الجراثيم هي اصغر الكائنات التي تعيش في محيطات العالم التي تغطي ثلثي مساحة الارض وتمدها بالاكسجين وتساعدها في مكافحة ارتفاع درجة حرارة الارض.ورغم ضخامة عدد هذه الكائنات احادية الخلية الا انه لا تتوافر لنا معلومات كافية عن دورها في مجال الصحة على سطح الارض.وقد تصدى فريق من علماء البحار لهذا التحدي الهائل لتصنيف ودراسة التنوع الحيوي للجراثيم البحرية في اطار مشروع يتكلف مليار دولار على مدى عشرة اعوام ويعرف باسم "تعداد الحياة البحرية".وهو يعد أول جهد عالمي لتحديد الانواع البحرية بمشاركة مئات العلماء من اكثر من سبعين دولة.ويقود علماء من هولندا والولايات المتحدة مشروعا فرعيا تحت اسم "التعداد الدولي للجراثيم البحرية" للتعرف على الجراثيم البحرية ويهدف لتحديد ماهو معروف وغير معروف منها وما لن نعرفه ابدا عن هذه الكائنات المحيطية الدقيقة وفيروساتها.ويقول لوكاس ستال المشارك في المشروع وعالم الكائنات المجهرية بمعهد البيئة في هولندا "تتحكم الجراثيم في الدورة الكيماوية الحيوية في العالم وهي ضرورية للحياة ويتم معظمها من خلال الجراثيم البحرية. ولكن ليس لدينا فكرة عن عددها وانواعها وكيف تنتشر."وصرح ستال لرويترز "تحدث تغيرات بيئية كبيرة ولكن لا احد يعلم حقا الى اي حد ستذهب. والسبب اننا لا نعرف كيف تعمل انظمة بيئية رئيسية مثل المحيطات."واضاف "نرسل مكوك الفضاء الى القمر والمريخ ولكننا لا نعرف سوى القليل عن كوكبنا."وينسق معهد البيئة الهولندي ومعامل الاحياء البحرية الامريكي والمعهد الملكي الهولندي لابحاث البحار المشروع الذي يشارك به ايضا علماء من المانيا واسبانيا وفرنسا واليابان.وعلى مدار ما يزيد عن ثلاثة مليارات عام كانت الجراثيم وسيطا في عمليات حرجة سمحت بتطور كائنات ارقى. وتهيمن هذه الكائنات على التنوع الحيوي على سطح الارض وبصفة خاصة في المحيطات التي تمثل 90 بالمئة من الكتلة الحيوية.ويقدر العلماء ان هناك نحو مليون بكتيريا وعشرة ملايين فيروس في كل ملليلتر من مياه المحيط ومليار بكتيريا في كل جرام من المترسبات.ويقول ميتشل سوجين من معامل البيولوجيا البحرية الامريكية "تنتشر الكائنات الدقيقة في البيئة بمختلف انواعها ولها تاثير كبير على صلاحية الارض للسكنى والتنوع البيئي."وتؤثر الجراثيم البحرية على المناخ وتلعب دورا حيويا في الحفاظ على التوازن بين عنصري الاكسجين والكربون على سطح الارض.وتمتص الجراثيم ثاني اكسيد الكربون الذي ينبعث بصفة اساسية نتيجة حرق الوقود الحفري والذي يتحمل مسؤولية تفاقم ارتفاع درجة حرارة الارض مما يساعد على معادلة اثار هذه الظاهرة.وحتى الان تم التعرف على مئات فقط من انواع الجراثيم البحرية التي تمتص ثاني اكسيد الكربون ولا يعلم العلماء الى متى ستستمر العملية.كما اكتشف العلماء ان بعض الجراثيم البحرية تحد من ارتفاع درجة حرارة الارض بامتصاصها الميثان وهو غاز يساعد على ارتفاع درجة حرارة الارض ويرتفع تركيزه في الجو نتيجة النشاط البشري.كما ان الجراثيم تمد الارض بالجزء الاكبر من الاكسجين الذي نتنفسه اذ تطلق الطحالب والكائنات الدقيقة الاخرى في البحر نحو 150 مليار كيلوجرام من الاكسجين سنويا.وجرى الى حد كبير تجاهل الجراثيم البحرية رغم دورها الحيوي. ويبلغ قطرها عشر قطر شعرة الانسان.وقال ستال "نريد ان نقنع المجتمع الانساني بالالتزام بالاجابة على التساؤلات الخاصة بالجراثيم البحرية مثلما يتم تكريس جهود ضخمة لابحاث الفضاء."وتابع "عادة ما يربط الناس بين البكتيريا والامراض ولا يدركون انهم يتمتعون بالصحة فعليا بسببها."وتتعامل البكتيريا مع الفضلات داخل جسم الانسان وتنقي المياه وتحافظ على خصوبة التربة وتستخدم بعض انواع البكتيريا في تصنيع اغذية يتم تخميرها وادوية علاجية مثل الانسولين وحتى مسحوق الغسيل.ويعتقد العلماء ان الجراثيم يمكن ان تستخدم في تطوير ادوية جديدة او مصادر للوقود.وتهدف المرحلة الاولى من مشروع الجراثيم لوضع خطة لعلم الاحياء المجهرية البحرية بنهاية 2006 وتطوير اولويات بحثية وتحديد كيفية تنظيم قواعد البيانات.والى جانب تصنيف الكائنات الدقيقة المعروفة واكتشاف كائنات جديدة يريد العلماء فهم العمليات البيئية وعمليات التطور التي أدت لتنوع الجراثيم البحرية والحفاظ على هذا التنوع.ولا يشك المشرفون على المشروع في جسامة المهمة التي ياخذونها على عاتقهم والمشاكل الكثيرة التي تعترض طريقهم مثل عدم القدرة على استنبات الجراثيم في المعامل. وقال سوجين "ستقيد الموراد المالية الجهود في نهاية المطاف."وابدى ستال امله في ضمان التزام طويل الاجل من الحكومات والمنظمات الاخري لجمع مليارات الدولارات اللازمة لاتمام المهمة.وحتى الان تسلم المشروع الذي من المقرر ان يستمر حتى عام 2010 منحة 900 الف دولار من مؤسسة سلوان في نيويورك.وقال ستال "نريد مبالغ اقرب الى ما يخصص لابحاث الفضاء".واضاف "معظم الابحاث عن التنوع البيئي وانقراض الكائنات تجري على الافيال والحمار الوحشي والظبيان والاسود. اعلم انه يمكن رؤيتها في حديقة الحيوانات وانها ربما تنقرض وربما لا يستطيع احفادنا رؤيتها.""ولكنها ليست مهمة بالنسبة لعمل الانظمة البيئية للارض."
المراجع
اراضينا
التصانيف
الثروة السمكية المصايد السمكية بحار