وابو بكر الخوارزمي من أئمة اللغة والأدب وهو صاحب الرسائل المعروفة برسائل الخوارزمي كما له ديوان شعر ويروى أنه كان ضليعا بكل فن من فنون العربية ولا سيما الكتابة كما كان كثير الحفظ للشعر .
قيل : أنه قصد حضرة الصاحب بن عبادة وهو بأرجان فلما وصل الى بابه قال لأحد حجابه قل للصاحب على الباب أحد الأدباء وهو يستأذن بالدخول فدخل الحاجب وأعلن مولاه فقال الصاحب للحاجب قل له قد ألزمت نفسي ألا يدخل من الأدباء إلا من يحفظ عشرين .الف بيت من شعر العرب فخرج اليه الحاجب واعلمه بذلك فقال له ابو بكر ارجع اليه وقل له هذا المقدار من شعر الرجال أم من شعر النساء فدخل الحاجب فأعاد عليه ما قال الخوارزمي فقال الصاحب هذا يكون ابا بكر الخوارزمي فأذن له بالدخول .
ويروى عنه انه كان يقول (( ما فتق قلبي وشحذ فهمي وصقل ذهني وأرهف لساني وبلغ هذا المبلغ بي إلا تلك الطرائف الشامية واللطائف الحلبية التي علقت بحفظي وامتزجت بأجزاء نفسي ))
ورد في كتاب “وفيات الأعيان” لابن خلكان:
“أبو بكر محمد بن العباس الخوارزمي الشاعر المشهور، ويقال له الطبرخزي أيضا لأن أباه من خوارزم وأمه من طبرستان فركب له من الاسمين نسبة، كذا ذكره السمعاني، وهو ابن أخت أبي جعفر بن جرير الطبري صاحب التاريخ – وقد تقدم ذكر ذلك في ترجمة ابن جرير.
وأبو بكر المذكور أحد الشعراء المجيدين الكبار المشاهير، كان إماما في اللغة والأنساب، أقام بالشام مدة وسكن بنواحي حلب، وكان مشارا إليه في عصره. ويحكى أنه قصد حضرة ابن عباد وهو بأرجان، فلما وصل إلى بابه قال لأحد حجابه: قل للصاحب على الباب أحد الأدباء وهو يستأذن في الدخول، فدخل الحاجب وأعلمه، فقال الصاحب، قل له: قد ألزمت نفسي أن لايدخل علي من الأدباء إلا من يحفظ عشرين ألف بيت من شعر العرب، فخرج إليه الحاجب وأعلمه بذلك، فقال له أبو بكر: ارجع إليه وقل له: هذا القدر من شعر الرجال أم من شعر النساء؟ فدخل الحاجب فأعاد عليه ماقال، فقا الصاحب: هذا يريد أن يكون أبا الخوارزمي، فأذن له في الدخول، فدخل عليه فعرفه وانبسط له.
وأبو بكر المذكور له ديوان رسائل وديوان شعر. وقد ذكره الثعالبي في كتاب اليتيمة، وذكر قطعة من نثره ثم أعقبها بشي من نظمه، فمن ذلك قوله:
رأيتك إن أيسرت خيمت عندنـا
مقيما وإن أعسرت ررت لماما
فما أنت إلا البدر إن قل ضوؤه
أغب إن زاد الضـيا أقـامـا
يشير إلى قول ابنة عبيد الله بن مطيع لزوجها يحيى بن طلحة: ما رأيت ألأم من أصحابك، إذا أيسرت لزموك، وإذا أعسرت تركوك، فقال: هذا من كرمهم، يأتوننا في حال القوة منا عليهم ويعافوننا في حال الضعف منا عنهم؛ وأنشدني عثمان بن سعيد بن تولوا لنفسه:
متواضع كالغـصـن يدنـوا مـثـمـرا
فإذا أنالك ماعليه ترفعا ومن شعره أيضا:
يامن يحاول صرف الـراح يشـربـهـا
ولا يفـك لـمـا يلـقـاه قـرطـاسـا
الكاس والكيس لم يقض امـتـلاؤهـمـا
ففرغ الكيس حتـى تـمـلأالـكـاسـا
وفيه يقول أبو سعيد أحمد بن شهيب الخوارزمي:
أبو بكر له أدب وفضل
ولكن لايدوم على الوفا
مودتـه إذا دامـت لـخــل
فمن وقت الصباح إلى المساء
وملحه ونوادره كثيرة.
ولما رجع من الشام سكن نيسابور ومات بها في منتصف شهر رمضان سنة ثلاث وثمانين وثلثمائة. وذكر شيخنا ابن الأثير في تاريخه أنه توفي سنة ثلاث وتسعين، والله أعلم، رحمه الله تعالى.
وكان قد فارق الصاحب ابن عباد غير راض عمل فيه:
لاتحمدن ابن عباد وإن هطلت
يداه بالجود حتى ألأحجل الديما
فإنها خطرت من وسـاوسـه
يعطي ويمنع لابخلا ولا كرما
فبلغ ابن عباد ذلك، فلما بلغه خبر موته أنشد:
أقول لركب من خراسان قـافـل
أمات خوارزميكم؟ قيل لي: نعـم
فقلت: اكتبوا بالجص من فوق قبره
ألا لعن الرحمن من كفر النـعـم
قلت: هكذا وجدت هذين البيتين منسوبين إلى أبي بكر الخوارزمي المذكور في الصاحب ابن عباد، ذكر ذلك جماعة من الأدباء في مجاميعهم وفي مذكراتهم.
ثم نظرت في كتابمعجم الشعراء تأليف المرزباني، فوجدت في ترجمة أبي القاسم الأعمى، واسمه معاوية بن سفيان، وهو شاعر بغداد أحد غلمان الكسائي، اتصل بالحسن بن سهل يؤدب أولاده، فعتب عليه في شيء فقال يهجوه:
لاتحمدن حسنا بالجود إن مطرت
كفاه غزرا ولا تذممه إن زرما
فليس يمنع إبقاء على نـشـب
ولا يجود لفضل الحمد مغتنمـا
لكنها خطرت مـن وسـاوسـه
يعطي ويمنع لابخلا ولاكرمـا
والله أعلم بذلك. وقد تقدم الكلام على الخوارزمي.
والطبرخزي: بفتح الطاء المهملة والباء الموحدة وسكون الراء وفتح الخاء المعجمة وبعدها زاي، وقد سبق في أول الترجمة الكلام على سبب هذه النسبة”.