الشيخوخة مرحلة من العمر اختلف في تحديدها. ففي العديد من المجتمعات المتقدمة، يُعتقد غالبًا أن الشيخوخة تبدأ عند بلوغ شخص ما سن الستين أو الخامسة والستين. والسبب في هذا ظنُّ بعض الناس أن تقاضي معاشات التقاعد في هذه السن من الحكومة أمر يُعدُّ صاحبُه من أصحاب الشيخوخة. ففي بريطانيا وأيرلندا، مثلاً نجد الرجال يبدأون في تقاضي المعاش عند بلوغهم الخامسة والستين. وتحصل النساء على المعاش عند سن الستين. وعندما يتقاعد الناس من العمل فقد يستحقون أيضًا معاشات إضافية من مشروعات يديرها أصحاب العمل، أو من صندوق معاشات تقاعد خاص، قاموا بالإيداع فيه، عندما كانوا يعملون. انظر: المعاش. ويعرف الناس في الفئة العمرية 65 سنة فما فوق باسم كبار المواطنين أو المتقاعدين. وعلى كل حال ففي بعض المجتمعات قد يُعدُّ الناس كبارًا في السن بسبب أن لديهم أحفادًا، أو عندما يظهر الشيب عليهم. ويختلف متوسط العمر المتوقع ـ أي متوسط العمر الذي يتوقع أن يعيشه الناس ـ من بلد لآخر. فقبل مائة سنة، كان الشخص في البلدان الغربية يُعدُّ كبيرًا في السن عند بلوغه الخامسة والخمسين من العمر. أما اليوم، فإن متوسط العمر المتوقع في كثير من البلدان فوق السبعين. وتأتي هذه الزيادة نتيجة لتحسين أوضاع التغذية والنظافة والدواء والصحة العامة. وفي البلدان الفقيرة التي تقل فيها الخدمات الطبية المتطورة وخدمات الرفاهية، فإن متوسط العمر المتوقع في العادة منخفض. تشهد العديد من البلاد المتقدمة تزايدًا مستمرًا في عدد كبار السن فيها؛ ففي أستراليا كان 4% فقط من السكان فوق الخامسة والستين عام 1901م. لكن في أواخر الثمانينيات من القرن العشرين ارتفعت هذه النسبة إلى 11%. وفي أيرلندا في الوقت نفسه، أي أواخر الثمانينيات، كان 11% من السكان بين 60 و 74عامًا، ونحو 4% فوق 75 عامًا. وفي إنجلترا كانت النسب المئوية أكثر قليلاً. فنحو 14% كانوا في الفئة العمرية 60 ـ 74 عامًا و 7% كانت أعمارهم فوق 75عامًا. وفي الهند وإندونيسيا نجد أن نسبة كبار السن قليلة جدًا. وفي أواخر الثمانينيات كانت أعمار نحو 6% من الهنود و 5% من الإندونيسيين بين 60 و 74 عامًا. ونسبة 1% فقط في البلدين كانوا فوق 75عامًا. وفي أوروبا وأمريكا الشمالية، زادت النسب المئوية للذين هم في الخامسة والستين أو أكثر بنسبة تفوق الضعف منذ عام 1900م. إن أعداد الأفراد الذين يبلغون 65 عامًا يزداد بسبب أنَّ أكثر الأطفال يبلغون سن الرشد. فالاكتشافات الطبية الجديدة، تساعد كثيرًا من الناس على العيش حياةً أطول. تعيش النساء في الغرب ـ في المتوسط ـ أطول من الرجال. ومن أسباب هذا الاختلاف أن النساء اللائي يمتن بسبب المرضين القاتلين الرئيسيين في الغرب وهما ـ مرض القلب والسرطان ـ أقل من الرجال. تتناول هذه المقالة المواقف تجاه الشيخوخة، وتلقي الضوء على أساليب حياة كبار السن في الشرق والغرب. ولمزيد من المعلومات عن النواحي الطبية والجسمانية الخاصة بالشيخوخة. انظر: الهرم؛ الشيخوخة، طب. مواقف تجاه الشيخوخة يتوقع كثير من الناس أن تكون الشيخوخة متسببةً في المزيد من الفراغ وقلة المسؤولية. فالشخص كبير السن ذو الدخل الكبير بعد التقاعد، يمكنه