اكتشف العلماء محيطا جديدا يمكن أن يضاف إلى المحيطات المعروفة التي يتعين على أطفال المدارس أن يتذكروها في درس الجغرافية. ويقع المحيط الجديد الذي سمي المحيط الانسيلادني في مكان مثير ، ولكن من المستبعد أن تتسنى زيارته في المستقبل القريب فهو يقع في انسيلادس احد أقمار زحل المعروف منها حتى الآن 66 قمرا. وفي حين أن القمر انسيلادس معروف منذ اكتشافه عام 1789 فان محيطه الذي اكتشفته المركبة الفضائية كاسيني يتسم بمغزى علمي قد يكون بالغ الأهمية.
وكان القمر انسيلادس يختلف من البداية عن أقمار زحل الأخرى ببريقه الساطع نتيجة ما يعكسه من ضوء الشمس. ففي حين أن قمرنا لا يعكس إلا 12 في المئة حين يكون بدرا في سماء صافية نظرا للغبار الرمادي الذي يغطي سطحه فان انسيلادس يكاد يكون مرآة يعكس نحو 100 في المئة من الضوء الساقط على سطحه ويرجح ان مثل هذه النسبة العالية تعني أن سطح انسيلادس مكسو ببلورات جليدية ، والأكثر من ذلك ان هذه البلورات تتجدد بانتظام. وحين وصلت المسبارات فويجر إلى انسيلادس عام 1982 وجدت أن هذا القمر مكسو حقا بالجليد ويعاد على الدوام تبليطه بطبقة من الجليد. وان وديانا واحواضا شاسعة ترفد بثلوج كونية جديدة ناصعة البياض ، وفوهات براكينه مقطوعة نصفين كاملين نصف يبقى مرئيا والآخر مغطى.
واللافت ان انسيلادس يدور حول الكوكب زحل في الحلقة الأعرض من حلقاته ويوجد وراء القمر نتوء مرئي في الحلقة ناجم عما تنفثه البراكين الجليدية بحيث يرافق انسيلادس كالدخان المبعث من سفينة بخارية وهذه الظاهرة هي المسؤولة عن تبليط سطح انسيلادس بالجليد على نحو منتظم وفي عام 2008 أكدت المركبة الفضائية كاسيني ان ما تنفثه البراكين هو ماء اعتيادي مشبع بثاني اوكسيد الكاربون وأول اوكسيد الكاربون واملاح البوتاسيوم ومواد عضوية أخرى.وان الضخ المدي أو ضغط الجاذبية من زحل وقمريه تثيس وديون ، يبقي عمق انسيلادس دافئا ومكامنه المائية سائلة والبراكين ثائرة.
وكان السؤال الكبير الذي لم يكف العلماء عن طرحه هو كمية هذا الماء ، أهو بحيرة أم بحر أم محيط وكلما زادت الكمية وزاد دورانه وتموجه زادت احتمالات نشوء حياة فيه والإجابة عن هذا السؤال جاءت أخيرا بفضل المركبة الفضائية كاسيني التي صورت شقوقا يسميها العلماء خطوط جلد النمر في الجليد الذي يغطي سطح انسيلادس ونقلت مجلة تايم عن الباحثة لندا سبيكلر من وكالة الفضاء الأميركية أن مهمة المركبة كاسيني المستمرة منذ ما يربو على سبع سنوات أظهرت ما تنطوي عليه منظومة زحل من ديناميكية ومفاجآت. فالصور الجديدة كشفت أن الشقوق تتسع وتضيق وأنها تفعل ذلك أكثر مما كان يعتقد العلماء.
ويعني هذا أن زحل يضغط على قمره انسيلادس بحيث يسبب تشوهات في شكله وان هذا يشير الى كمية الماء الموجود فيه فالعالم المائي عالم مرن ولكي يكون انسيلادس مطاطيا لا بد أن يحوي محيطا كبيرا وان أجزاء من هذا المحيط قد لا تكون دافئة فقط بل وساخنة أيضا وانسيلادس ليس القمر الوحيد في المنظومة الشمسية الذي يحمل مثل هذه السمة فان يوروبا ، قمر المشتري ، أيضا يضم محيطا خاصا به.ولعل وجود مواد عضوية زائد الدفء والزمن أكثر من كاف لإطلاق عملية بيولوجية تسفر عن نشوء حياة والاكتشاف الجديد يزيد مثل هذا الاحتمال.
المراجع
elaph.com
التصانيف
الارض والفضاء بيئة كواكب العلوم البحتة