اسم أبي النضير ونسبه: أبو النضير اسمه عمر بن عبد الملك، بصري، مولًى لبني جمح .

أخبرنا بذلك عمي عن ابن مهرويه عن إسحاق بن محمد النخعي عن إسحاق بن خلفٍ الشاعر قال: قلت لأبي النضير بن أبي الياس: لمن أنت ؟ فقال: لبني جمح .

هو شاعر بصري انقطع إلى البرامكة فأغنوه: وذكر أبو يحيى اللاحقي أن اسمه الفضل بن عبد الملك. شاعر من شعراء البصريين، صالح المذهب، ليس من المعدودين المتقدمين ولا من المولدين الساقطين. وكان يغني بالبصرة على جوارٍ له مولدات، ويظهر الخلاعة والمجون والفسق، ويعاشر جماعةً ممن يعرف بذلك الشأن. وكان أبان اللاحقي يعاشره ثم تصارما، وهجاه وهجا جواريه وافترقا على قلىً، ثم انقطع إلى البرامكة فأغنوه إلى أن مات .

قال إسحاق الموصلي إنه أظرف الناس: أخبرنا ابن أبي الأزهر عن حماد بن إسحاق قال سمعت أبي يقول: لو قيل لي من أظرف من رأيته قط أو عاشرته، لقلت: أبو النضير .

دخل على الفضل بن يحيى فهنأه بمولود ارتجالاً: أخبرني عيسى الوراق عن الفضل اليزيدي عن إسحاق، وأخبرني محمد بن مزيدٍ عن حماد عن أبيه قال: ولد للفضل بن يحيى مولود، فوفد عليه أبو النضير ولم يكن عرف الخبر فيعد له تهنئةً، فلما مثل بين يديه ورأى الناس يهنئونه نثراً ونظماً قال ارتجالاً:

ويفرح بالمولود مـن آل بـرمـكٍ

 

بغاة الندى والسيف والرمح والنصل

وتنبسط الآمال فـيه لـفـضـلـه

 

..............................

ثم ارتج عليه فلم يدر ما يقول. فقال الفضل يلقنه:

ولا سيما إن كان من ولد الفضل

فاستحسن الناس بديهة الفضل في هذا، وأمر لأبي النضير بصلةٍ .

نقد الفضل بن يحيى شعراً له في مدحهم فأجابه: وأخبرني حبيب بن نصرٍ عن هارون بن محمد بن عبد الملك الزيات قال حدثني بعض الموالي قال: حضرت الفضل بن يحيى وقد قال لأبي النضير: يا أبا النضير أنت القائل فيا:

إذا كنت من بغداد في رأس فرسخ

 

وجدت نسيم الجود من آل برمك

لقد ضيقت علينا جداً. قال: أفلأجل ذلك أيها الأمير ضاقت علي صلتك وضاقت عني مكافأتك وأنا الذي أقول:

تشاغل الناس ببـنـيانـهـم

 

والفضل في بنيانه جـاهـد

كل ذوي الفضل وأهل النهى

 

للفضل في تدبيره حـامـد

وعلى ذلك فما قلت البيت الأول كما بلغ الأمير، وإنما قلت:

إذا كنت من بغداد منقطع الثرى

 

وجدت نسيم الجود من آل برمك

فقال الفضل: إنما أخرت عنك لأمازحك، وأمر له بثلاثين ألف درهمٍ .

