الأخطار البيئية الطبيعية Natural Environmental Hazards :

نتحدث تحت هذا العنوان عن مجموعة من الظواهر الطبيعية التي لها دور في التأثير على البيئة و خاصة البيئة البشرية Man Made Environment . هذه الظواهر لا دخل للبشر عموما في حدوثها . فهي تحدث من تلقاء أنفسها تبعا لنواميس الطبيعة الموروثة في الأرض و الكون .

أخطار الزلازل Earthquake Hazards

حظيت الزلازل باهتمام بني البشر لهول ما توقعه بهم وبممتلكاتهم من خسائر فادحة . ولعل عناصر المفاجأة والغموض والعنف التي تميز الزلازل هي السر وراء هذا الاهتمام . فبلد كالصين مثلا خسر في القرون الخمسة الماضية ما يزيد عن مليون إنسان . ولم تنج منطقتنا هي الأخرى ، كبقية مناطق العالم ، من الزلازل . وأصابها من جراء ذلك الكثير من الخسائر . فما هو الزلزال ؟ وما هي آلية حدوثه ؟ وما هي الأخطار والأضرار التي تواكبه ؟ وهل يمكن التنبؤ به والتقليل من أضراره ؟ هذا ما سنحاول الإجابة عليه في هذا العنوان .

  • الزلزال : ماهيته و آليته و مكان حدوثه

الزلزال هو اهتزاز للأرض ناجم عن التحرر المفاجئ للطاقة . و السؤال المطروح هنا ، ما هي الميكانيكية التي تؤدي إلى حدوث الزلزال ؟ و لتوضيح ذلك نورد ما يلي : تتعرض صخور الأرض إلى إجهادات ( أي ضغوط في اتجاهات معينة ) مع مرور الوقت . و يقاوم الصخر عادة مثل هذا الإجهاد عن طريق تخزين الضغط الواقع عليه على شكل طاقة كامنة . و في حالة زيادة الإجهاد بحيث يتم تخطي حدود مرونة الصخر Elasticity Limit ينكسر الصخر فتتحرر الطاقة الكامنة و تنبعث على شكل موجات مسببة اهتزاز صخور الأرض . تسمى النقطة التي بدأ فيها التكسر في باطن الأرض " بؤرة الزلزال " . أما " مركز الزلزال " فهو يمثل أقرب نقطة على سطح الأرض من البؤرة لقد لوحظ أن توزيع الزلازل ليس عشوائيا على سطح الأرض . و إنما تحصل الغالبية العظمى منها على خطوط معينة أو ضمن مناطق يمكن تقريبها بخطوط إذا ما نظرنا إلى خريطة العالم الزلزالية على المقياس المناسب . نستنتج من ذلك أن الزلازل ( و إلى حد ما البراكين ) تتركز على حدود الصفائح . و بالتالي فإن أكثر المناطق المعرضة لأخطار الزلازل في العالم هي المناطق المحاذية لحدود الصفائح .

يعتمد احتمال تعرض منطقة لحدوث الزلازل المدمرة على عدة عوامل أهمها :

  1. السرعة النسبية لحركات الصفائح المتجاورة .
  2. نوع العلاقة بين حركتي الصفيحتين المتجاورتين . فقد تتقارب الصفيحتان مما يؤدي إلى تصادمهما . و قد تتباعدان . و قد تكون العلاقة مجرد انزلاق صفيحة بمحاذاة الأخرى دونما تصادم أو تباعد . ففي حالة التصادم تخضع هذه المناطق لأعنف أنواع الزلازل ( قد تتعدى حتى 8 درجات على مقياس رختر ) . ثم إن فترة تكرارها تكون متقاربة ( من بضع سنوات إلى بضع عشرات من السنوات ) كاليابان و تايوان و إندونيسيا و تشيلي وإيران و معظم أطراف المحيط الهادي . أما في علاقة التباعد فمثالها البحر الأحمر أو أواسط المحيط الأطلسي . و نلاحظ هنا اعتدالا نسبيا لأعداد الزلازل و مقاديرها . أما الصدع الأردني فهو يشكل حدود صفائح من النوع الثالث ، حيث تنزلق الصفيحة العربية المكونة من معظم بلاد المشرق العربي نحو الشمال نسبة إلى صفيحة سيناء ـ فلسطين . تتميز حدود الصفائح من النوع الثاني و إلى حد ما النوع الثالث المشابهة للصدع الأردني بأنه من النادر نسبيا أن تحصل عليها زلازل تتعدى في مقدارها الدرجة 7 . وإن حصلت فتكون متباعدة ( من بضع عشرات إلى بضع مئات أو ألوف السنين ) . و قد يكون مثل هذه الزلازل مدمرا إن توفرت الظروف المناسبة للتدمير كالقرب من المناطق المأهولة بالسكان أو عدم ارتقاء نوعية البناء إلى الحد المناسب لمقاومة أفعال الزلازل من تلك الفئة . إلا أن السمة العامة لتدمير هذه الزلازل تبقى الاعتدال النسبي مقارنة ببعض ما يحصل على حدود الصفائح المتقاربة .

ماذا يحدث عند حصول الزلزال ؟

تختلف الزلازل في خاصيتين هامتين هما قوة الزلزال أو مقداره Magnitude و شدة الزلزال Intensity . فقوة الزلزال تشير إلى كمية الطاقة المتحررة منه . و لحساب القوة الزلزالية يستخدم مقياس رختر . و هو مقياس مفتوح من الناحية النظرية إذ يمكن أن يعبر من خلاله عن أي كم من الطاقة الزلزالية . و لتوضيح الفكرة فقد ف ج ر جبل دفعة واحدة باستخدام 11 ألف طن من المتفجرات فنتجت هزة بمقدار 3 . 4 درجة على مقياس رختر . وقد بلغت قوة أكبر زلزال سجل فعليا خلال القرن الماضي 8 . 6 . و هو زلزال حصل في تشيلي عام 1960 و هو مسؤول لوحده عن ربع كمية الطاقة الزلزالية المفرغة على الأرض خلال القرن المنصرم . و من خصائص هذا المقياس أن طاقة زلزال ذي رقم معين تساوي 30 مرة طاقة الزلزال ذي الرقم الأدنى منه . فزلزال 6 أقوى 30 مرة من زلزال 5 و زلزال 7 أقوى 30 × 30 مرة من زلزال قوته 5 على مقياس رختر . و عليه فإن زلزالا واحدا قوته 8 درجات يعادل زهاء ألف زلزال مقدار كل منها 6 درجات .

