مخلفات السفن النفطيه ..عدن ..وجه ساحر يعبث به
تظل شواطئ عدن اجمل وجهة سياحية لليمنيين في اعيادهم ومناسباتهم غير ان مظاهر العبث التي تشهدها شواطئ المدينة لم تعد تحتمل السكوت وتبدا بمخلفات الصرف الصحي ولا تنتهي بالنفايات التي يتركها الزائرون دون مراعاة لمشاعر البيئة وطهارة البحر.ش
تعد مدينة عدن من اقدم المدن اليمنية التي تستخدم محطات معالجة مخلفات مياه الصرف الصحي قبل ان تصب في البحر غير ان القدرة الاستيعابية لهذه المحطات لم تعد قادرة على العمل كما ان التجهيزات الخاصة بالمعالجة تجاوزت عمرها الافتراضي منذ سنوات.
وثمة مظاهر اخرى للعبث بشواطئ المدينة الجميلة خاصةً ايام الاعياد وقدوم آلاف العائلات من المحافظات الشمالية حيث تتحول شواطئ جولد مور بمدينة التواهي و الكورنيش ساحل ابين بمنطقة خورمكسر وساحل الغدير في البريقة الى مجمع لنفايات موالعة القات والشيشة فضلاً عن مخلفات الاكل والمشروبات وغيرها.
وتعالت الاصوات العلمية في الآونة الاخيرة محذرة من استمرار اشكال تدهور البيئة البحرية اليمنية بوتائر متصاعدة في ظل انعدام آليات رقابية حقيقية وفاعلة من قبل الجهات المختصة لحماية هذه البيئة من مختلف اسباب التلوث والناتجة بصورة اساسية عن تصريف مخلفات المصانع ومحطات الوقود ومعامل تكرير النفط في البحر الى جانب افراغ ناقلات النفط العملاقة لمخلفاتها في المياه الاقليمية اليمنية مستغلة غياب رقابة الجهات المعنية.
وربطت دراسات ميدانية حديثة بين تدهور البيئة البحرية وانتشار العديد من الامراض المستعصية والاوبئة في المدن والتجمعات السكانية الساحلية ومن ذلك امراض السرطان والتشوهات الخلقية للمواليد الى جانب امراض وبائية كالملاريا والضنك والتيفوئيد وامراض الجهاز التنفسي وغيرها.
وكانت عديد هيئات ومنظمات اقليمية ودولية معنية بحماية البيئة اطلقت تحذيرات من خطورة المدن الصناعية والمشروعات السياحية المقامة على البحر الاحمر وخليج عدن والتي لا تراعي اسس ومعايير السلامة البيئة البحرية واصفة الاضرار التي قد تنجم عن ذلك بالكبيرة في ظل الاعتماد على امدادات الغذاء ومياه الشرب من البحر.
وفي سبتمبر 2009 كشفت وزارة الداخلية اليمنية عن تلوث بحري جديد ظهر مؤخرا في قطاع خليج عدن تتهم فيه احد رجال الاعمال المعروفين اثناء تنفيذ مشروع الجسر البحري مشيرة الى ان التلوث ناتج عن تسرب مادة الديزل الى البحر .. ووعدت الداخلية باحالة ملف التحقيق مع محاضر الاستدلالات للجهات المختصة لاتخاذ الاجراءات القانونية بحق الشركة التي تسببت في احداث التلوث غير ان القضية انتهت الى الغموض.
وقبل سنوات شهدت مدينة عدن واحدة من اخطر ظواهر التلوث البحري لم يكشف عن حقيقة الاسباب التي تقف وراءها حتى الآن رغم تطمينات المسؤولين بانها ظاهرة طبيعية حيث طفحت شواطئ خور مكسر والتواهي بروائح كريهة وصلت تلك الروائح الى منطقة شِعب العيدروس والطويلة في كريتر, في حين صبغت شواطئ ساحل ابين وسواحل جولدمور والغدير وصيرة بلون اخضر قاتم تصدر منه الروائح الكريهة وشوهدت حينها بعض الشوائب على امتداد شواطئ المدينة اثارت بدورها مخاوف المواطنين وعزوفهم عن ارتيادها.
