يعتبر الماء أحد المكونت الرئيسية التى تدخل فى تركيب أجسام كل الكائنات الحية ونبات وإنسان ، والماء لا يستطيع ان يعيش الانسان بدونه فهو يحتاجه فى الشرب وتحضير الطعام وغسل الملابس والاستحمام كما يستخدمه فى الزراعة والتوليد الكهرباء وفى تسيير القطارات وحركة السفن الملاحية والتجارية وفى المصانع وفى العديد من الأغراض التى لاغنى عنها .

ويعتبر الماء من اهم مكونات الكرة الارضية فهو يغطى نحو ثلاثة أرباع سطح الكرة الأرضية فهو يملا البحار والأنهار والمحيطات . لقد أطلق العلماء على الكرة الأرضية اسم " كوكب الماء " ، وهو إسم أدق نظرا لكونها الكوكب الوحيد فى المجموعة الشمسية الذى يحتوى على الماء بنسبة كبيرة . ان بعض البلاد تعانى من مشكلة نقص المياة بسبب مناخها الصحراوى أو شبه الصحراوى وذلد بسبب قلة هطول الأمطار أو حدوث جفاف فترات طويلة ، كما تعانى بعض الدول من وجود ماء ذات نوعية رديئة ومثال لذلك بعض آبار المياة الشديدة الملوحة . يهتم علماء الهيدرولوجيا بالبحث عن المياه العذبة الغير ملوثة لتصلح لمعيشة الانسان والحيوان والتى تصلح لزيادة رقعة الاراضى الزراعية خاصة فى المناطق الصحراوية وشبه الصحراوية .

كذلك يهتم هؤلاء العلماء بدراسة حجم خزان المياة الجوفية ومعرفة مصدر تغذيته بالمياه وتحديد ما إذا كانت مياه الخزان متجددة أم غير متجددة وكيفية ترشيد هذه المياه ، إن هذه الدراسات يستخدم فيها النظائر البيئية المشعة مثل التريتيوم و الكاربون 14 وكذلك النظائر الثابتة الديتريوم والأكسجين 18 . إن هذه الدراسات ضرورية قبل البدء فى مشروعات استصلاح الأراضى أو إقامة المدن العمرانية الجديدة او القرى السياحية أو المشاريع الأخرى ذات العائد الإقتصادى . إن كمية المياه الجوفية والمصدر الدائم للمياه هو العامل الاساسى للمياه هو العامل الأساسى فى استمرارية ونجاح هذه المشاريع ، قبل إنشاء الطاقة الدولية للطاقة الذرية فى عام 1954 كانت توجد بعض الوسائل النووية المستخدمة فى حل مشاكل المياه ، وقد زادت هذه الوسائل بنسبة كبير بعد انشاء الوكالة واهتمامها بالإستخدامات السلمية للطاقة الذرية .

من هذه الدراسات إستخدام النظائر المشعة فى دراسة سرعة تدفق المياة فى الانهار ، وكذلك دراسة حركة الرسوبيات مثل الطمى ، لقد اهتم عدد كبير من دول العالم بالتعاون مع الوكالة الدولية فى هذا المجال لمدهم بخبراء الهيدرولوجيا للإستعانة بهم فى مشاريع الاستصلاح الزراعى ودراسة تسرب المياه من السدود وقياس معدل تدفق المياه الجوفية فى الآبار وكذلك دراسة تخفيف تركيز النظائر المشعة المحقونة فى الآبار لمعرفة كمية المياه الموجودة بها . كذلك اهتم علماء الهيدرولوجيا بدراسة مدى صلاحية مياه الابار للشرب وعدم تلوثها بأى نوع من أنواع الملوثات أو زيادة ملوحتها . كما اهتم هؤلاء العلماء بدراسة مواقع المياة الجوفية ذات الحرارة العالية والتى تستخدم توليد الكهرباء باستخدام حرارة باطن الارض لقد اكتشف الخبراء فى الطاقة الدولية مواقع الابار الحارة فى كوستاريكا والهند وايطاليا و المكسيك وتايلاند ، كذلك تعرف علماء الوكالة الدوالية على مواقع الصخور البللورية العميقة تحتوى على مياه جوفية لا تتحرك من موقعها وتبين انها تصلح لتخزين النفايات المشعة تحت الأرض وكذلك النفايات الأخرى ، لقد أصبحت الأن تكنولوجيا النظائر مهمة وضرورية لعلماء الهيدرولوجيا لأنها تعطى معلومات هامة لا يمكن الحصول عليها بالطرق الأخرى . إن الوكالة الدولية تهتم بنقل تكنولوجيا النظائر البيئية المستخدمة فى بعض الدول المتقدمة فى هذا المجال مثل : المانيا واستراليا الى دول العالم النامى بالإضافة الى تقديم المساعدات المالية اللازمة لهم .

النظائر البيئية :
المقصود بالنظائر البيئية هى النظائر الطبيعية الموجودة فى المياة وهذه النظائر منها نظائر مستقلة مثل : الديتريوم والأكسجين 18 ، ونظائر مشعة مثل : التريتيوم والكربون 14 . ونظتر التريتيوم والديتريوم والأكسجين 18 هى التى تدخل فى تركيب جزىء الماء وهى المستخدمة فى دراسة الماء .

