الصُّوفِيَّة طريقة روحية معروفة عند بعض الشعوب ذات الحضارات القديمة. وهي نزعة سلوكية وليست فرقة سياسية أو مذهبية، ومن الجائز عند الصوفية من المسلمين أن يكون الصوفي على أي مذهب من المذاهب؛ شيعيًا أو معتزليًا أو سنيًا. ويمكن أن تُطلق كلمة متصوفة على أي جماعة تلبس الصوف أو الخشن من الملبس أو تنضوي تحت لواء صف من الصفوف، أو تركن إلى صُفَّة المسجد أو غيره. والأصل أن المتصوفة هم العاكفون على العبادة والمنقطعون إلى الله والمعرضون عن زخرف الدنيا وزينتها، والزاهدون فيما يقبل عليه عامة الناس من لذة ومال وجاه، والمنفردون عن الخلق بالخلوة للعبادة. ويرى ابن خلدون أن للتصوف أربعة عناصر هي: أ- الكلام في المجاهدات وما يحصل من الأذواق والمواجيد ومحاسبة النفس على الأعمال. ب- الكلام في الكشف وفي الحقيقة المدركة من عالم الغيب. جـ - التصرفات في العوالم، والأكوان، وأنواع الكرامات. د - ألفاظ موهمة الظاهر، نطق بها أئمة القوم يعبرون عنها في اصطلاحهم بالشطحات تستشكل ظواهرها. وأما أبو محمد رويم البغدادي، فقد عَرَّف التصوف بأنه مبني على خصال هي: التمسك بالنفر والافتقار، والتحقق بالبذل وترك الفرض والاختيار. وهو أيضًا عنده: استرسال النفس مع الله على ما يريده. ويُعَرِّفُه الجُنيد، وهو أحد المتصوفة، قائلاً: ¸أن تكون مع الله بلا علاقة وبأن يميتك الحق عنك، ويحييك به·، كما يعرفه بأنه ذِكْر مع اجتماع ووجد مع استماع، وتحمُّل مع اتباع. أما الصوفي، فيعرف عند المتصوفة، بأنه مَنْ صفا من الكدر، وتسلى عنه بالفكر، وانقطع إلى الله عن البشر واستوى عنده الذهب والمدر (الطِّين). كما يُعرَّف الصُّوفي بأنه كالأرض يطرح عليها كل قبيح ولا يخرج منها إلا كل مليح. نشأة التصوُّف. يرى بعض المؤرخين، كالمسعودي، أن الكثير من المسلمين الذين اشتهروا بالورع والتقوى لمّا لم يجدوا في علم الكلام ما يطمئن نفوسهم المولعة بحب الله تعالى قرروا أن يتقربوا إلى الله تعالى عن طريق الزهد والتقشف وفناء الذات في حبه تعالى، ثم سموا المتصوفة. ويقول القشيري: ¸لما ظهرت البدع، وتشاحنت الفرق، وصار أصحاب كل بدعة يدعون أن فيهم زهادًا، انفرد خواص المسلمين الحافظين قلوبهم عن طوارق الغفلة باسم الصوفية·. وأطلق هذا الاسم عليهم قبل نهاية القرن الثاني الهجري بقليل. هذا ويرى بعض الباحثين أن أول من تسمى باسم الصوفي هو أبو هاشم الذي وُلد في الكوفة وأمضى سواد حياته في الشام وتوفي عام 160هـ. وأن أول من حدّد نظريات التصوف وشرحها هو ذو النون المصري تلميذ الإمام مالك. وأن الذي شرح هذه النظريات وبوّبها هو جُنيد البغدادي. والذي دعا لها من فوق المنابر هو الشِّبْلي. ومع تطور السلوك الصوفي، أصبح للمتصوفة فلسفة استمدت أصولها من الفلسفة الأفلاطونية المحدثة وبعض المذاهب الفارسية والهندية. و حملت الصوفية في بعض جوانبها تناقضات مع منهج العبادة في الإسلام، إذ أن الإسلام لم يحرِّم طيبات الدنيا بل أباحها بشرط عدم الإسراف فيها، ولم يأمر بلبس الصوف بل أباح اللباس الطيب ﴿وأما بنعمة ربك فحدث﴾ لضحى: 11 ا. وقد فسرت السنة هذه الآية بقوله ³ : إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده (ولم يأمر الإسلام بالفناء وقتل الإحساس