إعداد: وهدان وهدان منذ مطلع سبعينيات القرن العشرين، دأب المختصون بقطاعات مصائد الأسماك على تطوير شعب اصطناعية لمضاعفة الثروات السمكية في البحار، باستخدام كتل خرسانية وحجارة طبيعية وقرميد ومواد أخرى. وتستوعب هذه الهياكل الصناعية مختلف أنواع الفضلات والنفايات التي يخلفها البشر، كإطارات السيارات وهياكل السفن والمنصات الحديدية وسواها.وفي الستينيات والسبعينيات، بدأت الشركات ذات الصلة تبحث جدياً في إمكان استخدام مواد الرماد المتطاير ذات النسبة العالية من السموم كقواعد لإقامة شعب مرجانية صناعية، لأن تراكمات هذه النفايات والفضلات تولد في العادة كيميائيات خطيرة، تتحلل وتتبدد بصورة سريعة، وتسمى هذه الأنواع من الشعب المرجانية الصناعية (شعب الجيل الأول).تقنيات لزيادة إنتاج البروتين وخلال العقدين الماضيين، بدأت شركات عالمية متخصصة، خصوصاً الشركات اليابانية، باستخدام وسائل أكثر تطوراً لبناء شعب مرجانية صناعية لزيادة إنتاج البروتين في البحار الساحلية شبه الخالية من الحياة البحرية. وهي أجهزة ذات تقنيات خاصة للمساعدة في إدارة عمليات زراعة الأسماك والقشريات في عدد كبير من الخلجان ومحميات الأنهار. وبذلك جرى إنشاء شعب باستخدام البلاستيك المقوى أحياناً بالزجاج الليفي والمواد الخرسانية المصنوعة من الأسمنت الهيدرولوجي والفولاذ. وتعد هذه النوعية من الشعب المرجانية الصناعية أفضل من سابقتها، وتمثل الجيل الثاني من الشعب. وتتلخص أهم أغراض بناء هذه الهياكل الصناعية داخل الأعماق البحرية في تأمين بيئة مناسبة لتكاثر الأسماك ومختلف أنواع الكائنات البحرية، ودعم الزراعة المائية، وإقامة مواقع غوص جذابة، لكن معظم الشعب المرجانية الصناعية تركت العديد من الآثار السلبية، إذ إنها تعد فقيرة من الناحية البيولوجية، ولا تنتج مجموعات مرجانية قوية تساعد في ازدهار الحياة البحرية. ورغم تحولها من الناحية العضوية إلى جزء لا يتجزأ من البيئة البحرية، إلا أنها دخيلة على هذه البيئة. وأحياناً تتحول إلى مقذوفات خطيرة خلال الأعاصير، إذ اتضح أن الشعب المرجانية الاصطناعية التي أقيمت قبالة شواطئ جنوب فلوريدا في الولايات المتحدة تطايرت وتناثرت في الأعماق بعد إعصار (أندرو)، الذي ضرب المنطقة المذكورة.تدمير الحياة البحرية وفي الوقت نفسه، فإن الأخطار العالمية على الشعب المرجانية استمرت في الازدياد والاتساع، فارتفع مستوى سطح البحر نحو مليمترين في كل عام، وتعاظم التلوث البحري وانجراف القيعان وعمليات التعدين والأنشطة الصناعية المختلفة غير الرشيدة في البحار، والصيد بالوسائل المدمرة، والغوص، والسياحة البحرية. وهي كلها عوامل أدت إلى إتلاف نحو 10% من الشعب المرجانية الموجودة في العالم، وتؤكد بعض التقارير التي نشرت مؤخراً تفاقم أمراض البكتريا والفطريات بين الكتل المرجانية، التي تشكل عصب الحياة في الأعماق، ولعل أبرز مثال على تدمير البيئة البحرية ما حدث في جمهورية المالديف، التي تضم نحو 1200 جزيرة صخرية مرجانية في المحيط الهندي، وبسبب عمليات التعدين وعوامل الحت، فإن الحيد البحري والشعب المرجانية التي كانت تحمي هذه الجزر، وخصوصاً جزيرة مالي عاصمة المالديف، قد دُمِّرَت.ولمواجهة الآثار السلبية والمشاكل المصاحبة للشعب المرجانية الصناعية، جرى تطوير تكنولوجيا جديدة تسمى (التراكم المعدني)، وتستخدم فيها الكهرباء لإنماء صخور جيرية حول الشعب المرجانية الصناعية، وزيادة معدلات نمو المرجانيات والكائنات الأخرى. ويجري إدخال قطبين كهربائيين موصولين بتيار كهربائي مباشرة من مياه البحر، فالتفاعلات الإلكترونية على الكاثود (القطب السالب) تؤدي إلى تكوين بعض أنواع المعادن وتراكمها في مكان واحد مثل كربونات الكالسيوم وهيدروكسيد المغنيسيوم. وفي الوقت ذاته، تتأثر بعض الكائنات الموجودة في المنطقة بهذه الظروف الكيميائية الكهربائية المتغيرة، مما يؤدي إلى زيادة معدلات نموها، وبذلك تتكون قواعد جديدة لنمو شعب مرجانية صناعية في المكان، وتسمى هذه الهياكل (الجيل الثالث من الشعب المرجانية الصناعية). وبعكس سابقتها، التي كانت مجرد تراكمات عضوية ممزقة، فإن هذه النوعية من الشعب تولد أنظمة الدعم الأحيائي الخاصة بها، التي تؤدي إلى إقامة بيئة حية متماسكة، وتعد تكنولوجيا التراكم المعدني فريدة وصديقة للبيئة، لأنها تنتج مواد طبيعية غير ضارة، كالحجر الجيري، الذي يُعد من المواد الرئيسية التي تساعد في تكوين الهياكل والشعب المرجانية والرمال وغيرها، ويجري إنماء الشعب المرجانية باستخدام مولدات طاقة كهربائية ورياح وطاقة ضوئية في العديد من أرجاء العالم، مثل تكساس وجزر فيرجينيا في الولايات المتحدة، وكولومبيا البريطانية، والمكسيك، وفنزويلا، وجامايكا وبنما، واليابان، وجزر بحيرة تورك في الكاريبي، وسيشل، والمالديف، وغيرها... ومعظم المشاريع المنفذة في هذه البلدان تعد مشاريع تجريبية، ويبلغ ارتفاع الشعب المرجانية الصناعية المقامة بموجب هذه المشاريع نحو خمسة أمتار، ويتراوح طولها من ثلاثين إلى أربعين متراً. ويمكن تطوير الشعب الصناعية التي تنتمي إلى الجيل الثالث باستخدام إشعاعات مباشرة أو غير مباشرة، يتم تحويلها بوساطة توربينات تعمل بالرياح، أو الطاقة الضوئية، أو الحرارية، أو طاقة الأمواج والتيارات المائية.أعدته للنشر على الموقع/ أمانى إسماعيل
المراجع
اراضينا
التصانيف
الثروة السمكية المصايد السمكية بحار