الإكوادور Eçuador واحدة من جمهوريات جبال الأنديز التي تطل على المحيط الهادئ،
وإحدى دول أمريكة الجنوبية التي يرجع إعمارها الحديث وتطورها إلى المهاجرين الإسبان
الذين وصلت طلائع مغامريهم إلى هذه البقعة منذ عام 1534م. أخذت الإكوادور اسمها من
خط الاستواء (eçaudor بالإسبانية) الذي يمر بها، حتى إن عاصمتها كيتو Quito تقع قريبة جداً من خط الاستواء نفسه.
الموقع والأبعاد
تقع الإكوادور في شمال غربي أمريكة الجنوبية،
مطلة على المحيط الهادئ الذي يحدها من الغرب بساحل يبلغ طوله نحو 960كم. يحدها من
الشمال كولومبية، ومن الشرق والجنوب البيرو وتمتد بين خطي عرض 1 درجة مئوية
و30 دقيقة شمال خط الاستواء، و5 درجات جنوب خط الاستواء كما تمتد بين خطي طول 75
درجة مئوية و40 دقيقة و81 درجة مئوية و30 دقيقة غرب غرينتش، وهي بذلك تمتد من
الشمال إلى الجنوب مسافة 720كم، ومن الغرب إلى الشرق مسافة 640كم. وتشغل أراضي هذه
الدولة مساحة تقدر بنحو 283561كم2، تشمل جزر غالاباغوس التابعة لها.
المظاهر الطبيعية
يتباين المظهر الطبيعي تبايناً واضحاً في أجزاء
دولة الإكوادور، لاختلاف مظاهر السطح التضريسية فيها، ويتباين المناخ كذلك
وانعكاسه على البيئة الطبيعية برمتها. يمكن تقسيم أراضي الإكوادور من حيث تضاريسها
ثلاثة أقاليم رئيسية هي:
إقليم السهول والتلال الساحلية: يمتد بين
خط الساحل والسفوح الغربية من جبال الأنديز، ويبدو هذا الإقليم سهلاً ساحلياً
شاسعاً، يتجاوز عرضه في بعض أجزائه نحو 125كم، ويشغل قرابة ربع مساحة البلاد.
وباستثناء النطاق التلي الساحلي الماثل بوضوح إلى الشمال من خليج غواياكيل ويبلغ
ارتفاعه الأقصى نحو 825م في الشمال الغربي من مدينة غواياكيل، فإن معظم أراضي هذا
الإقليم منخفضة ويقل ارتفاعها على العموم عن 300م. ويضيق السهل الساحلي جنوب مدينة
غواياكيل حتى 30كم في بعض الأماكن.
أما الأراضي المنخفضة الواقعة إلى الشمال والشرق
من غواياكيل، والممتدة إلى الجنوب من خط الاستواء، فيما بين النطاق التلي الساحلي
ومقدمات جبال الأنديز الغربية فتعرف باسم سهل غوايا الذي تخدّده أودية نهرية كثيرة
تؤلف عند اجتماعها نهر غوايا. وإلى الشمال من خط الاستواء يمتد سهل إسميرالداس Esmeraldas الخصب الذي تشرف عليه بعض التلال الساحلية وتجري فيه عدة أنهار
ينبع أكثرها من السفوح الغربية لسلاسل جبال الأنديز الغربية وأهمها أنهار؛ تومبيز،
وجيوبونيز، وبالدو، وبعض روافد نهر غوايا، ونهري تواشي، وإسميرالداس. وينبع بعضها
الآخر من التلال الساحلية، كنهر شوني.