أما شدة الزلزال فتعبر عن كمية الدمار الذي يخلفه الزلزال . و تقاس الشدة بمقاييس و صفية أشهرها مقياس ميركالي . و تتدرج هذه المقاييس من درجة واحدة إلى اثنتي عشرة درجة . يبدأ الإحساس الإنساني الموثوق بالاهتزاز الزلزالي بالدرجة الثالثة . و يفقد الإنسان قدرته على حفظ توازنه إذا ما بلغت الشدة الدرجة السابعة . و يبدأ الدمار الفعلي في المنشآت المختلفة بنسب متفاوتة مع الدرجات الثامنة و التاسعة . و تتميز الدرجتان الحادية عشرة و الثانية عشرة بحالة الدمار التام للمنشآت في موقع معين .

الأمواج الزلزالية

لبيان كيفية حدوث الاهتزاز لا بد من التعرف على طبيعة الأمواج التي تسببه . حيث يصدر عن الزلازل عدة أنواع من الأمواج نذكر أهمها .

  • الموجات الأولية P Waves

أول الموجات الزلزالية وصولا لمحطة رصد الزلازل و بالتالي فهي أسرع الموجات حيث يبلغ معدل سرعتها في الصخور ستة كيلو مترات في الثانية . ( Vp = 6km / s ) و تسمى بالأمواج التضاغطية . و تنتقل على حد سواء في الصخور الصلبة و في الموائع ( بما فيها السوائل والغازات ) و تتحول في الهواء إلى موجة صوت سرعتها 0 . 340 km / s .

  • الموجات الثانوية S Waves

تصل بشكل عام بعد الموجة الأولية و ترتبط سرعتها Vs بسرعة الموجة الأولية بشكل عام بالعلاقة التقريبية Vp = 1 . 73 Vs و تدعى بأمواج القص . و هي تتميز بانتقالها في الصخور الصلبة فقط و لا تنتقل في السوائل و الهواء .

  • الأمواج السطحية Surface Waves

تصل بشكل عام بعد وصول الأمواج الثانوية و تنتقل بالقرب من سطح الأرض حيث تتلاشى بسرعة في الأعماق و تتميز بقدرتها التدميرية الكبيرة و منها موجات رالي ولف .
تتعرض المواقع بشكل عام لخليط من جميع ما سبق وصفه من أمواج زلزالية إضافة إلى الأمواج الناتجة عن انعكاس و انكسار و تشتت كل من تلك الأمواج نتيجة ارتطامها بالسطوح الفاصلة ما بين الطبقات و الحدود الجيولوجية المختلفة . و يؤدي هذا إلى تشوهات كبيرة تصل حد الانهيار الكامل أحيانا و بما يتناسب مع كم الطاقة الزلزالية و موقع الزلزال نسبة للأبنية و نوعية البناء و مدى مناسبة تصميمه لواقع الزلازل إضافة إلى خصوصية و نوعية صخور الأساسات التي بنيت عليها المنشآت .

الوضع الزلزالي في الأردن و ما حولها

و قبل الحديث عن الأبعاد البيئية المتعلقة بالزلازل ، دعنا نلقي قليلا من الضوء على الوضع الزلزالي في منطقتنا .
يشكل الصدع التحويلي الأردني Jordan Dead Sea Transform Fault الحدود الشمالية الغربية للصفيحة العربية التي تفصلها عن الصفيحة الصغيرة المجاورة لها غربا و هي صفيحة " سيناء ـ فلسطين " . يمتد الصدع التحويلي الأردني من مدخل خليج العقبة جنوبا حتى مشارف منطقة جبال طوروس في جنوب شبه جزيرة الأناضول شمالا . تتحرك أو تنزلق الأردن ( كجزء من الصفيحة العربية ) بالنسبة لفلسطين عبر الصدع التحويلي الأردني على هذا الصدع إلى الشمال تقريبا بمعدل 5مم / سنة تقريبا . تتحول الحركات الأرضية من حركات تباعد نشط للصفائح مسرحها البحر الأحمر حاليا إلى تصادم نشط تتأثر به الحدود الشمالية و الشمالية الشرقية للصفيحة العربية في كل من تركيا و شمال العراق و غرب إيران .
و بتعبير آخر فإن حركة الصفيحة العربية في اتجاه شمال شمال شرق تكون :

  1. تباعدية في البحر الأحمر و خليج عدن . و هي سبب نشأتهما .
  2. انزلاقية على طول الصدع التحويلي الأردني .
  3. تصادمية مع تركيا و إيران .

و التصادم هو سبب نشأة سلسلتي جبال طوروس و زاغروس . و الخلاصة هنا أن الصفيحة العربية تتحرك فعليا على طول حدودها . و الحركة مدعاة لنشوء الزلازل . لعلك أدركت عزيزي القارئ من السياق السابق أن الصدع التحويلي الأردني هو المكان الذي تنشأ عليه الزلازل في منطقتنا بسبب الحركة الانزلاقية التي و صفناها . ينتج عن هذه الحركة تراكم للإجهادات و الضغوط على هذا الصدع أدت إلى نشوء مظاهر تضاريسية كخليج العقبة و البحر الميت و بحيرتي طبريا و الحولة . و هي أي الضغوط و الإجهادات الناتجة عن هذه الحركة هي السبب المباشر الأول للأخطار الزلزالية في المنطقة . وقد تمخضت عن مجموعة من الزلازل سببت ضحايا و خسائر لعل أهمها في القرون العشرين الماضية عينة الزلازل التالية . وقد قدرت قوة كل منها بما يكافئ سبع حسب مقياس أمواج السطح الزلزالية حسب المصادر العربية الموثقة جيدا :

  • زلزال رمضان عام 130 للهجرة سنة 748 للميلاد

مركزه وادي الأردن وقد ترك آثارا تدميرية في كل من القدس و طبريا و اللد و جرش إضافة لأريحا .

  • زلزال جمادى الثانية عام 460 للهجرة سنة 1068 للميلاد

و مركزه وادي عربة جنوب البحر الميت سبب دمارا في العقبة و الرملة التي شهدت الشواطئ القريبة منها موجة بحرية عاتية ( تسونامي ) أتت على ما لا يقل عن 15 ألف ضحية .

  • زلزال شعبان عام 598 للهجرة سنة 1202 للميلاد

و مركزه شمال لبنان فقد ترك تدميرا كبيرا في نواحي بعلبك و خسائر كبيرة في مناطق أنطاكية و طرابلس و حلب إضافة لحمص و دمشق و نابلس و عكا .

