تقع جمهورية نيكاراغوا Republic
of Nicaragua في
أمريكا الوسطى، وتشرف على البحر الكاريبي من جهة الشرق، وعلى المحيط الهادئ من
الغرب، وتحدها دولة هندوراس من الشمال وكوستاريكا من الجنوب، ممتدة بين درجتي
العرض 42 َ 10 ْ و15 ْ شمال خط الاستواء، وخطي الطول 83 ْ و87 ْ غرب غرينتش،
بمساحة تقدر بنحو 129494كم2، وهي أكبر دول أمريكا الوسطى من حيث
المساحة، كما أنها تضم أكبر كتلة من المياه العذبة في أمريكا الوسطى، وهي بحيرة
نيكاراغوا Lago de Nicaragua.
لمحة تاريخية
لا يعرف كثير من تاريخ نيكاراغوا قبل وصول الإسبان
إليها، فقد كانت المنطقة مأهولة بالهنود الحمر عندما وصل كريستوفر كولومبس إلى
سواحلها عام 1502، وقد ارتادها الإسبان منذ عام 1522م وأنشؤوا فيها بعض
المستوطنات، وما لبثوا أن بسطوا سيطرتهم عليها وأطلقوا عليها اسم نيكاراغوا نسبة
إلى زعيم هندي كان يعيش في المنطقة مع قبيلته واسمه نيكاراوا.
وفي القرنين السابع عشر والثامن عشر قام
الإنكليز باحتلال المنطقة من وقت لآخر، وكان القراصنة الإنكليز والهولنديون
والفرنسيون يمتلكون مخابئ فيها ويهاجمون الإسبان المبحرين في الكاريبي، وفي القرن
الثامن عشر سيطر الإنكليز على هنود موسكيتو على ساحل الكاريبي، ثم نزلت بريطانيا
عن سيطرتها على المنطقة لمصلحة نيكاراغوا في أواسط القرن التاسع عشر بموجب اتفاق
مع الولايات المتحدة الأمريكية.
أُعلنت نيكاراغوا دولة مستقلة في 15
أيلول/سبتمبر من عام 1821، وأصبحت فيما بعد جزءاً من الامبراطورية المكسيكية،
لكنها انفصلت عنها عام 1823، وانضمت إلى اتحاد مناطق أمريكا الوسطى الذي عادت
وتخلت عنه عام 1838، وقد تنافست مدينتا ليون وغرانادا على السيطرة على نيكاراغوا،
واندلع القتال بينهما عدة مرات.
ومنذ بداية القرن العشرين تعرضت نيكاراغوا
لمشكلات كثيرة في الحكم، كان السبب فيها تدخل الولايات المتحدة لحماية مصالحها في
المنطقة، وقد وصل إلى الحكم في عام 1937 أنستازيو سوموزا غارسيا Anastasio Somoza Garcia
الذي حكم البلاد حكماً دكتاتورياً توالى عليه هو وأبناؤه حتى عام 1979، عندما أرغم
الثوار الساندينيستيون Sandanistas الرئيس سوموزا الابن على الاستقالة والرحيل عن البلاد وشكلوا
حكومة جديدة.
وفي بداية الثمانينيات نشأت معارضة للثوار الساندينيستيين
بشأن السياسة الاقتصادية ونظام الحكم، وقد ساندت الولايات المتحدة هذه المعارضة
واتهمت حكومة نيكاراغوا بتزويد الثوار في بقية بلدان أمريكا الوسطى بالسلاح، ودارت
المعارك سنوات طويلة بين الحكومة والمعارضة التي عرفت فيما بعد باسم ثوار الكونترا،
وأدت هذه المعارك إلى خسائر مادية وبشرية كبيرة.
وفي عام 1984 أصبح دانيال أورتيغا Daniel Ortega
رئيساً لنيكاراغوا فزاد عداء الولايات المتحدة لنيكاراغوا واتهمت الساندينيستيين
بأنهم أقاموا ديكتاتورية شيوعية.
استمر الصراع بين الساندينيستيين وثوار الكونترا
بدعم من الولايات المتحدة حتى عام 1990م، حين تم التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق
النار بعد أن فازت فيوليتا باريوس دي شامورو Violeta Barrios
de Chamorro في الانتخابات الرئاسية
التي أُجريت في شباط/فبراير من العام نفسه وأصبحت رئيسة لنيكاراغوا حتى عام 1997،
وبعد ذلك بأشهر قليلة حُلت قوات الكونترا، وأنهت الولايات المتحدة حصارها التجاري
على نيكاراغوا.