كتب إلى عنان وكان يهواها فأجابته: أخبرني ابن عمارٍ عن أبي إسحاق الطلحي عن أبي سهيلٍ قال: كان أبو النضير يهوى عنان جارية الناطفي، وكتب إليها: كتب أبو النضير إلى عمي حمدان بن أبان، وكان له صديقاً، يشكو إليه عمر بن يحيى الزيادي وكان عربد عليه وشتمه:

أقر حمدان سـلام ال

 

له من فضلٍ وقل له

يا فتًى لست بحمـد ال

 

له أخشى أن أمـلـه

ذاك أن اللـه قـد أن

 

هله الظرف وعلـه

وذرا بـيت رقــاشٍ

 

وعلاها قـد أحـلـه

إن شتم السفلة الكـش

 

خان ذي القرنين ضله

ولو أن القلب هاجـى

 

عمراً يوماً لـغـلـه

ذاك أن اللـه قـد أخ

 

زى ابن يحيى وأذلـه

من يهاجي رجلاً يس

 

توعب الجردان كلـه

ما يســـيل الأير إلا

 

أدخـل الأير وبـلـه

وإذا عــــاين أيراً

 

وافي الفيشة غـلـه

هذه قـصة مـن قـد

 

جعل المردان شغلـه

أنشد الفضل بن الربيع شعراً في امرأة تزوجها وطلقها: حدثني عمي عن أبي العيناء عن أبي النضير قال: دخلت على الفضل بن الربيع فقال: هل أحدثت بعدي شيئاً؟ قلت: نعم، قلت أبياتاً في امرأةٍ تزوجتها وطلقتها لغير علةٍ إلا بغضي لها، وإنها لبيضاء بضة، كأنها سبيكة فضةٍ. فقال لي: وما قلت فيها؟ فقلت قلت:

رحلت سكينة بالطـلاق

 

فأرحت من غل الوثاق

رحلت فلم تألـم لـهـا

 

نفسي ولم تدمع مآقـي

لو لم تبن بطـلاقـهـا

 

لأبنت نفسي بـالإبـاق

وشفاء ما لا تشتـهـي

 

ه تالنفس تعجيل الفراق

فقال: يا غلام، الدواة والقرطاس، فأتي بهما، فأمرني فكتبت له الأبيات، ثم قلت له: أنت والله تبغض بنت أبي العباس الطوسي. فقال: اسكت أخزاك الله! ثم ما لبث أن طلقها .
صوت:

ما بال عينك جائلاً أقذاؤهـا

 

شرقت بعبرتها وطال بكاؤها

ذكرت عشيرتها وفرقة بينها

 

فطوت لذلك غلة أحشاؤهـا

الشعر لعبد الله بن عمر العبلي. والغناء لأبي سعيدٍ مولى فائدٍ، رمل مطلق في مجرى الوسطى عن ابن المكي، وذكره إسحاق في هذه الطريقة ولم ينسبه إلى أحدٍ، وقيل: إنه من منحول يحيى إلى أبي سعيدٍ .

إن لي حاجةً فرأيك فـيهـا

 

لك نفسي الفدا من الأوصاب

وهي ليست مما يبلغه غـي

 

ري ولا أستطيعه بكـتـاب

غير أني أقولها حين ألـقـا

 

ك رويداً أسرها من ثيابـي

فأجابته وقالت:

أنا مشغولة بمن لسـت أهـوا

 

ه وقلبي من دونه في حجاب

فإذا فيها ما أردت أمراً فأسرر

 

ه ولا تجعلنه فـي كـتـاب

قال: قال أبو النضير فيها: شعر له في عنان: صوت:

أنا والـلـه أهـواك

وأهواك وأهـواك

وأهوى قبلةً منـك

على برد ثـنـاياك

وأهوى لك ما أهوى

لنفسي وكفـى ذاك

فهل ينفعـنـي ذل

ك يوماً حين ألقاك

أنا واللـه أهـواك

وما يشعر مولاك

فإياك بـأن يعـل

م إياك وإياك

           

فيه لعلى بن المارقي رمل بالبنصر عن الهشامي .
طلبت منه مكتومة المغنية صوتاً كان يغنيه فمازحها: حدثنا ابن عمار عن الطلحي عن أبي سهيلٍ قال: كان أبو النضير يغني غناءً صالحاً، فغنى ذات يومٍ صوتاً كان استفاده ببغداد. فقالت له قينة كانت ببغداد يقال لها مكتومة: اطرح علي هذا الصوت يا أبا النضير. فقال: لا تطيب نفسي به محابياً، ولكني أبيعك إياه. قالت: بكم؟ قال: برأس ماله. قالت: وما رأس ماله؟ قال: ناكني فيه الذي أخذته منه. فغطت وجهها وقالت: عليك وعلى هذا الصوت الدمار .