بالحياة بل أباح الحياة والقوة كما يقول القرآن) ﴿وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين﴾ القصص: 77 . ورد في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه: ( المؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف) . والمتكلمون وأهل التصوف متفقون تمام الاتفاق على أنه لا فاعل حقيقة إلا الله تعالى. ومما تجدر الإشارة إليه أن البعض اتخذ من التصوف وسيلة لتحقيق مآربه الشخصية. وفي ذلك يقول ابن السمّاك وهو أحد كبار الصوفية: ¸والله لئن كان لباسكم وفقًا لسرائركم لأحببتم أن يطلع الناس عليها، ولئن كان مخالفًا لها لهلكتم·. منابع الصوفية. يمكن القول أن مسار التصوف في الإسلام انطلق من منبعين أثّرا في تطوره وتعدد مدارسه التي ظهرت على أيدي بعض فلاسفة التصوف، كالقول بالإشراق، ووحدة الوجود، والشهود، وهذان المنبعان هما: 1 - انصراف بعض العباد المسلمين إلى الزهد في الدنيا، والانقطاع للعبادة. وبدأ ذلك في عصر النبي ³، فكان من الناس من اعتزم أن يقوم الليل مصليًا متهجدًا ولا ينام، ومنهم من يصوم ولا يفطر، ومنهم من انقطع عن النساء، فكان الواحد منهم يأبى على نفسه أي نعيم، ويتمسك بقوله تعالى ﴿قل متاع الدنيا قليل، والآخرة خير لمن اتقى﴾ النساء: 77 . ولما بلغ النبي ³ أمر هؤلاء الناس قال: (ما بال أقوام يقولون كذا وكذا.. والله إني أصوم وأفطر، وأصلي وأنام، وآتي النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني) . صحيح البخاري. ولكن الذي حدث أنه، دخل في الإسلام، أثناء عمليات الفتح الإسلامي، أناس من أهل الديانات السابقة، فكثر الزهَّاد الذين غالوا في الزهد، وظنوا أن نعيم الجنة ونعيم الدنيا ضدّان لا يجتمعان، ثم اختل التوازن عند الزهاد فأصبح خليطًا من الشعوذة والتعطيل والبطالة. 2- شيوع فكرة الإشراقيين من الفلاسفة الذين يرون تطهير النفس بالرياضة الروحية والتهذيب النفسي، وفكرة الحلول الإلهي في النفوس الإنسانية. وقد بدأت الفكرة تدخل بين الطوائف التي انتسبت إلى الإسلام حديثًا. مبدأ الإشراق. الإشراق عند الصوفية انبعاث نور غير محسوس إلى الذهن تتم به المعرفة. وعلى هذا، فإن الإدراك والمعرفة أساسهما الإشراق والفيض. مبدأ الحلول عند الصوفية. مبدأ الحلول هو ثاني المبادئ الصوفية. وهو حلول العنصر الإلهي في العنصر الإنساني. وفي مذهب الحلول أن الله والعالم قد امتزجا، وأن الله والقوة الداخلية الفاعلة في العالم مترادفان. مبدأ وحدة الوجود. وهو يعني عند الصوفية أن الله تعالى والخلق واحد. والحاكم والمحكوم شيء واحد. وما التعدد في الواقع إلا تعدد في شكل الوجود لا في ذات الموجود. وقد حمل هذه الفكرة ابن عربي. فالوجود كله هو صور تجلي الله تعالى. يقول ابن عربي: يا خالق الأشياء في نفسه أنت لما تخلقه جامع تخلق مالا ينتهي كونه فيك فأنت الضيّق الواسع ويقول الحلاج في ذلك: أنا من أهوى ومن أهوى أنا نحن روحان حللنا بدنا فإذا أبصرته أبصرتني وإذا أبصرتني أبصرتنا وهذه هي فكرة الحلول عند الحلاج وغيره من المتصوفة إذ يزعمون أن الله قد حل في أجسادهم فأصبحوا يتصرفون كأنهم هو، وهذا قريب جدًا من فكرة الثالوث عند النصارى (الأب ـ الابن ـ الروح القدس) وربما دخلت هذه الفكرة إلى