لا خَيْلَ عِندَكَ تُهْديهَا وَلا مالُ |
فَليُسْعِدِ النُّطْقُ إنْ لم تُسعِدِ الحالُ |
وَاجْزِ الأميرَ الذي نُعْمَاهُ فَاجِئَةٌ |
بغَيرِ قَوْلٍ وَنُعْمَى النّاسِ أقْوَالُ |
فَرُبّمَا جَزَتِ الإحْسَانَ مُولِيَهُ |
خَريدَةٌ مِنْ عَذارَى الحَيّ مِكسالُ |
وَإنْ تكُنْ مُحْكَماتُ الشّكلِ تمنَعُني |
ظُهُورَ جَرْيٍ فلي فيهِنّ تَصْهالُ |
وَمَا شكَرْتُ لأنّ المَالَ فَرّحَني |
سِيّانِ عِنْديَ إكْثَارٌ وَإقْلالُ |
لَكِنْ رَأيْتُ قَبيحاً أنْ يُجَادَ لَنَا |
وَأنّنَا بِقَضَاءِ الحَقّ بُخّالُ |
فكُنْتُ مَنبِتَ رَوْضِ الحَزْنِ باكرَهُ |
غَيثٌ بِغَيرِ سِباخِ الأرْضِ هَطّالُ |
غَيْثٌ يُبَيِّنُ للنُّظّارِ مَوْقِعُهُ |
أنّ الغُيُوثَ بِمَا تَأتيهِ جُهّالُ |
لا يُدرِكُ المَجدَ إلاّ سَيّدٌ فَطِنٌ |
لِمَا يَشُقُّ عَلى السّاداتِ فَعّالُ |
لا وَارِثٌ جَهِلَتْ يُمْنَاهُ ما وَهَبَتْ |
وَلا كَسُوبٌ بغَيرِ السّيفِ سَأْآلُ |
قالَ الزّمانُ لَهُ قَوْلاً فَأفْهَمَهُ، |
إنّ الزّمَانَ على الإمْساكِ عَذّالُ |
تَدرِي القَنَاةُ إذا اهْتَزّتْ برَاحَتِهِ |
أنّ الشقيَّ بهَا خَيْلٌ وَأبْطَالُ |
كَفَاتِكٍ وَدُخُولُ الكَافِ مَنقَصَةٌ |
كالشمسِ قُلتُ وَما للشمسِ أمثَالُ |
ألقائِدِ الأُسْدَ غَذّتْهَا بَرَاثِنُهُ |
بمِثْلِهَا مِنْ عِداهُ وَهْيَ أشْبَالُ |
ألقاتِلِ السّيفَ في جِسْمِ القَتيلِ بِهِ |
وَللسّيُوفِ كمَا للنّاسِ آجَالُ |
تُغِيرُ عَنْهُ على الغارَاتِ هَيْبَتُهُ |
وَمَالُهُ بأقَاصِي الأرْضِ أهْمَالُ |
لَهُ منَ الوَحشِ ما اختارَتْ أسِنّتُهُ |
عَيرٌ وَهَيْقٌ وَخَنْسَاءٌ وَذَيّالُ |
تُمْسِي الضّيُوفُ مُشَهّاةً بِعَقْوَتِهِ |
كأنّ أوْقاتَهَا في الطّيبِ آصَالُ |
لَوِ اشْتَهَتْ لَحْمَ قارِيهَا لَبَادَرَهَا |
خَرَادِلٌ مِنهُ في الشِّيزَى وَأوْصَالُ |
لا يَعْرِفُ الرُّزْءَ في مالٍ وَلا وَلَدٍ |
إلاّ إذا حَفَزَ الضِّيفَانَ تَرْحَالُ |
يُروي صَدى الأرض من فَضْلات ما شربوا |
محْضُ اللّقاحِ وَصَافي اللّوْنِ سلسالُ |
تَقرِي صَوَارِمُهُ السّاعاتِ عَبْطَ دَمٍ |
كَأنّمَا السّاعُ نُزّالٌ وَقُفّالُ |
تَجْرِي النّفُوسُ حَوَالَيْهِ مُخَلَّطَةً |
مِنهَا عُداةٌ وَأغْنَامٌ وَآبَالُ |
