لعل عقارب الساعة تتجه إلى بدء فصول جديدة في حياة الأسرة, و يبدو أن بوصلة
التغيير اتخذت منحاً جديداً هذه المرة , و لكنه لنفس الهدف المحدد بدقة و هي
المرأة , فبعد أن كنا نشكوا غزو الروايات الغرامية الفاتنة لعقول الفتيان و
الفتيات قبل الزواج , فاليوم نشكو موجة الرومانسية المبالغ فيها –
أشدد و أكرر على المبالغ فيها - لعقول المتزوجين
من الأزواج و الزوجات , فدخلت معهم في قفصهم الذهبي و جعلته أغلال من حديد ,
وركاماً من خراب .
أيها الكرام :
دعوني أحدثكم حديث النفس للنفس , و دعوني أضع المشرط على الجرح , و نعالج الأمر
قبل أن يستفحل و يستحيل الحل , فاليوم الدواء هو العلاج , و غداً آخر العلاج
الكي, و هي مرحلة محزنة فآمل أن لا نصل إليها , فهل تعطونني بعض وقتكم , و
ترعونني سمعكم لأخبركم بما توصلت إليه بعد بحث و استطلاع لكثير من الأمر, فإن
رأيتموني على رشاد و صواب فانثروا مافي كنانتكم من غزير علمكم , و إن رأيتموني
على ظلال , فأسأل الله الغفران , و أعلموا أنما أنا عبد فقير مجتهد ,و بحاجة
دعواتكم و توجيهاتكم , فلا تبخلوا علينا من زائد فضلكم و علمكم .
في البداية لست ممن يحارب الحياة الرومانسية في
الحياة الزوجية , بل بنظري هي عيشة هنيئة , و مطلب ضروري لتذوق طعم السعادة , و
لقد كتبت هنا أو هناك مواضيع عدة عن الأفكار الرومانسية , و لكن بعد طول تفكر و
تأمل لاحظت أن بعض ممن اتخذوا هذا المنهج و تبنوه جعلوه هو قمة السعادة الزوجية
, بل أن كامل السعادة بين ثناياه , و أن كل السرور بتطبيق تلك الحياة , و بدؤوا
يصبغونها بأصباغ وردية هي أقرب إلى الأحلام , و ينشرون عبقها الفواح على مداد
الأيام , فتارة بطرق جديدة لتشكيل الحياة الزوجية بصورة غريبة , و تارة
بالتنويع و التغيير بصورة هشة رقيقة , و مرة أخرى بأحلام فاتنة تجعل القلب يطرب
و يتراقص مع حلمه الذي يبنيه من ورق . و ليس هذا مصدر الألم فقط و مكمن الخلل ,
و موطن الخوف , و لكن كل الخوف أن يستيقظ المسكين الباحث عن الحلول فيجد أن
أحلامه قد تبددت , و أن المشاكل التي يطلب لها الحل قد تعقدت , و أن النفس التي
يريد أن يصبغها بالألوان الوردية قد أظلمت , و أن الكآبة حلت مكان الطمأنينة ,
و أن التعاسة قد أكلت من صفحات السعادة , فيذهب يمنة تارة و يسرة تارة , فلا هو
تمسك بطريقه , و لا هو نجح في علاج حالته . لذا وجب أن أقول لأحبابي و أصحابي
نقاط عبر سطور ليأخذوا الحذر و الحيطة و ذلك عندما يدخلون مواقع الإنترنت التي
تتكلم عن هذه الموضوعات عبر كتَاب ليس لديهم الخبرة الكاملة أو أقل التجربة , و
من أناس هم أقرب إلى العامة من أهل الأختصاص و الدراية ,و أقول لهم ايضاً أن
تلك الكتب و الكتابات بدأت تنتشر على رفوف المكتبات أيضاً بل انتشرت بالدور
انتشار النار بالهشيم .