شعر له في مدح أبي جعفر عبد الله بن هشام: أخبرني ابن عمار الطلحي عن أبي سهيل قال: قال أبو النضير، وفيه غناء لإبراهيم: صوت:

أيصحو فؤادك أم يطـرب

 

وكيف وقد شحطت زينب

جرى الناس قبل أبي جعفرٍ

 

زماناً فلم يدر من غلبـوا

فلما جرى بأبي جعـفـر

 

بنو تغلبٍ سبقت تغـلـب

قال أبو سهيلٍ: وأبو جعفرٍ الذي عناه أبو النضير هو عبد الله بن هشام بن عمرو التغلبي الذي يذكره العتابي في شعره ورسائله، وكان جواداً سخياً. وكان ابن هشامٍ ولي السند، وفيه يقول أبو النضير:

ألا أيها الغيث الذي سح وبله

 

كأنك تحكي راحة ابن هشام

كأنك تحكيها لـكـن جـوده

 

يدوم وقد تأتي بـغـير دوام

وفيك جهام ربما كان مخلفاً

 

وراحته تغدو بغير جـهـام

كان يرى أن الغناء على تقطيع العروض: أخبرني ابن عمار عن الطلحي وعن أبي سهيلٍ قال: كان أبو النضير يزعم أن الغناء على تقطيع العروض، ويقول: هكذا كان الذين مضوا يقولون، وكان مستهزئاً بالغناء حتى تعاطى أن يغني، وكان إبراهيم الموصلي يخالفه في ذلك ويقول: العروض محدث، والغناء قبله بزمانٍ. فقال إسحاق بن إبراهيم ينصر أباه:

سكت عن الغناء فلا أماري

 

بصيراً لا ولا غير البصير

مخافةً أن أجنن فيه نفسـي

 

كما قد جن فيه أبو النضير

قاطعه أبان اللاحقي وقال شعراً يهجوه: أخبرني الحسن بن علي عن ابن مهروية قال حدثني أبو طلحة الخزاعي عن اللاحقي قال: كان جدي أبان يشرب مع إخوانٍ له على شاطيء دجلة بعد مصارمته أبا النضير، وكان القوم أصدقاء له ولأبي النضير، فذكروه. فقال جدي: إن حضر انصرفت. فقال جدي فيه:

رب يومٍ بـــشـــط دجـــلة لــــــذٍ

 

ولـيالٍ نـعـمـــت فـــيهـــا لـــذاذ

غيبة لـم تـطـــل عـــلـــي ومـــاذا

 

خير قـرب الـمـطـرمــذ الـــمـــلاذ

ترك الأشـربـــات لـــيس بـــعـــاطٍ

 

لرسـاطـونـــهـــا ولا الـــراقـــياذ

وحـكـى الأحـمـق الـــذي لـــيس يدري

 

أن خـير الـشـراب هـــذا الـــلـــذاذ

ضل رأي أراه ذاك كما ضل غواة لاذوا بشر ملاذ

 

 

أنت أعمى فيما ادعيت كما لس

 

ت لـصـوغ الـلـحـان بــالأســـتـــاذ

كان ذنـبـاً أتـوب مـنـــه إلـــى الـــل

 

ه اخـتـياريك صـاحـبــاً واتـــخـــاذي

إن لـلـه صـوم شـهـــرين شـــكـــراً

 

أن قـضـى مـنـك عـاجـلاً إنــقـــاذي

لا لـــدينٍ ولا لــــدنـــــــيا ولا يص

 

