بحلول عام 2000م تزدحم الكرة الارضية بـ6 . 2 مليار نسمة وكل هؤلاء مطلوب تحقيق احتيجاتهم الاساسية للحياة والطعام والصحة والمسكن وفى الوقت الحالى يعانى 450مليونا من سوء التغذية الحاد وكل يوم تواجه الدول خسارة مستمرة فى الاراض الصالحة للزراعة يقابلها ازدياد فى السكان.

هذه المشكلة تواجه اكثر من 117دولة نامية على وجه الخصوص اما الانفاق الحربى فكان منذ عشر سنوات 595مليار دولا، بينما يحتاج العالم الثالث لوقف التصحر الى نحو 4 . 8مليار دولار وعم الغذاء نحو 85مليار دولاء فقط . كما يحدث استنزاف أرقى العقول البشرية ( نحو نصف مليون شخص ) وهم يعملون فى المشاريع العسكرية على حساب التنمية كما يعمل نحو 44مليون فى الوظائف العسكرية المباشرة كما ان الانفاق العسكرى يستهلك ما يزيد على 7% من الانتاج العام بينما برامج التنمية برامج التنمية لم تحظ بـ 1% فقط، والمؤسف ان كثير من الدول أعطت أفضلية للتسليح على حساب التنمية. والخليج العربى يعتبر من اكبر المناطق البحرية فى العالم عرضه للتلوث حيث تزيد نسبة التلوث فيه 48مرة عن أية منطقة مماثلة له على سطح الارض وله طبيعة هيدروجرافية خاصة فهو هوص طوله 985كيلو متر وعرضه 210كيلو متر مربع قرب دولة الامارات العربية المتحدة ويمتد من الشمال الى الجنوب من خط عرض 30شمالا عند شط العرب الى 24شمالا عند مضيق هرمز وتقدر المساحة الاجمالية له بحوالى 239000كيلو متر مربع وحجم ياهه حوالى 8500كيلو مترمكعب ويعتبر خليجا شبه مغلق ودرجة ملوحته مرتفعه كما انه يتصف بضحالة أعماقه التى تتراوح ما بين 28مترا الى نحو 1400مترا ولا يجدد مياهه الا كل 150سنه تقريبا.

ويتم ذلك من خلال عملية تنفس قدر الله لها ان تكون من خلال عملية شهيق وزفير مثل كافة الكائنات الحية ليهب الله له الحياة، وحيث تعمل سرعة التبخر على ارتفاع درجة ملوحه المياه فيه وبالتالى زيادة كثافة المياة السطحية فتهبط الى أسفل ثم تتجه هذه المياه الهابطة المكونة للطبقى الوسطى ذات درجة الحرارة والملوحة العظمى جنوبا الى ان تخرج من أعلى لأن كثافتها أقل من المياه الخارجة من خليج. وبذلك يمكن القول بأن الخليج العربى يجدد مياهه من خلال عملية تنفس فيأخذ شهيقه من مياه المحيط الهندى النظيفة التى تحمل معها مقومات الحياة لكافة الكائنات البحرية الحية ويطرد زفيره (المياه المالحة ذات درجة الحرارة العالية والفثيرة فى نسبة الاكسجين والنتروجين).

وأزمة الخليج هى مشكلة بيئة بسبب صراع المواد او الصراع على اكثر موارد الطاقة أهمية وهو البترول الذى يتعرض للاستنزاف والنضوب رغم ان 63% من احتياطى العالم موجود فى منطقة الخليج وتعتبر أم المعارك (احتلال العراق للكويت وتريرحا) من أكثر الحروب دمارا فى التاريخ العربى، وان المشكلة الحقيقية هى ما قام الانسان به فى مجال تلوث البيئة فتلوث مياه الخليج بالبترول كان كارثه عالمية قام به النظام العراقي ولم يأخذ فى حسبانه ان ما اقدم عليه (كخطة قصيرة المدى لمنع تحريك قوات التحالف نحو الكويت) انما هو كارثة بيئية طويلة المدى سوف تسبب نتائج فى غاية الخورة على العالم بوجه عام وعلى منطقة الخليج بوجه خاص. وقد أعلن فعلا خبراء البيئة فى العالم ان منطقة الخليج اصبحت بسبب الحرب منطقة كوارث بيئة لاستخدام النفط كهدف تجريبى بدءا من البقعة البترولية العائمة على مياه الخليج الى اشعال آبار البترول (حيث يوجد فى الكويت ألف بئر بترول) والنظام العراقى لم يترك وسيلة واحدة إلا واتبعها لتخريب المنطة بيئيا فقد قام باشعال مصافى البترول وخزاناته آباره وخزانات الغاز والمصفات البحرية بعد تعطيل صمامات الآمان بها الواقعة على عمق 200متر من سطح الارض مما تسبب فى استمرار اشتعالها خاصة وان الآبار التى تم تدميرها فى الكويت من النوع التلقائى الدفع بمعنى ان البترول ينبثق منها بالضغط الطبيعى دون حاجة لتضخه.