1. الكتَاب مهما علت حروفهم و مهما بلغت بلاغتهم
فهذا لا يخولنا أن نسلم أرقابنا لهم , فإن الله سبحانه و تعالى أعطانا العقول
التي نحكم فيه على المتشابه من القول إذا كانت من أمور الحياة العامة , و
أعطانا التجربة و الخبرة التي تمحص لنا مابين السطور و تفحص لنا الصحيح من
القول , فليس كل من زين حرفه , و جمل سطوره , و ألبسها المحسنات البلاغية ,
فليس لزاماً علينا أن نذعن له تاركين الحكم للقلوب و العواطف . بل يجب أن نعلم
أنه قد يكتب من خلال الإنترنت في مجال الحياة الزوجية صاحب قلم بديع , و لكن هو
شاب غير مجرب , أو يكون شاب متزوج و لكن ليس لديه خبرة كافية , أو رجل رشيد و
لكن يبني أحلامه عبر كتاباته , أو مصلح يريد إرشاد الناس و لكن ببناء قلاع من
الأحلام , أو مربي فاضل و لكن من بيئة مختلفة , أو إنسان مجتهد و لكن جانبه
الصواب , أو إنسان ناصح و لكنه من كتب الغرب ناقل و ناسخ . فكل هؤلاء يكتبون
فهل نأخذ منهم جميعاً . أعتقد أن الحكم لديكم واضح .
2. كذلك هل توافقونني الرأي أن لتربيتنا و بيئتنا
التي نشأنا فيها الشيء الكثير في التحكم بطباعنا و سلوكنا و من بعدها تصرفاتنا
و نمط حياتنا , فليس من المعقول أن مانسجه الأهل و الآباء عبر سنوات عدة من
خلال تربيتهم المتكتمة و التي اجتهدوا بها أن ننساه في يوم و ليلة أو نستطيع أن
نتجاوزه عبر أيام معدودة . فهذه العادات التي طبعتها الأيام و السنون تحتاج
لدهر آخر حتى تمحوا الأثر الذي أبقته تلك السنون في قلوب المتلقين . و كذلك
اختلاف البيئات التي يعيش بها الإنسان العربي تجعل الحديث العام لكل الشرائح
فيه شيء من الصعوبة , فما يناسب هذا القطر لا يناسب قطر آخر , و ما يقبله أناس
هنا لا يتقبله أناس هناك , فالمشارب مختلفة و إن كانت النفوس متقاربة . فحري
بنا أن يتم التعامل بدقة مع البناء الأولي للنفس العربية بما يتلاءم مع طباعها
و عاداتها و تقاليدها و بيئتها .
3. عند اختلاف النمط في التفكير , و درجة تقبل
بعض الصور الرومانسية بين الزوجين , فقد يسبب اضطراب في المعيشة و خلل في
التوافق العقلي بينهم , لذا فيجب أن يكون الزوجان على نفس الخط , و نفس المنهج
, ولابد أن يكونا متوافقين و متناسقين في كل أمر من أمور و متطلبات الحياة
الرومانسية حتى تنجح و تكتمل تلك الصور . و إلا إن محاولة رسم تلك الصور سوف
تبؤ بالفشل , أو قد تهدم العش الآمن و تتحول إلى صراع من أجل الإقناع .
4. كذلك اختلاف الرغبات و تنوع المزاج في جزئيات
الحياة الزوجية , يجعل الذي تحبه أنت و بشدة, قد لا يرى الطرف الثاني له أي
قيمة و العكس صحيح, لذا كيف نسير و نوفق بين رغباتنا و رغبات الطرف الثاني.
فالأمر يحتاج تأمل و فحص لرغبات الطرفين حتى تنجح تلك الصور . و يحتاج إلى صبر
و حنكة حتى تصل إلى رغبات الطرف الثاني و بدقة . و عند الفشل بالوصول إلى مايحب
صاحبك على الطرف الآخر , قد يجعل هناك تشويش في الفكر و إحساس بعدم التفاهم بين
الجانبين , رغم أن المشكلة تكمن ببساطة على أمزجة لا يمكن أن نغيرها و لا
يستحسن أن نقنع الطرف الآخر بما لا يهواه أو يتقبله .