  • زلزالا أكتوبر و نوفمبر عام 1759

وقد تمركزا على التوالي شمال و جنوب لبنان و كان الثاني أكبر من حيث القوة مقارنة بالأول ( بفارق نصف درجة و أكبرهما 7 درجات ) . و سبب الأخير منهما ألفي ضحية في صفد بشمال فلسطين و مئات منهم في دمشق و تبعه نشاط زلزالي من الهزات الارتدادية ( الرادفة ) استمر ستة أشهر .
أما زلازل القرن العشرين المؤثرة فقد كانت كما يلي :

  • زلزال فلسطين 11 / 7 / 1927

قدرت قوته بـ6 . 2 درجة حسب مقياس رختر . و تسبب في موت زهاء 325 شخصا 115 منهم في نابلس و 85 في السلط و البقية في الرملة و الرينة و القدس و أريحا إضافة لعدد قليل في عمان ومادبا .

  • زلزال روم بجنوب لبنان 16 / 4 / 1956

سبب دمارا كبيرا لعدد كبير من القرى في جنوب لبنان على الرغم من مقداره الزلزالي المتواضع ( 6 حسب مقياس رختر ) . و نتج عنه 136 ضحية . و قد ساعد على تخفيف عدد الضحايا حصول هزات تحذيرية متوسطة و غير مدمرة سبقت الزلزال الرئيسي ببضع دقائق ( زلازل سالفة ) .

  • زلزال نويبع خليج العقبة 22 / 11 / 1995

حصل على بعد 100كم جنوب مدينة العقبة . و ضعته بعض المصادر الأجنبية بمستوى يفوق سبع درجات . حسب قوته و استنادا لبيانات محطة رصد الزلازل في الجامعة الأردنية قدر بـ 6 . 5 درجة حسب مقياس رختر . نتج عنه 10 ضحايا في الدول الأربع المجاورة لموقعه و 69 جريحا . و كان أشد آثاره في منتجع نويبع في سيناء بالقرب من مركز الزلزال .
يلاحظ تواضع النشاط الزلزالي النسبي على الصدع التحويلي الأردني حيث أن مجمل ما تم تفريغه من طاقة زلزالية عبر هذا الصدع في العشرين قرنا الماضية يكاد لا يعادل ما فرغ من طاقة على صدع الأناضول الشمالي ( صدع تركيا الرئيس ) في الستين سنة الماضية .

  • الأخطار البيئية للزلازل Earthquake Hazards

يواكب حدوث الزلازل مجموعة من المخاطر بعضها أولي ذو تأثير مباشر على بيئتنا مثل حركة الأرض Ground Motion و تصدعها و البعض الآخر ثنائي و ثلاثي التأثير مثل الزلازل الرادفة و انتشار الحرائق و حدوث الانزلاقات الأرضية و أمواج التسونامي Tsunami المدمرة لمدن الشواطئ و الفيضانات العادية الناجمة عن فشل السدود . و نعرض فيما يلي و بقليل من التفصيل لهذه المخاطر . انظر جدول 1 . 1 .

جدول 1 . 1 : بعض الزلازل الرئيسية المدمرة منذ عام 1991

ملاحظات الخسائر : قتلى القوة الموقع السنة           

تسونامي بارتفاع 25 مترا

دخلت اليابسة

لمسافة 300 متر تميهت الأرض

-- 7 . 0 شمال الهند 1991
2500 7 . 5 أندونيسيا
1992
9748 6 . 3
جنوب الهند 1993
5502 6 . 9 اليابان ( كوبي ) 1995
1989 7 . 5 جزر سخالين 1995
1560 7 . 5
شمال إيران
1997
2323 6 . 1 
أفغانستان 1998
4000 6 . 9 أفغانستان 1998
2183 7 . 1 غينيا الجديدة 1998
1185 6 . 3 كولومبيا 1999
17118 7 . 4 تركيا
1999
2297 7 . 6 تايوان 1999
19988
7 . 7 الهند 
2001
أكثر من 2000 6 . 7 الجزائر 2003
  • حركة الأرض وتصدعها Ground Motion and Faulting

تنتج حركة الأرض عن انتشار الموجات الزلزالية و عند حدوث الزلازل القوية ( قوة 8 فأكثر ) يمكن أن يشاهد سطح الأرض متموجا كموجات سنابل القمح عندما تهب عليها الرياح . مثل هذا النوع من الحركة هو الذي يتسبب في انهيار المباني و تصدع القشرة الأرضية . و بإمكانك أن تتخيل ما ينجم عن ذلك من خسائر مادية و بشرية .

  • الزلازل الرادفة After Shocks

يعقب الزلزال الرئيسي Main Shock و المسمى الراجفة زلازل لاحقة نسميها الرادفة After Shock مثل هذا الزلزال يضاعف من الخسائر البشرية و الدمار . انظر جدول 1 . 1 .

  • الحرائق Fires

من الآثار الثانوية لحدوث الزلازل خطر اندلاع الحرائق بفعل تقطع أسلاك الكهرباء و أنابيب الغاز . مثل ذلك أعقب زلزال سان فرانسيسكو عام 1906 و طوكيو عام 1923 .

  • الانزلاقات الأرضية Landslides

يمكن أن تتسبب الزلازل في المناطق الجبلية المنحدرة في انزلاق أجزاء من سطح الأرض و صخورها و بالتالي في إيقاع خسائر بشرية فادحة كما حدث في زلزال البيرو Peru عام 1970 حيث تسبب انزلاق يونجي Yungay في موت أكثر من 18000 إنسان .

  • التغيرات في مستوى سطح الأرض Changes in Ground Level

يمكن أن ينتج عن الزلازل تغيرات في طوبوغرافية الأرض بفعل عمليات الرفع إلى أعلى والخسف إلى أسفل . ففي زلزال الآسكا عام 1964 خسف ببعض الأجزاء من الأرض بما قيمته مترين إلى أسفل بينما ارتفعت أجزاء أخرى حوالي أحد عشرة مترا إلى أعلى .

  • الفيضانات والتسونامي Flooding

يعتبر خطر حدوث الفيضان نتيجة الزلزال أثرا ثانويا من آثار أخطار الزلازل . و يمكن أن يتسبب به فشل السدود و انهيارها و أكثر المناطق عرضة لهذا الخطر المدن و القرى المجاورة للسدود . و هناك أيضا أخطار الفيضانات التي يمكن أن تتعرض لها المدن الساحلية بفعل الأمواج البحرية الناتجة عن حدوث الزلازل تحت قاع المحيط .