إقليم الجبال: تمتد جبال الأنديز في
منتصف أراضي الإكوادور طولياً في سلسلتين من الجبال العالية، هما: السلسلة الغربية
الأكثر ضيقاً والأشد ارتفاعاً، إذ تصل في أواسطها قمة جبل شمبورازو إلى 6270م، وهو
مخروط بركاني ثائر، يقذف حممه البركانية بين الحين والآخر. والسلسلة الشرقية، هي
أكثر اتساعاً، وأقل ارتفاعاً من نظيرتها الغربية، وتبرز فيها قمم مخروطية بركانية
كثيرة ماتزال نشطة وقد يزيد ارتفاعها على 5000م، كما في مخروط كوتوبكسي 5897م وكايمبي
5790م، وانتيسانا 5705م وسانغاي 5230م، وتحصر هاتان السلسلتان الجبليتان بينهما
الكثير من الأحواض الجبلية والأودية البنائية التي يراوح ارتفاعها فوق مستوى سطح
البحر بين 2000 و3000م تقريباً، وتشهد المنطقة برمتها نشاطاً بنائياً مستمراً إذ
تتعدد فيها البراكين الثائرة والزلازل التي تعصف بها بين وقت وآخر، مدمرة ما يقع
في طريقها، كما حدث في زلزال عام 1949 الذي دمر مدينة آمباتو الواقعة في الطرف
الجنوبي من حوض لاتاكونغا البنيوي. إذ إن الإكوادور بإقليمها الجبلي تقع ضمن دائرة
النار المحيطة بالمحيط الهادئ والشهيرة باضطرابها. ومن أهم الأحواض الجبلية:
أحواض تولكان، وإيبرا، وكيتو في الشمال، وأحواض لاتاكونغا، وريوبامبا، وألاوسي في
الوسط، وأحواض كوينكا وأونا وزاروما ولوخا في الجنوب. ويعد حوض كوينكا أكبر هذه
الأحواض. وكان لعامل الحت النهري أثر بارز في تكون بعض الأحواض وتطورها، كما في
حوض ألاوسي، وأحواض الجنوب (أونا وزاروما ولوخا). وتتميز الأحواض وسفوح الأنديز
الغربية في السلسلتين الجبليتين التي تحمل إليها الرياح الشرقية المنشأ الرماد
البركاني، بخصوبة التربة، ومن ثم كانت من أهم مراكز اجتذاب السكان. و ينبع من هذه
الجبال عدد كبير من الأنهار، التي يتجه بعضها غرباً لينتهي في المحيط الهادئ،
وقد ينبع بعضها من السفوح الغربية للسلسلة الشرقية ويجري في المنطقة الحوضية
البينية مسافة طويلة قبل أن يجد ثغرة للنفاذ غرباً إلى السهل الساحلي فالمحيط
الهادئ، كما في نهر إسميرالداس الذي ينبع من السفوح الشمالية الغربية لجبل كوتابكسي،
ويتجه شمالاً ليمر بمدينة كيتو، ويمر بعدها في فتحة من المرتفعات، ويتابع سيره
شمالاً ثم ينعطف غرباً إلى المحيط عبر السهل الساحلي. ومن الأنهار ما يتجه شرقاً
منتهياً في نهر الأمازون وروافده. ويشغل إقليم الجبال أكثر من ثلث مساحة البلاد.
إقليم الشرق: تمتد إلى الشرق من
سلسلة جبال الأنديز الشرقية منطقة منخفضة نسبياً تنحدر باتجاه الشرق والجنوب
الشرقي نحو وادي الأمازون، وتؤلف ما يعرف بإقليم مونتانا، أو إقليم السهول
الشرقية، التي هي استمرار لسهول الأمازون العليا التي تحدها شرقاً ويبلغ متوسط
ارتفاعها 250م، وتشغل قرابة ثلث مساحة الإكوادور. ويعبر هذا الإقليم الكثير من
الأنهار التي تكوّن الروافد العليا للأمازون، ويصل الإقليم إلى أقصى اتساعه في
الجزء الشمالي الشرقي، ليضيق كثيراً باتجاه الجنوب.