الظروف الطبيعية
تتألف نيكاراغوا من ثلاثة أقسام طبيعية، تبدأ
بإقليم الكاريبي في الشرق، وهو سهول مرزغية تغطيها الغابات الاستوائية الرطبة،
وتجري فيها أنهار عديدة تأتي من الإقليم الأوسط، وتوجد على ضفاف هذه الأنهار
الأراضي الصالحة للزراعة، وتنتشر المراعي في الأجزاء الشمالية من هذا الإقليم، كما
تنتشر الجرز الصغيرة أمام السواحل في هذا الإقليم.
يلي ذلك باتجاه الغرب إقليم المرتفعات الوسطى،
وهو أعلى المناطق وأبردها في البلاد، ويتألف أساساً من سلسلة جبال كورديليرا
إيزابيلاCordillera Isabella، التي تضم أعلى نقطة في البلاد في جبل موغوتون Mogoton التي يصل ارتفاعها
إلى 2100 متر فوق مستوى سطح البحر. يلي ذلك إلى الغرب إقليم المحيط الهادئ وهو
إقليم منخفض يمتد من أقصى شمالي البلاد إلى أقصى جنوبيها، ويضم عدداً من البراكين
الصغيرة التي مازال بعضها ناشطاً حتى اليوم، وتوجد بحيرتا ماناغوا Managua ونيكاراغوا في
الجزء الأوسط والجنوبي من هذا الإقليم، كما ترتفع بمحاذاة ساحل المحيط الهادئ جبال
يصل ارتفاع بعضها إلى 910 أمتار فوق مستوى سطح البحر.
تتصف المناطق الساحلية في نيكاراغوا بمناخ
استوائي، متوسط درجة الحرارة فيه نحو 25 ْم، في حين تنخفض الحرارة في المناطق
الداخلية المرتفعة لتصل إلى 16 ْم، ويمتد الفصل الماطر من شهر أيار/مايو حتى شهر
تشرين الأول/أكتوبر، ويصل معدل الأمطار السنوي إلى 2500مم سنوياً، ولاسيما في
المرتفعات الداخلية، أما في إقليم الكاريبي فتسهم الرياح التجارية في هطل أمطار
تصل إلى 3800مم سنوياً.
السكان
وصل عدد سكان نيكاراغوا نحو 5.49 مليون نسمة
تقريباً حسب إحصاءات عام 2004، ومن ثم فإن الكثافة العامة للسكان هي نحو 42
نسمة/كم2، ويقدر الحضربـ «63٪» من السكان والريفيون بـ «37٪».
وتبلغ نسبة الميستيزيين Mestizos وهم السكان الذين يتحدرون من أصلين (أبيض وهندي) نحو 69٪ من
مجمل السكان، يليهم البيض 17٪ والسود 9٪ ثم الهنود الأمريكيون Amerindians ت5٪.
وتغلب الديانة المسيحية على السكان، إذ يقدر الروم الكاثوليك بـ «85٪» من
السكان والبروتستنت بـ «10٪»، وأصحاب الديانات الأخرى 5٪ فقط من
إجمالي السكان، واللغة الإسبانية هي اللغة الرسمية في البلاد، كما يتحدث السكان
اللغة الإنكليزية وبعض اللغات المحلية في المناطق الواقعة على سواحل المحيط
الأطلسي.
يدل التركيب العمري للسكان على البنية الفتية
للمجتمع في نيكاراغوا، حيث تبلغ نسبة السكان دون 14 سنة نحو 36.4٪ من مجمل
السكان، ومن 15-64 سنة نحو 60.5٪ وأكثر من 64 سنة لا يتجاوزن 3٪.
ويعود السبب في ذلك إلى اعتدال معدل النمو السنوي للسكان الذي وصل عام 2004 إلى
1.97٪ سنوياً، وكذلك إلى تحسن المستوى الصحي الذي يدل عليه بوضوح انخفاض
معدل الوفيات إلى 4.54 حالة وفاة لكل ألف نسمة في حين بلغ معدل الولادات في العام
ذاته 24.5 بالألف، وارتفاع العمر المتوقع عند الولادة إلى 70 سنة لدى مجمل السكان،
وارتفاعه إلى 72 سنة عند النساء، كما يشير إلى ذلك انخفاض نسبة المصابين بمرض نقص
المناعة المكتسب (الإيدز) إلى أقل من 0.2٪، على الرغم من أن وسائل الرعاية
الصحية ليست متوفرة في العديد من المناطق الريفية النائية في نيكاراغوا، ومع ذلك
فإن نحو 85٪ من الأطفال النيكاراغويين يحصلون على اللقاحات الصحية، والنسبة
نفسها من النساء الحوامل تحصل على الرعاية الطبية قبل الولادة وبعدها.
