أهم حقيقة عن أفكارك المبتكرة قبل أن يسرقوها منك 

 تقوم حياة الإنسان على نموذج دقيق منضبط اتفق عليه المؤمنون والملحدون وما بينهما، فالجميع يتشارك مبدأ أن هناك معادلات وسنن للكون وللحياة، لكن الاختلاف حول مصدر هذه الثوابت.

وما زلت أذكر كلمات سمعتها قبل 10 سنوات من أحد المثقفين في عمان عاصمة الأردن "هل تعتقد أن إديسون هو من توصل لاختراعاته؟".

فأجبته "طبعا"قال لي "لا أبداً .. إنه الله، يرسل الأفكار له، لأنه يريد الحياة أن تتقدم، ويريد أن يحقق إعمار الأرض، وبالتالي كان الوقت قد حان لهذه الاختراعات، وهذا ينطبق على الجميع".

كلام قد نختلف مع بعض تفاصيله وقد تتفق معه، هذا عائد لك، لكن ما يهمني فيه قوله "الحياة لا بد أن تتقدم"، فهذه سنة الكون المستمرة منذ ملايين السنوات، فالتطور والإعمار لم يتوقفا، وكل جيل تساءل عن صعوبة الحياة في سابقه.

ويقولون إن الأخوان رايت لم يكونا أول من اخترع الطائرة، فالأمريكيان سبقهما رجل هولندي، وكان قد توصل لفكرة طائرته وصممها، لكنه خشي من ردة فعل الناس، وخشي من الفشل، فوضعها في مخزن لا تتحرك، ليعرف العالم الأخوان رايت بعدها، ولا نذكر اسم هذا الرجل رغم أنني قرأته عدة مرات، بل إن هناك اختلاف على وجوده من الأساس!في عالم تويتر والفيسبوك يظهر لنا شيء من هذا وإن كان على مستوى أقل أهمية، فغالباً عندما أشارك فكرة تتعلق بمباراة أو حدث، يقوم عدة أصدقاء بذكر أسماء أصحاب لهم شاركوا هذه الفكرة في ذات الوقت، بعضهم سبقته وبعضهم سبقني بفارق دقائق، لكن باختلاف النص على نحو يدل على أصالة فكرة كل منا، لكن الجوهر واحد.

التقيت قبل أسابيع برجل روماني مقيم في دبي، أخبرني عن مشروع فكرة كانت لديه، تعلق بإطلاق الزي التراثي في رومانيا وما حولها من دول لكن بطريقة عصرية حديثة، أكد لي أنه فكر بذلك المشروع عام 2010، لكنه تردد آنذاك خشية الخسارة المالية، والغريب أنه احتفظ بالفكرة لنفسه ولم يشارك بها أحد، لكن فكرته أطلقها شخص آخر في عام 2012، وحقق أرباحاً ونجاحات كبيرة من خلالها.

أعتقد إن القارىء فهم ماذا أريد أن أقوله له، وفهم المغزى من العنوان، فالفكرة هي نتاج عملية ذهنية تنتج عن الواقع والظروف المحيطة بنا، وبما أنك لست الوحيد الذي يعيش الواقع والظروف، ولست الوحيد الذي يملك العمليات الذهنية، فإنه من الطبيعي أن تصل أنت وغيرك في ذات الوقت إلى نفس الفكرة .. لكن هناك شخص واحد فقط سيحققها، وهذا من سيعترف العالم بأنه صاحب الفكرة.

فكرتك المبتكرة أنت سبب سرقتها، وهي سرقة شرعية، لأنهم لم يسرقوها منك، بل طبقوا فكرتهم التي هي نفس فكرتك، وبما أنني أعمل الآن في المجال الرقمي، فإنني أعاصر يومياً أشخاصاً يخبرونني عن أفكار، لنجدها بعد فترة مطبقة في دولة أخرى لم يسمعوا بها، فلم يكن صعباً على البشر إدراك أهمية "واتس آب"، لكن واحد فقط نفذه، فجنى إحدى أكبر الصفقات في التاريخ.

فكرتك ليست لديك وحدك ولو لم تخبر بها أحد، فهناك في رأس شخص آخر نفس الفكرة، ولن يعترف العالم بك ولا به كأصحاب فكرة ... حتى تنفذوها.

ولو عدنا إلى كلام صديقي قبل 10 سنوات فقد يكون على حق، فربما يرسل الله الفكرة إلى أكثر من عقل، والمجتهد ينال الجزاء في النهاية.


المراجع

taamolat.com

التصانيف

تطوير الذات   العلوم الاجتماعية   علم النّفس