تعدُّ الأحوال المناخية السائدة في الإكوادور
نتيجة مباشرة لأوضاعها الجغرافية وموقعها من درجات العرض فهي تحتوي ضمن حدودها على
نماذج من المناخ غاية في التطرف، إذ يتم الانتقال بسرعة من مناخ مرتفع الحرارة
وفير الرطوبة تكسوه الغابات إلى مناخ جاف قاحل، أو إلى مناخ غاية في البرودة تغطي
بقاعه الثلوج طوال العام، كما في قمم الجبال الشامخة. فنظراً لموقع الإكوادور الذي
لا يبتعد أكثر من خمس درجات عرضية إلى الجنوب من خط الاستواء، ولا يتجاوز الدرجة
العرضية الثانية شمال خط الاستواء، فإن المناخ السائد يجب أن يكون استوائياً،
متميزاً بحرارته المرتفعة دوماً، وأمطاره الغزيرة التي تهطل على مدار السنة، غير
أن ارتفاع جزء كبير من الأراضي ارتفاعاً بارزاً عن مستوى سطح البحر، ومجاورة بعض
الأجزاء الساحلية لمياه تيار همبولدت (البيرو) المحيطية الباردة، أدى إلى تنوع
ملحوظ في المناخ. وهذا ما يجعل من السهولة بمكان التفريق بين ثلاثة أقاليم مناخية:
ـ إقليم المناخ الاستوائي النموذجي؛ الذي يتمثل
في السهول الشرقية، وفي الأجزاء الوسطى والشمالية من السهول الساحلية وتلالها، حيث
لا تنخفض درجة الحرارة المتوسطة في أي شهر من السنة عن 25 درجة مئوية، ولا يزيد
المدى السنوي للحرارة عن ثلاث درجات مئوية. أما الأمطار فهي من طبيعة تصاعدية (حملانية)
مرتبطة بالارتفاع الحراري الدائم، ولذا فهي متواصلة طوال السنة، مع وجود مُدَّتين
في أعقاب الاعتدالين الربيعي والخريفي يشتد فيهما هطل الأمطار. ولا يقل معدل كمية
الأمطار السنوية عن 1500 مم، وقد يزيد على 2500 مم في بعض الأماكن، لما تجلبه
الرياح التجارية الجنوبية الشرقية من أمطار إلى الأجزاء الغربية من السهول
الشرقية، ولما يسهم به أيضاً التيار المائي الاستوائي المعاكس في زيادة نسبة أمطار
الأجزاء الساحلية الشمالية من الإكوادور.
ـ إقليم المناخ الاستوائي الجبلي؛ ففي الأجزاء الوسطى
المرتفعة من الإكوادور تتعدل صفات المناخ الاستوائي السائد في الأراضي المنخفضة،
فتنخفض درجة الحرارة مع تزايد الارتفاع حتى تصل إلى درجة التجمد عند ارتفاعات تزيد
على 4000م، فتتساقط الثلوج بوفرة فوق هذه الارتفاعات، لتصبح قمم الجبال العالية
التي يزيد ارتفاعها على 5000م مكللة بالثلوج، ومصدراً لتكوّن الجليديات، كما في
جبل شمبورازو. غير أن المناخ يصبح معتدلاً حرارياً في الارتفاعات بين 1500- 3500م،
فالمتوسط الشهري للحرارة في مدينة كيتو الواقعة على ارتفاع 3000م يراوح بين 12- 13
درجة مئوية. ولذا فهي تعيش ربيعاً دائماً، وأمطارها الدائمة الهطل أقل مما هي عليه
في السهول، فهي بحدود 1200 مم موزعة على شهور السنة كافة مع زيادة كبيرة في شهري
نيسان وتشرين الأول. غير أن السفوح الشرقية من الجبال ترتفع فيها كمية الأمطار إلى
أكثر من 2000مم، نتيجة تعرضها للرياح الشمالية الشرقية في فصل الصيف.
ـ إقليم المناخ شبه الصحراوي: الذي يسود في
الزاوية الجنوبية الغربية السهلية المجاورة للبيرو من الجنوب، وللطرف الجنوبي من
خليج غواياكيل من الغرب، حيث تسود أحوال مناخية شبه صحراوية، هي انعكاس لتأثير
تيار همبولدت المحيطي البارد القادم من الجنوب. فإذا كانت كمية الأمطار السنوية في
غواياكيل تزيد قليلاً على 1000مم، فإنها لا تتجاوز 250مم في هذا الإقليم، مع فصل
مطر واحد يمتد من كانون الأول حتى حزيران. والمتوسط السنوي للحرارة، أقل بنحو خمس
درجات مما هو عليه في الإقليم الاستوائي الرطب الواقع إلى الشمال.
ويعكس الغطاء النباتي الطبيعي السائد التباينات المناخية
المكانية مابين أجزاء الإكوادور. ففي الأجزاء السهلية والتلية الرطبة والمرتفعة
الحرارة تسود الغابات الاستوائية المشهورة ـ كالتي في حوض الأمازون ـ المعروفة
بغابات السلفا. غير أن هذه الغابات التي تغطي السهل الساحلي الشمالي تتحول جنوباً
مع قلة الأمطار إلى غابات شبه نفضية (متساقطة الأوراق) ثم إلى أحراج ذات أشجار شوكية
الأوراق وإلى حشائش، ثم نباتات صحراوية. وفوق ارتفاع 2000م حتى 3500م يسود نطاق
النباتات الحشائشية الجبلية الطويلة والأشجار الغابية، وخلف ذلك تسود النباتات الألبية
حتى نطاق الثلج الدائم.