5. إن الحياة الرومانسية الحديثة تتطلب كثرة
الاطلاع و البحث عن كل جديد , و لكن كيف التعامل مع الطرف الآخر الذي ليس لديه
رغبة البحث ؟ أو غير قادر على البحث ؟ أو أن أحد الطرفين ممن لا يحبون القراءة
؟ هذه مشكلة أخرى تجعل هذا الطرف يستغرب التغير بتصرفات الشخص الذي يحاول تطبيق
تلك الصور , و يجعل الطرف المجتهد يصاب بإحباط عندما يحس بعدم التجاوب مع جهوده
من أجل الوصول لتلك السعادة المكتوب عنها . وهذا الإحباط كفيل بإحباط العش
الهادئ الحالم .
6. هناك مشكلة تحدث في كثير من الحلول الرومانسية
, ذلك بأنها تهتم بهدف إشباع الرغبات الزوجية داخل جدران غرفة النوم و تفصل
بينها و بين كافة شؤون الحياة, لذا فقد تنجح هناك , و لكن قد تكدر عليها مشاكل
أخرى من خلف الأسوار , و كذلك إن التركيز على هذا الجانب و في تلك الحدود
الضيقة , يجعل المرء ينسى جوانب و مميزات عدة في الطرف الآخر , و ممكن أن يخفى
عليه جوانب إيجابية أهم و أعلى في شريك عمره , و لعل حديث الرسول صلى الله عليه
و سلم خير قائد لنا في هذا المجال ,فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها
آخر " أو قال : " غيره " رواه مسلم .
7. إن المتمعن في الحياة بشكل عام , يعلم أن فيها
السعادة و التعاسة , و أن وتيرتها لا تسير على نسق واحد , لذا يجب أن نعلم أن
ما نقرؤه أو نجده عبر الكتابات قد يصلح اليوم و لا يصلح لغد , أو يستحسن في زمن
و يجب أن نتجنبه في زمن آخر , لذا فإن اختيار الأوقات المناسبة للتجاوب مع تلك
الصور الرومانسية هو شيء مهم و ضروري لتقبلها و التجاوب معها من الطرفين .
8. و من المشاكل التي أراها أن الصور الرومانسية
لم تفرق بين الأعمار , و لم تراعي النفسيات , و لم تهتم بالبيئات , و هذا خطأ
قد ينجم عنه كوارث , أو أخطاء فادحة لا يمكن أن نتجاوزها .
9. أن العمل في البيت للزوجة , أو الخروج للحياة
العملية للطرفين , قد يضيق على الأزواج أن يتأقلموا أو أن يفوا بتلك المتطلب
الرومانسية , لذا فيجب الانتباه أن ضغط الحياة و قسوة العمل قد تشكل نفسيات
الأزواج بشكل ما , فحري بنا أن ننتبه لهذا فإن ما يكتب ليس مناسب في كل وقت و
حين , أو أنه واجب يجب أن يتمم في كل يوم و بعيداً عن دراسة الحالة النفسية
للطرف الآخر و مدى تقبلها و استعدادها لعيش تلك الصور .
10. في الحياة أولويات و هذه الأولويات ترتب
نفسها إما بشكل إلزامي , إما بحسب متطلبات العباد لرب العباد , أو متطلبات
الحياة الاجتماعية , أو متطلبات العمل داخل البيت و الحياة الأسرية و المشاغل
التي تحفها يوميا من كل جانب , لذا لا تغرق أنفسنا بهذه الصور و ننسى صور أهم و
أجل .
11. باعتقادي أن السعادة لها ركائز و أعمدة و
أطناب لا تقوم خيمتها إلا بتكاملها , و الذي أجده أن الرومانسية التي نجدها في
كثير من أماكن النشر إنما هي تعالج ركناً واحداً فقط , و لأسف قد غفلت عن أركان
أخرى , أو أهملت مقومات أخرى للسعادة , فعلاقة العبد مع ربه , و علاقته مع أهله
أمه و أبيه , و علاقته مع أخوته و جيرانه و أهل حيه هي ركائز أخرى للسعادة ,
لذا يجب أن يكون لدينا قناعة أن السعادة تكاملية بين عدة مواهب للعلاقات
الشخصية لمن حولك من الناس , وهي أيضاً موهبة التعرف على ما يحب و يعشق الناس ,
و كيف التواصل معهم ؟ و كيف التعرف على طباعهم ؟ و من ثم التعامل معها . فعندما
نتكلم على أن كل السعادة هو في تطبيق الرومانسيات فحتماً أن هذا خلل عظيم و
إقصاء لعوامل أخرى مهمة أو تكاد تكون هي أكثر منها أهمية .
