استخدام المبيدات الطبيعية للآفات :
قد يلجأ المزارع إلى استخدام مواد المكافحة الطبيعية للآفات و التي تعني استخدام المبيدات الطبيعية . و تشمل مواد مثل الكبريت ، أملاح النحاس ، بيرمنجنات البوتاسيوم ، كلوريد الكالسيوم أو الصوديوم ، الزيوت المعدنية الخفيفة . فالكبريت مثلا أحد المواد الموجودة في السوق و التي تستخدم كطارد للحشرات و مادة و قائية ضد الإصابات الفطرية .
و بالإمكان استخدام الكبريت الجاف أو الرطف بشكل عام حيث أن ضرره على البيئة و الإنسان شبه معدوم . وقد استخدمه آباؤنا و أجدادنا في تعفير الخضروات مثل الكوسا و البندورة و في تعفير أشجار الفاكهة مثل العنب . لذا فإن تعفير النباتات بمسحوق الكبريت أو رشها بالكبريت المبلل ، مرتين على الأقل كأن يكون على عمر ( 45 ) يوما من التشتيل و في بداية الإنتاج ، يعتبر عاملا و قائيا من الآفات الحشرية و الفطرية . و يجب أن لا نبالغ في استخدام الكبريت لأنه قد يضر ببعض الأعداء الطبيعيين . و النحاس أيضا يستعمل ضد الأمراض الفطرية و لكن بكميات محدودة لأن الإفراط في استخدامه يساعد على تلويث التربة به . كذلك فإن بيرمنغنات البوتاسيوم مسموحة إلى حد معين كمعقم و مانع لنمو الفطريات .
و في نظامي الزراعي العضوي ، يسمح أيضا باستخدام بعض المعادن و الكيماويات . فعلى سبيل املثال ، تستخدم سلكات الصوديوم لتقوية مناعة النبات حيث أنها تتراكم داخل جدران خلايا النبات فتزيد المقاومة الميكانيكية لديها ضد إدخال الحشرات الماصة لأجزاء فمها إلى داخل الخلايا . كما لا تستطيع الفطريات إرسال بوغها إلى داخل الخلايا و من الجدير ذكره أن السيليكا مع نموه و بزيادتها تبدأ مؤشرات النضوج . كما يمكن استخدام الصخور المعدنية المحتوية على السيليكا و إضافة مسحوقها إلى النبات كي تعطي هذا المفعول . و لذلك يمكن استعمال هذا المسحوق في تغليف البذور .
كما يلجأ المزارعون إلى استخدام كائنات حية طبيعية لافتراس الآفة أو التطفل عليها أو حتى إحداث مرض فيها . و يتم في هذه الحالة تربية المفترسات أو الطفيليات في مزارع خاصة و على الآفات التي تعتاش عليها و عند الحاجة إليها يتم شراؤها من تلك المزارع و نشرها في مواقع محددة من المزرعة المتضررة بالآفات أو في البقع الأكثر إصابة بالآفة . و لا يترتب على نشر المفترسات أو المتطفلات أي ضرر على البيئة و على رموز حيويتها لأن كل منها و في الغالب تختص في مهاجمة عدد محدود من الآفات فإذا انخفضت أعداد الآفات انخفضت تبعا لذلك أعداد الأعداء الطبيعيين لتلك الآفات .
و بنفس الأسلوب الذي اتبعناه في الحديث عن المفترسات ، لنقطف الآن شيئا يسيرا من المعلومات عن الطفيليات . وقبل الحديث عن بعض الأمثلة ، علينا أن ندرك أن الآفة قد تتعرض لطفيل واحد و يعرف ذلك بالتطفل الفردي ، وقد تتعرض لمجموعة من الطفيليات و يعرف ذلك بالتطفل الجماعي . و تهاجم الطفيليات الأطوار المختلفة من الآفة بدءا بالبيض ( طفيل الكيلونس على بيض دودة ورق القطن ) و مرورا باليرقات ( طفيل الميكروبليتس و ذبابة التاكينا على يرقات دودة ورق القطن ) و من ثم العذارى ( طفيل البراكيماريا على عذارى أبو دقيق الكرنب ) و انتهاءا بالبالغات مثل ( طفيليات أفيديس سيميثي و افيلينس مالي على المن الأخضر و ابانتيليس سيساميه على الثاقبات ) . و تتم تربية و إكثار الطفيل في مزارع خاصة و على العوائل المناسبة له ( بيض العديد من الحشرات ) . و يتم لصق البيض الناتج من الطفيل على كروت أو وضعه في كبسولات ، و من ثم توزيعه على الحقول الزراعية التي تطلبها في الوقت المناسب حيث تتكبد فيه الآفة أفدح الخسائر .