السكان
بلغ عدد سكان الإكوادور 11.937.000 نسمة 1997
ولذا فإن الكثافة العامة لا تزيد على 44 نسمة في الكيلومتر المربع الواحد، وإن
كانت هناك مناطق تقل فيها الكثافة عن ثلاثة أشخاص في الكم2، كما هي
الحال في السهول الشرقية، والمنطقة شبه الصحراوية، والمرتفعات التي تتجاوز 4000 م،
على أن الكثافة تصل إلى أكثر من 200نسمة/كم2 في الأحواض الجبلية التي
هي أهم مراكز الاستقرار البشري، بجانب السهول الساحلية الوسطى والشمالية التي
تراوح فيها الكثافة مابين 30
-100نسمة/كم2. وفي العشرينات من القرن
التاسع عشر لم يكن يقطن في السهل الساحلي أكثر من 10% من سكان الإكوادور لصعوبة
الحياة هناك، وكثرة الأمراض والأوبئة. أما في الوقت الحاضر فإن الذين يقطنون في
السهول الساحلية لا يقلون عن سكان إقليم الجبال. ونسبة التزايد السكاني في
الإكوادور مرتفعة، إذ تصل إلى 22 بالألف بين 1990- 1996نتيجة لارتفاع معدل
الولادات، وانخفاض نسبة الوفيات، لتحسن المستوى الصحي، وازدياد الوعي الاجتماعي.
وسكان الإكوادور مزيج من عدة أجناس، فمنهم البيض
القفقاسيون من سلالة الإسبان وغيرهم من الأجانب الذين وفدوا إلى هذه البلاد
واستوطنوها منذ عصر الكشوفات وتبلغ نسبتهم 23% من مجموع السكان ويعيش أكثرهم في
مناطق الجبال، وقليل منهم في السهول الساحلية، ومنهم الهنود الحمر من السلالة
المغولية سكان البلاد الأصليين الذين يؤلفون نحو 22% من السكان ويشغلون إقليم
الجبال والسهول الشرقية الغابية. أما المولدون (المستيزو) فيؤلفون نسبة 40% من
السكان وقد استقر أكثرهم في الأحواض الجبلية. وهناك جماعات الخلاسيين (10%) في
السهول الساحلية، والأفارقة السود بحدود 5% في السهل الساحلي الشمالي.
أما اللغة الرسمية في البلاد فهي الإسبانية التي
يتكلمها نحو 93% من السكان، وهناك عدد من الهنود يتكلمون لغة مميزة تعرف بلغة الكِتشوا.
وتدين الغالبية العظمى من الإكوادوريين بالديانة المسيحية (المذهب الكاثوليكي).
ويؤلف سكان المدن في الإكوادور أكثر من 60% من إجمالي السكان لعام 1996، والباقي ريفيون
يعملون في الزراعة وتربية الحيوان ويعيشون منها.
ومن أهم التجمعات البشرية الكبرى العاصمة «كيتو» الواقعة في حوض كيتو
الجبلي على ارتفاع 3000م، التي يقارب عدد سكانها 1.4 مليون نسمة، وهي بذلك المدينة
الثانية في عدد السكان بعد ميناء البلاد الرئيسي «غواياكيل» الذي يبلغ عدد سكانه
31.877.031 نسمة، ومن المدن المهمة الأخرى «كوينكا» المدينة الراقدة في حوض كوينكا الجبلي بعدد سكان يقارب 239.896 نسمة، وهي المدينة
الجبلية الثانية بعد العاصمة، ومدينة أمباتو (151.134)، ولوخا (111.086)، وريوبامبا
(111.416) في الجبال، وماتشالا (184.588) ومانتا (149.353) وبورتوفيو (159.655) وإسميرالداس
(113.488) في الساحل والسهول الساحلية.