لح فـي عـلـم مـا ادعـى بــنـــفـــاذ

كتب إلى حماد عجرد يسأله عن حاله في الشراب فأجابه: حدثني ابن عمار عن الطلحي عن أبي سهيل قال: كتب أبو النضير إلى حماد عجردٍ يسأل عن حاله في الشراب وشربه إياه ومن يعاشر عليه. فكتب إليه حماد:

أبا النضير اسمع كلامـي ولا

 

تجعل سوى الإنصاف من بالكا

سألت عن حالي، وما حال من

 

لم يلق إلا عابـداً نـاسـكـا

يظهر لي ذا فمتى يفـتـرض

 

شيئاً تجـده عـادياً فـاتـكـا

يعني حريث بن عمرو. وكان حماد نزل عليه، وكان حريث هذا مشهوراً بالزندقة، وكذلك حماد هذا كان مشهوراً به، فنزل عليه لذلك .

كتب إلى حمدان اللاحقي يشكو إليه عمر بن يحيى ويهجوه: أخبرني الحسن بن علي عن ابن مهروية عن أبي طلحة الخزاعي عن أبي يحيى اللاحقي قال:  كتب أبو النضير إلى عمي حمدان بن أبان، وكان له صديقاً، يشكو إليه عمر بن يحيى الزيادي وكان عربد عليه وشتمه:

أقر حمدان سـلام ال

 

له من فضلٍ وقل له

يا فتًى لست بحمـد ال

 

له أخشى أن أمـلـه

ذاك أن اللـه قـد أن

 

هله الظرف وعلـه

وذرا بـيت رقــاشٍ

 

وعلاها قـد أحـلـه

إن شتم السفلة الكـش

 

خان ذي القرنين ضله

ولو أن القلب هاجـى

 

عمراً يوماً لـغـلـه

ذاك أن اللـه قـد أخ

 

زى ابن يحيى وأذلـه

من يهاجي رجلاً يس

 

توعب الجردان كلـه

ما يســـيل الأير إلا

 

أدخـل الأير وبـلـه

وإذا عــــاين أيراً

 

وافي الفيشة غـلـه

هذه قـصة مـن قـد

 

جعل المردان شغلـه

أنشد الفضل بن الربيع شعراً في امرأة تزوجها وطلقها: حدثني عمي عن أبي العيناء عن أبي النضير قال: دخلت على الفضل بن الربيع فقال: هل أحدثت بعدي شيئاً؟ قلت: نعم، قلت أبياتاً في امرأةٍ تزوجتها وطلقتها لغير علةٍ إلا بغضي لها، وإنها لبيضاء بضة، كأنها سبيكة فضةٍ. فقال لي: وما قلت فيها؟ فقلت قلت:

رحلت سكينة بالطـلاق

 

فأرحت من غل الوثاق

رحلت فلم تألـم لـهـا

 

نفسي ولم تدمع مآقـي

لو لم تبن بطـلاقـهـا

 

لأبنت نفسي بـالإبـاق

وشفاء ما لا تشتـهـي

 

ه تالنفس تعجيل الفراق

فقال: يا غلام، الدواة والقرطاس، فأتي بهما، فأمرني فكتبت له الأبيات، ثم قلت له: أنت والله تبغض بنت أبي العباس الطوسي. فقال: اسكت أخزاك الله! ثم ما لبث أن طلقها .
صوت:

ما بال عينك جائلاً أقذاؤهـا

 

شرقت بعبرتها وطال بكاؤها

ذكرت عشيرتها وفرقة بينها

 

فطوت لذلك غلة أحشاؤهـا

الشعر لعبد الله بن عمر العبلي. والغناء لأبي سعيدٍ مولى فائدٍ، رمل مطلق في مجرى الوسطى عن ابن المكي، وذكره إسحاق في هذه الطريقة ولم ينسبه إلى أحدٍ، وقيل: إنه من منحول يحيى إلى أبي سعيدٍ .


المراجع

al-hakawati.net

التصانيف

فنون   ثقافة وحضارات