المدينة الممنوعة ي بكين تضمُّ قصوراً كان أباطرة الصين يعيشون فيها. ويستخدم الحزب الشيوعي الصيني فناء أحد القصور في التمرين على إجراء الاستعراضات.

بكيــن عاصمة الصّين، وثانية كبريات مدنها، ولا يفوقها في عدد السكان إلا مدينة شنغهاي. يبلغ عدد سكانها 7,362,426 نسمة. وتشتهرُ بكين بقصورها الجميلة وأسوارها الحجرية الضّخمة وبواباتها. وقد أصبحت بما تزْخر به من كنوز فنيّة وجامعات، مركزاً ثقافيًّا للصين من قديم الزمان. ومن ناحية أخرى، فإن الحزب الشيوعيّ الصينيّ، الذي استولى على السُّلطة عام 1949م، جعل منها مدينة صناعيةً رئيسية. وتقع بكين على سهلٍ في شمالي الصين، ويبعد بنحو 160كم إلى الداخل من خليج زيليِ (يُسمَّى أيضاً خليج بوهايْ أو خليج بو). وظلّت بكين مركزاً للحكومة على نحو متقطع لما يربو على 2000 عام، وأقام فيها عددٌ كبيرٌ من الحكام ـ منهم أباطرة المغول والمينج والمانشُو ـ قصوراً ومعابد. واليوم، يعيش زعماء الحكومة المركزية الصينية ويعملون في بكين.

مداخل من الحجر المنحوت تؤدي إلى حديقة بالقرب من معبد بكين السماوي وتحمل كثير من المباني منحوتات حجرية.

المدينة

تشكل مدينة بكين جزءاً من مقاطعة خاصة تُسمَّى بلديّة بكين، يبلغ عدد سكانها 11 مليون نسمة، وهي تتألف من وسط المدينة، ويُسمَّى المدينة القديمة، ومن الضواحي، ثمّ الأراضي الزراعية.

تشمل المدينة القديمة ساحتين كبيرتين وهما في شكل مستطيل يطلق عليهما المدينة الداخلية والمدينة الخارجية، كانتا في الماضي محاطتين بأسوار، وبدأت تلك الأسوار تبلى تدريجيًّا، إلا أنّ الطّرق وخطوط السكة الحديدية التي مُدَّتُ تحت الأرض تتبع الحدود الأصلية في المدينة القديمة.

وتقع كلٌّ من المدينة الممنوعة ومدينة الإمبراطور داخل نطاق المدينة الداخلية. وتضمّ المدينة الممنوعة قصور الأباطرة الصينيين القدماء، وسُميت هكذا لأنّه كان لايجوز أن يدخلها إلا أفرادُ أسْرة الإمبراطور. وتمّت صيانة المباني في هذا الجزء من بكين الآن لتصبح متاحف، أمّا المدينة الإمبراطورية، التي تحيط بالمدينة الممنوعة، فتشملُ بحيراتٍ ومتنزّهات ومساكن لزعماء الحزب الشيوعيّ الصينيّ. وتقف بوابة السلام السماوي (تيانانمنْ) في الطرف الجنوبيّ للمدينة الإمبراطورية، وهي تطلّ على ميدان تيانانمنْ حيث تُجَرى الاستعراضات والألعاب النارية في الأعياد الوطنية. وتحدّ هذا الميدان قاعة الشّعب الكبرى (مبنى البرلمان الصينيّ) ومتحف الثورة، والمتحف التاريخيّ. وعلى الناحية الجنوبيّة من الميدان، تقعُ القاعة التّذكارية للرئيس ماو، وتضم رُفات الزّعيم الشيوعي ماوتسي تونج.

تحتلُّ المناطق التجارية والمناطق السكنية والمتنزهات حيِّزاً كبيراً من المدينة الخارجية.

ويقع قصر الصيف الذي كان يعيش فيه كثير من أباطرة الصين أثناء الصيف، ومقابر الأباطرة المينج إلى جهة الشمال الغربي للمدينة القديمة بكين، ويمتد جزءٌ من سور الصين الشهير شمالي بكين مباشرة.