ومن هنا فان اشعال هذه الآبار يمثل مصدرا متواصلا للنيران والدخان والتلوث والذى استمر فترة طويلة حتى تم اطفاء النيران فى تلك الآبار وان المواد البترولية هو كوكتيل من المواد بها جميع المواد الكيميائية المسببة للحساسية والالتهابات الرئوية والجهاز العصبى والجهاز التنفسى والهضمى وبها ايضا بعض المواد التى تسبب قدرا من الخلل فى الجينات الوراثية. وهذا يعنى أننا قد نستقبل أجيالا يسودها الخلل والمرض وفى الوقت نفسه فان اشعال آبار البترول قد يسبب سحابه سوداء هائلة من الأدخنة تتركب من ثانى اكسيد الكبريت وأكسيد النتروجين والهيدروكربونات المعلقة وكميات هائلة من المواد المتطايرة تمثل من 10 – 50% من الزيت المنطاير ويقدر العلماء بتلث البيئة بأكثر من 65مليون طن من الدهيدات وبنزودرين وأول اكسيد الكربون وأكسيد النتروجين والكبريت ومواد أخرى ضارة.

ونظرا لارتفاع نسبة الرطوبة فى منطقة الخليج فان ذلك يساعد على سقوط امطار بها جزئيات الهيدروكربونات وحمضية التأثير وتترك آثار ضارة على الحيوان والنبات وقد ظهرت بشائر التلوث البيئى ببهطول أمطار دهنية سوداء على إقليم إيلام غرب إيران مما أدى الى تلوث مصادر المياه والمزارع والحيوان وقد غطى الدخان الأسود الناتج عن احتراق آبار النفظ والمنشآت البترولية الأخرى فى الكويت والعراق سماء المنطقة خلال أيام الحرب وما بعدها. وقد أدى هذا فى بعض الأحيان لحجب الشمس فإن حرق 6ملايين برميل بترول كل صباح فى الجو ينتج عنه يوازى 100مليون طن من الدخان وما يوازى 16ألف طن كربون غير محروق. كما أن أشعة الشمس المتسلطة على طبقة البترول أحدثت عملية بخر لبعض مواد البتروكيميائية التى تتصاعد وتسقط مع الامطارو البخار المتصاعد فى الطبقات العليا ينتقل بفعل الرياح ويسقط على بلاد اخرى ليس لها علاقة بمكان التلوث الاصلى وقد ذكرت احدى المجلات الانجلزية ان هناك 18دولة قد تأثرت بصورة أو بأخرى من التغيرات ابيئية بسبب اشتعال آبار البترول فى الكويت.

ولقد غطت السحب السوداء مساحات امتدت لمسافة 2000كيلو متر فى مناطق شرق أوروبا والبلقان وتركيا وبلغاريا وجنوب شرق اليونان وايران كما انخفضت درجة الحرارة فى الكويت وضطرت السيارات الى استخدام الأضواء فى عز الظهر وإذا أضفنا ما استخدم فى حرب تحرير الكويت من كيماويات ومفرقعات ( 4500طن مفرقعات من جانب دول التحالف السعودية والكويت وامريكا وغيرها ) وما قام به الجانب العراقى حيث وصل مجموع ما قذفت به الحرب 6300طن وأن المكونات الرئيسية للمواد المتفجرة هى التراى نيتروتلوين أو ما يسمى ت . ن . ت وكل جرام مادة مفجرة يولد 22 . 4لتر من أكسيد النتروجين.