المتصوفة مع جملة ما دخل. ومن الصوفية من اتخذ ناحية الشوق إلى الله تعالى. فقد أدخل أبو يزيد البسطامي ـ وهو فارسي الأصل ـ على التصوف فكرة الفناء في الله. وقال معروف الكرخي وهو من أصل فارسي: ¸إن محبة الله شيء لا يكتسب بالتعلم وإنما هي هبة من الله وفضل·. والواقع أن مسألة الحلول مسألة غامضة وربما كان تفسيرها أن المحب يفنى في محبوبه، ويحبه بكل قلبه حتى أنه لا يكون هناك فرق بين المحب والمحبوب. وحدة الشُّهود. وقد راض بعض الصوفية نفسه على تلك المحبة واتخذ منها سبيلاً للاتصال بالله تعالى. ونزع الصوفية في ذلك منزعًا ليس بالحلول ولا بوحدة الوجود ولكنه اتصال بالله أو اتحاد المخلوق بخالقه بسبب محبته إياه وخلوصه له سبحانه. وقد نحا ذلك المنحى ابن الفارض. ومضمون هذه الوحدة هو فناء الذات الفانية في ذات الله الباقية. ويسمِّي الصوفية هذه الحالة بوحدة الشهود. وقد أخذ الصوفية هذه الممارسة أو الرياضة عن النرفانا الهندية التي هي فناء الذات الفانية في الذات الباقية. وهذا تناقض واضح، إذ كيف يجتمع النقيضان (الفاني والباقي) والجوهر مختلف؟. ففي المحو بعد الصحو لم أك غيرها وذاتي بذاتي إذ تجلت تجلَّت على أن الصوفية كانوا يأخذون بحرفية الحديث الشريف: ( لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما ترزق الطير؛ تغدو خماصًا وتروح بطانًا ) . مسند أحمد والترمذي وابن ماجه ومستدرك الحاكم. وهم بهذا أهل جبر يعتقدون أن ليس للإنسان إرادة فيما يفعل، وأن الإرادة لله الواحد القهار وليس لأحد سواه. وهم لاعتقادهم بالجبر يفوِّضون في الأمور الغيبية تفويضًا مطلقًا ويرضون بكل ما يكون من الله تعالى لهم. وفي ذلك يقول أحدهم: ¸لو كان رضا الله في أن يدخلني النار كنت راضيًا·. وقد جمع الصوفية جمعًا غريبًا بين الجبر والتوكل، وحملوا أنفسهم على الرياضة الروحية ليتقربوا من ربهم وليرضى عنهم. والواقع أن عقيدة الصوفية، الخاصة بأن الولي يأخذ عن الله مباشرة، تلغي رسالة الأنبياء بل وتجعل الولي أفضل من النبي، وبالتالي تلغي الشر، وهذا وهم وباطل. اعتقادات الصوفية. من معتقدات الصوفية ما يأتي: 1- الصوفية يؤمنون بالكرامات التي اختص الله تعالى بها الأولياء، وهي الأمور الخارقة للعادة التي تظهر على يد الشيوخ الذين علت درجاتهم وصاروا من أولياء الله سبحانه. وهم ينظرون إلى المعصية غير النظرة التي ينظر بها الناس. فبعض المعاصي عندهم إذا منعت الغرور كانت خيرًا من الطاعة إذا أوجدت الغرور. ذلك أن الغرور يبعد النفس عن الفناء في ذات الله تعالى. 2- ومن معتقدات الصوفية أن محبة الله هي كل شيء وأن السيئات معها تهون والحسنات مع البعض لا تكون. وهم يقررون أن المعصية ثم الاستغفار منها تقرب ولا تبعد، وأن تقريب الاستغفار أكبر من تبعيد العصيان. على أن ذلك لم يمنع الأتباع الذين لم يبلغوا في التصوف مبلغ الشيوخ ولم يدركوا من الحقائق ما أدرك الشيوخ، من خلع الربقة وادعاء الواحد منهم بأنه الشيخ المتبوع وأحلوا لأنفسهم كل ممنوع، ثم اجترحوا اللذات ووقعوا في الموبقات. ومنهم من كان يدعي الولاية. بل ومن العامة الذين لم يعرفوا من التصوف إلا مظاهره من كانوا يدعون بين الناس أن النار لا تحرقهم والأفاعي لا تلدغهم. وقاموا بأعمال شعوذة تضل العقول وتتوه فيها أفهام الناس فيتبعونهم على غير معرفة. 