تتفق أكثر النظريات على أن الإنسان عبر مضيق بيرينغ من سيبريا إلى ألاسكا وبعد ذلك بعدة قرون عبر إلى أميركا الجنوبية.

هؤلاء العابرون يطلق عليهم الأوروبيون اسم الهنود.

أقام بعضهم في أحواض معزولة فبقيت حياتهم بدائية. بينما تطورت الوسائل الحياتية عند اللذين أقاموا في واشنطن والأوريغون وكولومبيا البريطانية وألاسكا فكانوا أكثر استقراراً واستراحةً على أرضهم، بنوا بيوتهم من الخشب وأسسَّوا مدناً وقرى.

كذلك نمت في وادي المكسيك عدة حضارات منها حضارة المايا حيث عرفت شعوب الماي زراعة الذرة والبطاطا والقرع وشيدوا مدناً فخمة ثم في القرن العاشر بدأت حضارة المايا بالأفول فبدأت بعدها حضارة التولتيك القادمين أيضاً من الهضبة المكسيكية واشتهر عن التولتيك تشييدهم المعابد الضخمة المرفوعة على الأعمدة المزينة بالأفاعي الطائرة «منحوتة» وجاء بعدهم الهنود الأزتيك فبنوا عاصمة لهم دعوها تينو شتيتلان «مكسيكو الحالية» وذلك عام 1325م واستمر الأزنتيك حتى قدوم الإسبان.

في هذا الوقت كانت حضارة هنود تاينو قد تطورت في جزر الأنتيل الكبرى وهي كوباهايني بورتوريكو ـ جامايكا ـ وبقوا هناك حتى التقاهم كولومبوس عند نزوله أرض العالم الجديد وما إن حلَّ العام 1511م حتى قدِّر أن نحو 90% من سكان الجزيرة الأصليين ذهبوا ضحية ممارسة المستعمرين.

أما هنود الولايات المتحدة فقد عجزت الحكومة بعد الاستقلال عن حمايتهم من البيض المهاجرين بل إنَّ هنود الشيروكيز ـ استقبلوا الأوروبيين بالترحاب وأظهروا قدرة فائقة على تعلم تقنيات الأوروبيين الأمر الذي أثار قلق الأوروبيين فطردوهم عن أرضهم.

وفي أوائل القرن التاسع عشر ظهرت إلى الوجود مكرة تجميع كل الهنود على أرض بين تكساس والميسسيبي وفي 1830م تم طردهم قانونياً من المناطق الشرقية ووعدوا بمناطق في غرب الولايات المتحدة، عارض الهنود فأرغموا ومشى هنود الشيروكيز على أقدامهم مسافة 2000 كلم تحيط بهم قوات الجيش كان عددهم 15 ألف ـ مات 4 آلاف منهم على الطريق التي سميت بعد ذلك بطريق الدموع ثم في وسط القرن التاسع عشر تجمعت قبائل المنطقة الشرقية في الإقليم الذي بات يعرف بالإقليم الهندي ويتضمن أوكلاهوما كانساس نبراسكا.

وبعد هذه السنوات هاجر كثير من الأوروبيين إلى هذا الأقليم بحثاً عن الذهب فوقع الهنود مرة أخرى ضحايا جريمة منظمة وبقي الهنود في حالة تراجع وتقهقر في أوضاعهم المدنية والمعيشية وحتى في تعدادهم وكانوا بين خيارين إمَّا حياة البؤس والشقاء وإمَّا القبول بنمط الحياة الأميركية الذي يعني التخلي عن ثقافتهم الخاصة.

مع بداية الثلث الأخير من القرن العشرين بدأت قضية الهنود تأخذ طريقها إلى الرأي العام الذي أخذ قسم غير قليل منه يتعاطف معهم وشجعت الحكومة المستثمرين على الاستثمار في مناطق الهنود إضافة إلى نشر التعليم وتحسين الظروف الصحية وانعكست هذه العوامل على الهنود فازداد عددهم وتشير إحصائيات 1994 إلى أنهم بلغوا 9،1 مليون.

تعتبر اتفاقية ووندوي عام 1973م يوماً فاصلاً في حياة الهنود إذ أنهم استولوا على هذه القرية ووندوي وطردوا ممثلي الحكومة منها وأعلنوا إمساكهم برهائن وأنهم سيقتلونهم إن لم تستجب السلطات لهم وفعلاً وبعد 37 يوماً من المفاوضات تم الاتفاق وتحسنت أحوالهم بعد ذلك.

الوسط الطبيعي لأميركا الشمالية:

تمتد في الشمال منطقة شاسعة من الهضاب في كندا غنية بمناجم الحديد والنيكل والنحاس وتوجد فيها غابات واسعة.