التعليم في نيكاراغوا إلزامي من سن 6 سنوات؛
وقبل عام 1980 لم يلتحق بالمدارس إلا نصف أطفال البلاد، ولاسيما أبناء المدن؛ لأن
الدولة لم تكن تملك العدد الكافي من المدارس والمعلمين، إن بعض المناطق الريفية لم
يكن بها مدارس على الإطلاق، أما في الوقت الحاضر فإن الغالبية العظمى من الأطفال
بهذه السن يلتحقون بالمدارس الابتدائية، غير أن أقل من نصفهم يتابع الدراسة في
المرحلة الثانوية وأقل من نصف هؤلاء يتابع في التعليم العالي، وقد أثر ذلك في
ارتفاع مستوى الأمية بين كبار السن، حيث تصل نسبة الأمية بين الذين تتجاوز أعمارهم
9 سنوات 32٪.
تعد مدينة ماناغوا Managua التي تقع على الطرف الجنوبي الغربي لبحيرة ماناغوا المدينة
الرئيسة، وهي عاصمة البلاد، ويزيد عدد سكانها على 1.5مليون نسمة، وهي المركز
الإداري والتجاري والمالي والثقافي للبلاد، كما أنها تشكل عقدة مواصلات برية، ومن
المدن الرئيسة أيضاً ليون Leon وماسايا Masaya وغرانادا Granada واستيلي Esteli.
الاقتصاد
تعد الزراعة النشاط الاقتصادي الرئيس في
نيكاراغوا، حيث يعمل بها أكثر من ثلث السكان، وتقدم نحو 30.5٪ من الناتج
المحلي، مع أن الأراضي الصالحة للزراعة لا تتجاوز 16٪ من مجمل مساحة البلاد.
يأتي القطن في مقدمة المحاصيل الزراعية، ويزرع
على نحو أساسي في المناطق المطلة على المحيط الهادئ، في حين يزرع البن وهو المحصول
الثاني من حيث الأهمية في المرتفعات الوسطى والمناطق المطلة على المحيط الهادئ،
وإلى جانبه يزرع قصب السكر.
كما يزرع الموز والأرز، والأرز هو الغذاء الرئيس
للسكان، ويزرع للاستهلاك المحلي، كما تزرع الذرة الشامية والبقول في جميع المناطق،
ولكنها تتركز بصورة رئيسة في المرتفعات الوسطى، وإضافة إلى ذلك تنتج نيكاراغوا
كميات كبيرة من لحوم الأبقار والخنازير والدواجن إضافة إلى منتجات الألبان.
تسهم الصناعة بنحو 22.5٪ من مجمل الناتج
المحلي، وتعد العاصمة ماناغوا المركز الصناعي الأول في نيكاراغوا، حيث يتم فيها
توليد معظم الطاقة الكهربائية في البلاد، وتأتي صناعة المواد الغذائية والمشروبات
والصناعات النسيجية في مقدمة الصناعات، تليها صناعة الإسمنت وصناعة السجاد
والصناعات الجلدية، وصناعة تكرير النفط.
تملك الحكومة نحو ثلث الشركات الصناعية النيكاراغوية،
في حين يمتلك القطاع الخاص الثلثين الباقيين، وتمتلك الشركات الأجنبية ربع ممتلكات
القطاع الخاص الصناعي. وقد تأثر القطاع الصناعي تأثراً كبيراً بالظروف السياسية والعسكرية
التي مرت بها البلاد منذ نهاية سبعينيات القرن العشرين؛ مما أدى إلى تراجع هذا
القطاع على نحو واضح.
تعد تجارة الجملة والتجزئة أنشطة الخدمات
الرئيسة في نيكاراغوا، وأهم أنواع التجارة هو تسويق المنتجات الزراعية، يلي ذلك في
الأهمية الأنشطة الحكومية التي تشمل المصارف والتأمين والنقل والاتصالات والمرافق
العامة، كما تؤدي التجارة الخارجية دوراً مهماً في الاقتصاد، فهي المسؤولة عن
تصريف الفائض من الإنتاج الزراعي والصناعي والتعديني إلى الخارج، وتلبية حاجة
البلاد من الآلات والمعدات الصناعية من الأسواق الخارجية، ويأتي القطن والبن
والسكر واللحوم والموز والذهب في مقدمة الصادرات التي تذهب إلى الولايات المتحدة
الأمريكية وألمانيا وإسبانيا وبلجيكا وهولندا والسلفادور، أما الواردات فتتمثل
بالمعدات الصناعية والمحروقات والسلع الاستهلاكية، وتأتي من الولايات المتحدة
الأمريكية وفنزويلا وكوستاريكا وغواتيمالا واليابان والسلفادور.
وفي مجال النقل والمواصلات تمتلك نيكاراغوا بعض
الطرق الجيدة، ولاسيما في إقليم المحيط الهادئ، ويعد الطريق السريع بان أمريكان
الطريق الرئيس في البلاد، وبما أن كثيراً من المناطق المأهولة لا يمكن الوصول
إليها بالسيارة فمازال الناس يستخدمون البغال والعربات التي تجرها الثيران ويوجد
في العاصمة مطار دولي يربط الدولة بالعالم الخارجي.