الاقتصاد
الاقتصاد الإكوادوري متطور، فقد بلغ صافي الدخل
القومي 19040 مليون دولار عام 1996، وهذا ما جعل نصيب الفرد الواحد يرتفع إلى نحو
1500 دولار. ولقد تنامى الاقتصاد تنامياً ملحوظاً في السبعينات من القرن العشرين،
إذ بلغ معدل النمو السنوي في المدة بين 1990 و1996 نحو 3.2%. وعلى الرغم من أهمية
الزراعة في الاقتصاد الإكوادوري فإن الجزء الأكبر من أراضيها خارج نطاق الاستثمار
الزراعي لكونه مغطى بالغابات الباسقة أشجارها، أو لشدة ارتفاع الجبال وانحدار
سفوحها، أو لجفافها، فلا تزيد نسبة المساحة المزروعة على 9% من مساحة البلاد،
يستغل نحو نصفها في الزراعات المحصولية التجارية والغذائية، والنصف الآخر يستغل
مراعي للحيوانات، بجانب مساحات لا يستهان بها في السهول الساحلية تزرع بزراعات
متنوعة. ومن أهم الحاصلات التجارية الزراعية: الكاكاو، الذي تتركز زراعته في
الأجزاء الشرقية من سهل غوايا، حيث توفر جوانب وادي نهر غوايا شروطاً مثالية
لزراعته من جهة المناخ والتصريف المائي. وفي أوائل القرن العشرين كان الدخل من
الكاكاو يزيد على 75% من قيمة الصادرات، إلا أنه منذ عام 1916 أخذ الإنتاج يتراجع
لما تعرضت إليه أشجار الكاكاو من آفات مرضية، فانخفض إسهامه في الصادرات إلى نحو
15% في أوائل الستينات من القرن العشرين، وليصبح الموز والبن أهم منه. أما الموز
فقد انتشرت زراعته بكثرة في أعقاب الحرب العالمية الثانية في خمس مناطق ضمن السهل
الساحلي، ولاسيما في سهل غوايا، والجزء الداخلي من منطقة إسميرالداس، وشرقي خليج غواياكيل.
كما يزرع جوز الهند عند المقدمات الغربية لجبال الأنديز. وهناك مساحات محدودة من
السهل الساحلي الداخلي تزرع بالقطن، ويزرع قصب السكر فوق السفوح المنخفضة من الأنديز
الغربية. ومن أهم المحاصيل الزراعية كذلك، الرز، في السهول الساحلية، والبطاطا
والذرة والقمح وبعض الخضراوات في الأحواض الجبلية، يضاف إلى ما تقدم استثمار أشجار
المطاط البري في السهول الشرقية، والسهل الساحلي الشمالي، بجانب أنواع من الأخشاب
النادرة والثمينة، وخشب المانغروف، والبلسم، وأوراق الكاكاو، ولحاء أشجار السنكونا
التي يستخرج منها مادة الكينين. وتربى أعداد كبيرة من الحيوانات في إقليم الجبال،
والسهل الساحلي الجنوبي، والتلال الساحلية، ممثلة بنحو 3.7 مليون رأس من الأبقار،
وقرابة مليوني رأس من الأغنام، ومليونين ونصف المليون رأس من الخنازير. والصيد
البحري مصدر دخل لكثير من السكان، لما تتمتع به الشواطئ البحرية من وفرة في
الأسماك ولاسيما الرنكة Clapea Larangas
مما يجعلها تحتل المرتبة الخامسة بين دول أمريكة الجنوبية في صيد الأسماك بمعدل
إنتاج سنوي يزيد على 900000طن.
يعمل في قطاع التعدين نحو 3% من القوة العاملة الإكوادورية،
ولهذا القطاع دور مهم في الاقتصاد القومي، بسبب الإنتاج الوفير من النفط والغاز
الطبيعي، وتعدين النحاس من منطقة «شاوشا» في الجبال الوسطى الجنوبية،
والذهب والفضة من السهل الساحلي الشمالي. غير أن النفط هو الأهم إذ تؤلف الصادرات
من النفط الخام ومنتجاته نحو 58% من قيمة الصادرات الحالية، وتحتل الإكوادور بذلك
المرتبة الثالثة بين أقطار أمريكة الجنوبية في إنتاج النفط بعد فنزويلة
والأرجنتين. وقد بدأ إنتاج النفط منذ أوائل القرن العشرين من المنطقة الواقعة إلى
الغرب من رأس خليج غواياكيل. غير أن معظم الحقول المنتجة كشفت في المنطقة الشرقية
في الستينات من القرن العشرين. ولقد أصبحت الإكوادور عضواً في منظمة الدول المصدرة
للنفط (أوبيك) عام 1973. ويعمل في قطاع الصناعة نحو 14% من القوة العاملة. وتتمثل
الصناعات الرئيسية في تكرير النفط والإسمنت والسكر والمواد الفولاذية وأسطوانات
الغاز المضغوطة وآلات قطع الأخشاب والصناعات النسيجية وغير ذلك. ويعمل نحو سدس
السكان في قطاع الخدمات العامة، والعشر يعمل في التجارة.
