إدمان التدخين 

آية محمد راضي

تعد ظاهرة التدخين من أكثر الظواهر انتشاراً في هذا العصر، وهي ليست ظاهرة جديدة؛ فقد كانت السيجارة رائجة في المجتمعات القديمة خاصةً في أوروبا، ولكن في القرن الواحد والعشرين انتشرت بشكل مخيف كالوباء وأصبحت السجائر تباع في كل مكان تقريباً. ولنتعرف أكثر على هذه الظاهرة، نتناول في هذا المقال العوامل التي تدفع الشخص إلى التدخين، ومضار التدخين على الإنسان صحيا ونفسيا واجتماعيا واقتصاديا وبيئيا.
هناك أسباب عديدة تدفع الشخص للإقبال على ممارسة هذه العادة الضارة؛ أهمها: تقليد الأبناء لآبائهم المدخنين، فالأب يعتبر قدوة لأبنائه، وهم يفعلون كما يفعل والداهم، كما أن الأقران أو الأصحاب قد يكونون سبباً لممارسة هذه العادة السيئة، فالأفراد يقلدون أصحابهم في أغلب التصرفات، وغالباً عندما يرى الفرد صاحبه يدخن سيقوم بتقليده ومشاركته. البعض يرى وخاصة المراهقين أن التدخين صفة من صفات الرجولة، ويمارس هذه العادة السيئة للفت الانتباه، والبعض يعده مظهرا من مظاهر التحضر. بالإضافة لذلك، يرى بعض المدخنين أن التدخين هو شكل من أشكال الترويح والتنفيس عن النفس. إن للتدخين أضرارا عديدة على صحة الإنسان، فالسيجارة تحتوي على مواد سامة وخطرة أهمها النيكوتين والقطران وأول أكسيد الكربون. يسبب التدخين أمراض القلب والشرايين وأمراض الرئتين، ويزيد من فرص الإصابة بمرض الأوعية الدموية، ويزيد ضربات القلب؛ وبالتالي تزيد فرصة الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية، كما يسبب التدخين كحة شديدة وصعوبة في التنفس، واصفرارا في الأسنان، ويؤثر حتى على البشرة والأظافر والشعر. يصاب بعض المدخنين بالتهابات في الفم، وبالإضافة لكل ما تقدم، يؤثر التدخين على الجهاز الهضمي؛ ويمكن أن يسبب قرحة بالمعدة، ويسبب سرطان المعدة وغيرها الكثير من الأمراض الخطيرة التي تصيب أعضاء الجهاز الهضمي، والتدخين لا يسبب سرطان المعدة فقط، بل يسبب سرطانات أخرى كثيرة منها سرطان الرئة والكلية والفم.
ولا تقتصر اضرار التدخين على الصحة بل تشمل جوانب كثيرة ابرزها الجانب النفسي؛ حيث يسبب القلق والاكتئاب والتوترعلى المدى الطويل، وذلك على عكس ما يعتقده المدخنون بأن التدخين يساعد على التنفيس ويقلل من الضغط النفسي، في بداية الأمر وفيما بعد يزيد التدخين من الضغط النفسي وأعراضه.
أما من حيث الجانب الاجتماعي فإنه يضر بعائلته لأنهم يستنشقون دخان السيجارة، فضلاً عن تأثر أبناء المدخن به؛ إذ إنهم في الغالب سيقلدونه، وبالإضافة لذلك، قد ينفّر المدخن الناس المحيطين به وعائلته منه؛ بسبب عدم احتمالهم لرائحة السيجارة.
كما أن للتدخين اضرارا اقتصادية،حيث يصرف المدخن مبالغ طائلة على السجائر، ومؤخراً ارتفعت أسعار التبغ، وبالتالي سينفق المدخن أكثر على السجائر، وإن كان وضعه المالي ليس جيداً، سيؤثر ذلك بلاشك في إنفاقه على عائلته. والتدخين ايضا مضر بالبيئة حيث يلوث الهواء بسبب دخان السيجارة المحتوي على الكثير من المواد السامة، كما يتمثل في تلوث التربة بإلقاء السجائر على الأرض، وقد يتسبب التدخين أيضاً بالحرائق. للإقلاع عن التدخين توجد عدة طرق أهمها: الإقلاع عن التدخين تدريجياً ويمكن اللجوء إلى طبيب لمساعدته وإعطائه نصائح وخطوات يتبعها في سبيل التخلص من هذه العادة، وقد تساعد العلكة وبعض الأدوية والأجهزة بالإقلاع عن التدخين، والأهم من ذلك كله وجود الإرادة والعزيمة الحقيقية للإقلاع عن التدخين.لقد حرّم الإسلام التدخين وذلك لما يلحقه من أذى على الإنسان، وربنا قد حرم كل شيء يضر بنا؛ قال سبحانه في كتابه العزيز: {يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث}، وقال: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}، وأيضاً لأن التدخين قد يكون سبباً في الوفاة؛ قال تعالى: { ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما}. قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار).وأخيراً نطرح هذا السؤال المهم: هل ستستمر أيها المدخن بعد معرفتك لكل هذه الأضرار التي يلحقها التدخين بك؟ أم هل سيُقبل غير المدخن على التدخين بعد معرفته لأضراره وموقف الإسلام منه؟.


المراجع

al-sharq.com

التصانيف

حياة  صحة  إدمان   العلوم الاجتماعية   العلوم التطبيقية