التنبؤ بالزلازل Earthquake Prediction

حاول الإنسان منذ فجر الحضارة اتقاء أخطار الزلازل عن طريق التنبؤ بأوقات حدوثها . ولكن مما يؤسف له أنه ولغاية هذا التاريخ لم يوفق في ذلك إلا في حالات معدودة في أيامنا المعاصرة . والمتتبع للمحاولات التي جرت في هذا الصدد يمكن أن يقسمها إلى نوعين :

  • الأول : تنبؤ على المدى البعيد Long - Term Prediction . و يعتمد هذا النوع من المحاولات على المعرفة بأماكن و تواريخ الهزات التي حدثت في الماضي . و المعرفة بالسجلات الجيولوجية التاريخية و بنائية مواقع حدوث الزلازل يمكن أن تساعدنا في تحديد الفترات الزمنية التي انقضت بين الأحداث الزلزالية المتعاقبة و التنبؤ بفترات مماثلة لأحداث زلزالية متوقعة .
  • الثاني : التنبؤ على المدى القصير Short - term Prediction . تتضمن محاولات التنبؤ بالزلازل على المدى القصير مراقبة العمليات التي تحدث في مناطق الصدوع التي يتكرر حدوث الزلازل عندها . حيث تعتبر مثل هذه الأحداث مؤشرات على زلزال قادم . و صعوبة عمل من هذا الطراز مردها إلى أن :
  1. معظم الزلازل تحدث على أعماق مختلفة و بالتالي يصعب مراقبة التغيرات التي تتم على السطح .
  2. اختلاف بنائية الأرض من موقع لآخر سينعكس في إنتاج تغيرات متفارقة .

عموما ، نذكر من بين الأحداث المهمة و المؤشرة على احتمال حدوث زلازل :

  • حدوث عمليات رفع للصخور أو زيادة في ميلها بالقرب من صدع ما أو حدوث تشققات طفيفة و تشوهات . و يبدو الآن أن التقدم التقني في مجالات الاستشعار عن بعد أصبح كافيا لمراقبة هذه التشوهات بصورة فع الة بتقنيات أهمها « التداخل الراداري » " Radar Interferometry " .
  • حدوث زلازل سالفة Foreshocks : فقبل زلزال عام 1975 في الصين حدثت هزات سالفة قادت للتنبؤ بحدوث زلزال قوي . و تم بناء على ذلك إخلاء مدينة هيشنغ Haicheng . و بالفعل حدث زلزال بقوة 7 . 3 على مقياس ريختر ، و كانت الخسائر البشرية طفيفة و لكن الزلزال دمر أكثر من نصف المدينة .
  • التغيرات في ضغط المياه الجوفية . حيث يمكن أن يؤدي الضغط الواقع على الصخور إلى إحداث تغيرات في ضغط المياه الجوفية .
  • انبعاث غاز الرادون . ينتج غاز الرادون من التحلل الإشعاعي لليورانيوم و يبقى محصورا في الصخور . و تؤدي الإجهادات الواقعة على الصخور إلى تشققها و تحرر الغاز الذي يمكن أن يصل إلى المياه الجوفية .
  • التغيرات في الموصلية الكهربائية للصخور . عند زيادة الإجهاد على الصخور يمكن أن يضغط الماء الجوفي خلال مساماتها و الشقوق الصغيرة فيها فيزيد بذلك من موصليتها الكهربائية .
  • السلوك الغريب للحيوانات . حيث تخرج الأفاعي و الفئران مذعورة من جحورها و يزيد صهيل الخيل و يرفض البج الاقتراب من الماء .

التقليل من أخطار الزلازل Mitigating Earthquake Hazards

من بين الإجراءات الممكن اتباعها للتقليل من أضرار الخطر الزلزالي :

  1. اتباع مواصفات خاصة للبناء المقاوم للزلازل عند إنشاء المباني و السدود و المرافق العامة .
  2. تزويد محطات إنتاج الطاقة الكهربائية بأنظمة للإغلاق الأوتوماتيكي عند حدوث الزلازل .
  3. توعية السكان بكيفية التصرف لحظة وقوع الزلزال و إجراء التمارين لذلك .
  4. تزويد مناطق الخطر الزلزالي بأجهزة دفاع مدني فاعلة لكي تتمكن من إيواء من شردهم الزلزال و معالجة المصابين و الدفن السريع للجثث و إخراج المدفونين تحت الأنقاض .
  5. توأمة المستشفيات و تزويدها بمولدات كهرباء احتياطية .
  6. ضمان سرعة وصول المعدات اللازمة للإنقاذ و تسهيل وصول فرق الإنقاذ المختلفة عبر المطارات في هذا الوضع الاستثنائي دون إجراءات روتينية كالجمارك و تأشيرات الدخول .

الأخطار البركانية Volcanic Hazards

مثل النشاط البركاني عبر القرون أحد أخطر الظواهر الطبيعية و أكثرها إلحاقا للضرر ببني البشر . فقد أودى ثوران بضع عشرات البراكين حول العالم بحياة مئات الآلاف من الناس في بضعة قرون خلت . و لعل أفدح الخسائر تلك التي تلحق بالذين يقطنون مباشرة بالقرة من البراكين حيث يؤدي دمار المنازل و الدفن تحت المقذوفات البركانية و الحرارة الشديدة و الاختناق إلى موت الكثيرين . و ما زالت الخسارة الفادحة التي عانت منها كولومبيا Colombia عام 1985 و التي تمثلت في موت خمسة و عشرين ألفا من البشر في بلدة أرميرو Armero . نتيجة ثوران بركان Nevado Del Ruiz تثير الهلع في النفوس ، و تستحثنا على بذل المزيد من أجل الوصول إلى تقنيات ناجعة في موضوع التنبؤ بثوران البراكين و في معالجة الأضرار الناتجة عن الثوران و التقليل منها . و يوجد في أيامنا الحالية أكثر من ألف من البراكين النشطة و ذات النشاط المحتمل . و تتركز غالبية النشاط البركاني في اليابان و إندونيسيا و الولايات المتحدة الأمريكية و الفيليبين . و المتتبع لمواقع البراكين النشطة يلحظ ارتباطها الوثيق بحدود الصفائح ، خصوصا الحدود التصادمية على أطراف المحيط الهادئ حيث يوجد حوالي 80% منها بينما توجد بقية البراكين على طول سلسلة جبال وسط المحيط حيث الحواف التباعدية .

