(3)
أُفكِّرُ بأشياءَ كثيرةٍ
وأحلمُ بتحرُّرِ القصائدِ العربيَّةِ المظلومةِ
من قيودِ الوزنِ والعبثيَّةِ التي لا طائلَ وراءها
فهيَ في نظري المتواضعِ على الأقلِّ أقفاصٌ ذهبيَّةٌ
تسجنُ الطيورَ المُلوَّنةَ وراءَ قضبانِ الصيفِ في برجِ الروحْ
(4)
أفكِّرُ بأشياءَ كثيرةٍ
وبكلامِ الستينيِّ الذي لا صديقَ لهُ سوى الوهمِ
وبسخريتهِ من مواجهتي الحياةَ بنشيدِ الإنشادِ
وسيفِ الرومانسيَّةِ الحريريِّ
(5)
يُثرثرُ عن فشلِ تجربتهِ الشعريَّةِ
التي كثيراً ما تبجَّحَ بها أمامَ أرباعِ المثقَّفينَ والشعراء
عن نجاحِ أحفادهِ في الصناعةِ الحديثةِ
أشياءَ لا أفهمُ عنها شيئاً ولا أريدُ أن أفهمَ
ولكنني أراهُ في مرآةِ قلبي
حينَ يكشفُ لي عن بكائهِ الخفيِّ
وعن دموعهِ غيرِ المرئيَّةِ وراءَ الغمامْ
(6)
في الظهيرةِ المُشتعلةِ كأُوارِ الجسدِ
كشبقِ العينينِ الجائعتينِ إلى النورِ
الظهيرةِ الملساءِ كفروِ قطةٍ تركيةٍ
كنتُ أغبطُ شاعراً جميلاً انفجرَ شريانُ قلبهِ
من فرطِ شلاَّلِ حبِّهِ
وماتَ قبلَ أُمِّهِ
(7)
كنتُ أغبطُ شاعراً لم يتحمَّلَ دموعَ أمِّهِ
فلاذَ بموتهِ في ظهيرةٍ غامضةٍ
(8)
آهِ يا يهوذا خُنتني مرَّتينْ
وها أنا أتفتَّتُ كالملحِ
وأنفرطُ كسنبلةِ القمحِ
على مدخلِ سدومْ
ها أنذا أموتُ موتاً بطيئاً على عمودِ النورْ
(9)
لا أريدُ أن أشمَّ كلاماً هلاميَّاً بلا لونٍ ولا طعمٍ ولا رائحةْ
عن وصولِ الغربِ إلى المرِّيخِ ونومِ الشرقِ في زوايا الكهفِ المظلمِ
لا أريدُ أن أغمزَ وألمزَ بمعلَّقةِ طرفةَ ابنِ العبدِ ووصفِ الناقةِ
وبأشعارِ امرئ القيسِ ووصفِ المعشوقةِ
وبكبرياءِ المتنبِّي وزهوِ شعرهِ
أريدُ فقط أن ألعنَ الثرثرةَ
وأبعثَ قبلةً ساخنةً إلى جون كيتس
(10)
لا أريدُ أن أهذي كالمحمومِ في ليلةِ الكوكائينِ
التي أغرقتْ رمبو والوحشَ الذي أفلتَ من مختبرِ العالمِ
(11)
تحفُّ جسدي القصائدُ الرجيمةُ الملعونةُ
وقلبي يتدَّلى من شرفةِ الكونِ الفضِّيةِ
كشالٍ مطرَّزٍ بالقُبَلْ
(12)
سأثبتُ لكَ يوماً أيُّها الآخرْ
أنَّ حياتَكَ لا حياتي
مطروحةٌ بجانبِ الطريقِ كالمعاني المُستهلكةِ
كقشرةِ موز
(13)
أُدرِّبُ القلبَ على الطيرانِ العصيِّ على الريحِ
والمقصلةِ الصدئةْ
أُدرِّبُ الروحَ على الهبوطِ والمشيَ في شوارعِ القدسِ
وأزقَّةِ أثينا الجميلة
أدرِّبُ الروحَ على السباحةِ في فضائكِ
(14)
وحدي أُكلِّمُ الصمتَ وظلَّ الشجرةِ العجوزْ
وحدي أقاتلُ مع سبارتاكوس
وأُصلبُ فوقَ شعلةِ المجدِ الوحيدةِ
في الطريقِ إلى روما
(15)
ما شأني بمخمورينَ على أرصفةِ المدنِ الكبرى
ما شأني بأحلامِ راعي الغنمِ المسكينِ المكسورةِ فوقَ رأسهِ
ما شأني بالعالمِ الغبيِّ الذي يسيرُ بسرعةِ الضوءِ إلى الكارثةِ
ما شأني بسقوطِ جمهوريَّةِ الشعرِ
وما شأني أخيراً بقلبِ الحبيبةِ الثلجيِّ
(16)
تجربتي مغموسةٌ بدمِ الطفولةِ الأبيضِ وبدموعِ أوفيليا
ومنقوعٌ حبِّيَ العربيُّ بهواءِ سمرقندَ الطازجِ كالرصاصِ الحيِّ..
