إنْ يخطفِ الموتُ أحبابًا إلى الرَّمسِ؟
هدَّ الشَّجى قوَّتي لما قرأتُ رِثا
أختي الحبيبة، وارتاعتْ لهُ نفسي
ياعبلُ كانت بنا الأيامُ باسمةً
لمَّا بها ضمَّنا الإيمانُ بالأمسِ
عشْنا معًا صحبةً ما كانَ يمنعُها
رغمَ الفراقِ رجيمُ الجنِّ والإنْسِ
بها كتبنا كتاباتٍ معشقة
بالنورِ، سامقةً بالصِّدقِ والحِسِّ
فيها سكبنا رحيقَ الفكرِ عن كرمٍ
نرجو به قسمةً في جنَّةِ الأُنْسِ
ها قد رحلتِ إلى الرحمن باسمةً
لو قيلَ عودي إلى الدنيا بلا بأسِ
لنْ تقبلي رجعةً للأرضِ من نِعمٍ
من يحظَ بالنورِ لايشريهِ بالبخسِ
دنيا الأنامِ أيا عبل الهدى مُلئتْ
بالمُفْسِقاتِ، وباتَ الناسُ في مَسِّ
أنَّى اتجهتِ ترينَ الغدرَ منتشرًا
بالفتكِ يمشي، وجلُّ القومِ باليأسِ
والظلمُ ياعبلتي كالماءِ نشربُهُ
والعِرضُ منْتَهَكٌ، والحقُّ بالبؤسِ
تبًا لدنيا بها الأحقادُ سائدةٌ
والحربُ دائرةٌ بالجهرِ، والخلْسِ
سُحقًا لمن في الدُّنى يمشي بمفسدةٍ
مصفِّدَ الخير فوقَ السَّطرِ في الطّرسِ
دنيا تدورُ بأهلِ الأرضِ قاطفةً
أعمارَهم عنوةً في الليلِ والشَّمسِ
هم يعلمونَ بأن الموتَ يتبعُهمْ
كالظلِّ خلفَهُمو يمشي بلا حِسِّ
لكنَّهمْ بالهوى يلهَونَ في لعبٍ
للحتفِ يدفعُهم، وخالقِ الكرسي
ياعبلُ طيبي بخلدِ اللهِ منزلةً
يامنْ صبرتِ على الضَّراءِ والبأسِ
يامنْ كفلتِ يتيمًا، والكفيلُ لهُ
بصحبةِ المصطفى تاجٌ على الرأسِ