وإذا كان الإقليم الشرقي يفتقر إلى المواصلات
البرية، فإن المنطقة الحوضية بين الجبال يتصل بعضها ببعض عبر طريق بري من الدرجة
الأولى هو استمرار للطريق الكولومبي الذي ينتهي في البيرو، وعبر خط حديدي يمتد من
بلدة (فلداز) الساحلية مروراً بكيتو إلى كوينكا، بجانب شبكة من الطرق البرية التي
تربط بين المدن الجبلية الرئيسية والمدن السهلية والساحلية. وفي الإكوادور أربعة
مرافئ بحرية هي غواياكيل، ومانتا، وإسميرالداس، وماتشالا. وفيها مطاران دوليان أحدهما
في كيتو، والآخر في غواياكيل. والميزان التجاري رابح ويعادل تقريباً 4656مليون
دولار للواردات و5190مليون دولار للصادرات لعام 1997. وأما أهم الصادرات فهي:
النفط الخام والمنتجات النفطية، والموز، والكاكاو والبن. وأهم مستورد لمنتجاتها
الولايات المتحدة الأمريكية (31%) يليها اليابان ثم تشيلي. أما وارداتها الرئيسية
فهي السيارات، ووسائط النقل الأخرى وتجهيزاتها والآلات الصناعية والمنتجات المعدنية
والكيمياوية. وأهم الدول الموردة الولايات المتحدة الأمريكية واليابان ثم ألمانية.
التاريخ
لم تأخذ الإكوادور صفة الدولة المستقلة إلا في
عام 1830م. فقبل مجيء الإسبان عام 1450م كان يسكن الأحواض الجبلية من الإكوادور
جماعات كثيرة من السكان الأصليين الذين يطلق عليهم اسم الهنود الحمر، وكانت لهم
مملكة حاضرتها كيتو، ويخضعون لامبراطورية الأنكا وبعد وفاة امبراطور الأنكا
القوي هواينا كاباك Huayna Capac
حدث شقاق ونزاع بين ولديه، مما أضعف امبراطورية الأنكا فغدت لقمة سائغة للمغامرين الإسبان
الذين حطوا رحالهم عام 1526م على الشاطئ البيروفي، ليقضوا على امبراطورية الأنكا
ويفرضوا سيادتهم على البيرو في عام 1532م. وفي 6 كانون الأول عام 1534م تقدمت حملة
من البيرو باتجاه الشمال بقيادة «سبستيان دي بينالكازار» لتستولي على كيتو
وتدمرها وتقيم على أنقاضها مدينة جديدة. وبقيت الإكوادور الإسبانية تدار مدة
طويلة من البيرو (حتى عام 1740م ما عدا مدة قصيرة)، إلى أن أصبحت الإكوادور جزءاً
من المملكة الكبيرة الجديدة التي كان مقرها في بوغوتة (1740- 1822م). وفي هذه
المرحلة بدأ العنصر المولد (هندي ـ أوربي) يمثل قوة سياسية تسعى إلى الاستقلال عن
أوربة، وكتب لها النجاح أخيراً في معركة «بيشينشتا» قرب كيتو في 24 أيار
عام 1822. وغدت الإكوادور حرة، ودخلت في اتحاد فدرالي مع كولومبية وفنزويلة عرف
بجمهورية كولومبية الكبرى بزعامة سيمون بوليفار وعاصمتها بوغوتة. غير أن
الطموحات المحلية والاستياء من التبعية أديا إلى انفصال الإكوادور عن الاتحاد في
عام 1830م وأصبحت دولة مستقلة. عاشت البلاد في اضطرابات وانقسامات سياسية عقوداً
عدة بعد ذلك، وحدثت تغيرات في النظام والحكومة، إلى أن وصل إلى الحكم في عام 1860م
رجل قوي هو غبرييل غارسيا مورينو الذي حكم البلاد خمسة عشر عاماً، وأعقب ذلك فوضى
أخرى مدة عشرين عاماً انتهت باستلام فلافيو إيلوي ألفارو السلطة، وانتهى حكمه
باغتياله في عام 1912م على يد زميله الجنرال ليوينداس بلازا غيتيرز. وفي عام 1925
كان الجيش قد أصبح قوة لا يستهان بها لها دورها في الإدارة السياسية. وفي عام 1941
غزا البيروفيون الإكوادور ودمروا مقاطعة «ايل أورو» على الساحل الجنوبي
الغربي، وتقدموا أكثر من المنطقة الأمازونية المتنازع عليها. وعقب انتصارها في
الحرب البيروفية الإكوادورية، تمتعت الإكوادور زمناً طويلاً بنوع من الاستقرار
السياسي والإدارة الحكومية القوية، ولاسيما في عهد رئاسة «غوس ماريا فيلسكو إيبرا»
Jose
Maria Velasco Ibarra
الذي حكم خمس مرات فيما بين 1934 و1972م. وفي عام 1981م تجدد نزاع الحدود بين
الإكوادور والبيرو، وتعرضت البلاد لاضطرابات كثيرة في الثمانينات أوصلت الجيش إلى
الحكم. وفي عام 1988م جرت انتخابات أسفرت عن انتخاب رئيس جديد للبلاد من المدنيين.