كجمرةِ الكتابةِ.. كالعذابِ.. كالماءِ.. كالأنثى
(17)
لماذا تتداخلُ قصائدي الصوفيَّةُ
بموسيقى الصباحْ؟
(18)
لماذا تتشابكُ فكرتي برقصةِ مارلين مونرو
وبأغاني البيتلز
فما شأنُ مقامِ الحجازِ بأنظمةِ الحكمِ في أمريكا اللاتينية
(19)
أُحاولُ أن أتنفَّسَ محارَكِ المعجونَ في قدميَّ
ولكنني آهِ لا أستطيعْ
(20)
أُحاولُ أن أمشي على عينيَّ أو على أضلاعي
أُحاولُ أن أشدَّ قلبي شراعاً لصاريةٍ في بحرِ المساءْ
أُحاولُ أن أتحوَّلَ إلى صفةٍ وراثيَّةٍ للحمامِ الزاجلِ
(21)
أُحاولُ كلَّ ما هو مستحيلٌ
أُحاولُ إرضاءَ الحديقةِ العامَّةِ
ومعانقةَ الوردتينْ
بالشفاهِ وباليدينْ
أُحاولُ أن أهمسَ في آخر الليلِ
" آهٍ كم أتعبني اللورد بايرون "
(22)
أُحاولُ حلمَ الربيعِ العصيِّ..
أُحاولُ البسمةَ المعلَّبةَ
أُحاولُ إضاءةَ مساحاتِ عينيكِ
أُحاولُ ما لا أستطيعْ
أحاولُ كتابةَ قصيدةٍ عصماءَ في مديحِ التبغِ
(23)
أُفكِّرُ بالقلبِ فيكِ
وأستلُّ أحجارَ طفولتي من وادٍ أخضرَ الصبحِ
وأرشقُ الشمسَ القاسيةَ بها
أُفكِّرُ بالقلبِ فيكِ وأحملُ ما تبَّقى من قُبلاتي وأرحلُ
كالمغولِ إلى الأسطورةِ
في باطنِ هذا الشرقِ
أو باطنِ هذا الحُبِّ...
(24)
سئمتُ من مطاردةِ الحريَّةِ سأمي من وجهِ ممثِّلٍ عربيٍّ
قضيتُ عمري كلَّهُ في متابعةِ أفلامهِ الفارغةِ
ومغامراتهِ الرومانسيةِ التافهةْ
(25)
الضوءُ الأخيرُ يتساقطُ كنقاطِ الماءِ من أقواسِ قزحٍ
ومن أجنحةِ طيورِ المُحيطِ
وأنا من تعبي وحزني أسقطُ تحتَ الضوءِ الأخيرِ
كشمشومَ عندما انهارتْ عليهِ
أعمدةُ الحكمةِ السبعةْ
المراجع
odabasham.net
التصانيف
شعر أدب ملاحم شعرية
|