ويتميز كثيرٌ من المنازل في بكين وغيرها من مدن الصين بالقِدَم، ويعيش العديد من سكان المدينة القديمة في منازل من طابق واحد تُسمى هوتونغز، تفصلها أزقّة ضيقة تصطف على جانبيها الأشجار. وتتفرَّع الهوتونغز من الشوارع الرئيسية المشجرة، حيث يتجوّل فيها الباعة، وهم يعرضون سلعاً كالسّمك وحَساء المكرونة والخضراوات.

أنشأ الشيوعيون مصانع في الضواحي الواقعة إلى شرقي المدينة القديمة وجنوبيها، وتضمّ الضّواحي إلى الشمال الغربي العديد من المباني الجديدة المكونة من شُقق، كما تشملُ أيضاً جامعتي بكين وكنغوا.

السكان

ينتمي معظم سكان بكين إلى الجنسية الصينية المسمّاة هان، وهي أكبر مجموعة عرقيّة في البلاد، كما تعيش في المدينة أقليات قليلة من المانشو والمغول. واكتسبت معظم الأقليات عاداتٍ وطريقة لبس قومية الهان. ومعظم السكان يتحدثون الصينية الشمالية وتسمى الماندرين، اللغة الرسمية في الصين.

التعليم والحياة الثقافية

يذهب جميع الأطفال في بكين تقريباً إلى المدارس الابتدائية، كما يلتحق معظمهم بالمدارس الثانوية لفترة عام في الأقل. وتوجد في بكين أكثر من 30 كلية وجامعة وكلية فنية.

وتُعدّ مكتبة بكين أكبر المكتبات في الصين. وهناك أكثر من 25 مسرحاً، وتقدم الفرق الفنية الموجودة في بكين المسرحيّات الموسيقية والباليه في جميع أنحاء الصّين.

الاقتصاد

شيّد الشيوعيون مصانع عدة في بكين بعد تسلمهم السلطة، حيث تنتج تلك المصانع الموادّ الكيميائية والمعدّات الكهربائية والآليات الزراعيّة والحديد والصّلب والمنسوجات. وينتج الصناع المهرة الخزف الصيني والنسيج المطرّز والبلاط.

وتنتشر المزارعُ خارج المدينة القديمة، ويزرع الفلاحون القطن والفواكه والحبوب والخضراوات، كما يُربّون البطّ والسمك والخنازير، وينتجون بعض المصنوعات الخفيفة مثل السّلال والأثاث.

الحكومة

تقع بكين في مقاطعة هيبي غير أن لها نظام حكمٍ منفصلاً عن الحكومة الإقليميّة، حيث تتولىَّ لجنة من الحزب الشيوعي الصيني وضع السياساتٍ لينفذها القادةُ المحليّون.

نبذة تاريخية

ربما أسّست بكين،ُ بصفتها مركزاً تجاريًّا، حوالي عام 2000ق.م، ثم أصبحت عاصمة لدويلة يِنْ التي استمرت من حوالي 400ق.م إلى حوالي 200 ق.م. ولقد غزا الخيتانيوّن الصين من ناحية منشوريا، وأقاموا حكم أسرة لياو عام 905م وبعد ذلك بقليل جعلوا بكين إحدى العاصمتين الوطنيتين. وأطلق الخيتانيون على بكين اسم ينكين وهو الاسم الذي لايزال يُستَخدمُ أحياناً حتى اليوم.

أخضع المغول الصين في أواخر القرن السابع الهجري، الثالث عشر الميلادي وأسسوا حكم أسرة يووان. واتخذ القائدُ المغوليُّ قبلاي خان من بكين عاصمته الشِّتويّة وشرع في بناء المدينة على شكلها الحالي، وقد تعامل التجار العرب المسلمون مع بكين في وقت مبكر يعود إلى القرن الثالث الهجري، التاسع الميلادي.