و من أفضل الأمثلة على الإدارة الناجحة في استخدام الطفيليات ما حققه طفيل التريكوجراما المعروف بمقدرته التطفلية على بيض الحشرات حرشفية الأجنحة مثل ثاقبات الذرة و القصب و ديدان اللوز و على بيض بعض آفات الخضروات و الفاكهة ( ديدان اللوز القرنفلية و الشوكية و الأمريكية ، دودة براعم الزيتون ، دودة ثمار العنب و أبو دقيق الرمان ) . وقد اشتهر استخدامه في مصر على دودة قصب السكر الصغيرة ، حيث ساهم هذا الطفيل في خفض الإصابة بتلك الدودة إلى نسبة وصلت في حدها الأعلى حوالي 80% مما جعل ذلك الطفيل مادة المكافحة الوحيدة لهذه الدودة في أكثر من 55% من حقول القصب في مصر . و في مصر أيضا ، أعطى الطفيل سالف الذكر نتائج رائعة في خفض الإصابة بآفات النخيل من ربتة حرشفية الأجنحة إلى حوالي 93% . و من الأمثلة الأخرى ، طفيل سيرروسبيلاس على الحشرات صانعات الأنفاق في أوراق الحمضيات حيث أدى لخفض الإصابة إلى حوالي 50% . و لا يشكل ما قدمناه عن المفترسات و الطفيليات إلا جزءا بسيطا يفتح الباب على مصراعيه لكل ذوي الاهتمام للتقصي و البحث عن أنواع شتى من كليهما ، ممن تأقلمت مع ظروف كل منطقة مناخية و تتغذى على أصناف معينة من الآفات التي تتكاثر و تستوطن أينما توفرت الظروف المناخية المناسبة .
الكائنات الممرضة للآفات :
كبقية المخلوقات ، فإن الآفات الزراعية تتعرض للأمراض التي في بعب الحالات تهلكها و في حالات أخرى تحد من خطورتها على المحاصيل و في حالات ثالثة تكون خفيفة فتتعافى الآفات منها . و من أمراض الآفات ما هو بكتيري و فطري و فيروس و نيماتودي أو بسبب الكائنات و حيدات الخلية .
و من أهم الأمراض البكتيرية الممرضة للحشرات :
البكتيريا التابعة لجنس باشيلاس ( Bacillus ) و منها ( B . lentimorbu و B . thuringiensis و B . popillia ) . حيث استخدمت تلك الأنواع في مكافحة يرقات حرشفية الأجنحة محدثة تسمما دمويا و من أعراضه تهتك و شلل في الفم و الأنسجة الداخلية لقناة اليرقة الهضمية وتلونها باللون البني . كما تحدث بكتيريا النوع ( B . popilliae ) تغيرا في لون مؤخرة الخنفساء اليابانية إلى الأبيض الحليبي ( Milky disease ) . و يتوفر حاليا مستحضرات بكتيرية جاهزة مثل الأجرين و الديبل يمكن شراؤها و رشها لإحداث العدوى في يرقات العديد من حرشفية الأجنحة .
و الأمراض الفطرية أكثر خطورة على الحشرات من تلك البكتيرية . و من أهمها :
Metarhizium anisopliae, Verticllium licanii, Beauveria bassina, Nomuraea rileye
حيث تلتصق تلك الجراثيم الفطرية بجسم الحشرة و بمجرد نموها تخترق جدار الجسم و تنتشر في دمائها مما يؤدي إلى موت الحشرة . ثم تمتد نمواتها ثانية خارج جسم الحشرة الميتة لتهاجم بفعل الرياح أو الماء حشرة ثانية و هكذا . و قد أثبتت الجراثيم الفطرية فعالية في مكافحة الذباب المنزلي و البعوض و نطاطات الأعشاب و بعض أنواع الفراشات . ويتوفر حاليا مستحضرات فطرية جاهزة مثل البيوفلاي من فطر Beauveria bassina و التي يمكن شراؤها و رشها لمكافحة الذبابة البيضاء و العنكبوت الأحمر و المن و الحلم .