3-ويعتقد بعض الصوفية (الباطنية) أن من بلغ درجة الولاية تحرر من المظاهر أي لم تجب عليه الفروض وتلك شطحة من شطحات الصوفية المفرطة في التأويل والاجتهاد وتحميل الأشياء أكثر مما تحتمل كما يقر بذلك الفكر الإسلامي. ويقال أن لبعضهم آراء غريبة مثل العطف على إبليس والاعتذار عنه في عدم سجوده لآدم وينسب للحلاج أنه دعا إلى عدم ضرورة الحج والاكتفاء بالحج إلى غرفة في البيت. 4- ويعتقدون أيضًا أن من اتصل بالله وبلغ الغاية في الفناء خضع له الكون وقوانينه. وجرى على يديه خرق العادة بما يسمى الكرامات مقابل ما كان للأنبياء من معجزات. والفقهاء ينكرون عليهم ذلك ويعتقدون أنهم يسيرون وراء الأوهام ويسمونهم أهل الدنيا. 5- الصوفية متسامحون، فهم يرون أن اليهود والنصارى وأهل كل دين، سواء كانوا كتابيين أو وثنيين، إنما يعبدون الله مهما اتجهوا. والمتدين منهم محب لله. وكل الأديان ليست إلا طرقًا توصل إلى غاية واحدة. والخلاف بينها خلاف أسماء. ومن ذلك قول ابن عربي: لقد صار قلبي قابلاً كل صورة فمرعى لغزلان ودير لرهبان وبيت لأوثان وكعبة طائف وألواح توراة ومصحف قرآن أدين بدين الحب أنَّى توجهت ركائبه فالحب ديني وإيماني وهذا هو مُؤَدَّى مذهب وحدة الوجود فإذا ذابت الفوارق بين الخالق والمخلوق، لم يعد هناك فرق بين دين ودين وذلك ـ في التصور الإسلامي ـ خروج عن توحيد الله الذي نزل في كتابه وأرسل به رسوله محمدًا ³ خاتمًا للأنبياء. وظل الصوفية يشغلون الناس بأعمالهم وزهدهم وذكرهم واصطلاحاتهم ودعاواهم في الفناء بحب الله وادعاء الولاية. وقد اعتزوا بشعورهم كما اعتز الفقهاء بعلمهم. وكان الكثير منهم يكرهون تأليف الكتب لأن الكتابة أداة العقل لا أداة الشعور. ومع ذلك، فقد ألف بعض الصوفية كتبًا بقي منها كتاب قوت القلوب لأبي طالب المكي في مذهب التصوف وفضله، والفتوحات المكية لابن عربي. انظر: الفتوحات المكية. أركان التصوف وآراؤه. أركان التصوف هي: أ- وحدة الوجود ـ وحامل لوائه الحلاج، ثم ابن عربي، ثم السهروردي. ب - الفناء في الله ـ وحامل لوائه أبو يزيد البسطامي. جـ - حب الله ـ وحامل لوائه رابعة العدوية، ومعروف الكرخي. أما الآراء فيمكن حصرها في النقاط التالية: 1- ترى الصوفية أن العقل ليس طريق المعرفة إلى الأسرار الإلهية، فطريقها هو العشق الإلهي. والمعرفة، كالمحبة، منحة ربانية وطريقها الإشراق والكشف وليس العقل. 2-الصوفية ترفض أية تفرقة بسبب العرق أو اللون أو الدين أو المكانة الاجتماعية، لأن العبرة في الإنسان حقيقته الروحية ودرجة قربه من الله. وترى الصوفية في الأديان أنها جميعًا أشعة من شمس واحدة، وأن الطرق إلى الله تعالى متعددة كعدد أنفس بني آدم. 3 - تُفَرِّق الصوفية بين التوكل والعمل. وهي ترفض العمل وإن آمنت بالتوكل (ولكن بمعنى خاص) فالتوكل حالة نفسية معناها أن يسلم الإنسان قلبه إلى الله تعالى، وهو لا ينافي العمل والحركة. 