12. لا يفهم من العروض المنتشرة للرومانسية و
تطبيقاتها أن تكون العلاج الناجح لكل هموم المتزوجين , بل لا يفهم أن تؤخذ على
أنها وصفة سحرية سريعة المفعول تصيب الهدف و بقوة , بل يحسن بنا أن نتعامل معها
على أنها قد تناسب أناس و لا تناسب آخرين , و تنعكس بالإيجاب على أزواج و
بالسلب على آخرين , و أنها قد تحل جزئية و لكن لا تجد حلاً كاملاً لمشكلة زوجية
, إنها ملطف للجو و ليست معالجة لحالة التلوث التي يعيشها الزوجان حال وقوع
مشكلة , فالحلول الرومانسية هي حلول جميلة لطيفة لكنها ليست بالقوة التي تجعلها
تقف صامدة أما عواصف المشاكل العاتية التي تفوق طاقتها و قدرتها , فيجب أن نحكم
عقولنا بما يناسبنا قبل أن نقع في فخ الفشل و نحن نريد الإصلاح .
13. معظم النساء عاطفيات , و هذا بعكس الرجال وهم
من يميل للجانب العقلي الواقعي , و لكن قد لا تنطبق هذه القاعدة على الجميع فقد
تجد المرأة أن زوجها عاطفي و يميل للحياة العاطفية , لذا فعليها أن تعطيه ما
يناسبه و بقدره . و كذلك قد تكون المرأة تميل للواقعية و بعيدة عن العاطفية ,
فلذا فإن أغلب الحلول و العروض الرومانسية هي قد صيغت بشكل يناسب المرأة
العاطفية و التي توافق طبيعتها , فهنا يجدر بالزوج أن يحورها بما يناسب زوجته
التي تختلف عن الفتيات الأخريات داخل تلك الحلول .
14. كذلك مما يجدر التنبه له أن الفتاة قد تعيش
حلم الحياة الرومانسية قبل الزواج , و تتفاجئ أن الحياة بواقعها تطمس كثيراً
مما رسمته الحروف عبر الكتب أو المواقع النتية . فهنا تكمن التوعية الأسرية
للفتاة المقبلة على الزواج , و ذلك بالتلميح و التنبيه على أن الواقع رسمه
يختلف بعض الشيء عن الأحلام .
15. من خلال الكتابات و الكتب و الدعوات لهذا
المنهج قد يعتقد القارئ أنه سهل عليه أن يتأقلم و يتعود بيسر مع تلك النقلة ,
بينما يفاجئ بعد أيام أو شهور أو سنوات فيجد نفسه لم يطق صبراً على السير في
تلك الدروب أو المضي في عالمها . لذا فإن من الأفضل لمن أراد أن يجرب أو يستفيد
أن لا يقتحم تلك البوابة و بقوة , بل يسير برفق و لين و بخطوات تؤدة و برسم
لدربه موزون , حتى لا يقع في شراك العجلة المفسدة , أو يهدم من حيث أراد البناء
.
16. من الأزواج أو الزوجات من يطلع على هذه
الخطوات الرومانسية بعد أن أمضى عمراً طويلاً في حياته الزوجية التقليدية و
التي تأقلم عليها و أعتاد عليه , فينتاب المسكين أحساس أنه قد مضى عمره الأول و
هو يعيش بجهل و أن الناس من حوله ينعمون بسعادة , و يبدأ تفكيره ينشط للحق
بالركب و تتبع خطوات القوم . و لا يعلم أن هذا التغيير الذي سوف يحدثه في حياته
يتطلب وقتاً طويلاً حتى يعتاد هو و الطرف الآخر على هذا التغيير , لأن التغيير
الذي يطرأ قد يكون لا يناسب أن يحدث فجأة في عمره و حياته الزوجية بعد مضي عمر
طويل على نسق واحد ., فهنا يلزم التفكير هل من الأفضل له و أجدر أن يستمر على
منوال حياته الذي اعتادت عليه الزوجان و سلكت بينهم أمور حياتهم وسارت كل هذه
السنوات على خير و سعادة ؟ أو أن يبدأ مشواره بتغيرات محسوبة و دقيقة و بطيئة
حتى لا يحس بهزة تزلزل عرش الحياة الزوجية .
