لقد سيطرت مشكلة التلوّث Polution على كل قضايا البيئة حتى غدت مشكلة البيئة الرئيسية ، و ارتبط في أذهان الكثيرين أن التلوّث هو المشكلة الوحيدة للبيئة ، و أن في التصدي لها تحل مشكلات البيئة .ذلك أن أثار هذه المشكلة ظاهرة للعيان ، و خطورتها المحسوسة ، و مشاكلها ملموسة ، أكثر من مشكلتي البيئة الأخريين ، الانفجار السكاني و استنزاف موارد البيئة الطبيعية .
و لا ننسى أن آثار هذه المشكلة قد شملت الإنسان نفسه و ممتلكاته ، مثلما أخلت بالكثير من الأنظمة البيئية السائدة .

أما بداية مشكلة التلوّث فقد كانت مع مجيء عصر الصناعة . فمع تشييد كل مصنع جديد ، و مع انتاج كل سيارة أو دراجة نارية أو قطار ( في البر ) أو باخرة جديدة ( في البحر ) ، و مع تسيير كل طائرة جديدة أو صاروخ ( في الجو ) ، يضاف كم جديد و نوع جديد من الملوثات إلى عناصر البيئة .

و حينما نربط بين ازدياد حجم هذه المشكلة أو الصناعة ، فذلك لأن كل مخلفات النشاطات البشرية قبل عصر الصناعة كانت مما تستطيع الدورات الطبيعية للأنظمة البيئية أن تستوعبه و تجريه في سلاسل تحولاتها .

أما اليوم ، فلم تعد هذه الدورات الطبيعية للأنظمة البيئية بقادرة على استيعاب مخلفات المصانع و الآليات و المحطات و المركبات و التجارب النووية و غيرها.

و لعل من الإنصاف أن نشير إلى أن التلوّث لا يقتصر على ما يحدثه الإنسان في مكونات البيئة من تعيرات كمية أو نوعية ، و لا يقتصر على الطرح المقصود أو العارض للنفايات ( مادة أو طاقة ) الناجمة عن نشاطات الإنسان ، التي تؤدي إلى نتائج ضارة أو مؤذية .

و إنما يشمل كذلك كافة الملوثات الطبيعية الني لا يتدخل الإنسان في طرحها في البيئة مثل بعض أنوع حبوب اللقاح و جراثيم الكائنات المريضة و الغازات و الأتربة التي تقذفها البراكين و العواصف و ما شابه ذلك . و من هنا يرى الكثيرون أن التلوّث يعني وجود أي مادة أو طاقة في غير مكانها و زمانها و كميتها المناسبة .

فالماء يعتبر ملوثا إذا ما أضيف إلى التربة بكميات تحل محل الهواء فيها ، و الأملاح عندما تتراكم في الأراضي الزراعية بسبب قصور نظم الصرف تعتبر ملوثات . و النفط إحدى مكونات البيئة و من مواردها غير المتجددة ، و لكنه يصبح ملوثا إذا ما تسرب إلى مياه البحار ، و إذا ما زادت شدة الأصوات و الضجيج عن حد معين تعتبر ملوثات و تؤذي الإنسان.


المراجع

mawdoo3.com

التصانيف

النظام البيئي  بيئة  أحداث بيئية   العلوم البحتة