ورأيت فيما يُبصرُ العشّاق
شمسي طيورٌ بيض
وتبدّدُ الغمام
وعلى سطوحِ الرّيح
طيّارةٌ من ريش
ووراءَها…
تجري عيونٌ من فرح
عِش مشبَعا بالفجر يا جناح
عِش مشبَعا بالنور
إنّ النّشيد هنا نشيدُ الرّاحلينَ إلى شبابيك البداية.
لا ينظُرونَ وراءَهم
وتنامُ في أجفانهم صورٌ من الزمن الذي سيجيئُ محمولا على خطواتهم،
صورٌ تعيشُ بها المدينة.
تتصاعَد الأصوات فيها،
تشتهي جسدا لعاصفة تيمَّمَ في منافذها جناحٌ لم يصفِّق للمَراسيمِ الطّريدة.
يا طائر الأفراح خذني من هنا؛
صوتا تربى في شغاف الريح؛
كي نعودَ بها لونَ الحروف ،
تلك الحروفُ تجسّدت فينا مدينة.

  • عش مشبعًا بالصّوتِ، حَلّق يا جَناح..
    ينسى زمانُ الصّمتِ في حَرفي جُنونَه
    عش مشبعا بالوقتِ، فِرَّ منَ الرّياح..
    قدري جنونُ البحر؟ أم خوفُ السّفينة؟

  • وسمعتُ فيما أعلَنَ الحرفُ الذي لا يكتبونَه..
    أنّ المساكِنَ لا تُغيِّرُ ظِلّها،
    وتموتُ لغةٌ أورثوها الأسئلة.

لا ريحَ فوقَ الرّيح.
هذا نشيدُ الرّمل في صحراءَ لم تقبل سوى زحفي قصيدة.
هل تُبصِرُ الظُلماتُ ما تخفيهِ من قِصصٍ شهيدة؟
قولوا إذن للباحثين عن الصدى:
لا بحرَ تحتَ البحرِ؛
فاقتحموا الرّدى.
لا تنكِرُ الكلماتُ معناها إذا باتَ الغموضُ قصيدةَ الماضينَ من عَدَمٍ إلى عَدَمٍ ..
ويَموتُ في كلماتِهم لَونُ المدينة.
ورأيتُ فيما يرسمُ الماضونَ نحوَ الأمنية؛
وردًا على أفقي ، ونافذَةِ المدينَة..
ومُحارِبًا نبتت له صفَةٌ؛
فعلّمها حروفًا لا تُغَيِّرُ لونَها؛
ومضى، فأوحى للحدودِ : خذي نشيدي.
وعَدا، ليقطِفَ وردَةً من روضِ واقِعةٍ بها انتصَبَ اليقينْ
لغةً ؛ وحرفُ الموقنين رباطُهُم
يا ليلُ ؛ خذني للفَـرح
شفةً ؛ تعيرُ الجاهلين لغاتِهِم
ما الليلُ ناسٍ ما اجتَرَح

وعدٌ…
سنعقِدُ ما نسينا من حروفِ نشيدِنا؛
جسرا
يقودُ من السّرابِ إلى محاريبِ التّجلي في انتصاراتِ العبَق
كبُرت مَرامينا ؛
سنَقذِفُ بالنّشيدِ على النّشيد
وسنَستَظِلُّ من الخريفِ ببوحِ أوراق الحَبَق
وسنَستعيرُ من الغيومِ شفاهَها، ونعيدُ للبحرِ الجنونْ ،
ونعيدُ للحلمِ العنيدِ دِثارَهُ…
لتظَلَّ تُسفِرُ عن أصابِعنا مصاريعُ الأفق
سنقولُ للتيهِ احترِق
هذي الخيوطُ صدى أصابِعنا..
وما ضاقَ المدى.
بيتي هنا أُفقْ ؛
سأعدُ للشحرورِ أجنحةً ليقتحِمَ المدى
صمتي هنا عبقْ ؛
سأصوغُ للمنثورِ أغنيةً ليغتالَ السُّدى
لوني هنا ألقْ ؛
سأعيدُ للأحداقِ صحوَتَها على شَرَفِ النّدى
فجري هنا لغة ،
سأعتَنقُ السكينة…
لم يسرق الغازونَ من رملي زوابعَهُ
ولا جعلوهُ يقترفُ القُعودَ ،
أو التّسلُّلَ من مسامات الخرافة.
تركوهُ ، وارتحلوا إلى لغَةٍ تُجافيها السّليقة.
ماذا سيحفَظُ من سيقضي باحثًا عن فُسحةٍ تأويه في خُفّي أخيه؟
والليل لا يحكي عن المَسبِيّ إلا ما تعَرّى من تَضاريس المَنافي.
من لَقَّنَ السّبيَ النّشيدَ بلا لغة؟
الليلُ يحكي ما يرى ،
وهناكَ تنكَمِشُ الخرافَة.
يا ليلُ جرّدني من الشّفق الذي يقتات من لُغتي ليهربَ من تَضاريسِ الغِياب
لأعودَ في رحمِ المدى لغةً تقَدَّسَ حرفُها ؛
ليَصوغَ ميلادي على شرَفِ الضّيا مَطَرًا ؛
ويسكُبَني على قلبِ المدينة..
سأكونُ أوّلَ عاشِقٍ ؛
يهدي براءته لأطفالِ المدينة
وأكونُ أوّلَ عاشقٍ ؛
يهدي أصابعَهُ وُرودًا لابتسامات المدينة
وأكونُ أوّل عاشق ؛
تغدو قصائده حروفا في حكايات المدينة.
أوّاهُ يا زمن السّكينة
ما آن للأفكارِ أن تجتاحَ سيفًا؟
ما آنَ للكلماتِ أن تغدو مدينة؟

المراجع

pulpit.alwatanvoice.com

التصانيف

شعر  أدب