مغارة بني عاد (بالفرنسية: Grottes De Beni Add) هي مغارة طبيعية تتواجد ببلدية عين فزة بولاية تلمسان في غرب الجزائر.
هذه التحفة الربانية بمواصفاتها العالمية ونفائسها المزدهية وكنوزها الأثرية، التي تتوّج ناصية عاصمة الزيانيين، وهو ما خلب مخيلات مؤرخين مشاهير من قامة عبد الرحمن بن خلدون، وابن أبي زرع، وشعراء بوزن ابن خفاجة، وابن الخميس.
مغارة بني عاد تراث طبيعي يزاوج بين الإبهار والدهشة تقع 57 مترا تحت سطح الأرض، وتمتد على طول 700 متر، ولها درجة حرارة ثابتة طوال العام (بحدود 13 درجة مئوية). وتعتبر قبائل الأمازيغ الذين استوطنوا الجزائر أول مكتشيفها.
يقولون عن تلمسان “من زار عاصمة الزيانيين فقد اكتشف العالم، ومن زار مغارة بني عاد فيها فقد جال العالم”، فمغارة بني عاد هي مغارة طبيعية وتحفة ربانية، صنفت ثاني أكبر المغارات في العالم، تتواجد ببلدية عين فزة بولاية تلمسان في غرب الجزائر، هذه التحفة الربانية بمواصفاتها العالمية وكنوزها الأثرية و تماثيلها الكلسية العجيبة توّجت تلمسان كناصية لعاصمة الزيانيين.
تبعد مغارة بني عاد عن تلمسان ب 25 كلم، ويعود اكتشاف تلك المغارة تحديدًا إلى القرن الأول قبل الميلاد، من قبل الأمازيغ، الذين جعلوا منها حصنًا منيعًا ضد الغزوات في تلك الفترة. وعلى مساحة 1 كيلومتر قبل المغارة، تجد نفسك في منعرجات جيجل، وغابات تيزي وزو، وبجاية، حيث تتربع أشجار الزيتون، التفاح والمشمش، وصخور تمنراست البركانية الساحرة. وما يزيد المكان جاذبية ذلك الشلال المتربع على يمين طريق المغارة.
ورغم جفاف تلك الشلالات إلا أن مسؤولي البلدية اهتدوا إلى إقامة شلال اصطناعي للحفاظ على هذا الإرث الطبيعي، جبال “الوريت” وغاباته الساحرة يشقها أيضا “جسر إيفل”، الجسر الذي صممه صاحب “برج إيفل” بباريس، ولا يزال اسمه منقوشًا فوق الجسر، كما لا يمكن لأي زائر لمغارة “بني عاد” مواصلة هذه الرحلة دون توقف عند المسجد العتيق الموجود بعين فزة، أو الارتواء من مياه “عين الصخرة” العذبة طوال فصول السنة.
أقسام المغارة:
تنقسم المغارة إلى قسمين حسب عدد الصواعد التي يبلغ طول بعضها إلى 18 مترا، المغارة الكبرى والمغارة الصغرى، حيث أن أحد الممرات الرئيسية في المغارة الكبرى يبلغ طوله حسب بعض الروايات 150 كلم، وكان يتخذه المجاهدون إما للفرار أو لجلب السلاح من المملكة المغربية (قبل أن ينسف الفرنسيون الممر المؤدي إلى مغارة “الحوريات” بالمملكة المغربية)، حيث يتواجد فيها مسلك سري يصل إلى منطقة الحوريات بسيدي يحي بالقرب من مدينة وجدة بالمغرب.
وتمتد مغارات بني عاد في قسمها الثاني بطول 700 متر، وعمق 57 مترا، وبدرجة حرارة ثابتة، فيوجد بها العديد من القاعات الساحرة التي اختصرت تاريخ المدن والحضارة، متحف طبيعي اختصر الأزمنة والأماكن، فمن بين القاعات الموجودة فيها قاعة الغابة المقلوبة، الصحراء، قاعة السيوف العربية، غابة الصبار، تمثال الحرية، الجندي الروماني، غرفة الملك التي تقابلها على اليمين غرفة الملكة، رأس الفيلسوف سقراط، رأس الأفعى، وتمثال الحرية.