وكان العديد من الخبراء ونشطاء البيئة حينها ابدوا مخاوفهم من ان تكون تلك الظاهرة بسبب نفايات كيماوية خطرة القيت في عرض البحر وتسببت في ذلك التلوث الذي ظهر بعد اشهر من تقرير اطلقته الامم المتحدة يحذر من مخلفات نووية واخرى خطرة رميت في سواحل الصومال قبالة خليج عدن وتبعثرت على طول الساحل بسبب التسونامي الذي حدث نهاية العام 2004 بالاضافة الى مخلفات اليورانيوم المشع ومعادن ثقيلة مثل الكادميوم والزئبق ومخلفات صناعية وكيماوية قال التقرير ان التسونامي ساهم في فتح البراميل المغلقة وتسربها الى البحر.
وتعد تسريبات ناقلات البترول بحوادثها المتكررة وبممارساتها الخاطئة كالقاء النفايات والمخلفات البترولية في الماء من الملوثات الخطيرة للمياه والبيئة ويستقبل ميناء عدن آلاف السفن سنوياً للتزود بالوقود في حين تشكل ناقلات النفط القاصدة موانئ تصدير النفط اليمنية خطراً على تلوث المياه اذ تقوم بضخ مياه البحر في صهاريجها لكي تقوم هذه المياه بعملية توازن للناقلة حتى تصل الى مصدر شحن النفط فتقوم بتفريغ المياه الملوثة في البحر ما يؤدي الى تلوثها بمواد هيدروكربونية او كيميائية او حتى مشعة وبحسب دراسات علمية يكون لهذا النوع من التلوث آثار بيئية ضارة وقاتلة لمكونات النظام الايكولوجي وتقضي على الكائنات النباتية والحيوانية.
وادى تعرض الناقلة الفرنسية ليمبرج لهجوم ارهابي بالقرب من ساحل حضرموت في اكتوبر من العام 2002 الى تسرب 350 الفاً من حمولتها النفطية الى البحر تركت آثاراً بالغة على الاحياء البحرية وخاصة الاسماك والسلاحف والطيور والشعاب المرجانية.
ورغم ارتفاع مخاطر تلوث مياه البحار الناتجة عن التسريبات النفطية الا ان السلطات اليمنية لا تستخدم اياً من الطرق الوقائية لمكافحة التلوث المائي بالنفط المستخدمة في العديد من الدول المطلة على البحار.
وذكر تقرير برلماني قبل سنوات بان التلوث المزمن للبيئة البحرية واحواض الملح في مدينة خور مكسر م عدن بسبب انبوب النفط المتهالك على طريق الجسر كالتكس خور مكسر من ناحية والمنشآت السكنية والنفطية في منطقة الاحواض من جهة اخرى. واوضح بان تلوث البيئة البحرية في ميناء عدن وميناء الاصطياد في الحديدة بالمخلفات النفطية الناجمة عن خدمات السفن والبواخر المترددة عليهما بالاضافة الى الاصطياد الجائر للاسماك في مواقع تكاثرها لاستهداف انواع خاصة من الكائنات البحرية كالشروخ والصدفيات وخيار البحر بطرق جائرة تدمر البيئة وموائل الاحياء البحرية وتتسبب في هجرة بعض الانواع النادرة من الاسماك.
وفي ما يتعلق بمخلفات الصرف الصحي اشارت دراسة مطلع العام 2008 للصحافة البيئية في اليمن وتاثيرها في الصفوة قدمها ا. علي حسين العمار ـ مدرس الصحافة في كلية الاعلام ـ جامعة صنعاء اشارت الى انّ مصادر التلوث البحري تكون اما عن طريق السفن العابرة او مخلفات التجمعات السكانية الساحلية ولذلك فانّ مخلفات التجمعات السكانية القريبة من الشواطئ تعتبر المصدر الرئيس لتلوث البيئة البحرية لانّ مجاري المدن الساحلية اليمنية ـ دون استثناء ـ تصب في البحر مباشرة دون اية معالجة او آلية تذكر عدا مدينة عدن التي كانت الوحيدة في اليمن التي تقوم بتجميع مياه المجاري وتـعالجها قبل صبها الى البحر او استعمالها للتشجير الا انّ معظم تلك التجهيزات قد اندثرت لانّ عمرها الافتراضي قد انتهى.