جعل حكامُ المينج الذين جاءوا إلى الحكم عام 1368م، نانكينَ عاصمتهم، ولكنّهم سرعان ما حوّلوا العاصمة إلى بكين في أوائل القرن الخامس عشر الميلادي وقد أطلقوا عليها أولاً اسم بينغ ومعناها (السّلام الشماليّ)، ثم عدلوا الاسم إلى بكين، ومعناها العاصمة الشماليّة. أمّا الحكّام المنشوريّون، الذين خلفوا حكام المينج عام 1644م، فقد وسَّعوا بكين وأضافوا إليها الكثير من القصور والمعابد.

في عام 1860م، أجبرت فرنسا وبريطانيا الصين على السماح للدبلوماسيين الأجانب بالعيش في بكين. وفي عام 1900م، حاولت مجموعةٌ من الصينيين أطلق عليها الملاكمون طرد الأجانب من الصين، فقتلوا دبلوماسيَّاً ألمانيًّا في بكين وعدداً كبيراً من النَّصارى الصينيين في شمالي الصين. وعلى إثر ذلك، قام جيش مجنّد من ثمانية أقطار، منها ألمانيا وإيطاليا واليابان وروسيا والولايات المتحدة، بمهاجمة بكين، ودُمِّر العديدُ من كنوز المدينة. ثورة الملاكمين. وبعد سقوط آخر المنشوريين عام 1912م، تعاقبت مجموعة من الحكام المحليين يُطلق عليهم أمراء الحرب على حكم بكين التي أصبحت العاصمة الجديدة لجمهوريّة الصين.

سيطرت اليابان على موانئ معينة بإقليم شاندونغ في مطلع عام 1919م، مما دفع الطّلاب إلى تنظيم مظاهرات ضدّ النّفوذ اليابانيّ في الصّين في الرابع من مايو من العام نفسه، وكانت حركة الرابع من مايو، كما عُرفَتْ فيما بعد، تهدف إلى استعادة كرامة الصين وقوتها.

استولى الحزب الوطني الصيني على بكين من أمراء الحرب عام 1928م. وجعل زعيم الحزب تشيانج كاي شيك، نانكين عاصمة للصين وغير اسم بكين مرة أخرى إلى بيبين. وفي عام 1937م، هزم اليابانيون الصينيين عند جسر ماركو بولو، جنوبي بكين، واحتلوا المدينة. ومع أن القوات الوطنيّة استعادت بكين عام 1945م، لكنها وقعت في قبضة الشيوعيّين الصينيّين عام 1949م .

وفي الأول من أكتوبر 1949م، وقف ماوتسي تونج أمام بوابة السّلام السماوي مُعْلنا تأسيس جمهورية الصّين الشعبية. وقد أعاد الشيوعيّون الاسم القديم بكين إلى المدينة وجعلوها عاصمة الصين، وأنشأوا فيها مباني جديدة، إضافة إلى تطوير الصناعات في الضواحي، وتحويل الأراضي الزراعية إلى كميونات شعبية (جمعيات زراعية ذات ملْكيّة مشتركة).

وفي عام 1966م، أغلقَ ماوْ جامعات بكين، وألحق الطّلاب بوحدات الحرس الأحمر التي كانت تعمل للقضاء على معارضي سياسات ماو. وفي عام 1979م، بعد وفاة ماو بثلاثة أعوام، عادت بكين مرة أخرى إلى الحكم المدنيّ.

وفي عام 1976م، ضرب زلزال كبير منطقة بكين، وتسبّب الزّلزال الذي كان مركزُه المدينة المجاورة تانغشان في وفاة نحو 240,000 من السّكان، وفي حدوث تلف واسع النِّطاق في الممتلكات بالمنطقة.

وفي عام 1989م، تجمهرت جموع غفيرة من الناس بميدان تيانانمنْ في مظاهرة تطالبُ بالمزيد من الديمقراطية. غير أنَّ الجيْشَ سحق المظاهرات، وقتل مئات المعارضين.


المراجع

aljazeera.net

التصانيف

عواصم  الجغرافيا   عواصم آسيا