من العبث إمعان التفكير فيما إذا كان من محاسن الصدف أم من مقابحها أن شهر أغسطس -الذي يحتفي العالم فيه سنويًّا بـ اليوم الدولي لمناهضة التجارب النووية- بدأ أسبوعه الأول العام الجاري بانفجار نووي مفاجئ وغامض في روسيا. لكن إن صرفنا النظر عن كون المصادفة قائمةً وتطرح أسئلةً مُلحَّة عن احتمال عودة بعض الدول العظمى الحائزة على سلاح نووي عن التزاماتها بوقف التجارب النووية، ونقاطًا ساخنة لم تُحسم بعدُ في قضية التسلح النووي بشكل عام، فستبدو [المصادفة] فرصةً جيدة لاستكشاف عمل المكون العلمي والتقني الذي رافق عمل منظمة معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية منذ إنشائها في 2007 - كجزء من الجهود العالمية- لكفالة تنفيذ فعال للمعاهدة المعتمدة في عام 1996، والمساعدة في تأمين عالمٍ خالٍ من الأسلحة النووية.
إن معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية -التي وُضعت كواحدة من الدعامات الأساسية في النظام الدولي لمراقبة التسلُّح النووي والحد من انتشاره- من شأنها أن تعكس الاتجاه الفتاك لسباق التسلُّح النووي، الذي قام على التطور العلمي لتعزيز القوة العسكرية، دون اهتمام بالتهديدات المدمرة للقوة النووية، وتداعياتها الكارثية على بقاء الإنسان، والبيئة، والأمن الغذائي، وصحة الأجيال الحالية والمقبلة، والتنمية والاقتصاد العالميين.
ولكي تتمتع المعاهدة بالفاعلية اللازمة للتقيد بها، كان لا بد من الاعتماد -أيضًا- على العلم اعتمادًا عضويًّا، صار معه المكوِّن العلمي والتقني الذي يمثله نظام التحقق النشاط الرئيسي لمنظمة المعاهدة. ألم يكن العلم "أصل الداء" في معضلة التسلح النووي وتطوره المتواصل منذ انطلق بسرية في الأربعينيات بالولايات المتحدة؟
كذلك فإنه الدواءُ لحل المعضلة والحد منها. وهذا ما يفسر لماذا أن المسلسل السياسي -رغم العقبات المتجلية على وجه خاص في عدم سريانها بعد ما يزيد على عقدين من اعتمادها- لم ينفصل عن مسلسل "تعزيز قدرات نظام المعاهدة المتعلق بالتحقق وبناء نظام رصد دولي متكامل". إنه يمثل شرطًا موجبًا لسريان معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية؛ لأنه المسؤول عن الكشف عن الزلازل والتفجيرات ذات المنشأ البشري، أي التفجيرات النووية، أيًّا كانت بيئتها (جوية أو في الماء أو في جوف الأرض). وذلك بتوفير الأدلة عليها للدول الأطراف في المعاهدة المُلزمة (وفق المادة الأولى) بعدم إجراء أي تفجير نووي مهما كان الغرض منه، وبحظر ومنع الدول لأي تفجير نووي في أي مكان يخضع لولايتها أو سيطرتها، والامتناع عن التسبُّب في إجراء أي تفجير نووي أو التشجيع عليه أو المشاركة فيه.
المراجع
scientificamerican.com
التصانيف
الارض والفضاء بيئة بعثات فضائية العلوم البحتة