وتضيف الدراسة بان المخلفات الصلبة المتمثلة في مخلفات البناء والهدم والزجاج والمواد البلاستيكية وفضلات المعامل والمصانع والمسالخ والمخلفات الاخرى تعد من مسببات التلوث البحري وتعتبر مشكلة التخلص من هذه المخلفات من اكثر المشكلات البيئية المزمنة في اليمن.
واكد تقرير برلماني قبل سنوات بان انتشار مظاهر التلوث الناجم عن المخلفات الآدمية بشكل واسع في عدد من المحافظات اليمنية وفي مقدمتها عدن بسبب محدودية تغطية الشبكة العامة للصرف الصحي وسوء تصريف مخرجاتها وسوء مخرجات كل محطات المعالجة القائمة.
وقال ان احد اسباب التلوث يعود الى وجود الطرق العشوائية غير الآمنة لتصريف المخلفات الخطرة منها وغير الخطرة بدون اية معالجة اولية لها الى الشبكة العامة وتتركز النسبة الاعظم منها في المدن الرئيسية كمديني عدن والحديدة بالاضافة الى غياب اية معالجة اولية للمخلفات السائلة المصرفة في الشبكة العامة او في البيارات والحفر المكشوفة ما يزيد من حمولة مياه الصرف الصحي ويؤثر سلباً على محطات المعالجة القائمة في بعض المحافظات عدن تعز ذمار الحديدة ويعطل كفاءة المعالجة البيولوجية فيها وتخرج دون معالجة او بمعالجة رديئة لتضخ الى البحر عدن الحديدة او الى الاراضي الزراعية لتسهم في تلوث البيئة البرية والبحرية والتربة والمياه الجوفية والمزروعات المستخدمة لها وتضر بصحة الانسان والحيوان على حد سواء في بقية المحافظات.
وكانت الغد اثارت في وقت سابق واحدة من اهم قضايا التلوث البيئي في عدن وتتعلق بمحمية المملاح التي تتوزع بين مديريتي خور مكسر والمنصورة وتحتوي على احدى اقدم الصناعات البحرية وهي صناعة الملح حيث اصبحت المنشآت الصناعية الموجودة بجوار احواض وبحيرات صناعة الملح في عدن تمثل خطورة بالغة تتهدد الحياة البيئية في المدينة نظراً لاستخدام تلك المنشآت مواداً كيميائية قاتلة.
وقد قامت الغد بالنزول الميداني الى مواقع هذه الاحواض وكشفت عبر تحقيق صحفي جانباً من تلك المخاطر والاشكاليات البيئية التي تواجهها..
ويمثل مملاح عدن متنفساً للبحر خصوصاً عند اعلى مد ربيعي فيعمل على كسر حدة الامواج ونظراً لانخفاض مستوى منسوب سطح الملاحات عن سطح البحر فانه يستفاد من هذه الخاصية في نقل المياه الى الاراضي البيضاء المجاورة لها ولذلك يعتبر المملاح من المناطق الحساسة بيئياً حسب ما جاء في تقرير الهيئة العامة للبيئة.
ويشير تقرير بيئي الى ان المسطحات تشكل ملاذاً آمناً لارتياد العديد من الطيور المائية المستوطنة والمهاجرة من والى اوروبا وافريقيا لغرض الغذاء والراحة والتكاثر مؤكداً بان اراضي المملاح بطبيعتها تعتبر احد عوامل مراقبة السلامة البيئية للبحار خصوصاً من التلوث ناهيك عن الدور الذي تلعبه الاراضي الرطبة في تلطيف الجو وتخفيض درجة الحرارة سيما في فصل الصيف.
وتكمن اهمية المملاح الجمالية في رؤيتنا لجبال بيضاء اشبه بالجليد تسر الناظرين وهي عبارة عن اكوام من الملح الخام المنتج طبيعياً وامام هذه الجبال الجليدية توجد مسطحات مائية تنتشر عليها انواع من الطيور المائية التي ترتاد المملاح اضافة الى وجود كورنيش في الجهة الغربية يسمى كورنيش ويمي يجذب العديد من ابناء المنطقة للتمتع بنسمات الهواء النقية.
المراجع
segros.com.mx
التصانيف
المشاكل البيئية بيئة الطاقة والمخلفات النووية العلوم البحتة العلوم التطبيقية