شاء
له الله عز وجل أن يتم عرسه في زمن الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات
، كانت جدران المدينة قد وشّحت بالقماش الأسود والكتابة الصفراء تنعي ( الشهيد
البطل ) ولا يخلو يوم من أن نجد إعلانًا جديدًا من هذه الإعلانات السوداء الناعية ،
كانوا شبابًا بعمر سوسنات حدائق الليفربول ،
قد
ألفنا يومها الأعلام العراقية المسجاة على مواكب الجنائز يظلّلها جلال الموت والوطن
، لم يكن لمشاعر الفرح أيّ محل من الإعراب في لغة الأنس والمسرّات ، لكنّ سنّة
الحياة في الموت والحياة انتصرت على مشاعرنا،( أرحام تدفع وأرض تبلع ) فانتزعنا
فرحة من المسرّات ومسرة من الفرحات ، ورسمنا ابتسامات مصطنعة في حفل زواج صاحبنا،
لكني أعترف أنني لم أستطع – يومها – أن أكتب قصيدة فرح ، فكتبت هذه المقطوعة ...
المقطوعة من قلوب حزينة ومدينة حزينة وأيام حزينة ، كان ذلك عام 1981 م والحرب
العراقية الإيرانية تقذف بشرر كالقصر كأنه جمالة صفر .. مسح الله تلك الآلام ورحم
تلك الأيام
من
أنيـن الآلام والعبـرات اغنـموا فرحـة من الفرحـات
وابعثوها مدى الزمان نشيدا
يستثير الفؤاد الكئيب العميدا
يتولى الجموع من أن تحيدا
يبعث الروح في العظام الرفات نخـرت من تعاقب الماضيات
يالقـومي لقد عرفت الحلـولا
فاسلكوا نحوها الطريق الطويلا
خير
ما يرتجى وأهـدى سبيلا
من
أسـارير أكـبد ظامـئات ترقب الفجر والزمان المواتي
فاعلنوها كما تشـاؤون جهرا
وأروها الابن الحـنون الأبرّا
واجعلوا المعضلات للوصل ذكرى
واكتبوها على القنا المرهفات أننا أمـة الحـماة
الأبـاة
بورك الجمع من وجوه صباح
من
دمـاء سخية من جـراح
علمتها الأحداث شتى المناحي
سخرت بالممات قبـل الحياة فهي رمز الثبات في الأزمات