و تهاجم الأمراض الفيروسية أعداد هائلة من أنواع الحشرات ، فيما سجلت أخطر الإصابات على الحشرات ذوات الأجنحة الحرشفية و على اليرقات ذوات الأجنحة الغشائية . و تكون الفيروسات إما حبيسة في خلايا العائل و تأخذ الشكل الكروي أو المسطح أو المحبب أو العصوي ( مثل فيروسات البولي هيدروس النووية و البولي هيدريه السيتوبلازمية ) أو طليقة في كل من السيتوبلازم و النواة و تضم الفيروسات القزحية و المكثفة و غيرها . و أكثر تلك الأنواع شيوعا هي مجموعة الفيروسات العصوية حيث يتم شراء مسحوقها ومزجه معا لماء ورشه بآفات الرش العادية . بعد عملية الرش ينتقل الجرثوم الفيروسي للحشرة عن طريق الفم مع الطعام على الأغلب ، وقد ينتقل عن طريق الفتحات التنفسية كما قد تنقله حشرة مصابة لأخرى سليمة بواسطة آلة وضع البيض . و ما أن يستقر الفيروس في جسم الحشرة حتى يبدأ بالتكاثر محدثا خللا في تركيبة الحشرة الفسيولوجية و في تغذيتها و حركتها و في وضعها للبيض فينتهي بها المصير إلى الموت والتحلل لتتناول حشرات أخرى بعضا مما تحلل مع طعامها فيكون لها نفس المصير . و يتوفر حاليا مستحضرات فيروسية جاهزة غالبيتها من فيروس البولي هيدروس النووي لمكافحة آفات متعددة مثل ديدان ورق القطن و ديدان براعم الدخان و نطاط النجيليات و نطاط البرسيم و غيرها .
و ليست كل أنواع النيماتودا ضارة بالنبات ، و إنما هناك أنواع نافعة للنبات مثل الأنواع التابعة لعائلتي Steinrnematidae وHeterorthabaitidea و التي تتصاحب مع البكتيريا الممرضة Phatorhabdus xnorhabdus فيدخل كليهما في جسم الحشرة و يهلكانها في غضون يومين على الأكثر . و يتميز هذا التحالف النيماتودي البكتيري بقدرته على مهاجمة مدى واسع من الحشرات التي تصبح و بعد الفتك بها رخوة و بلون بني أو أحمر أو برتقالي أو أصفر أو أسود . كما تتميز هذه الأنواع من النيماتودا بمقدرتها على تحمل درجات الحرارة المنخفضة مما يساعد في تخزين مستحضراتها لفترات طويلة في الثلاجة لحين استخدامها . و يتوفر حاليا مستحضرات تجارية من ذلك التحالف مثل البيوسيف Biosafe و الجارديان و التي تمزج مع الماء و ترش بالمرشات العادية في ظروف الحرارة المنخفضة نسبيا و في غياب أشعة الشمس الساطعة و المباشرة . و تحدث النيماتودا إصابات مؤثرة في الحشرات عندما تكون في البيئة التي توافق نشاطها كالظروف التي تتسم بالبرودة و الرطوبة و الظلام الذي يحميها من ضرر الأشعة فوق البنفسجية . و من هذا المنطلق فإنها تحقق نتائج أفضل على المحاصيل المزروعة تحت منشآت محمية من تلك المزروعة مكشوفة ، و تكون أكثر نجاعة في مكافحة الحشرات الساكنة في التربة أو في دخل السيقان و الأفرع بعيدا عن ظروف الجفاف و الحرارة و عن أشعة الشمس المباشرة . وقد أثبتت مستحضرات الينماتودا المتعددة قدرة على مكافحة العديد من الحشرات مثل الخنفساء اليابانية و ناخرات الأخشاب و حفار ساق التين و سوسة النخيل الحمراء و النمل الأبيض و خنافس الجذور و البعوض و الذباب .
وقد تتعرض الحشرات إلى الأمراض الناجمة عن الكائنات وحيدات الخلية Protozoa من صف الميكروسبورا ، كالممرضات التي تهاجم مجموعة من الحشرات مثل دودة الحرير التوتية و نحل العسل و فراشة درنات البطاطا و التابعة للجنس نوسيما . و مثل الممرضات التي تهاجم حفار ساق الذرة الأوروبي و دودة الكرنب و التابعة للجنس بيريزيا . و تتم العدوى للحشرات السليمة من المريضة عن طريق إما الفم أو عن طريق المبايض حيث تظهر على الحشرات المصابة أعراض الخمول و فقدان الشهية و توقف الانسلاخ و صغر حجم الحشرة و تلون البراز باللون الأبيض و ظهور بعض التشوهات فيها نتيجة لغزو أنسجتها من قبل الممرضات تلك و التي تؤدي في ذروتها إلى موت أعداد من الحشرة . و يجب أن لا يغيب عن بالنا أن نتائج المستحضرات من هذه الممرضات تظهر في المدى البعيد على أن تتزامن مع وسائل المكافحة العضوية الأخرى كي يتم التقليل من أعداد الآفة إلى الحد الذي لا تشكل فيه خسائر اقتصادية .