الدولة العثمانية عام(1032)هـ 

مراد الرابع، من سنة (1032 ـ 1049) هـ وكان عمر هذا السلطان (14) سنة فولى الصدارة لجركس محمد باشا فرأى هذا الوزير أن يطفىء ثورة أباظة باشا فقاتله حتى كسره فأرسل بطلب العفو لنفسه من السلطان فعفا عنه وولاه أرضروم كما كان.

فعزم الصدر على فتح بغداد إلا أنه توفي قبل إتمام غرضه فقام الصدر الجديد حافظ أحمد باشا بتنفيذ هذا الغرض فقصد بغداد بعشرين ألف جندي فلم يقو عليها وتمرد عليه الجند وقبضوا عليه وسجنوه وولوا القيادة لمراد باشا ثم عزلوه وأرجعوا حافظ باشا ثم نقموا عليه وهموا بقتله ثم اتفق معهم على رفع الحصار فأغرى ذلك الفرس على الاستيلاء على قلعة أخسخة ثم حاصروا قارص فعينت الدولة أباظة باشا لاسترداد أخسخة وبينما هو يستعد أتاه خبر بعزله عن القيادة وتعيين حسين باشا فاستشاط غضباً وشق عصا الطاعة بعد أن اغتال حسين باشا المذكور ثم تحصن في أرضروم فجاء الصدر الأعظم بنفسه فحاصره ولم يتمكن من القبض عليه ثم لما ولي خسرو باشا صدراً أعظم قاد بنفسه جيشاً مؤلفاً من (150) ألف جندي وقام لمقاتلة الفرس واسترداد بغداد فصادف جيشاً فارسياً كان آتياً لمساعدة أباظة باشا فهزمه ثم تقدم فهزم أيضاً الباشا المذكور ثم تقدم فحاصر بغداد ولم يتمكن من فتحها بسبب تمرد بعض ضباط الجنود فعاد إلى الموصل وهنالك أمر بوليمة فأقيمت ودعا إليها أولئك الرؤساء المتمردين وقتلهم جميعا.

ثم طلب المدد لإعادة حصار بغداد وكان الشاه عباس قد توفي فأرسل خليفته الشاه صفين جيشاً للمحافظة على الحدود فقاتله خسرو باشا حتى هزمه وقتل من جيشه (30) ألفا وقتل رئيسه وهرب الشاه فأغار خسرو باشا على همذان ودركزين ونهاوند وبينما كان يقصد أصفهان مقر مملكة فارس أمره السلطان بالعودة إلى حصار بغداد ثم عزله وولى مكانه الصدر الأسبق حافظ باشا.

ثورة داخلية

كان الجنود التركية المدعوة بالانكشارية قد تداخل هيئتهم الفساد فأصبحوا علة كل شر داخلاً وخارجاً وقد ثاروا في مدة هذا السلطان ثورة هائلة بحجة أن السلطان عزل الصدر الأعظم خسرو باشا وهم يرونه أجدر الناس بهذا المنصب.

فما وسع خسرو باشا إلا البعد عن الآستانة أما الجنود فقتلوا بعض ندمان السلطان وبعض الوزراء وذهبوا متجمهرين حتى غشوا السراي السلطانية فأطل عليهم السلطان بنفسه فما ارتدعوا ولكن السلطان أظهر الشدة وأمر بقتل رجب باشا المتهم بتحريضهم وولى محمد باشا الأرنؤدي منصب الصدارة فأخذ في قتل رؤساء أمته فخاف بطشه الانكشارية. وتمكن هذا الصدر من تهدئة الأناضول التي كانت ثائرة.

ثم سار الصدر يقود جيشاً إلى حلب وأخذ يقاتل علي بك بن المعني أمير لبنان الذي كان استقل منذ ثلاثين سنة فالتقى به في صحراء صفد فكسره شر كسرة وأسره وأرسله إلى الآستانة فعفا السلطان عنه ورده إلى بلده.

محاربة الفرس

كانت الحرب مع الفرس مستمرة إلا في فترات تختلف آمادها فعزم السلطان أن يقود الجيش بنفسه لفتح بغداد ففتح روان وهناك أصيب بمرض فاضطر للعودة إلى الآستانة.