4 - أكد الصوفيون على فكرة الإنسان الكامل الحاوي للأسرار الإلهية الكلية والجزئية. وغاية الصوفي هي الوصول إلى هذه الدرجة. لذلك، فالصوفي يسعى لما يسميه الهجرة الدائمة إلى الله تعالى ابتداء من مرحلة المعرفة الفلسفية المجردة إلى التجربة الذوقية الكشفية إلى مرحلة الفناء. ولهم حال يسمونه البقاء بعد الفناء، أي أن الصوفي بعد أن يتجرد من صفاته الخاصة ويفنى في الصفات الإلهية يبقى بهذه الصفات ويخلد فيها. 5 - الصوفية تعتمد الرؤيا طريقة من طرق الإدراك والعمل. وهي فلسفة تقوم على الفيض والإشراق وترى من أصولها الفعل والإبداع. الأدب الصوفي. للصوفية أدب غزير بدأ في أوائل القرن الثاني للهجرة واستمر إلى العصور التي تليه. وله خصائص تختلف عن خصائص الأدب المعروفة، منها السمو الروحي والمعاني النفسية العميقة والخضوع التام لإرادة الله تعالى العلية. ويتصف الأدب الصوفي بالغموض والمعاني الرمزية. والأدب الصوفي نتاج رافدين مختلفين: 1 - الرافد السامي ويمثله الأدب العربي الصوفي. 2 - الرافد الآري ويمثله الأدب الصوفي الفارسي. انظر : الشعر. والتصوف السامي كله حب وحنين وإخلاص وحيرة. ومصدرها الإعجاب والحب والعاطفة، وإذا أحب المتصوف أحس بعذاب الحب أو نعيمه إلى درجة بعيدة، وقد يبالغ في هذا أو ذاك ثم يخرج عذاب نفسه شعرًا. وهناك اختلاف في أدب التصوف السامي عنه في أدب التصوف الآري. الحب الإلهي عند الصوفية. المحبة عند بعض الصوفية هي الميل الدائم بالقلب الهائم. وتعتبر عند آخرين إيثار المحبوب على جميع المصحوب. وعند آخرين هي محو المحب بصفاته وإثبات المحبوب بذاته. وهناك تعريفات أخرى وردت على لسان كبار الصوفية المتقدمين والمتأخرين تثبت أولاً وأخيرًا أن الصوفية فلاسفة روحيّون. والفكرة الرئيسة المشتركة والمحور الأساس والغرض الأسمى من الحب الإلهي عندهم هو فناء الإنسان عن نفسه وإنكاره لذاته وبقاؤه في ربه. والمحب الإلهي لا بد له أن يقدم بين يدي حبه طائفة من الرياضات والمجاهدات، وقد عدد أبو طالب المكي المقامات ورتبها على أنها: التوبة ـ الصبر ـ الشكر ـ الرجاء ـ الخوف ـ الزهد ـ التوكل ـ الرضا ـ المحبة. وللصوفية من المسلمين، في مكابدة الحب الإلهي ومشاهدة الجمال الحقيقي، أذواق تعرض لهم، ومواجيد تختلف عليهم، وفيما بين هذه وتلك أحوال تملك عليهم نفوسهم وقلوبهم وعقولهم وأرواحهم. ومما تجدر الإشارة إليه أن حياة الزهد التي عاشها الزهاد الأولون من المسلمين في القرنين الأول والثاني من الهجرة مثال لما كانت عليه الروح الإسلامية عند أولئك الزهاد، إذ كانت مطبوعة بطابع الخوف والتخويف والبكاء والإبكاء. يقول الحسن البصري: ¸يحق لمن يعلم أن الموت مورده، وأن الساعة موعده، وأن القيام بين يدي الله مشهده أن يطول حزنه·. إلا أن الزهد السلفي الحقيقي يختلف اختلافًا واضحًا عن التصوف المكتسب الذي خالطته فلسفات وطقوس هندية وفارسية ويونانية، فالأول إيجابي يبني النفس ويقومها، بينما الثاني سلبي، يساهم في إضعاف الدين، ويوهم الناس بأنهم على اتصال بالله في حين أنهم بهذا يبدون وكأنهم غير ذلك كما يقر بذلك التصور الإسلامي الصحيح. إن الالتزام بالكتاب والسنة هو الذي يعصم المسلم من شطحات النُساك والمتبتلين. وقد وعد الله رسوله بالهداية ﴿ويهديك صراطًا مستقيمًا﴾ الفتح: 2 . فما كان لأحد من بعده أن يسلك غير نهجه. وجمهور علماء المسلمين أنفسهم يقرون ـ حسب تصورهم الإسلامي ـ أنه لم يكن في الإسلام تطرف في العبادة أو طرق