلي أهم الآثار الجانبية للمطاعيم وكيفية التعامل معها:
– معظم المطاعيم يمكن أن تصاحبها أعراض موضعية مثل: الألم، الاحمرار، وحدوث انتفاخ في مكان التطعيم. ويشير مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) إلى أنه يوجد طفل واحد من بين أربعة أطفال معرض لحدوث الألم الشديد الذي يستمر لمدة يوم إلى يومين لأولئك الأطفال الذين يتم حقنهم بالمطعوم الثلاثي، خصوصاً عند تلقيهم للجرعة الرابعة أو الخامسة.
غالباً ما تتم معالجة هذه الأعراض وتخفيف الألم باستخدام كمادات باردة في موضع التطعيم، كما أن تحريك الذراع أو القدم التي تم فيها التطعيم قد يساعد على تخفيف الألم. كما تشير دراسة جديدة في مستشفى الأطفال في “تورنتو دنيز هاريسون” إلى أن إعطاء الطفل ملعقة من السكر قبل اللقاح قد يخفف من الألم الذي يشعر به الطفل جراء وخز الإبرة.
– حدوث الدمامل في مكان إعطاء التطعيم (عادة ما تصاحب مطعوم التدرن BCG)، وهذه الدمامل لا تكون بسبب حدوث التهاب بكتيري، ولكن بسبب تفاعل شديد لمكونات المطعوم، ولكنها ستختفي بعد ذلك، وقد يتبع مطعوم التدرن قيح (صديد) يستمر لعدة أسابيع، وفي هذه الحالة يجب عليك عزيزتي الأم تنظيفه بالماء المعقم ووضع ضمادة ناشفة بدون أي دواء مطهر، وسيترك هذا المطعوم أثراً دائماً (ندبة).
– ارتفاع في درجة الحرارة: غالباً ما يكون طفيفاً، ويحدث في الأيام الثلاثة الأولى بعد إعطاء التطعيم، باستثناء مطعوم الحصبة والحصبة الألمانية والنكاف (MMR)؛ حيث ترتفع الحرارة بعد (7-12) يوماً من التطعيم، وأحياناً تكون مصحوبة بطفح جلدي أحمر اللون على الجسم إلا أنه يعد عابراً. وتقل فرصة حدوثه بعد الجرعة الثانية من هذا المطعوم. كما يصاحب المطعوم الثلاثي (DPT) حرارة قد ترتفع إلى 39 درجة مئوية لمدة يوم أو يومين.
عند حدوث الحرارة، استخدمي خافضا للحرارة خاليا من الأسبرين كالباراسيتامول (paracetamol) والمتوافر بأسماء تجارية عديدة أشهرها الريفانين، كما يمكن استخدام الأيبوبروفين (ibuprofen) ولكن تجنبي إعطاءه للأطفال دون 3 أشهر، كما ينصح بزيادة كمية السوائل، وتخفيف ملابس الطفل، كما أن استخدام حمام ماء بارد لتخفيف الحرارة يجعل طفلك يشعر بتحسن.
– بعض الأعراض الأخرى (نادرة الحدوث) ومنها؛ التقيؤ والإسهال، وفي هذه الحالة عليك زيادة كمية السوائل للطفل لتقليل فرصة حدوث الجفاف لديه. كما قد يحدث انتفاخ في بعض الغدد في الرقبة وبعض التفاعلات التحسسية الشديدة (تحدث في أقل من جرعة من أصل مليون جرعة تطعيم) تشمل حدوث تلف في خلايا الدماغ، فقدان السمع والتشنجات المستمرة التي قد تؤدي إلى حدوث غيبوبة أو تقلل من مستوى الوعي لدى الطفل.
يتوجب عليك مراجعة الطبيب فوراً عند ملاحظة أحد الأعراض الآتية:
1 – ارتفاع شديد في درجة الحرارة (40.5 درجة مئوية فما فوق).
2 – بكاء مستمر لمدة 3 ساعات وأكثر.
3 – حدوث تشنجات خلال الأيام الثلاثة الأولى بعد إعطاء المطعوم (1 من كل 14000 طفل معرض لهذه التشنجات)، وهنا نشير إلى أهمية إخبار الطبيب إذا كان أحد أفراد العائلة قد عانى من تشنجات مرافقة لارتفاع الحرارة سابقاً، قبل إعطاء الطفل هذا المطعوم.
4 – عدم الاستجابة للمؤثرات الخارجية خلال 48 ساعة من إعطاء المطعوم.
5 – حدوث تفاعلات تحسسية للمطعوم مثل: انتفاخ في الفم والوجه أو الحلق مع صعوبة في التنفس أو ظهور الطفح الجلدي.
تجنبي التطعيم في الحالات الآتية:
1 – عند وجود أي مرض متوسط أو شديد يجب تأجيل التطعيم حتى يشفى الطفل.
2 – تحسس شديد مهدد للحياة سواء للتطعيم أو لأحد مركباته، وهذا يمنع إعطاء ذلك التطعيم مرة أخرى مدى الحياة.
3 – حالات نقص المناعة المتوارثة أو المكتسبة تمنع إعطاء التطعيم المكون من ميكروبات حية.
4 – حدوث تفاعلات شديدة لبعض التطعيمات (كالسابق ذكرها).
وأخيراً نود تذكيرك عزيزتي الأم ببعض الأمور التي عليك الاهتمام بها؛ ومنها:
– عليك معرفة المواد التي تسبب تحسساً لطفلك وإخبار الطبيب بها مسبقاً.
– الاحتفاظ ببطاقة التطعيم مدى الحياة، مع التأكد من تسجيل جميع المطاعيم التي تم إعطاؤها لطفلك.
– معرفة موعد الجرعة التالية من المطاعيم والحرص على الالتزام بها للحصول على الفائدة العظمى منها، وفي حال التأخر في إعطاء التطعيم بسبب ظرف ما فلا داعي للقلق؛ إذ يمكنك إعطاؤه المطعوم حال تذكره ومتابعة جدول التطعيم بشكل طبيعي.
– في حال كان من الصعب معرفة إذا كان الطفل قد تلقى بعض التطعيمات أصلاً، فقد يكون من الضروري البدء ببرنامج التطعيم المناسب لطفلك حسب عمره، ولا ضرر من تكرار معظم اللقاحات.
– بعد إعطاء طفلك مطعوم شلل الأطفال الفموي (OPV) يفضل عدم إرضاعه أو إطعامه لمدة نصف ساعة.
أطفالنا هم هبة الرحمن لنا، وصحتهم المثلى هي شغلنا الشاغل، ومهما كانت التأثيرات الجانبية للمطاعيم متعبة بالنسبة لك ولطفلك، فهي بالتأكيد أفضل من تعرض طفلك للأمراض.

إعداد: د. أماني عادل عبد الغني/ دكتور صيدلة
إشراف: د. خولة نصير
قسم الصيدلة السريرية
كلية الصيدلة / جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية

 

المراجع

alghad.com

التصانيف

حياة   أطفال   طب أطفال   العلوم الاجتماعية