أنا المراة الرهينة.
|
السلف يطالب بي والخلف.
|
وأنا أنتزع نفسي من فم الفراغين.
|
أحلم بآخر الكون،
|
عَلّ المجدَ البشري يشهد النهاية
|
ينتظر طويلاً حتى تنتهي الحضارات
|
العشاق والشعوب،
|
أو ربما تهاجر،
|
وتبقى الأرض لي،
|
لي وحدي،
|
لأكون حواء الرائعة.
|
لكنني صحوت،
|
فوجدت الحراب تطوقني.
|
لقد كان حلماً أيها القضاة.
|
...
|
يا سادتي القضاة
|
الخريف يمزق قِشرتهُ
|
مذعوراً من الفراغ والوحدة
|
عصياً، أرقاً،
|
يتسكع وحيداً في شوارع الرمل
|
مشغولاً بأفكاره،
|
يعلن الهجرة،
|
لكنه ما يلبث أن يعود مجذوباً
|
بحب الوطن.
|
يُضرمُ نيرانه ويزرع رماده.
|
لكن من يحصده،
|
وفي أعماقه الإمبراطوريات
|
والجيوش المفككة
|
رغم أزرارها اللامعة؟
|
الجيوش التي تعسكر في ممالك الكبد
|
أو تغور إثر الأحشاء بذخيرتها النفاذة
|
تسحب نهارها من الأسواق
|
كي لا يمر نُسغُ الذات
|
داخل الغابات الخريفية
|
في كنيسة الجسد المتقدمة.
|
أيها السادة
|
هي ذي أنهاري
|
تدفع محصولها المائي
|
إلى فم المحيط.
|
الضريبة التي فرضتموها تؤخذ عَنَوةً.
|
أدفعها إلى جوف خزائنه
|
حيث يكنز ذهبه وذكرياته
|
حيث تنام الإمبراطوريات
|
ودموعها ملء عيونها.
|
تتكئ على أدراجه
|
أو تتمدد على رماله.
|
إنه يتعامل مع الجسد والروح
|
كزبائن قدامى
|
لكنه يلتهمها عندما يجوع.
|
...
|
أيها القضاة
|
إن كلمات العدالة التي بين أضراسكم
|
ليست للمضغ.
|
إبصقوها، هنا، في راحتي،
|
لأضمها،
|
أدفعها أمام الأفواه،
|
أغتسل بها.
|
...
|
وإلا..
|
فما نفع ذلك الماء
|
الذي يدور في داخلي
|
إن لم ينح المحيطات العظمى
|
حيث تموج دموع التعساء؟
|
فمرحباً أيها الهدير الخالد
|
أيها الصراخ الطالع.
|
لكي أشقّ ذلك الهدير الغامض
|
أحمل وطأة موتي.
|
ينصحونني بقبوله،
|
ذلك الموت،
|
يَغُرُّونني بالاستسلام له.
|
لكن،
|
تأخذ الريح شِلواً من جسدي،
|
أجري خلفها، وأعيده.
|
وعندما تأخذ آخر وتلهو به
|
أهجم ثانية وأعيده.
|
هكذا دارت الحروب على مداخل الجسد
|
حيث يقف رجل من النحاس
|
يُلقي القبضَ على ما يفرُّ من الذات.
|
...
|
أيها القضاة
|
نصحتموني بالألم والتشرد،
|
بالحرمان،
|
بحمل الجراح،
|
فحملتها حتى التوت عظامي.
|
نصحتموني بالسرعة،
|
ويقولون إن الكون الكبير يعبر،
|
لكن ما شأنه بقلبي؟
|
سأصنع نفقاً من الحب
|
وأفرُّ..
|
عَلّني أسبق اللصوص والطغاة والقتلة/
|
الذين من بصاقهم حبر التاريخ المقدس...
|
به تُدَوّن الأشواق الباردة
|
والأفكار الميتة،
|
ترهات الزمن،
|
وحضيض الذاكرة.
|
فأين نفرغِ تلك الحمولة أيها السادة؟
|
هنا أمام مِنصّاتِكم؟
|
أم في العراء؟...
|
حيث البرق يمنحني ناره
|
فأتسع بها،
|
والبحيرة مِرآتها
|
فأصل إلى نفسي،
|
إلى غرف الرأس الغامضة
|
والرعد يفتح أذني للنبوءات؟
|