أخرى للعبادة غير ما أقر الحق وأقر الرسول ³ فلا يُتعبَّد الله إلا بما قال به، ولا يُتقرب إليه بطرق من عند البشر، إنما الأمر (العبادة والتوكل والنسك والشعائر) كله عند الله وحاشا لله أن يكون قد نقصَ في كتابه شيءٌ أو منهجه للبشرية شيءٌ حتى يترك الأمر لبعض الأهواء والفرق والنحل والمـلل أن تمده أو تزيـد عليـه أو تقر أفعـالاً جديـدة ﴿وأن هذا صراطي مستقيمًا فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون﴾ الأنعام: 153 . الحب الإلهي عند الصوفية. المحبة عند بعض الصوفية هي الميل الدائم بالقلب الهائم. وتعتبر عند آخرين إيثار المحبوب على جميع المصحوب. وعند آخرين هي محو المحب بصفاته وإثبات المحبوب بذاته. وهناك تعريفات أخرى وردت على لسان كبار الصوفية المتقدمين والمتأخرين تثبت أولاً وأخيرًا أن الصوفية فلاسفة روحيّون. والفكرة الرئيسة المشتركة والمحور الأساس والغرض الأسمى من الحب الإلهي عندهم هو فناء الإنسان عن نفسه وإنكاره لذاته وبقاؤه في ربه. والمحب الإلهي لا بد له أن يقدم بين يدي حبه طائفة من الرياضات والمجاهدات، وقد عدد أبو طالب المكي المقامات ورتبها على أنها: التوبة ـ الصبر ـ الشكر ـ الرجاء ـ الخوف ـ الزهد ـ التوكل ـ الرضا ـ المحبة. وللصوفية من المسلمين، في مكابدة الحب الإلهي ومشاهدة الجمال الحقيقي، أذواق تعرض لهم، ومواجيد تختلف عليهم، وفيما بين هذه وتلك أحوال تملك عليهم نفوسهم وقلوبهم وعقولهم وأرواحهم. ومما تجدر الإشارة إليه أن حياة الزهد التي عاشها الزهاد الأولون من المسلمين في القرنين الأول والثاني من الهجرة مثال لما كانت عليه الروح الإسلامية عند أولئك الزهاد، إذ كانت مطبوعة بطابع الخوف والتخويف والبكاء والإبكاء. يقول الحسن البصري: ¸يحق لمن يعلم أن الموت مورده، وأن الساعة موعده، وأن القيام بين يدي الله مشهده أن يطول حزنه·. إلا أن الزهد السلفي الحقيقي يختلف اختلافًا واضحًا عن التصوف المكتسب الذي خالطته فلسفات وطقوس هندية وفارسية ويونانية، فالأول إيجابي يبني النفس ويقومها، بينما الثاني سلبي، يساهم في إضعاف الدين، ويوهم الناس بأنهم على اتصال بالله في حين أنهم بهذا يبدون وكأنهم غير ذلك كما يقر بذلك التصور الإسلامي الصحيح. إن الالتزام بالكتاب والسنة هو الذي يعصم المسلم من شطحات النُساك والمتبتلين. وقد وعد الله رسوله بالهداية ﴿ويهديك صراطًا مستقيمًا﴾ ويهديك صراطًا مستقيمًا الفتح: 2. فما كان لأحد من بعده أن يسلك غير نهجه. وجمهور علماء المسلمين أنفسهم يقرون ـ حسب تصورهم الإسلامي ـ أنه لم يكن في الإسلام تطرف في العبادة أو طرق أخرى للعبادة غير ما أقر الحق وأقر الرسول ³ فلا يُتعبَّد الله إلا بما قال به، ولا يُتقرب إليه بطرق من عند البشر، إنما الأمر (العبادة والتوكل والنسك والشعائر) كله عند الله وحاشا لله أن يكون قد نقصَ في كتابه شيءٌ أو منهجه للبشرية شيءٌ حتى يترك الأمر لبعض الأهواء والفرق والنحل والمـلل أن تمده أو تزيـد عليـه أو تقر أفعـالاً جديـدة ﴿وأن هذا صراطي مستقيمًا فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون﴾ الأنعام:53 1

المراجع

www.mawsoah.net/maogen.asp?th=0$$main&fileid=startموسوعه العربية

التصانيف

اصطلاحات