السهول الوسطى تغطي النهر الأحمر ونهر ساسكا تشيون وفي هذه المناطق مناجم كبرى للفحم وآبار النفط والغاز الطبيعي.

أما المناطق الجبلية فهي مناطق جبال الأبالاش في الشرق والكورديليز في الغرب.

أميركا الشمالية الإسبانية:

عندما قدم الإسبان إلى أميركا كانوا خارجين لتوهم من حربهم الطويلة والقاسية ضد المسلمين فنزلوا أميركا وراحوا يفتكون بالهنود وفرضوا نمط حياتهم واتخذوا من منطقتي هايتي والدومينيكان نقطة انطلاقهم إلى غواتيمالا وكوبا وفلوريدا وأميركا الوسطى والجنوبية ومع ازدياد الحاجة إلى اليد العاملة خفف الإسبان من استعبادهم للهنود حتى وصل الأمر أحياناً إلى الاختلاط والزواج فبدأت تنشأ أجيال من المتيس والخلاسيين.

أميركا الشمالية الفرنسية:

امتدت الإمبراطورية الفرنسية من الشرق إلى الغرب من لويز بروغ في اسكتلندا إلى ديترويت وشمالاً من كيبيك إلى أورليان.

أراد الفرنسيون نشر الكثلكة في كندا واشترك المستوطنون الفرنسيون مع رجال الدين في هذه المهمة فبنوا الكنائس والأديرة.

وقَسَّمت الإدارة الفرنسية منذ بداية عهدها البلاد إلى إقطاعيات ثم اختفت لتحل محلها المزارع. والنسبة الأكبر من سكان كندا الفرنسية تقيم في المدن خاصة في موريال التي تضم لوحدها حوالي نصف سكان كيبك.

أميركا الشمالية البريطانية:

كانت بريطانيا إبَّان استعمارها لأميركا تعيش حالة انقسام بين الملك والبرلمان وأثَّر هذا الانقسام على استعمار أميركا إذ قامت فئتان بريطانيتان باستعمار أميركا فئة الأرستقراطية والتجار وعملت على بناء مدنٍ تجارية. والفئة العامة وعملت في مجال الزراعة والصناعة.

وأما علاقة الإنكليز مع الهنود فكانت أقل قسوة من معاملة الإسبان لهم وامتاز الاستعمار الإنكليزي بقبوله استيطان باقي الجنسيات الأوروبية في مستعمراته وهكذا توافد الفرنسيون ثم الألمان فالإيسلنديون والأوكرانيون.

سيطرت إنكلترا مدة طويلة على الحياة الاقتصادية والسياسية في أميركا الشمالية وعيَّنت حدود كندا بموجب معاهدات إلى أن نزلت عند إرادتها ومنحتها الاستقلال السياسي الذاتي عام 1867م فأصبحت كندا كونفدرالية مستقلة في إطار الإمبراطورية البريطانية.

أما فيما يخصُّ الولايات المتحدة (في إطار أميركا الشمالية البريطانية) فإن الأميركيين على رغم كونهم يتكلمون الإنكليزية وأكثرهم بروتستانت وقوانينهم مستوحاة من القوانين البريطانية فقد كانوا واستمروا حريصين على التمايز من خلال عملهم الدؤوب في تكوين أمة مستقلة وأنشأوا أمَّة انطلاقاً من عدة دول وقامت حكومتهم الفدرالية على تأكيد الحقوق الفدرالية وأنشأت الطرقات والقنوات وفرضت الحماية الجمركية ولم تكن المركزية في نظرهم عائقا أبداً أمام إنماء المواصلات ولا إنشاء المدن والمصانع والمزارع.

وأولوا وسائل النقل اهتماماً خاصاً وصارت شبكة النقل أساساً في إنماء الثروات الطبيعية للبلاد.

قارة الثروات المستغلَّة:

أميركا الشمالية قارة الثروات الطبيعية المستغلة على أفضل وجه كانت معزولة لقرون طويلة فأصبحت في قلب العالم وكانت قليلة السكان ودفينة الثروات ثم مع وصول الأوروبيين إليها أصبحت قارة جديدة ودينامية.

وعرف شعب أميركا الشمالية كيف ينتفع من ثروات القارة العديدة ويتغلب على الصعوبات الجغرافية فليس هناك ما يثير الدهشة وإذا كان يتمتع اليوم بأرفع مستوى معيشة في العالم. وليس غنى الأرض وحده هو السبب بل إرادة السكان وحبهم للعمل وحماسهم له.


المراجع

alencyclopedia.com

التصانيف

المجتمع   حضارات   التاريخ   دول