يقال أنه كان رجل تاجر وله شريك فاستأجرا حانوتاً وجعلا فيه متاعهما، وكان أحدهما قريب المنزل إلى الحنانوت فأضمر في نفسه أن يسرق عِدلا من أعدال رفيقه. وفكّر في الحيلة في ذلك، وقال: إن أتيت ليلاً لا آمن أن أحمل عدلا من أعدالي أو رزمة من متاعي ولا أعرفها فيذهب عنائي وتعبي باطلا. واخذ رداءه وألقاه على العِدل الذي أضمر أخذه ثم مضى إلى منزله. فجاء شريكه بعد ذلك ليصلح أعداله، فقال: “والله هذا رداء صاحبي ولا أحسبه إلا قد نسيه، وأما الرأي فأن لا أعده ها هنا بل أجعله على أعداله فلعله يسبقني إلى الحانوت فيجده حيث يحب.

ثم ألقى الرداء على عدل من أعداله وقفل الحانوت وانصرف. فلما كان الليل جاء رفيقه ومعه رجل قد واطأه على ما عزم عليه وضمن له جعلا على حمله، فصار إلى الحانوت والتمس الرداء في الظلمة فوجده على أحد الأعدال فاحتمله بعد الجهد الجهيد حتى أخرجه هو والرجل. ولم يزالا يتراوحان على حمله حتى أتيا به منزله ورمى نفسه تعباً. فلما أصبح نظر فإذا هو بعض أعداله فندم أشد الندم.

ثم انطلق نحو الحانوت فوجد رقيقه قد سبقه وفتح الباب وتفقد العِدل فلم يجده، فاغتمّ لذلك غمّاً شديداً، وقال: واسوأتاه من رفيقي الصالح الذي ائتمنتني على ماله وخلّفني وانصرف، ماذا يكون حالي عنده ولا شك في تهمته إياي. ثم أتى رفيقه فوجده مغتمّاً فسأله عن حاله فقال له: إني قد فقدت عِدلاً من أعدالك ولا أعلم سببه ولا أشك تهمتك إياي، وإني قد وظّنت نفسي على غرامته. فقال له: لا تغتمّ يا أخي، فإن الخيانة شر ما عمله الإنسان.

والمكر والخديعة لا يؤديان إلى الخير وصاحبهما مغرور أبدا، وما عاد وبال البغي إلا على صاحبه. وأنا أحد من مكر وخدع واحتال. فقال له رفيقه: وكيف كان ذلك؟ فأخبره بأمره وقص عليه قصته، فقال له صديقه: ما كان مثلك إلا كمثل اللص المخدوع والتاجر. قال: وكيف كان ذلك؟


المراجع

al-hakawati.la.utexas.edu

التصانيف

تصنيف :قصص    الآداب