  • البراكين و أنواعها و منتجاتها :

البركان هو مخرج ، على سطح الأرض ، للصخور المصهورة و الغازات و الماء و الحرارة القادمة من الغلاف المائع ( أسثينوسفير Ashenosphere ) . و المخرج إما فتحة ، أو صدع ، أو شرخ . و عادة ما تتجمع الماغما في خزان تحت هذا المخرج يسمى غرفة الصهير Magma Chamber . و مع امتلائها و تهيؤ الظروف المناسبة تتدفق الماغما إلى السطح . و غالبا ما يسبق هذا التدفق انبعاث لغازات و رماد و مقذوفات بركانية . و يسمى الصهير السائل المتدفق من فوهة البركان ، و الذي فقد معظم مكوناته الغازية ، اللابة Lava . و تعتمد سرعة تدفق اللابة على لزوجتها . أما اللزوجة فتعتمد بدورها على نسبة السيلكا في الماغما . فكلما قلت نسبة السيلكا قلت اللزوجة و تدفقت اللابة بسرعة أكبر و لمسافات أكبر .

و مع تكرار الثوران يتخذ البركان شكلا درعيا ( كالدرع ) أو مخروطيا . فالبراكين الدرعية تنشأ عن تدفق اللابة البازلتية ( 0% سيلكا ) . أما البراكين المخروطية فتنتج عن تدفق اللابة الأندزيتية ( 60% سيلكا ) و اللابة الريوليتية (  72% سيلكا ) . أخطار الثوران البركاني Volcanic Hazards يعرف الخطر Hazard البركاني على أنه احتمالية أن تتأثر منطقة ما بنشاط بركاني مدمر . أما الضرر البركاني Volcanic Risk فيعرف على أنه الخسارة المادية أو البشرية التي تنتج عن النشاط البركاني . و يمكن تصنيف الأخطار البركانية إلى : أخطار أولية و ثانوية و ثلاثية من حيث التأثير المباشر أو غير المباشر لها في إحداث الأضرار . فمن مصادر الأخطار الأولية : طفوح اللابة ، و الفتات البركاني ، و الغازات السامة . أما مصادر الأخطار ذات التأثير الثانوي و الثلاثي فتتمثل في : الطفوح الطينية Mudflow و طفوح الفتات الناري Pyroclastic Flow و الفيضانات و التسونامي Tsunami و الزلازل و التغيرات المناخية و حدوث المجاعة و انتشار الأمراض .
ومما يجدر ذكره أن للبراكين منافع منها : تطور الغلاف الجوي ، وتجدد التربة وزيادة خصوبتها ، وتكون الثروات المعدنية بفعل ترسيبها من المحاليل الحرمائية Hydrothermal و المسماة الطاقة الجوفية Geothermal Energ استخداماتها في إنتاج الطاقة الكهربائية . و في ما يلي نعرض و بقليل من التفصيل للأخطار التي ورد ذكرها .

الأخطار الأولية Primary Hazards

  1. طفوح اللابة Lava Flows : تعتبر اللابة البازلتية الأسرع من بين أنواع اللابة المختلفة ( 60كم / الساعة ) ، بالتالي فإن الأنواع الأخرى الأبطأ تتيح الفرصة للناس لمغادرة المكان و الابتعاد عن طريقها .
  2. الفتات الناري Pyroclastic Activity : هي أخطر أنواع النشاط البركاني حيث تسبب الوفاة بالاختناق و الحروق . و قليل من الناس من ينجو منها . كما أن لها القدرة على تدمير أسقف المنازل نظرا لثقلها ، و التسبب في قتل المواشي التي تأكل الأعشاب التي اختلطت بها .
  3. انبعاث الغازات السامة Poisonous Gas Emissions : تنفث الباركين غازات سامة مثل كلوريد الهيدروجين HCL و كبريتيد الهيدروجين H2S و فلوريد الهيدروجين HF و ثاني أكسيد الكربون CO2 . ففي عام 1986 أدى انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون من بحيرة نيوس Nyos في الكاميرون إلى مقتل ألف و سبعمائة شخص و نفوق ثلاثة آلاف رأس من الماشية .

مصادر الأخطار الثانوية و الثلاثية Secondary & Tertiary Hazards

  1. الطفوح الطينية Volcanic Mudflows : يختلط ماء المطر الناتج عن الثوران البركاني أو الماء الناتج عن ذوبان الثلوج المتراكمة فوق قمة البركان مع الفتات الناري المنبعث من البركان محدثا طفوحا مدمرة للمناطق المجاورة . و مثال ذلك الطفوح الطينية التي دمرت بلدة أرميرو Aremero في كولومبيا عام 1985 .
  2. الفيضانات Floods : تغلق في بعض الأحيان مجاري الأنهار بفعل طفوح اللابة مما يستبب في تكون سدود مؤقتة قد تحجز خلفها كميات كبيرة من المياه . وغالبا ما تفشل هذه السدود محدثة فيضانات مدمرة . وقد يحدث الفيضان أحيانا نتيجة تدمير البحيرة الموجودة فوق فوهة البركان .
  3. التسونامي Tsunami : و هي أمواج بحرية عاتية قادرة على إغراق المدن الساحلية و يمكن أن تنشأ عن الثوران البركاني أو النشاط الزلزالي . فانفجار بركان كركاتو Krakatua في إندونيسيا عام 1883 و إختفاء الجزيرة أدى إلى تكون أمواج بحرية أودت بحياة البشر في الجزر المجاورة .
  4. الزلازل Volcanic Earthquakes : على الرغم من أن الزلازل التي تسبق النشاط البركاني ضعيفة في طبيعتها إلا أن بعضا منها قادر على إحداث انزلاقات أرضية .
  5. الآثار المناخية Amospheric Effects : حيث أن الرماد البركاني و المقذوفات البركانية قد تصل إلى عنان السماء فإنه سيكون لها أثر ، و لو على المدى القصير ، في إحداث تغيرات مناخية كانخفاض درجات الحرارة حيث يحجب الرماد البركاني أشعة الشمس و على العكس من ذلك يؤدي انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون إلى رفع درجات الحرارة .
  6. -     المجاعات و الأمراض Famine and Diseases : ما ينجم عن النشاط البركاني من تلف للمحاصيل الزراعية و نفوق للماشية و تلف لأنظمة الصرف الصحي يمكن أن يؤدي بدوره إلى نقص في المواد الغذائية و تفشي للأمراض .

التنبؤ بثورة البركان Predicting Volcanic Eruptions

تعتبر دراسة التاريخ الجيولوجي للبركان الخطورة الأولى على طريق التنبؤ بثورانه . و تصنف البراكين من حيث نشاطها أو عدمه إلى :

  • براكين نشطة Active Volcanoes : و هي البراكين التي أظهرت نشاطا في الماضي المؤرخ له وفي أيامنا الحالية هنالك ألف من هذا النوع يثور منها 50 - 60 بركانا في العام . مثل بركان Kilauea في هاواي .
  • براكين منطفئة Extinct Volcanoes : و هي البراكين التي لم تظهر أي نشاط في الماضي المؤرخ له كالبراكين في شمال الأردن و جنوب سوريا .
  • براكين خامدة Dormant Volcanoes : و هي براكين ما بين النشطة و المنطفئة و لكنها أظهرت نشاطا . فمثلا بركان بناتوبو Pinatubo في الفلبيين استمر في سبات عميق لمدة أربعمائة عام قبل أن يثور مرة واحدة في العام 1991 . و بركان جبل القديسة هيلين Mount St - Helen في أمريكا ثار عام 1980 بعد أن كان خامدا لمدة 123 عاما .

