نهاية العام الدراسي لا تعني التوقف نهائياً عن تدريس الطفل، فإلى جانب اللعب واللهو طوال العطلة الصيفية لابد من وضع برنامجاً منظماً تُخصص ساعات منه لدورة تعليمية مبسطة بالتزامن مع ساعات اللعب ليكون بكامل جهوزيته على أبواب العام الدراسي القادم، فاللعب يؤمن له فرصة تجدد نشاطه الجسدي، والتعلم يغذي ذاكرته، ويحفظ مستوى مخزونه من المعلومات التي نالها خلال العام الدراسي السابق، مع الحرص المستمر على تأمين المناخ النفسي المستقر. فانخراط الطفل في المشكلات العائلية سوف يوجه تفكيره توجهاً مغايراً للدراسة ويصرف انتباهه عن تحصيل واجباته المدرسية تحت تأثير حالة التشاؤم والقلق التي تسيطر عليه.

إن ساعات تحصيل العلوم في المنزل تحتاج إلى السكون والهدوء، حتى يتمكن من التفكير والتحليل فيما يقرأ، لذلك يجب اعتماد خطة تقوم على ضبط الجو العام داخل المنزل، فلا صراخ ولا لعب ولا مكالمات هاتفية، ولا زيارات للجيران، ولا إثارة للأحاديث، الكل منصرف إلى أعماله الخاصة بهدوء، وليكن تشغيل التلفاز في وقت يفرغ الجميع من أعمالهم.

ومن العادات الصحيحة في التدريس التي تدفع الطفل إلى تحصيل علومه بتفوق أخر العام، حثه على إنجاز دروسه في وقتها، لأن تراكمها حتى آخر السنة سوف يدفعه إلى الرسوب في الامتحانات الفصلية والشهرية وبالتالي إلى مضاعفة مجهوده في الإنجاز أخر العام، ما يؤدي إلى إصابته بالضغط النفسي والقلق والخوف بسبب السرعة وعدم القدرة على التحصيل حتى النهاية. كما يجب توفير ما يدعم معلوماته من معاجم وقواميس لغوية ومراجع تغذي ذاكرته، خاصة على صعيد تقوية اللغات، مع ضرورة الاستعانة بمجلات علمية تساعده على المقارنة مع ما يدرسه في المدرسة.

تجهيز الغرفة له دور مهم في عملية التركيز والحفظ، لذا يجب تأمينها بمقومات مادية ومعنوية مناسبة كتأثيثها بمكتب صغير وإضاءة مسلطة ومعاكسة لجهة الكتاب، وتأمين الهدوء والسكينة، فذلك يخفف من تشتته الذهني ويوجهه ناحية الهدف ألا وهو قراءة ما يراه في الكتاب وليس التلهي بما يحيط به

وتلعب المناقشة والحوار البناء حول المادة المدرسية دوراً إيجابياً يسهل عملية الحفظ نتيجة التركيز المباشر على المعلومة المنقولة من الطرف الأخر، يستعيدها الطفل داخل الصف من خلال استرجاع الصورة وتخيل الموقف والأشخاص والوقت الذي جرت فيه المناقشة، ويكون استرجاع المعلومات من ضمن ما يسترجعه، وهذا لا يحصل دائماً عند الجميع إذا ما حاول القراءة بمفرده وفقاً للأسلوب التقليدي المتعارف عليه.

فأسلوب المناقشة أسلوب سلس وسهل يحول دراسة المادة من جامدة إلى مشوقة أشبه بالتسلية، لا يشعر الطفل خلالها بالملل، تمر عليه كما لو كانت حديثاً عادياً تترسخ من خلاله المعاني والكلمات في الذاكرة. وإذا من أخذنا الجانب الآخر من هذه المناقشة لوجدنا أنها تؤمن احتياجات الطفل لدراسة المادة، كما يجب الأخذ بعين الإعتبار أن التوقيف الزمني له دوره في تحديد قدرة الطفل على استيعاب الدروس، إذ أن بعض الأطفال ليسوا مهيئين لاستيعاب هذه الدروس خلال الليل، نتيجة عجزهم عن التركيز والإنتباه، ربما يعود ذلك إلى سكون الدماغ والإحساس بالنعاس، لذلك يفضل تحديد هذا التوقيف وفقاً لرغبات الطفل.

