هل تذكر ملامح وجهك؟

يجري الناس في حياتهم، يحاولون تحقيق كل شيء يحلمون به وهذا حقهم، لكنهم بعض الأحيان ينسون أهم ما يحتاجونه كي يحققوا كل ذلك ... وقفة !

كانت تلك المرأة تقف أمامي في المصعد، الجميع يغادر عمله مرهقاً، لكنها تميزت بتوتر وجهها أثناء نظرها لنفسها في المرآة،  مما أشعرها بأن الجميع يلاحظ توترها، فابتسمت وقالت "لا أذكر ملامح وجهي جيداً .. الحياة تشغلنا".

ليست حالتها مرض "Prosopagnosia" الشهير أو ما يعرف بعمى الوجوه، الذي يمنع الناس من إدراك الوجوه وإن شاهدوها من قبل، وليست فيديو كليب لأغنية "أنا مش عارفني" لعبد الباسط حمودة، لكنها حالة كثيرين من الذين يعتقدون بأن النجاح يتوقف فقط على الجهد والإنشغال، وينسون أهم شيء كي يكون ما يبذلونه مثمراً.

وقفة، هي ما نحتاجه عندما نضع أهدافاً، فلا نصبح مثل الفأر الذي يجري داخل عجلة لا يعرف كيف يخرج منها، فعادة ننسى ملامح وجوهنا لأننا نسابق الزمن من دون مبرر، فحتى عندما نقف أمام المرآة كل يوم نفكر بشيء آخر، فنجعل أنفسنا مثل الماكنة التي لا تغير أسلوبها إلا كما يضعون لها من برامج، لتفوتنا فرص سهلة من حولنا، بل تفوتنا إشارات مهمة كانت تكفي لتغيير مسار حياتنا.

في كتاب "من الذي حرك قطعة الجبن الخاصة بي ؟"، يرتكب القزمان "هيم" و"هاو"  خطأ فادحاً، بعدم ملاحظة التغييرات من حولهما، والاعتماد على الوضع الحالي الذي يعيشون وينشغلون فيه، فعندما يتحرك الجبن لا يكون لديهم خطة ولا تحضير، في حين أن الفأرين كانوا أكثر هدوءاً وتركيزاً، لأتهم علموا بأن هناك شيئاً ما يتغير .. والفارق بين الاثنين وقت للملاحظة.

لا أقول لك ألا تتعب، ولا أقول لك لا ترهق نفسك، بل أطالبك بان تفعل، لأن هذا يمنعك من الاستسلام في الأوقات الصعبة، لكنني أقول لك "امنح نفسك وقتاً مستقطعاً كل أسبوع"، توقف فيه عما اعتدت أن تفعله خلال أوقات عملك وجهدك، اخرج للمشي أو القراءة، كن وحيداً لفترة من الوقت، وافعل كل شيء في هذه الاستراحة ببطء، شاهد ملامح وجهك في بداية هذه الفترة، لتعلن أنها الانطلاقة، ثم افعل ذات الأمر في نهاية هذه الفترة ... لثوان قليلة،  ولا تخبر أحداً بما تفعله.

سيكون مفاجئاً لك أن مستوى إتمامك للأمور يرتفع، وسيكون إبداعك أرقى، فكل شيء ينتظم ويترتب في هذا الوقت المستقطع ... الذي هو بأهمية وقت العمل، وهو مكافأة لك على تعبك طوال الأيام السابقة.


المراجع

taamolat.com

التصانيف

تأملات   تطوير الذات   العلوم الاجتماعية