أن يتوقع نشاطات ممتعة. فهو يتلهف على السفر أو متابعة مصالح أو نشاطات أخرى، بعد أن كبر أطفاله وتقاعد. وبالنسبة لكبار السن الذين يعيشون على معاشات تقاعد قليلة، فإن الحياة قد لا تمنحهم مثل هذه الفرص المثيرة. وقد ينخفض مستوى معيشتهم. وهذا بدوره له تأثير سلبي على نظرتهم لتقدم العمر. وعلى أية حال، فإن أعدادًا كبيرة من الناس لديهم نظرة سلبية للشيخوخة، ويتوقعون أن تكون سيئة بدرجة أكبر مما يحدث فعلاً. ومعظم كبار السن يعدون أنفسهم نشطين ومستنيرين وذوي عقول متفتحة. ولكنهم يعتقدون أن معظم الشيوخ الآخرين ليس لديهم هذه الصفات. وفي العديد من البلدان، تمنح الحياة الطويلة والتجربة، الشيوخ مركزًا مرموقًا في المجتمع. ولكن في الأمم الصناعية الحديثة فإن العديد من الناس لا يعدون الشيوخ أكثر حكمة أو معرفة. وفي كل المجتمعات، نجد كبار السن أكثر احترامًا، إذا كانوا يسيطرون على موارد مهمة كالمال والأرض. وفي المجتمعات الصناعية، حيث يشكل دخل العمل موردًا رئيسيًا، فإن المتقاعدين ذوي الدخول، ربما يفقدون وضعهم كلما انخفضت مدخراتهم ودخولهم. ويتفق الناس في كل الأعمار على أن أسوأ مشكلات الشيخوخة، هي المال والصحة والوحدة والسلامة الشخصية. ولكن كبار السن يقرون أن هذه المشكلات أقل شيوعًا مما يظنه جمهور الناس. وفي الغرب، يعتمد وضع الشخص في المجتمع على وظيفته. وهكذا عندما يتقاعد الشخص فإنه يفقد قدرًا معينًا من وضعه الاجتماعي. وهذا ليس أمرًا يسيرًا؛ لأن المتقاعدين عادة لديهم دخول أقل من الذين يعملون. هذا بالإضافة إلى ما يشعرون به من أنهم غير مرغوب فيهم، أو لم يعد لهم دور نافع. إن هذه المشكلة أقل في الشرق؛ فالناس في البلاد الآسيوية، مثلاً، لديهم بناء أسري متماسك مقارنة بأهل الغرب. ففي الهند واليابان والبلاد الآسيوية الأخرى يعيش الشيوخ في بيوت أسر البالغين. والأسرة الآسيوية الممتدة قد تشتمل على عدد من الأجيال تعيش في بيت واحد. حيث ينال الشيوخ قدرًا عاليًا من الاحترام والتبجيل بوصفهم قادة للمجتمع. وعلى كل حال فإنه يجب ألا يعتقد أنه تتم العناية التامة بالشيوخ في كل البلاد النامية. ففي بعض أجزاء آسيا، يُعَد الشيوخ عبئًا على الموارد المحدودة، ويُبذَل جهد قليل للعناية بهم. أما البلاد الإسلامية فإن الحال فيها أفضل بكثير لأن الإسلام يحث على العناية بالوالدين وبرهم، ويوصي بتوقير الكبار واحترامهم أيًا كانوا. حياة الشيوخ على الرغم من أن كل الشيوخ يقضون أكثر أوقاتهم في عمل الأشياء نفسها التي يعملها الشباب، إلا أن لهم حاجات خاصة، وبالتالي فإنهم عادةً يتبعون طرقًا مختلفة في حياتهم. ففي الدول النامية، يتقاضى معظم الناس دخلاً أقل عند تقاعدهم؛ ولهذا يجب عليهم التكّيف على طريقة مختلفة في الحياة. فقد يتعين عليهم الاستغناء عن بعض الرفاهيات مثل العطلات، وقد ينفقون قليلاً على الملابس والاستمتاع خارج المنزل. وكثير من كبار السن يرحبون بالمساعدة والنصح لمجابهة المشكلات التي يمكن أن تنتج من التقاعد. فقد يرحبون بالنصح حول كيفية الاستفادة من أوقات الفراغ والهوايات الجديدة. وكثير من كبار السن يعتريهم القلق إزاء دخلهم المنخفض، وحول كيفية دفع