حامد العميان
وصلتني رسالة من صديقي في سنغافورة يقول فيها: "هنيئًا لكم بقيادتكم الحكيمة التي استنفرت للدفاع عن أمنكم وسلامتكم، وهنيئًا لكم بالإنجاز الوطني". شكرته على لطفه، واعتقدت أنها مجرد رسائل ومجاملات بين الأصدقاء أن الموضع انتهى على ذلك، لكنه أرسل رسالة أخرى كتب فيها: "إن حكومتكم تريد حقًا مساعدة الناس، وليس الفوز بالانتخابات، لهذا السبب هنيئًا لكم".
فوجئت باهتمامه ومتابعته تجربة الأردن في التصدي للجائحة العالمية كورونا، وأدركت حينها أن عيون العالم كلها تتجه إلى الأردن وقيادته، لتستفيد من تجاربه وتأخذ العبر، لعلهم بلا شك يستشهدون بتجربة وطننا وقيادته، إذ كيف استطاعت هذه الدولة التصدي لكورونا، وطبّقت عزلًا شاملًا بإمكانيات وموارد محدودة. ونحن إذ نقف اليوم على بر الأمان- مقدّرين جهود جلالة الملك وقيادته الحكيمة- نشهد صمود الأردن وأملنا في قدرته على تجاوز هذه الأزمة بأقل الخسائر ولله الحمد.
اليوم تغيرت كل المقاييس والقوى العالمية، والصين- التي عندما عطست مرض العالم- ستتعافى قريبًا وتعود إلى نشاطها المعهود، وربما أقوى مما كانت عليه، لتثبت أن الطرق القديمة لاحترام النظام والانضباط، ضرورية للأمن والسلامة على المستوى العالمي .أما الدول الغربية بقيادة الرأسمالية الأميركية الداعية إلى وهم الحرية والتهور وعدم التوازن، فقد ظهرت عارية أمام هذه الأزمة، ولم تستطع حماية شعوبها وأخذ مسألة أمنهم وحمايتهم على محمل الجد .
إن رئيس دولة عظمى يخرج مرتبكًا خائفًا على مصالحه الاقتصادية، ويصرح لشعبه بعدم اهتمام أنه لا يجد معدات طبية فيقول لهم: "استعدوا للانتخابات وإن كنتم على فراش الموت"
سأختصر فكر قيادة تترنح بعدم التوازن والتهور وعدم المبالاة، فما يهمه سعر برميل النفط والانتخابات.
كما أنه لم يحرك ساكنًا ولم يتخذ إجراءات احترازية لحماية أميركا خوفًا على الاقتصاد، ومن المؤسف ما تشهده نيويورك اليوم وباقي الولايات، بسبب قيادة لا تدرك معنى إدارة الأزمات.أما بريطانيا التي خرج رئيس وزرائها ليقول في تصريحه الذي بث الرعب في قلوب ملايين العائلات: "ستفقدون أحباءكم"، وأنها أسوأ كارثة صحية للجيل"، فقد أرعب الكون كله وبث الخوف في قلوبنا جميعًا.
وبالتالي، أمام انهيار دول عظمى أمام هذه الجائحة في أوروبا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا، كنا نتساءل: كيف سيكون حال دولتنا ذات الإمكانات المحدودة؟لقد أخطأ الكثيرون بتوقعاتهم، فمصادرنا كانت أقوى وأعمق مما يظنون، ممثلة بقيادة حكيمة وهمة شباب الوطن، ووعي وثقافة ورقي شعب عظيم. في حين عكس مجتمعنا صورة حضارية من الالتزام والانضباط والتفاني في خدمة الوطن، حيث عبّر كل شخص فيه- نشمي ونشمية- عن حبه لوطنه بطريقته الخاصة، وملأنا الكون صورًا مشرفة من المحبة والتضامن والتعاطف، والطرائف شهدها العالم كله ورأى الأردن على حقيقته قيادة وشعبًا.
سيدي القائد، نحن من نباهي بك العالم، إذ كنت خير قائد يوجه السفينة إلى بر الأمان بعزم وقوة وشجاعة. ونحن حين مضيت بنا، لم يساورنا الشك وكنا واثقين بخطاك وداعمين ومؤيدين لقراراتك، لأننا على ثقة بحكمتك ومصداقيتك، وأنك على خطى الحسين - رحمة الله- حين كان يقول: "الإنسان أغلى ما نملك". بلى، ستمر هذه الأزمة، وسيذكر التاريخ أنك وقفت وحرصت على حياة وصحة شعبك.أما الضحايا فلا نملك إلا أن نسأل الله الرحمة لأرواحهم الطيبة، كما نسأله الشفاء العاجل للمرضى، والسلامة للإنسانية جمعاء.
المراجع
ammonnews.net
التصانيف
قانون حريات العلوم الاجتماعية
|