و لتحقيق تصنيف براكين المنطقة ذات الاهتمام يقوم الجيولوجيون باستخدام التاريخ المطلق معتمدين على ظاهرة النشاط الإشعاعي في تحديد تكرار الثوران . و تتضمن الخطوة التالية تحديد المناطق الممكن تعرضها لأخطار الثوران البركاني و ذلك عن طريق رسم خرائط تبين النطاقات التي يمكن أن تتعرض لطفوح اللابة و طفوح الفتات الصخري و الطفوح الطينية .

كل ما مر ذكره يعتبر إجراءات للتنبؤ بالثوران البركاني على المدى البعيد أما الإجراءات المتبعة على المدى القصير فتتضمن :

  1. مراقبة النشاط الزلزالي بالقرب من موقع البركان حيث يزداد النشاط الزلزالي مع اقتراب موعد الثوران .
  2. مراقبة التغيرات في المجال المغناطيسي حيث تنعدم المغناطيسية مع اقتراب الماغما من فوهة البركان .
  3. كما يمكن أيضا دراسة التغيرات على الموصلية الكهربائية في منطقة البركان حيث تقل هذه الموصلية مع اقتراب الماغما و اقتراب موعد الثوران .
  4. دراسة التشوهات التي يمكن أن تطرأ على شكل البركان .
  5. دراسة التغيرات في مناسيب المياه الجوفية .
  6. دراسة التغيرات في التدفق الحراري في منطقة البركان مع ما يواكب ذلك من زيادة في هذا التدفق لدى اقتراب موعد الثوران .
  7. دراسة التغيرات في طبيعة الغازات المنبعثة من البركان .

الإجراءات الممكن اتباعها للتقليل من أضرار الثوران البركاني

يمكن التخفيف من الأضرار التي يمكن أن يحدثها الثوران البركاني عن طريق اتخاذ أحد الإجراءات التالية :

  • تغير اتجاه تدفق اللابة و إبعادها عن المناطق السكنية . و قد جرى استخدام الطائرات في ردم مجاري اللابة و تحويلها .
  • محاولة إيقاف اللابة المتدفقة عن طريق قصفها بالمدافع المائية بهدف تجميدها و جعل ما تجمد منها سدا في طريق اللابة المتدفقة .
  • تجهيز المناطق المحتمل تضررها بأجهزة فاعلة في مكافحة النيران و إطفائها .

الفيضانات Floods

مثلت الأنهار عبر التاريخ أماكن ملائمة لعيش البشر على ضفافها . فهي تؤمن لهم سهولة الانتقال و مصدرا للماء و الطاقة و أماكن مناسبة للتخلص من النفايات و المياه العادمة . كما أنها تزودهم بالمياه اللازمة للشرب و الزراعة و الصناعة . و للعيش قرب الأنهار مخاطره نظرا لما تمثله الفيضانات من كوارث طبيعية مكلفة من الناحية البشرية و المادية . و يحدث فيضان النهر عندما يزداد منسوب الماء فيتخطى مجراه الطبيعي غامرا المناطق المجاورة . إن أكثر بلاد العالم عرضة لخطر الفيضان هي بنغلادش ( بلاد البنغال ) . حيث لا يزيد ارتفاع أرض هذه البلاد عن 8م فوق سطح البحر مع وجود نهر عظيم يمر فيها . و من ثم يمكن أن يغطي الفيضان أكثر من 30% من مساحتها . ثم إن ارتفاع الكثافة السكانية في دلتا نشطة مع تغير مجاري الأنهار و الأمطار الغزيرة تزيد من إمكانية حدوث أضرار مؤلمة . ففي عام 1991 قتل أكثر من 200 ألف مواطن في فيضان دلتاوي مصحوبا بإعصار شديد . و في عام 2000 قتل أكثر من 700 شخص في فيضانات موزمبيق . و في منطقتنا العربية تسبب فيضان نهر النيل في خسائر جسيمة للقاطنين على ضفتيه و ذلك قبل بناء السد العالي .

أسباب الفيضانات

تحدث الفيضانات لأسباب نذكر منها :

  • الهطل الغزير

يعتبر هطول المطر على الأرض و غزارته من المسببات الرئيسية للفيضان . فالماء الجاري في الأنهار إذا ما زاد عن حدود النهر فإنه يفيض على الجوانب و يغمر الأراضي المجاورة لها مما يؤدي إلى أضرار إنسانية و اقتصادية و بيئية كبيرة و خاصة في حالة ذوبان الثلوج و عدم وجود أنظمة مائية للصرف النهري وقد شهدت الجزائر عام 2001 فيضانات قضت على مئات المواطنين نتيجة فشل أنظمة الصرف و غزارة الهطل و منها فيضانات أوروبا العارمة عام 2002 التي كلفت مليارات الدولارات .

  • فيضان السواحل Coastal Floodings

قد تغمر مياه البحر الساحل لأسباب كثيرة . منها ما يحدث في العواصف البحرية مثل الهوريكان أو التايفون . وقد تغرقه أمواج البحر المعروفة بالتسونامي . و سندرس تأثير هذه الظواهر بعد قليل .

  • فشل السدود Dam Failure

يعتبر انهيار السدود أحد أهم الأسباب التي قد تؤدي إلى مخاطر الفيضان . و السدود منشآت بشرية . و من ثم فإن الأخطاء الجيولوجية في اختيار مواقعها أو الأخطاء الهندسية في تصميمها و بنائها قد تؤدي إلى انهيار السد مغرقا و مدمرا ما يقع في طريقه . كما حدث في سد Saugus في كاليفورنيا حيث قتل 450 شخصا وسد زيزون بالقرب من حماة في سوريا الذي أغرق بعض القرى و دمر مساحات زراعية مع بعض الضحايا . و منها انهيار سد البوتاس في البحر الميت عام 2000 مكلفا عشرات الملايين من الدنانير .