استخدام التريتيوم فى تقدير عمر المياة الجوفية المتجددة :
التريتيوم هو النظير الثالث لذرة غاز الهيدروجين وهو نظير مشع للإلكترونات ( أشعة بيتا ) وفترة عمر النصف له 12 . 4 سنة وقد اكتشفه العالم الكبير " إرنست رذرفورد " بمعمل " كافنديش " بإنجلترا عالم 1931 م . وفى عام 1975 م استطاع العالم الامريكى " ويلارد ليبى " الحاصل على جائزة نوبل ان يحسب نسبته فى الماء واستخدمه فى تقدير عمر المياه . والتريتيوم الطبيعى يتكون فى طبقات الجو العليا نتيجة لتفاعل نيوترونات الأشعة الكونية مع نيتروجين الهواء المحيط بالكرة الارضية . كذلك يمكن للتريتيوم أن يتكون نتيجة لتفاعل النيوترونات مع عناصر الليثيوم فى معامل الابحات النووية ، عندما يتحد جزىء التريتيوم مع الاكسجين يتكون جزىء الماء المشع وبإختلاطه بجزيئات الماء الاعتيادى فى طبقات الجو يتساقط مع الأمطار وبها نسبة من الماء المشع وهذه الأمطار عندما تصل الى سطح الأرض تتوغل فى التربة المسامية وتختلط بالمياة الجوفية . لقد استخدم علماء الهيدرولوجيا هذه الخاصية لتقدير عمر المياة الجوفية وذلك بتقدير كمية التيريتيوم المتبقية فى العينة المأخوذة من بئر ما ومقارنتها مع كمية التريتيوم الموجودة فى مياة الامطار أو الانهار .

ان المياة السطحية للأنهار تحتوى على أعلى كمية من التريتيوم والتى تبدأ فى التناقص عند توغلها فى باطن الارض وإختلاطها بالمياة الجوفية . أيضا لاحظ العلماء ازدياد كمية التريتيوم فى الغلاف الجوى و الأمطار والمياه السطحية للأنهار أثناء فترة التفجيرات النووية والتى قامت بها الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتى فى السابق وفرنسا وبريطانيا فى الفترة من عام 1955 وحتى عام 1975 م وذلك لتصاعد التريتيوم الى طبقات الغلاف الجوى والذى يتحد مع الأكسجين وينزل مع الأمطار فى صورة ماء مشع . لقد كانت نسبة التريتيوم فى نصف الكرة الأرضية الشمالى أعلى بكثير من تواجده فى نصف الكرة الجنوبى وقد وصلت نسبة التريتيوم ذروتها فى عام 1963 الى 1000 وحدة تريتيوم فى نصف الكرة الشمالى بينما وصلت الى 30 وحدة فى نصف الكرة الجنوبى فى عام 1970 حسب تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية . لقد تابين لعلماء الهيدرولوجيا ان تقدير عمر المياة الجوفية باستخدام التريتيوم لا يتعدى خمسون عاما وهذه المياة التى تحتوى على التريتيوم تعتبر متجددة أما إذا وجد العلماء ان عمر المياة أكبر من 50 عاما  ويصل الى عشرات الألاف فقد استطاع العالم " ويلارد ليبى " استخدام الكربون 14 المشع لهذه الغرض وفى هذه الحالة تكون هذه المياة غير متجددة .

التأريخ الكربونى للمياه الجوفية القديمة :
تبين للعلماء ان كمية التريتيوم تصل الى حدها الأدنى فى المياه الجوفية القديمة حتى عمق 100 متر حيث تكون هذه المياة بعيدة عن مصادر التغذذية السطحية و التأثيرات المناخية . لذلك وجدوا ضرورة استخدام نظير مشع آخر من النظائر البيئية لها فترة " عمر النصف " أطول لغرض تقدير اعمار المياة القديمة ولقد استعمل نظير الكربون 14 المشع والذى تصل فترة عمر النصف الى 5730 سنة وتكون الكربون 14 مشابة لتكون التريتيوم الطبيعى فى طبقات الجو العليا وذلك لتفاعل نيترونات الاشعة الكونية ( النيترونات الناتجة من التفجيرات النووية ) مع أنوية ذرات غاز النيتروجين . وعند اتاد الكربون 14 المشع مع الأكسجين يتحول الى ثانى أكسيد الكربون المشع والذى يدخل مع غاز ثانى اكسيد الكربون الموجود بالغلاف الجوى فى عملية التمثيل الضوئى لتكوين أجزاء النبات المختلفة والتى يتغذى عليها الإنسان والحيوان لذلك توجد نسبة ثابتة من الكربون 14 فى أجسام الكائنات الحية وهى النبات و الحيوان و الإنسان .

لقد توصل العالم " ويلارد ليبى " الى طريقة التأريخ الزمنى باستخدام الكربون المشع لأمثلة كثيرة من الكائنات الحي التى مضى على موتها آلاف السنين مثل المومياوات وجلود وعظام الحيوانات والأشجار والتوابيت وغيرها كما استطاع اشضا تقدير عمر المياة الجوفية القديمة والتى تواجد فيها الكربون المشع . لقد اجريت ابحاث التأريخ الزمنى بإستخدام عناصر مشعة أخرى مثل السليكون 32 و الأرجون 39 و الكلور36 لكن تبين ان الكربون 14 هو الأفضل .


المراجع

iaea.org

التصانيف

المشاكل البيئية  بيئة  الطاقة والمخلفات النووية   العلوم التطبيقية   العلوم البحتة