جامع السلطان أحمد في اسطنبول
بغض النظر عن كونه من أهم و أجمل وأشهر مراكز الجذب السياحي في اسطنبول , يعتبر الجامع الأزرق مسجد نشط يضج بحركة المصلين في أوقات الصلوات الخمس و صلاة الجمعة وصلاة التراويح في شهر رمضان المبارك و هو الوحيد بـ6 ماذن في اسطنبول .
لا يمكن أن تنهي رحلتك في اسطنبول قبل أن تزور معالم ومنجزات الحضارة الاسلامية العثمانية التي تركت أثرا واضحا في كل شبر منها لتكون شاهدا خالدا على فن المهندس المسلم و ابداعه المعماري الظاهر جليا في مساجدها الكثيرة التي شيدت خلال الخلافة لتجعل من اسطنبول مدينة المآذن بلا منافس .
وأبرز هذه المساجد هو مسجد السلطان أحمد (المسجد الأزرق) الذي صهر بين فنون الزخرفة و الهندسة الاسلامية و البيزنطية في صرح واحد .
وبغض النظر عن كونه من أهم و أجمل وأشهر مراكز الجذب السياحي في اسطنبول بل في تركيا بأكملها , إنه أيضا مسجد نشط يضج بحركة المصلين في أوقات الصلوات الخمس و صلاة الجمعة وصلاة التراويح في شهر رمضان المبارك.
لذا ليس غريبا أن تر حشود كبيرة من الأتراك والسياح على حد سواء مجتمعين بشغف حوله وخاصة عند غروب الشمس حيث يجلسون في الحديقة التي تواجهه إلى أن يسمعوا نداء صلاة العشاء حينها يغرق المسجد بين هالات أضواءه الملونة في مشهد ساحر يأسر الألباب و يمدك بروحانيات قلما تشعر بها في أماكن أخرى .
بني هذا المسجد المشهور بعظمته و مهابته بين عامي 1018 ـ 1020 هـ / 1609 ـ 1616 م بعد أن طلب السلطان أحمد الذي استلم الحكم بعد وفاة السلطان العثماني محمد الثالث بن مراد الثالث عام 1603 من المهندس محمد فاتح آغا تلميذ المعماري الأشهر سنان باشا ببناء مسجد ومجمع اسلامي في عاصمته تقليدا لأسلافه الذين سبقوه , إلا أن السلطان أحمد أراد من مسجده أن يكون الأعظم و الأكبر في البلاد فجعله مطلاً على مضيق البوسفور ومقابلاً لكنيسة أيا صوفيا التي تحولت إلى مسجد وحاليا إلى أشهر متحف في اسطنبول ليتجاوزها و قصر توب كابي الذي يبعد عنه خطوات قليلة في الفخامة و الأناقة الداخلية و الخارجية , وقد أتمم بناءه قبل وفاته بسنة واحدة فقط ليتوارى جثمانه الطاهر في كنف مسجده .
لم يقتصر المسجد على قاعة للصلاة فحسب بل يحيط به مدرسة للتعليم الابتدائي ومستشفى متخصص في علاج الأمراض ، وسوق مغطى ، وحمام تركي , ومطعم للفقراء، وسبيل ماء للعطشى ، ومحلات تدر مواردا مالية للمسجد، وضريح السلطان أحمد طبعا , هذا كله وسط حديقة غناء تغمر أرضها الخُضرة التي تزينها الورود الملونة وتظللها الأشجار الوارفة.
وكصورة عامة للمسجد نجد أنه يتألف من 6 مآذن تناطح السحاب ليكون مع المسجد المركزي أو ما يعرف بـ Sabancı Mosque في أضنة المسجدين الوحيدين في تركيا الذين يحملون 6 مآذن .
أربعة من هذه المآذن الستة تتوضع في زوايا المسجد والاثنين الآخرين نجدهما في نهاية فناءه , و لكل مأذنة ثلاثة شرفات ولها درج حلزوني كان يصعد إليه المؤذن خمس مرات في اليوم للإعلان عن وقت الصلاة، أما اليوم فيتم استعمال مكبرات الصوت التي يصل صداها حتى الأحياء القديمة في المدينة.
ولأن المسجد الحرام في مكة المكرمة يحمل 6 مآذن أيضا وكتواضع من السلطان أحمد أمامه قام بإضافة مأذنة سابعة للمسجد الحرام حتى يتميز عنه وعن سواه من المساجد .
يحيط بالمسجد سور مرتفع يطوقه من ثلاث جهات وفي السور خمسة أبواب، ثلاثة منها تفضي إلى صحن المسجد واثنان إلى قاعة الصلاة.
يتكون الصحن من فناء كبير مغطى بثلاثين قبة و يتوسطه ميضأة سداسية محمولة على ستة أعمدة منقوشة بالقرنفل و التوليب النافر تارة و بالزخارف الاسلامية تارة أخرى في تناغم وتناسق فريد .
أما المصلى فهو مستطيل الشكل طوله 72 متر و عرضه 64 متر يتسع حتى 10.000 مصلي , تتوسطه قبة رئيسية كبيره قطرها 23.5 متر و ارتفاعها 43 متر ترتكز على أربعة دعائم اسطوانية قطر الواحدة منها 5 أمتار منقوشة بالزخارف بمهارة لا توصف , و يحف القبة الرئيسية ثمان قبب ثانوية .
يُنار القسم الداخلي من المسجد بـ260 نافذة ذات زجاج ملون قُدّم من البندقية كهدية للسلطان أحمد , كما ينار أيضا بالعديد من الثريات القيّمة المطلية بالذهب والأحجار الكريمة وكرات الكريستال.
ما جعله يعرف شعبيا باسم المسجد الأزرق هو اكتساء جدرانه الداخلية بأكثر من 20.000 قطعة بلاط و سيراميك منقوشة يدويا باللون الأزرق , استقدمت جميعها من مدينة إيزنيك (نيقية اليوم) في أكثر من خمسين تصميم يحمل تمثيلات متباينة من الزهور والفاكهة وأشجار السرو.
كما تشمل التصميمات آيات مزخرفة من القرآن الكريم أغلبها قدمت من Seyyid Kasim Gubari الذي كان يعتبر أكبر خطاط في ذلك الوقت .
أما عن أرضية المسجد فهي مغطاة بالسجاد الفاخر والذي يتم التبرع به من قبل المؤمنين بشكل دوري.
وأخيرا لابد لنا من التحدث عن المحراب الذي يعد أهم عنصر في المسجد فهو مصنوع من الرخام المنحوت بعناية ودقة , و إلى يمينه يجذبنا المنبر المزخرف بتصميم هندسي ذكي بحيث أنه حتى عندما يكون المسجد في أوج ازدحامه يتسنى لجميع المصلين أن يروا و يسمعوا الإمام بوضوح .
و يتعين علينا أن ننوه ختاما أن هذا المسجد كغيره من المساجد الاسلامية عند زيارتك له يتوجب عليك خلع حذائك ووضعه في أكياس بلاستيكية تقدم مجانا عند الدخول , أما بالنسبة للنساء فلابد من ارتداء غطاء الرأس المتوفر مجانا أيضا وذلك تعبيرا عن احترام قداسة بيوت الله تعالى.
المراجع
yahalaistanbul.com
التصانيف
الأماكن السياحية سياحة الجغرافيا تركيا