مصاريف عائلاتهم مثل فواتير التدفئة والطعام. إن الاعتماد المتزايد على الدولة سمة كبار السن في كثير من البلاد. ففي أستراليا، مثلاً، يعتمد أكثر من 75% من الشيوخ على معاشات من الحكومة لمصادر دخلهم الرئيسية. إن العزل الاجتماعي لكبار السن يمكن أن يكون مشكلة، وخصوصًا في البلاد التي يعيش فيها الأطفال والأحفاد بعيدًا عن أقاربهم كبار السن. وبصفة خاصة فكثير من النساء المتزوجات يواجهن فترة العيش أرامل في الكِبَر. فالوحدة يمكن أن تكون مشكلة خطيرة لكبار السن. وتسبب الإعاقة الجسدية والعقلية إزعاجًا لكبار السن أكثر من الصغار. فمثلاً، يعاني نصف الأستراليين تقريبًا ممن تجاوزت أعمارهم 75 عامًا، نوعًا من أنواع الإعاقة. ويحتاج الشيوخ فوق سن 75 عامًا إلى مساعدة أكثر من الخدمات الطبية والرفاهية. فالشيوخ يحتاجون إلى خدمات الطبيب أكثر عندما يكبرون، وقد يحتاجون أيضًا لخدمات أخرى مثل تناول الوجبات، وهم جالسون على مقاعد متحركة، أو خدمات التمريض المنزلي، أو الرعاية المستمرة الدائمة بالمنزل لكبار السن شديدي المرض والضعفاء والمختلين عقليًا ممن لا يقدرون على خدمة أنفسهم. بينما في الشرق ما زالت رعاية الكبار تُعد مسؤولية أسرية، في حين أنها في الغرب تُعد ـ جزئيًا على الأقل ـ مسؤولية الحكومة، وتتطلب أنواعًا من الخدمات الطبية والرعاية. يستمر العديد من كبار السن في الاستمتاع بحياة حافلة في الثمانينيات من العمر وبعدها. وغالبًا ما يشاركون في النشاطات الاجتماعية والتعليمية والرياضية والثقافية مع أناس آخرين في الفئة العمرية نفسها. فكبار المواطنين في بعض البلاد قد يستفيدون من بعض المزايا المتمثلة في السفر المجاني بوسائل المواصلات العامة، وفي الأسعار المخفضة على تذاكر المسارح والحفلات الموسيقية، وغيرها من المناسبات المماثلة. وتحدث عملية الشيخوخة بنسب مختلفة. وهذا يفسر السبب في أن يظل بعض الناس نشطين جسمانيًا مبدعين ذهنيًا عندما يتقدمون في العمر، أما غيرهم من قليلي الحظ، فقد يعانون من مشكلات طبية ترتبط بشكل خاص بالشيخوخة، مثل التهاب المفاصل وأمراض القلب ومرض السكري وضغط الدم العالي. وربما يتأثر السمع والبصر أيضًا. كما يمكن أن تتأثر الذاكرة. وقد لا يستطيع كبير السن ممارسة واجباته المنزلية اليومية المعتادة. ويبدو هذا الضعف في القدرة ملحوظًا في الأشخاص فوق سن 85 عامًا. بينما كان الأشخاص في هذا العمر نادرين في بلاد الغرب قبل عام 1900م، ومازالوا يكوِّنون فئة قليلة في الأقطار النامية؛ بينما أعدادهم في الغرب تتزايد بصورة مستمرة. ويقدر الخبراء أن في أستراليا، مثلاً، ستزيد نسبة من يزيد عمرهم عن 85 سنة بنسبة 90% عند نهاية القرن العشرين. وهذا الاتجاه يتكرر في البلاد الأخرى، التي تواجه تحدي إيجاد الموارد المالية والبشرية للعناية بالعدد المتنامي من السكان كبار السن والعجزة. وكلما تزايدت نسبة المتقاعدين وجب على المجتمع، أن يبحث عن الطرق الملائمة لاستخدام قدرة وطاقات الأشخاص الذين ـ رغم شيخوختهم ـ قد تكون أمامهم 25 سنة من الحياة النشيطة الفعَّالة.

المراجع

www.mawsoah.net/maogen.asp?th=0$$main&fileid=startموسوعه العربية

التصانيف

اصطلاحات