الختان لغويًا “القطع”. و”الإختتان” و”الختن” إسمٌ لفعل الخاتن ولموضع الختان. و”ختن الذّكر” هو قطع الجلدة التي تغطّي الخشفة. وختن الأنثى هو قطع جلدةٍ في أعلى فرجها هو كالنّواة. ويُسمّى ختان الرجل “اعذاراً” وختان المرأة “خفضًا”.

عُرِفَ الختان عند غير المُسلمين. فقد أقرّت به شريعة موسى ووضعت له الشّروط وتشدّدت فيها وفرضت ختان المولود الذّكر في اليوم الثّامن لولادته، فسُمّيَت “شريعة الختان” لأنّ الختان علامة الإنتساب إلى إبراهيم وشعب موسى.

أجازت المسيحيّة ترك الختان، واعتمدت العماد بدلاً منه مُعتبرةً أنّ الختان الجسدي لا يجدي نفعًا إلاّ إذا كان مقرونًا بختان القلب. أمّا المسلمون فقد اعتمدوا الختان واعتبروه واجبًا على الرّجال ومكرمةً في حقّ النّساء. كما أنّ الختان غير مُخصّص بوقتٍ مُحدّدٍ، فهو أيضًا غير مُلزمٍ بشرعٍ أو بأمرٍ دينيٍ، إلاّ أنّه سُنّةٌ مُطبّقةٌ من أكثرية المُسلمين. وهو يُعرَف بإسم “الطّهور” أو “التّطهّر”، لأنّه أحد شروط الطّهارة، ففيه طهارة العضو التّناسلي ممّا ترسّب تحت القلفة الزّائدة من أوساخ.

الطّهور عند المُسلمين كان يحصل في البيوت، ويقوم أناس مختصّون، يُدعى واحدهم الختّان، ويُدعى عند معظم النّاس “المُطهّر”.

تتمّ عملية الطّهور بإلباس الطّفل عباءة وتمديده على مسندٍ. ثم يعمد رجلٌ قويٌ إلى تثبيت يديه ورجليه بحيث لا يعود بوسعه أن يقوم بأيّة حركةٍ تعوق المُطهّر أو تسبّب للطّفل جرحًا من الموسى التي يكون المُطهّر قد أعدّها وأكمل شحذها لتصبح صقيلةً جارحةً تقطع الجلدة التي تُغطّي الخشفة بسهولةٍ وسرعةٍ، فيما يضع أحدهم يده أو منديلاً على عينيّ الطّفل كي لا يرى الموسى والمُطهّر أثناء عمله. وكلّما عجل الأهل في طهور أبنائهم، كلّما خفّفوا من آلامهم، لذا يعمد الكثيرون منهم إلى طهور أبنائهم في نهاية الاسبوع الأوّل، أو في أثناء الأسابيع الأولى من الولادة.

وإذا كان الطّفل لايُختَن وهو رضيع، فلا يمكن له أن يبقى بعد سنّ السّادسة أو السابعة من العمر من دون ختانٍ لأسبابٍ كثيرةٍ، أهمّها أسباب دينية، إذ يُعتَبر في نظر المُسلمين غير طاهر، ولا يجوز له دخول المسجد ولا تُقبَل صلاته. أمّا النّواحي الصّحية، فمنها غلظ وكبر الجلدة المُراد قطعها أثناء الختانة إذا ما خُتِنَ وهو كبيرٌ بالعمر، حيث يزداد نموّها الطّبيعي وتزداد سماكتها، الأمر الذي يزيد ألمه ويجعله ينزف الكثير من الدّم، وتطول فترة شفائه قياسًا بأقرانه صغار السّن، وأيضًا صعوبة إقناعه أو السّيطرة عليه بالبقاء جالسًا بالمنزل مدّةً دون حراكٍ أو لعبٍ إذا ما جاوز السّن المُتعارف عليها.

