تستكشف أقمار صناعية أعماق الأرض

لولا المجال المغناطيسي للأرض لكان البشر انقرضوا بسبب تعرضهم للأشعة الكونية  ولأصبحت الحياة على الأرض مستحيلة ، لذا تعتزم وكالة الفضاء الأوروبية دراسة الحقل المغناطيسي للأرض بشكل أكثر دقة ، من خلال ثلاثة أقمار صناعية اسمها السرب وقد تم إنتاج الأقمار الصناعية في ألمانيا، وتتم التجارب الأخيرة عليها حاليا تمهيدا لنقلها إلى روسيا ، حيث ستـطلق إلى الفضاء في شهر يوليو 2012 وخلال حركة الأقمار الصناعية في مداراتها المختلفة حول الأرض ،  ستقوم بملاحظة المجال المغناطيسي الأرضي وقياس شدته ، وسترسل قياساتها من الفضاء إلى العلماء على الأرض.

وتحتوي هذه القياسات المغناطيسية على معلومات حول العمليات المغناطيسية التي تدور داخل باطن الأرض المنصهِر وفي طبقاتها وعلى قشرتها كما يقول نيلس أولسِن من مركز الفضاء الدانمركي ، الذي يشارك في التخطيط لعمل الأقمار الصناعية ، التي سيصل ارتفاع مداراتها إلى عُلوّ 530 كيلومترا فوق الأرض لا يمكن مشاهدة أو سماع المجال المغناطيسي لكوكب الأرض، كما لا يمكن الإحساس به، ولكن  لولا المجال المغناطيسي للأرض لكان انقرضَ البشر بسبب تعرضهم للأشعة الكونية ،  كما يقول ألبرت تسوغلاوَر، مدير المشاريع في شركة أستِريوم بمدينة فريدريشهافِن جنوب ألمانيا.

فالمجال المغناطيسي الأرضي هو درع غير مرئي يقوم بحَرْف الجسيمات المشحونة بالطاقة الآتية من الشمس ومن الفضاء الخارجي البعيد. ولكن لماذا يتم إجراء قياسات مغناطيسية لأعماق الأرض ويتم قياس مغناطيسية أعماق الأرض لأن المجال المغناطيسي الأرضي ينشأ عن حركة المواد السائلة والحِمَم المنصهرة في باطن الأرض وقد أظهرت قياسات الأقمار الصناعية أن قوة الحقل المغناطيسي الأرضي قد انخفض خلال الـ 150 سنة الماضية باستمرار كما أن الباحثين يعرفون أن القطبَيْن المغناطيسيين للأرض ينزاحان عن مكانيهما ويغيران اتجاهيهما إلى أن ينعكسا تماماً كل نصف مليون سنة، ولذلك تبرز ضرورة معرفة ما يطرأ من تغيُّرات على الكرة الأرضية خلال تغير اتجاهَيْ قطبيها المغناطيسيين.

لذا، ستقوم الأقمار الصناعية الثلاثة، بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ البحث العلمي، ببحث الحقل المغناطيسي للأرض ودراسة تطوره واستقصاء الخصائص المغناطيسية للمناطق المختلفة الحساسة مغناطيسيا في القشرة الأرضية ، وقياس التأثيرات الطفيفة الناجمة عن الأمواج الكبيرة للبحار والمحيطات على المجال المغناطيسي الأرضي ومن الظواهر المحيرة بهذا الشأن هو تأثير الجسيمات المشحونة ، الآتية بشكل مستمر من الفضاء، على المجال المغناطيسي للأرض .فالشمس مثلا ترسل بشكل متواصل جسيمات ضعيفة الشحنة أحيانا وقوية الشحنة في أحيان أخرى باتجاه الأرض، ويتسبب ذلك في تغيير حقل الأرض المغناطيسي.

ويكفي قمر صناعي واحد لجمع المعلومات حول ذلك، لكن رغم ذلك ستقوم ثلاثة أقمار صناعية بهذه المهمة، كما يقول العالِم أولسن ، ويتابع من المدهش أن تقوم هذه الأقمار الصناعية الصغيرة بتزويدنا بكل هذه المعرفة عن الأرض والشمس ويبلغ وزن كل قمر من هذه الأقمار الصناعية 500 كيلوغرام وطول كل منها 9 أمتار، وهي مزودة بأجهزة قياس عالية الدقة والتقنية لقياس المجال المغناطيسي للأرض وقد تم تثبيت هذه الأجهزة في طرف ذراع متصلة بهيكل القمر الصناعي الرفيع.طول هذه الذارع 4 أمتار.

وستكون الذراع في البداية مضمومة على هيكل القمر الصناعي عند إطلاقه إلى الفضاء وستنفرج الذراع تلقائيا عند وصول القمر الصناعي إلى الفضاء، بحيث يبدو شكل القمر الصناعي مثل آلة الغيتار الموسيقية وهو يسبح في الفضاء وتمت صناعة أجزاء القمر الصناعي من الكربون العازل ، كي لا تؤثر المجالات الكهرومغناطيسية الصادرة عن الأجهزة الكهربائية الداخلية للقمر الصناعي على عمليات قياس المجال المغناطيسي للأرض. وتبلغ تكلفة كل قمر صناعي 90 مليون يورو.


المراجع

dw.com

التصانيف

الارض والفضاء  بيئة  أبحاث علمية