الأخطار البيئية المصاحبة للفيضانات

تقسم آثار الأخطار المصاحبة للفيضانات إلى آثار أولية و ثانوية و ثلاثية . فالخسائر الأولية للفيضان تنتج عن التماس المباشر للمياه الجارية و تشمل الموت غرقا و تدمير المباني و المحاصيل . و كذلك دمار الطرق و السكك الحديدية و الجسور و المنشآت الهندسية و المواقع الأثرية . و كما هو مبين في الجدول 2 . 1 فإن الفيضان يعتبر من مسببات فقدان الحياة و الدمار الشامل للممتلكات .

الجدول 2 . 1 بعض الأضرار الناتجة عن الفيضان

ملاحظات الهلاك 
التاريخ
نوع الفيضان النهر         
دمر 130000كم2 ومسح عدة قرى 90000 1878 فيضان نهري هوانك هي ( الصين )
انهيار سد ، ارتفاع الموج 3 - 4 مترا واندفع لأسفل الوادي 2200 1889 انهيار سد جونزت تاون ( بنسلفانيا )
كون بحيرة طولها 130كم وعرضها 50كم 100000
1911
فيضان النهر بانكرز ( الصين )
امتد الفيضان من هانكر إلى شنغهاي وترك 10 مليون نسمة بدون مأوى 200000 1913 فيضان النهر بانكرز ( الصين )
انزلاق إلى بحيرة أدى إلى تكوين موج غطى السد وعدة قرى أسفله 2000 1963 انهيار سد
بفايونت ( إيطاليا )

أما الآثار الثانوية و الثلاثية فتحدث على المدى القصير و البعيد في أعقاب الفيضانات . مثالها انتشار الأمراض بسبب التلوث و الجروح من الصدمات الكهربائية و الإجهاد و اليأس . كذلك اختلال وسائل النقل و تسرب الغاز و انقطاع التيار الكهربائي و النقص في مياه الشرب و نقص الغذاء الناتج عن دمار المحاصيل الزراعية و سوء استخدام المساعدات الحكومية و تغير مجاري الأنهار و تدمير منشآت المجتمع المحلي . و بزيادة سرعة الصرف خلال الفيضان فإن النهر يمكنه أن يحمل ليس فقط حملا عظيما و إنما أيضا كتلا كبيرة . فالضرر الناتج عن حركة الفتات يعتبر واحدا من أهم الأضرار المصاحبة للفيضان . و أهم تأثير للفيضان هو تحويل نمط حياة الإنسان إلى حياة بدائية حتى يتم إصلاح الدمار و الأعطال التي نتجت عنه .

التنبؤ بالفيضانات والتقليل من أخطارها

يمكن التنبؤ بالفيضان من دراسة تكرار حدوثه في منطقة معينة . و يمكن التقليل من أضراره التي تواكب حدوثه باتباع واحد أو أكثر من الإجراءات التالية :

  1. بناء سواتر ترابية على طول النهر .
  2. توسيع مجرى النهر بحيث يستطيع تصريف كمية أكبر من الماء .
  3. بناء سدود على مجرى النهر للتحكم في فيضانه .
  4. إنشاء بحيرات صناعية لاستيعاب مياه الفيضان .
  5. مراقبة العاصفة المطرية و تحذير الناس من ساعة حدوث الفيضان .
  6. عمل خرائط يبين عليها المناطق المحتمل أن يغمرها الفيضان .
  7. تنظيم استخدام الأراضي بحيث يمنع البناء في المناطق المعرضة مباشرة للفيضانات .

الأعاصير و العواصف Tornadoes & Storms

كثيرا ما تسبب الاضطرابات في الطقس مصائب شتى للجنس البشري . تتولد هذه الاضطرابات من تغيرات في توزيع الضغط الجوي على الأرض . و من هذه الظواهر العواصف و الأعاصير و التصحر و تيارات النينو و النينا البحرية . دعنا نذكر شيئا من هذه الظواهر و ما لها من تأثير مباشر على البيئة البشرية .

العواصف القمعية Tornadoes

و هي عواصف لولبية ذات ضغط مركزي شديد الانخفاض قصيرة الأمد و محلية الامتداد . و لكنها تصنف ضمن قوى التدمير الطبيعية العنيفة التي تودي إلى الوفيات و الدمار الشديد كل عام . و على الرغم من إمكانية حدوث العواصف القمعية في أي مكان في العالم ، إلا أنها شائعة في وسط و جنوب شرق الولايات المتحدة . تبدأ هذه العواصف في التشكل في نهاية الربيع و بداية الصيف في وسط و جنوب شرق الولايات المتحدة . و تنشأ من تصادم كتلة هواء باردة مع أخرى دافئة و رطبة تحتها . مما يؤدي إلى اندفاع الهواء الدافئ إلى الأعلى نحو مركز العاصفة في حركة حلزونية . و ينسحب في الوقت نفسه الهواء البارد للأسفل حلزونيا أيضا مسببا دوامة أو مخروط من السحب المبرومة . و عادة ما يكون التورنادو مصحوبا بالبرق و الرعد . أي أنه مشحون كهربائيا . غير أنه يجب أن يكون واضحا أن هذا النظام المناخي لا يولد دائما التورنادو . لأنه في كثير من الحالات ما تكون جبهة هوائية مصحوبة بالمطر الغزير و الرعد المدوي و الرياح الشديدة السرعة دون أن تتشكل أقماع التورنادو . يرجى التفريق بين التورنادو و الزوبعة الترابية التي تحدث في بلادنا في فصل الصيف عادة . و تنتج الأخيرة من التقاء ريحين في اتجاهين ينشأ عن التقائهما دوامة الزوبعة . و ليس للزوبعة أضرار التورنادو .

يظهر التورنادو على شلك قمع مقلوب في الهواء رأسه لأسفل و قاعدته لأعلى في السحب التراكمية . يتراوح معدل قطره بين 150 - 600م و يعبر سطح الأرض بسرعة 45كم / الساعة و يقطع ممرا طوله 10كم . و حيث أن العاصفة تقع عادة في مقدمة جبهة هوائية شديدة ، في النطاق الجنوبي الغربي لهبوب الرياح فإن معظمها يتحرك باتجاه الشمال الشرقي . إلا أن لبعض الأعاصير ممرا أكبر من 10كم وقد تزيد سرعته على 100كم / الساعة .