ويمكن للزائر أن ينتعش بصفاء المكان ويتمتع بهديل الحمام الذي يتخذ من المغارة مسكنا آمنا، وسط صواعد صخرية كلسية عجيبة تزيد المكان رونقا ومهابة،
وعلى شاكلة تمثال الحرية الطبيعي بأمريكا، والآخر الموجود بكهوف ”غار الباز” في ولاية جيجل الجزائرية، فإن مغارة “بني عاد” يستقر فيها هذا التمثال منذ القدم، وكأن ذلك الماثل في نيويورك ما هو إلا نسخة طبق الأصل لتمثال مغارة “بني عاد”.
قاعة السيوف التي تشتهر أنها استمدت اسمها من العدد الكبير لـ “النوازل” التي تشبه السيوف العربية البيضاء، والمقدر عددها بعشرات الآلاف من مختلف الأحجام، وتبدو من الأعلى كأنها موجهة إلينا.
وبين قاعتي “السيوف” و”المجاهدين” اللتان تخلدان مآثر الذاكرة الجزائرية العريقة، تنتصب رائعة أخرى من الروائع في هذه المغارة الواسعة الأرجاء، وهي جدار أبيض ملّون كالرخام يمكن للمرء أن ينقر عليه بعمود خشبي، فتنبعث منه نوتات موسيقية نخالها مضاهية للرتم الإفريقي الذائع الصيت في القارة السمراء.
الصحراء داخل المغارة:
عبر مسلك ضيق تم تهيئته للراجلين يمكن الولوج لقاعة الواحة، ولاشك أن الذي يعرف الصحراء وواحاتها يخيّل له أنه مقبل على الاستظلال بواحة للنخيل، حين يرى تلك الصواعد الصخرية الكلسية العجيبة في شكل شجر النخيل، يعانق بعضها بعضا وقد ارتسمت فوقها أشكال غريبة وعجيبة يفسرها كل حسب مخيلته وإدراكه، ولعل ما يميزها هي أشكال الجمال التي تشكلت من الكلس من تلقاء نفسها وما عسانا أن نقول إلا سبحان الله.
المغارة حفظت سر المجاهدين والثوار:
ثالث قاعة في أسفل مغارة بني عاد هي قاعة السيوف، وسميت كذلك للعدد الكبير من الصخور النوازل التي تشبه السيوف العربية البيضاء والمقدر عددها بعشرات الآلاف من مختلف الأحجام وتسمى هذه القاعة الفسيحة بقاعة المجاهدين، حيث كان يتخذ منها الثوار الجزائريون ملجأ يلجؤون إليه من ثقب صغير كان يؤدي إلى سفح الجبل، وبعد اكتشاف الأمر من طرف الاستعمار الفرنسي سنة 1957 تم تدمير ذلك الثقب بالديناميت، مما أدى إلى ردمه وبقيت آثار الجريمة بادية إلى اليوم، وتتسرب مياه الأمطار المتساقطة إلى جوف الأرض وإلى أسفل مغارة بني عاد، والشئ المميز بهذا الجزء من المغارة هو تواجد تمثال لجندي يحمل بندقية بيده وهو من نحت الطبيعة.
<أوت العديد من الأجيال وإتٌخذت كقصر للملوك والزعماء:
هذه التحفة الطبيعية كانت من اكتشاف الأمازيغ في القرن الأول أو الثاني قبل الميلاد حسب اختلاف الروايات التي تداولها العلماء والباحثين عبر الزمن، ليتخذوا منها مسكنا آمنا لهم وقصورا لملوكهم وزعمائهم.
المراجع
aljazeera.net
التصانيف
بيئة وطبيعة الجغرافيا مٌغر