لا يَحْرِمُ البُعْدُ أهْلَ البُعْدِ نائِلَهُ |
وغَيرُ عاجِزَةٍ عَنْهُ الأُطَيْفَالُ |
أمضَى الفَرِيقَينِ في أقْرَانِهِ ظُبَةً |
وَالبِيضُ هَادِيَةٌ وَالسُّمْرُ ضُلاّلُ |
يُرِيكَ مَخْبَرُهُ أضْعَافَ مَنظَرِهِ |
بَينَ الرّجالِ وَفيها المَاءُ وَالآلُ |
وَقَدْ يُلَقّبُهُ المَجْنُونَ حَاسِدُهُ |
إذا اختَلَطْنَ وَبَعضُ العقلِ عُقّالُ |
يَرْمي بهَا الجَيشَ لا بُدٌّ لَهُ وَلَهَا |
من شَقّهِ وَلوَ کنّ الجَيشَ أجبَالُ |
إذا العِدَى نَشِبَتْ فيهِمْ مَخالِبُهُ |
لم يَجْتَمِع لهُمُ حِلْمٌ وَرِئْبَالُ |
يَرُوعُهُمْ مِنْهُ دَهْرٌ صَرْفُهُ أبَداً |
مُجاهِرٌ وَصُرُوفُ الدّهرِ تَغتالُ |
أنَالَهُ الشّرَفَ الأعْلى تَقَدُّمُهُ |
فَمَا الذي بتَوَقّي مَا أتَى نَالُوا |
إذا المُلُوكُ تَحَلّتْ كانَ حِلْيَتَهُ |
مُهَنَّدٌ وَأصَمُّ الكَعْبِ عَسّالُ |
أبُو شُجاعٍ أبو الشّجعانِ قاطِبَةً |
هَوْلٌ نَمَتْهُ مِنَ الهَيجاءِ أهوَالُ |
تَمَلّكَ الحَمْدَ حتى ما لِمُفْتَخِرٍ |
في الحَمْدِ حاءٌ وَلا ميمٌ وَلا دالُ |
عَلَيْهِ مِنْهُ سَرَابيلٌ مُضَاعَفَةٌ |
وَقَدْ كَفَاهُ مِنَ الماذِيِّ سِرْبَالُ |
وَكَيْفَ أسْتُرُ ما أوْلَيْتَ من حَسَنٍ |
وَقَدْ غَمَرْتَ نَوَالاً أيّهَا النّالُ |
لَطّفْتَ رَأيَكَ في بِرّي وَتَكْرِمَتي |
إنّ الكَريمَ على العَلْياءِ يَحْتَالُ |
حتى غَدَوْتَ وَللأخْبَارِ تَجْوَالٌ |
وَللكَوَاكِبِ في كَفّيْكَ آمَالُ |
وَقَدْ أطَالَ ثَنَائي طُولُ لابِسِهِ... |
إنّ الثّنَاءَ عَلى التِّنْبَالِ تِنْبَالُ |
إنْ كنتَ تكبُرُ أنْ تَخْتَالَ في بَشَرٍ |
فإنّ قَدْرَكَ في الأقْدارِ يَخْتَالُ |
كأنّ نَفْسَكَ لا تَرْضَاكَ صَاحِبَهَا |
إلاّ وَأنْتَ على المِفضَالِ مِفضَالُ |
وَلا تَعُدُّكَ صَوّاناً لمُهْجَتِهَا |
إلاّ وَأنْتَ لهَا في الرّوْعِ بَذّالُ |
لَوْلا المَشَقّةُ سَادَ النّاسُ كُلُّهُمُ؛ |
ألجُودُ يُفْقِرُ وَالإقدامُ قَتّالُ |
وَإنّمَا يَبْلُغُ الإنْسانُ طَاقَتَهُ |
مَا كُلّ ماشِيَةٍ بالرّحْلِ شِمْلالُ |
إنّا لَفي زَمَنٍ تَرْكُ القَبيحِ بهِ |
من أكثرِ النّاسِ إحْسانٌ وَإجْمالُ |
ذِكْرُ الفتى عُمْرُهُ الثّاني وَحاجَتُهُ |
مَا قَاتَهُ وَفُضُولُ العَيشِ أشغَالُ |