الدمار الناتج عن التورنادو Tornado Destruction

يعتمد مقدار الدمار الذي يسببه هذا النوع من العواصف على سرعة الرياح الهوجاء والتي قد تبلغ حوالي 450كم / الساعة و على الفراغ الذي يتولد ضمن قمع التورنادو الذي ربما يصل إلى أقل من 60% من الضغط الجوي . فالبنايات يمكن أن تنفجر و تتفكك بسبب اختلاف ضغط الهواء الداخلي و الخارجي للبناء ، و يؤدي الفراغ الجزئي في القمع أيضا إلى ابتلاع التراب و الفتات الأرضي لأعلى و الذي يظهر على شكل سحابة سوداء . و يستطيع أن يقتلع أسقف البيوت الخشبية و الأشجار . تقاس شدة هذه العواصف القمعية بكمية الدمار و نوعه الناتج عنها حسب مقياس فوجيتو Fujito Intensity Scale ( الجدول 3 . 1 ) .

الجدول 3 . 1 : مقياس فوجيتو لشدة التورنادو

درجته قوته 
سرعته كم / ساعة الدمار الناتج التورنادور       
0 . 00 ضعيف 56 - 118 تدمير بسيط
1 -- 181 - 119 ثني الأشجار وخلع البيوت المتنقلة من الأساس
2 قوي 182 - 253 
إزالة البيوت المتنقلة وأسطح المنازل
3 -- 254 - 332 رفع بعض السيارات وتدمير الإنشاءات المتينة
4 عنيف
334 - 419 تسوية المباني بالأرض وقذف السيارات
5 -- 426 - 513 رفع المباني ورميها

يأتي التورنادو على العديد من الأرواح كل عام . وربما يصل إلى المئات في يوم واحد . فلقد أدى التورنادو الذي ضرب المنطقة الممتدة من كندا حتى ولاية جورجيا في 3 نيسان عام 1973 إلى وفاة أكثر من 300 شخص . وكان الأسوأ في نصف قرن . غير أنها في العادة لا تؤدي إلى وفيات . يعتمد ذلك على شدة التورنادو وديمومته ونوع المباني وتوقيت الإنذار قبل وقوعه .

التحذير من العواصف Tornado Warnings

تقوم محطات الأرصاد الجوية المحلية بمتابعة تطور عواصف التورنادو و مراقبتها بواسطة رادارات خاصة طوال فترة حدوث العاصفة . و ترسل مباشرة إلى محطة التلفزيون المحلية أو محطة التلفزيون المناخية التي تبث مباشرة تحذيراتها إلى المواطنين فيما هو معروف بجهاز مراقبة العواصف Tornado Watch . يبث التلفزيون معلومات واضحة عن المناطق التي ستتعرض لهذه الجبهة و سرعة الرياح فيها و الأماكن التي يتوقع أن يحدث فيها أقماع . و في هذه الحالة الأخيرة قد يطلب من المواطنين الذهاب إلى أقبية بيوتهم حفاظا على سلامتهم . و تساعد عمليات الإنذار هذه إلى التقليل من عدد القتلى و لكنها لا تسعف مثلا في منع التورنادو من تدمير البيوت أو اقتلاع الأشجار . . . إلخ .

الأعاصير البحرية Typhoons & Hurricanes

في البحر الكاريبي والمحيط الأطلسي الذي يلي جنوب شرق الولايات المتحدة يسمى الإعصار البحري هوريكان Hurricane . ولكنه يسمى تيفون Typhoon في المحيط الهندي وجنوب شرق آسيا . غير أنهما شيء واحد .
تنشأ هذه الأعاصير في البداية على شكل منخفضات جوية مدارية أو استوائية . وهي منخفضات دائرية تشبه الدوامة في مركزها ذات قطر يصل إلى 600كم . تسير متعرجة وتستمر لعدة أسابيع . يصبح الضغط في المركز منخفضا جدا قد يصل إلى 600ملم زئبق مما يسبب دخول رياح قد تصل سرعتها إلى 300كم / الساعة ( الشكل 10 . 1 ) . مثل إعصار أندرو عام 1992 الذي بلغت سرعته المسجلة قبل تخريب محطة القياس 285كم / ساعة . وقد تزداد سرعة العاصفة في أثناء سيرها نحو القارة إذا تعمق المنخفض . ويمكن أن يحدث العكس . وعندما تصل الشاطئ تتحول طاقة العاصفة إلى أمواج عاتية عالية قد يصل ارتفاعها إلى 7م تغمر المناطق الساحلية وتدمرها .

و تقوم بحت أجزاء صغيرة أو كبيرة منها و إزالتها تبعا لشدة الإعصار . و ينتج معظم الدمار من الرياح العاتية المصاحبة التي تمتد بعيدا داخل اليابسة . نضيف إلى كل ذلك الأمطار الغزيرة جدا التي تهطل في وقت قصير مما ينشأ عنه فيضانات مدمرة . فالأضرار التي تنتج عن الهوريكانات و التيفونات سببها الرياح العاتية التي تقتلع كل شيء و الأمطار الغزيرة التي تسبب الفيضانات المدمرة و الأمواج البحرية العنيفة و العالية التي تسبب الدمار وحت الجزر و السواحل . و كأمثلة على الأضرار التي تنتج عن هذه الأعاصير نأخذ إعصار أندرو الذي ضرب جنوب فلوريدا و ما جاورها عام 1992 . فقد بلغ إجمالي الخسائر 26 . 5 بليون دولارا أمريكيا و توفي أكثر من 60 شخصا و أخلي أكثر من 2 مليون شخص من منازلهم . أما إعصار غلفستون الذي ضرب تكساس عام 1900 فقد خلف 8000 قتيلا . و يبدو أن وسائل الإنذار لم تكن على ما هي عليه اليوم كتفسير لهذا العدد المرتفع من القتلى . غير أن أسوأها على الإطلاق ذلك الإعصار الذي ضرب بنغلادش عام 1970 و الذي ترك وراءه 300000 قتيلا حسب أكثر التقارير تحفظا . و سبب ذلك انخفاض أراضي هذه البلاد مصحوبة على ما يبدو بسوء الإنذار .

و لما كانت هذه الأعاصير تستغرق عدة أيام حتى تتطور في عرض المحيط لتصل إلى هدفها على اليابسة ، فإن مراقبتها و التحذير منها عملية غير معقدة سيما مع وجود الأقمار الصناعية التي تصورها باستمرار و تعطي معلومات كثيرة و دقيقة عن سرعتها و اتجاهها و المكان الذي تهدده . غير أن سرعة الرياح العالية و طاقة الأمواج المرتفعة و الأمطار الغزيرة المصاحبة لا تترك فرصة كبيرة لتلافي الأضرار المادية للإعصار . أما البشر فيمكن أن يغادروا المكان إلى آخر آمن مما قلل الخسائر البشرية كثيرا في الآونة الأخيرة قياسا على الماضي .


المراجع

uobabylon.edu.iq

التصانيف

الحلول والبدائل  بيئة  الحفاظ على البيئة   العلوم البحتة