17. يفكر كثيراً من الأزواج أو الزوجات و بخفاء
عن مقدار ألمهم و مصابهم و همهم بأنهم لم يستطيعوا أن يصلوا لتلك الرومانسية
المرسومة عبر الكتابات , و لا يعلمون أن الحياة لا ترسم بحروف فتصبح بيوم و
ليلة مزخرفة جميلة , إنما ترسم بعمل وحب صادق , فقد يكون كاتب تجربته ينثر ألمه
على النت , أو ينشر إخفاقه , أو يحكي آماله , أو يتحدث بأمانيه و تطلعاته , لذا
يجب أن نتيقن أن الكتابات سهل نسجها , و يسير زخرفتها , و بسيط أن نتقن السعادة
عبر حروفها , لكن الواقع مختلف جداً عن لغة الحروف البسيطة . فلا تيأس من الفشل
عبر خطوط الحياة , بل استمر و بخطوات واثقة مقننة في كافة مجالات الحياة تتبع
فيها ما يناسبك أنت و شريك حياتك و واصلا النجاح بكافة جوانب الحياة .
18. قد يعتقد بعض المطلعين على تلك الكلمات أن
الوصول إلى عالم خالي من المشاكل هو شيء ممكن , و أن تحقيق تلك الخطوات
الرومانسية هو الدليل الناجح و العلاج الناجع للهموم الزوجية , و هو حل مؤكد
لكل المشاكل , و شمعة تضيء في طريق الخلافات , و من بعدها تكون الطريق سالكة
لحياة هادئة و منعمة بدون أي منغصات تشوبها كل فترة , و هذا يخالف طبيعة البشر
و لا يتوافق مع ماجبل الله عليه الخلق , فلابد أن يكون هناك عواصف تهب كل حين
بين الزوجين , أو أن تثار بعض الخلافات التي تنتج عن اختلاف وجهات النظر , كل
ذلك يكون و إن طبقوا بالحرف الكامل كل الوصفات الرومانسية في الحياة الزوجية .
19. خطوات تلك الصور الرومانسية قد تبدوا ببعض
عروضها معقدة , أو غير مستساغة , أو مخالفة للعادات و التقاليد التي عاش عليها
المرء , أو مكلفة تكلفة باهظة , أو فيها إحطاط من قيمة المرء و علو منزلة بني
آدم , لذا فالنتفهم هذا الأمر , و لنقف بعقولنا و قلوبنا لحسم المناسب لنا منها
و موافقتها أنفسنا و أنفس شركاءنا في تلك المواقف .
20. قد يجد بعض من يحب أن يخوض غمار الكثير من
هذه العروض الرومانسية , قد يجد مع الوقت صعوبة بالإيفاء بكامل التزاماتها , أو
بتتبع جميع خطواتها , و بالتالي ينقلب على نفسه , و يعود إلى طريقته الأولى
التي أعتاد عليها , و هناك يحس الطرف الآخر بتزعزع الثقة بالنفس , أو بتأرجح
تفكير الشخص بين حالين , أو أن الطرف الآخر قد أرتاح مع الطريق الجديدة ثم فجأة
و بدون مقدمات قد حرمانه منها بسبب نكوص أحد الطرفين عنها بسبب الملل أو لأي
سبب آخر .