وهذا يعادل 250مليون لتر من أكسيد النيتروجين يصل وزنها الى 2500طن ويقول العالم الفلكى دكتور جمال الدين الفندى ان انتشار سحابة الدخان هذه سيؤدى الى تغيرا تاما فى توزيع انماط الضفك الجوى ومن ثم تغيير فصول السنة بشكل ملحوظ وقد تختفى بعض الفصول او يصير الجو شتويا لعدة سنوات كما سينجم عن ذلك انخفاض فى الطاقة الشمسية التى تصل الى الارض وارتفاع معدلات كثير من الاورئة فى عالمى النبات والحيوان واختلاف توزيع الامطار على الارض ولقد كان من الآثار المدمرة للبيئة فى تلك المعركة هو اتشار بقعة الزيت التى افترشت مسطحا مائيا طوله 350كيلو مترا بزيت خام ذى محتوى كبريتى عال وقد دفعت الرياح البقعة نحو الجنوب فى اتجاه الساحل السعودى لتهدد محطات تحليه المياه لحوالى 90% من سكان الحضر الساحلى (10ملايين نسمة).

كما أصيبت الحياة النباتية والمائية والسمكية ومزارع اللؤلؤ بالكيوت كما اصيبت الحياة البرية بأسوأ الاضرار بالكويت فقد بدأت أسراب الطيور تتساقط على الارض نتيجة لاصابتها بالعمى بسبب تسممها من مواد كيميائية متطايرة فى الدخان المتصاعد من الآبار النفط المحترق فى اقفاصها ويكفى ان نذكر ان تكاليف تنظيف بقعة الزيت هذه من المياه فى الخليج قد تكلف اكثر من خمسة مليارات دولار لازالة ثلاث بقع فقط تحمل حوالى 11مليون برميل من الزيت عن طريق السفن النرويجية وغيرها أكلة للزيت والتى تقوم بالتهام حوالى ألف طن من الماء الملوثة بالزيت يوميا من الشواطئ السعودية.

ولقد ذرك الدكتور فاروق البار عن الآثار المتوقعة من تلك الكارثة ابيئيى بأن ما تولد من انفجارات بسبب حرب الخليج قد انتج مادة مثيرة للعواصف الرملية بشمال الخليج تتحد كيميائيا من الغاز البترولى من الحرائق الامر الذى يؤدى الى آثار مدمرة على المناخ ليس فى شبه الجزيرة فحسب بل الهند والمناطق المحيطة بها خاصة وان السخونة الناتجة عن حرائق الآبار قد خلقت نظام ضغط عالى جدا سيغير حتما فى اتجاه الرياح الموسمية المصحوبة بالامطار الغزيرة جنوبا عكس مسارها الطبيعى كل هذه الاضطرابات والتغيرات ستؤدى الى تغيير المناخ محدثة كوارث هائلة وعلى سبيل المثال:

 

  1. هناك احتمال فى تغيير اتجاه الامطار التى تسقط على اثيوبيا التى تمثل نحو 80% من حجم المياه التى تتغذى نهر النيل وبالتالى جفاف النهر فاذا تحقق ذلم فان عشرات الملايين من البشر سيعانون من الجفاف والمجاعة وان اجزاء من اليمن وعمان والسعودية وباكستان والهند سوف تتأثر حتما بنفس الطريقة على أساس التغيير فى حرارة المحيط الهادى.
  2. يتوقع ان يقل معدل الامطار عن المعدلات الطبيعية هذا فضلا على ان هطول الامطار مع الدخان المشبع بالكبريت سوف يجعل التربة اكثر حمضية والتى ستؤثر بالضروربة على نمو النباتات والمحاصيل الزراعية وسوف تنتقل منطقة الخليج بأسارها الى مرحلة بالغة الحساسية وذلك عندا تنشط حركة الرياح القادمة من ايران والعراق والجزيرة العربية وتؤدى الى خلق سحابة هائلة ضخمة محدثة عواصف رملية ناحية الجنوب تنتشر حاملة معها السموم والغازات بفعل ارتفاع شدة الحرارة محدثة شبورة غازية سامة تنتقلالى مختلف الدول بدءا من السعودية وانهاء بالهند وفى اسوأ الحالات فان آثار الحريق من الممكن ان تؤثر على تغيير فى اتجاه الرياح الموسمية التى تصحبها أمطار غزيرة محثة حالة من الفوضى المناخية.
  3. زيادة نسبة ثانى اكسيد الكربون السام فمن المعروف ان العالم يحاول الحفا على نسبة ثانى اكسيد الكربون السام بحيث لا تزيد نسبته على 2% بينما نجد ان الحرائق المشتعله قد اضافت المزيد من هذا الغاز وبنسبة تفوق ما تخلفه المصانع والعربات والبيوت ةسائر الانشطة الصناعية.