أما الفرس فإنهم أرسلوا جيشاً استردوا به روان أما السلطان فإنه رأس جيشه ثانية وذهب لقتال الفرس فالتقى بهم على شاطىء نهر دجلة فهزمهم وحاصر بغداد فطلب الفرس الصلح فلم يقبل السلطان ودخلوا المدينة عنوة فقتلوا من الفرس عشرين ألفا بل أكثر وكان السلطان وهو داخل المدينة منصورا ممسكا بيده حزمة من الأسلحة ولابسا جلد نمر كما فعل الإسكندر حين دخل بابل ومعه خمسون من خانات الفرس مكبلين بالحديد وكان ذلك سنة (1049) هـ الموافقة لسنة (1631)م وهناك عقد الترك الصلح مع الفرس وأدركت السلطان منيته فمات.

إبراهيم خان بن أحمد الأول

تولى سنة (1049) هـ وتوفي سنة (1058) هـ كان هو الرجل الوحيد الذي بقي من سلالة سلاطين الترك وكان ولوعا بالنساء حتى كان لا يخرج من السراي إلا نادرا وقد حازت نساء القصر في مدته سلطة واسعة وصار أمر المملكة بأيديهن يسندنها لأزواج صنائعهن من النساء.

حرب كريت

رأت الدولة في مدة هذا السلطان أن لا بد لها من فتح كريت بعدما صار بيدها أكثر سواحل البحر الأبيض المتوسط فأقلع الأسطول العثماني مركباً من (150) سفينة تحت قيادة يوسف باشا والتحق به سفن أخرى في الطريق ولما وصل كريت أنزل الجنود بجهة يقال لها غرامبوسة واستولت السفن على قلعتين من جزيرة تودوري ثم حاصرت قلعة خانية فاستولوا عليها بعد خمسين يوماً فأسرعت مملكة البندقية في إثارة أهل كريت فأرسلت أسطولها بقيادة الأميرال موروزيتي وساعدتها مالطة بعشرين سفينة وأمدتها فرنسا بالمال فجاءت هذه العمارة إلى ميناء سودة من تلك الجزيرة ثم خرجت لقتال العثمانيين فثارت عليها زوبعة أحدثت بها إتلافا كثيرا فرجعت بدون قتال.

ثم والى السلطان إرسال السفن إلى كريت فصادفت موانع كثيرة من القرصان وسفن الأعداء وعزل بسبب ذلك كثير من قواد الأسطول التركي وأخيراً تجرأت مملكة البندقية على إرسال أسطول لمنع إمداد العثمانيين عن كريت وعلى امتلاك قلعة تينيدوس على فم مضيق الدردنيل فخرج القائد ونيق أحمد باشا فقابلهم حتى أجلاهم عن تلك القلعة وهزم أسطولهم ولما بعد عن الشاطىء قابله أسطول البنادقة فحدثت واقعة كبيرة تدمر فيها الأسطول البندقي وانهزم هزيمة منكرة.

ولما وقعت مدينة خانية في يد الأتراك انتقم البنادقة منهم بأن أحرقوا ثغور مدون وبتراس وكورون من بلاد مورة فعزم السلطان أن يثأر لنفسه بقتل جميع المسيحيين الموجودين في ممالكه فأفتاه شيخ الإسلام أسعد زادة علي سعيد أفندي بأن ذلك لا يجوز في دولة إسلامية فخضع لفتياه.

وفي تلك الأثناء حدثت اضطرابات في الروملي فأرجىء فتح قلعة رسمو وسودة من جزيرة كريت إلى وقت آخر وامتد لهيب الثورة وسعت والدة السلطان في إطفائها بنفوذها فلم تستطع وأخذ السلطان يقتل كل يوم عدداً من الوزراء المتهمين بإشعالها فزاد ذلك في سخط الناس عليه. ولما رأى أن الانكشارية هم سبب هذا البلاء عزم على إبادتهم فلما علموا ذلك ثاروا عليه وخلعوه وولوا ابنه محمد الرابع.


المراجع

alencyclopedia.com

التصانيف

المجتمع   حضارات   التاريخ   الدولة العثمانية