21. قد يجد البعض بتنفيذ تلك الخطوات صعوبة بعض
الشيء, و تحثه نفسه بأن يرتقي لما عليه الجمع من حوله , و يبدأ حياته بتلك
الطرق فتصبح كل حركاته تطبيقات معقدة , و تمثل متملق , و متابعة مملة , و
محاولة لتطبيق النص بحذافيره و بدون أن يصبغه بصبغته الخاصة , و بدون أن يضفي
عليه لمساته السحرية , و بدون أن يفكر بأن هذا عمل بشر قد يصيبه النقص أو الخطأ
, فيكدح و يألم من صعوبة الخطوات , فيراجع كل برهة خطواته الرومانسية لعله يوفق
. فهذا خطر عظيم يجب أن يتنبه له من اختار هذا الطريق , فالحياة سهلة فلا
تعقدها بخطوات معدة بطريقة شبه قانونية , و الإخفاق و الإحساس بالفشل قد يقتل
مكامن الإبداع بالمرء .
نقاط في العلاج :
1. أنجع العلاج هو القيام بتلك الأعمال لوجه الله
, و التقرب بعملها إخلاصاً و قرباً لله , و تقديمها من أجل أن يرضي و يسعد كل
شريك شريكه , و بدون أن نقدم عملاً و ننتظر مقابله رداً عاجلاً , فالجزاء
الكامل من رب العالمين الذي يعلم السر و أخفى , و الأجر الكامل بالعمل وفق شرعه
الحكيم الذي قضى بأداء الواجبات و إتمامها , فهنا يكون الخير كله بكل عمل يقدمه
المرء هنا أو في أي مكان .
2. أبحث عن السعادة في كل مكان , و ليست السعادة
محصورة في زاوية ضيقة من زوايا البيت , بل هي في كل ركن و كل زاوية من زواياه .
بل أبحث عنا بنفوس من حولك من أطفالك و أهلك و مجتمعك , فهذا البحث سوف يوصل
السعادة لقلوب من حولك بإذن الله تعالى .
3. تفهم الطرف الآخر و احتياجاته من أولى
الأولويات . فعندما تصيد ما يفكر به رفيق دربك , و تعلم المحبب إليه و المضاد
منه , فحتماً سوف تصل لمبتغاك بكل يسر و سهولة .
4. أعلم و تيقن أن في كل بيت مشكلة , و أن
المشاكل تكاد تنتظرنا في أحيان كثيرة لتنزل علينا , وهذا قضاء الله وقدره
المقدر علينا , وهي كذلك من رحمته التي تخفى في كثير من جوانبها على فهمنا ,
فالبعض عندما تغزوه المشاكل يعاملها بالحكمة , فيغلق عليها الأبواب , و يقضون
عليها في مهدها , و يعاملونها بالكتمان , و أعلم كذلك أخي المبارك و أختي
المباركة أن الألفة في كل بيت في حالة مد وجزر , فيجب أن نسعد جميعاً و نستمتع
بها في حال الرخاء و نشكر الله على فضله , و ندعو الله النجاة من أثرها في حال
الشدة .
5. الإبداعات النفسية و الرومانسية و الصور
التجديدية هي إضافات جميلة للحياة , وهي مثل الملح للطعام يجب أن توضع بمقدار
حتى لا يفسد طعمه بقله أو كثرته , و يجب أن يوضع في وقته بحيث يعطينا الطعم
الذي نرجوه , و قد يمر وقت لا نحتاج أن نضع ملحاً في طعامنا , فوضعه قد يضرنا .
فالأكثر من هذه الصور و التقليل منها يحكمه الخبرة بمقدار المطلوب و وقته و
مناسبته لحينه .
6. معالجة الأخطاء بالتي هي أحسن , و التريث في
الحكم على الأفعال , و تبين بعض ما يقال من الأقوال هي أمور تستلزمها الحكمة ,
و تدعمها الخبرة و ينميها الصبر و التثبت .
7. قاعدة للحياة الزوجية , في حال المشاكل أمتلك
عقلاً يُمسح و قلباً يتسامح , و في حال الرخاء و السعادة أجعل لك قلباً يذكر و
لساناً يشكر .
لعلي أتوقف هنا حتى لا أكثر عليكم
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
المراجع
saaid.net
التصانيف
تصنيف :علم النفس مشاعر مجتمع