كما تشير التقارير الواردة من بعض المستشفيات بالكويت الى ان اعداد الذين يعانون من مشاكل فى التنفس والتزلات الشعبية قد تضاعفت ثلاث مرات خاصة فى منطقة الاحمدى والاطفال هم اكثر الفئات عرضة لهذه الاصابات حيث ان الكبار لديهم قوة تحمل اكثر.

  وفى تقرير عملى اصدره معد ماكس بلان بألمانيا وضع المنطقة فى ثلاث محاور تطوق المنقطة فى حلقات وتتسع كل حلقة عن الأخرى ولقد حظيت الدائرة الاولى بنتائج الكوارث للحرب وفيها تركزت العناصر المختلفة من رمال الحرب وباروده ونالت الدائرة الثانية درجة أخف . أما الحلقة الثالثة فقد طوقت المنطقة الأوسع تأثيرا وجاء نصيبنا فى مصر شاملا نصف البلاد من الجهة الشرقية حيث تكون الأمطار الحمضية وجاء فى التقرير ان اكثر من 1500مليون نسمة سوف يدفعون ثمن حماقة القرار العراقى بغزو الكويت واكثر من 30دولة سوف تتأثر بيئتها على المدى الويل مع العلم ان الامطار الحمضية أغرقت دول جنوب شرق آسيا وهى تبعد عن الكويت بنحو 3000كيلو متر .

ومن الجدير بالذكر ان الحرب العالمية الثانية التى مضى عليها اكثر من 48سنة ولكن آثارها المدمرة على البيئة ما زالت باقية حتى الآن فى منطقة العلمين التى كانت مسرح العمليات حربية رهيبة خلفت 1140حقلا من الألغام أو الافخاخ الجهنمية منتشرة تحت سطح الأرض بقليل وما زال الكثير منها حتى الآن لم تنل منه عوامل الجو، ففى مساحة 80كيلو مترمربعا من محطة العلمين الى محازاة الساحل الشمالى بذرت كلها بالألغان حيث فى هذه المساحة يوجد 6 . 5مليون لغم حسب تقدير الخبراء فى حقول ضائعة المعالم بدون خرائط وبلا مفاتيح حتى الأسلاك التى تحدها نزعها تجار الخردة فبدت اليوم كغابة كثيفة يبدو منها الموت فى كل خطوة وعلى كل متر وهذه الفخاخ الجهنمية تعد اكبر كارثة على البيئة فى منطقة العلمين حيث يوجد اكثر من مليون فدان صالحة للزراعة وتربتها من أجود الاراضى الصحراوية فضلا عن وجود 190بئر مياع عذبه " مياه أمطار " موجودة قبل الحرب ومراع وفيرة لا يستطيع انسان ان يطأها بقدمه ليستزرعها او يستفيد من مياه آبارها او يمارس حرفة الرعى فيها لأنه ان فعل ذلك فحتما سيتحول الى أشلاء بعد امتار قليلة من اجتيازها.

وهناك مشروعات كبيرة للدولة تجمدت واصيبت بالشلل أمام الخطر، مثل مشروع مد مزرعتى النصر وبهيج الممتدتين من النيل الى العلمين لزراعة مليون فدان بالخضرة والفاكهة والقمح بالرغم من ان الترعتين تبعدان عن العلمين بنحو 8كيلو مترات فقط وكذلك مثل مشروع تربية 60الف رأس من الاغنام على المراعى الطبيعية فى هذه المنطقة هذا بخلاف مشروعات الكهرباء ومشروع منخفض القطارة والبترول والسياحة وخلافة ولقد آن الأوان لمطالبة الدول التى غرزت هذه الألغام بالتعويض ورفع الألغام فى تلك المنطقة حتى يمكن استزراعها واستيعاب الألاف من الايادى العامله فيها والاستفادة منها واستغلالها كما يجب.


المراجع

mawdoo3.com

التصانيف

النظام البيئي  بيئة  أحداث بيئية   العلوم البحتة