ومما يجب الالتفات إليه أن تقاعس الطفل وتكاسله في إنجاز واجباته المدرسية قد يكون بسبب خلل عضوي دماغي ومحدودية في الذكاء، وهذا أمر يستدعي تدخلاً طبياً ربما يتمكن وحل المشكلة، دون اللجوء إلى العقاب الذي تعتمده الأمهات كوسيلة تعيده إلى مزاولة تحصيله دون الوقوف على الأسباب، وهذا لا ينطبق على كل حالات التقاعس، فإذا ما غاب السبب العضوي، وبرز هذا التقاعس عن قصد وجب اتخاذ بعض الإجراءات والعقوبات غير المؤذية على صعيد الجسد والنفس، كحرمانه من ما يحب ومنعه عن اللعب وزيارة الأصدقاء والقيام بالعكس إذا ما أخذ على نفسه تهداً بتحسين قدرته على تحصيل والحصول على درجة ممتازة في كل مرة.

هذا ويعتبر اللعب مع الطفل واحدة من المحفزات التي تساعده على تنشيط قدرته الذهنية واستيعاب العلوم، وهذا يلزم بضرورة ابتكار العاب تحتاج للتركيز والإنتباه كصفتين مشتركتين بين الدرس واللعبة، على أن يتم ذلك بعد إنجاز الواجبات المدرسية في جو من الراحة النفسية، وأفضل الألعاب تلك المؤلفة من قطع هندسية تحتاج إلى تركيب في أكثر من شكل حتى يحصل على الشكل الذي رسمه في مخيلته، فهذا العمل تطبيق هندسي قبل أن يكون لعبة، يساعده في علومه المدرسية، خاصة إذا ما كان توجهه علمياً، إذ أن الأشكال تعلمه معنى المربع والمثلث والدائري وغيرها من الأشكال. إن توجهاته الطفل العلمية واختصار اللعبة على الأشكال الهندسية لا ينفي إدخال ألعاب أخرى ذات إبعاد ثقافية، كالمطالعة، وقراءة قصص الخيال، بل على العكس يفرضها واقعاً من ضمن النشاطات اليومية للطفل. من هنا يلزم الوقوف دائماً عند رغبة الطفل على صعيد اختيار ما يريد من مستلزمات التسلية ودعم عولمة في المدرسة.

انطباع الكلمات في الذهن وفق طرق التحصيل الإيجابي أشبه بالرسم الذي يمارسه تحت تأثير الترويض والتدريب، وهذا يؤشر على إتقان عادات تدريس سليمة تساعد على الاحتفاظ بالمعلومة

هذا إضافة إلى ما يفترض أن تفعله الأم على صعيد بناء الشخصية، وحثه على الاتكال على ذات والإحساس بالمسؤولية تجاهها فهذا من شأن أن ينمى شعوره بالاستقلالية. إن تركيز الطفل وبإيجابية في اللعبة يعني التركيز على الكتاب المدرسي، بسبب ما وصلت إليه الذاكرة من تفوق وانتظام في ترتيب المعلومات وتوضيبها جاء بالترويض والإنتباه والإصغاء، فالتركيز خلال تركيب اللعبة يساعده على تفكيكها وإعادة تركيبها، كذلك الأمر فإن قراءة الكلمات بتركيز وانتباه يساعده على رسم أشكالها في الذاكرة واسترجاعها عند اللزوم، وهذا قمة القدرة على تحصيل العلوم بتفوق، وفق طرق صحيحة اعتمدت فيها وصلات من التكرار والترويض زاد من خبراته ومكتسباته، ولعل هذا التفوق جاء نتيجة اندفاعه الذاتي نحو هذا التحصيل، زاد من ارتفاع معنوياته، وعزز في نفسه الثقة بالاعتماد على الذات دون الاستعانة بالغير، وأكد أن قدراته الذهنية سليمة على صعيد صحة الدماغ، وإن أداءه الدراسي وتحصيله للعلوم ممتاز يبشر بمستقبل جيد.


المراجع

basaer-online.com

التصانيف

المجتمع   تعليم وثقافة   الأسرة   العلوم الاجتماعية