أمّا إذا لم يُختَن الطّفل وجاوز السّابعة أو الثّامنة وما فوق، فإنّه يُصبح عرضةً للنّقد بين الرّجال والنّساء، وأيضًا الصّبيان. فكثيرًا ما يسمعُ كلماتٍ نابية، حيث يُطلَق عليه في بعض الأحيان لقب “بانيان”، ويُقصَد بالبانيان مَن هُم على ديانة البُوذيّة، وهي جاليةٌ موجودةٌ بكثرةٍ في دول الخليج ومعروف بأنّهم قوم لا يُختَتنُون. ويكاد ينعدم أن يُرى بين صبيان مواطني الإمارات مَن تعدّوا الثانية عشرة من العمر من دون ختان. أمّا التأخير في تختين الصّبي فأسبابه معظمها عاطفية، منها خوف الوالدين على ابنهما من المُضاعفات أو النّزف، أو أن يكون الطّفل وحيد والديه أو وحيد أمّه، وكثيرًا ما يحثّ الأهل والجيران والأقرباء الوالدين على ضرورة تختين هذا الصّبي كأن يكون كثير المرض والعلل أو كثير التّبول غير الإرادي أثناء اللّيل، ممّا قد يكون الختان في اعتقادهم علاجًا له.

أمّا في المملكة العربية السّعودية فيكلّف الختان الكثير من المال والجهد وخاصّةً في منطقة جازان نتيجةً للولائم التّي تُقام والحفلات التي تستمرّ لعدّة أيامٍ. وكان لا يُختَن الصبي إلاّ في سنّ السّابعة عشرة أو العشرين ويُسمّونه “الدّرم”، والحفلات التي تُقام تُسمّى “الهود”. وبعد الإستعداد لعمليّة الختان يبدأ الهود، حيث تُدَقّ الطّبول بعد صلاة العصر وتُقام رقصةُ السّيفي، ثم يخرج الجميع إلى ميدان البلدة وهم يرقصون رقصة الدّرمة. والدّرم الذّي سيخضع لعمليّة الختان يقف أمامهم وبيده سيف مسلول. وهناك تقام العرضة إلى قرب الغروب. وفي اللّيل تُقام رقصة الزّيفة وتستمرّ الحفلة على قدر حالة ومكانة أهل الدّرم، فقد تقتصر على يومٍ وليلةٍ وقد تستمرّ ثلاثة أيامٍ أو أسبوعًا.

في يوم الختان، يبدأ الأهل في الإستعداد: من التّحضير لأسباب الختان إلى إعداد محلٍ لائقٍ للمطاليب وتهيئة الطّعام إلى غير ذلك من الإستعدادات… وعند شروق الشّمس تُقرَع الطّبول وتدار رقصة السّيفي ويجتمع الناس والمطاليب ويخرجون في دلعٍ ورقصٍ والطّبول تُقرَع والرّصاص يُطلَق والأعلام ترفرف إلى أن يصلوا دار الحكومة، فيدخل الدرم ونفرٌ من أهله والختّان الذي يقوم بعملية الختان، ويُغلَق الباب وتجري عملية الختان. وبعد ذلك تقام رقصة الدّرمة ويسير الجميع في زيارةٍ خاطفةٍ لبيتٍ أو بيتين من بيوت الأقارب ثم يعودون بالدّرم.

وفي آخر أيّام الختان، ويُسمّى “الجبر”، يقيم أهل الدّرم وليمةً كبيرةً تُقدّم فيها الذّبائح وأنواع كثيرة من الطعام حيث تُرَصّ القدور مكوّمةً فيها صوامع من عصيد الدّقيق وتطفح جوانبها بالسّمن والعسل حتّى يفيض على جوانب القدور، ممّا يظهر البذخ وكرم المظهر.

وبعد الغداء ينشد الشّعراء قصائد تسمى التّكثيرة، يشيد فيها الشّعراء بكرم صاحب الحفل.

أمّا الآن فقد تغيّر الوضع ولم يعد لتلك العادات وجودٌ حيث أصبح الكثير من الناس يختن ابنه في الأسابيع الأولى من ولادته، والبعض يأخذ الطفل إلى أقرب مستشفى أو مركزٍ صحيٍ ويُختَن ثم يقيم والده وليمة يدعو لها الأقارب والجيران، وبذلك تنتهي عملية الختان.


المراجع

al-hakawati.net

التصانيف

عادات وتقاليد   التاريخ  المجتمع   العلوم الاجتماعية