والرئيس الراهن للبلاد هو جميل (خميل) مهوادويت منذ 10/8/1998، وهو من الحزب
الديمقراطي الشعبي ومحام ووزير سابق وعمدة مدينة كيتو.
الإدارة ونظام الحكم
نظام الحكم في الإكوادور جمهوري رئاسي منذ 1978،
وينتخب الشعب رئيس الجمهورية كلّ أربع سنوات، غير قابلة للتجديد أو للترشيح مباشرة
مرة أخرى إلا بعد مرور دورة رئاسية واحدة على الأقل. وكان أعضاء مجلس النواب
وعددهم 121 نائباً (كان 82نائباً) ينتخبون مدة سنتين، إلى أن جعل الدستور الإكوادوري
في عام 1979 المدة أربع سنوات، وتُمثَّل كل مقاطعة (مديرية) بعضوين على الأقل،
ويمثل كل عضو 80 ألفاً من المواطنين. إضافة إلى مجلس النواب، هناك مجلس الشيوخ
الذي تمثل كل مقاطعة فيه بعضوين أيضاً مدة أربع سنوات بجانب 15 عضواً يتم انتقاؤهم
من مجموعات مهمة في الدولة (الجيش، الجامعات، المؤسسات الزراعية المهمة). والحكومة
ائتلافية تشارك فيها الأحزاب السياسية كافة. ويقوم مجلس النواب بانتخاب المحكمة
العليا التي هي أعلى سلطة قضائية في البلاد. وتقسم الإكوادور إلى 21 مديرية
(مقاطعة، محافظة) هي: كارتشي وإسميرالداس ومانبف وغوايا وآزوى وايل أورو ولوخا وزامورا
تشينشيبي ومورونا ـ سانتياغو وكانار وشمبورازو وبوليفار ولوس ريوس وكوتابكسي وبيشينشا
وامبابورا ونابو وباستازا ووتونغوراراوا وغيرها تضاف إليها مديرية جزر غالاباغوس،
وتقسم كل مديرية إلى عدة مناطق ونواح. وهناك قسط من الإدارة المحلية في حكم البلاد
تتولاها مجالس البلديات في المجمعات المدنية والعواصم الإقليمية، ومجالس شورى في
المناطق والنواحي.
الحياة الثقافية
كان هناك أعداد كبيرة من البالغين في الإكوادور
من دون تعليم، وكانت المناطق الريفية بوجه خاص، تعاني نقصاً في المدارس الحكومية،
مع محاولة الدولة توفير مستلزمات التعليم بغية القضاء على الأمية وتحقيق الوعي
الثقافي، لكن الوضع تغير وانخفضت الأمية إلى 10% عام 1995 ودليل ذلك في الميزانية
الضخمة المخصصة لقطاع التربية والتعليم. ويسهم في الحركة التعليمية عدد من المدارس
الخاصة التي تشرف عليها الدولة. وفي الإكوادور أربع جامعات كبرى في كل من كيتو، وغواياكيل،
وكوينكا، ولوخا. وعلى الرغم من الحاجة الماسة للتعليم التقني العالي، فإن معظم
الطلاب في الجامعة المركزية في كيتو يتخصصون في دراسة القانون والعلوم الإنسانية.
وقد ظهر في الإكوادور عدد من الفنانين والأدباء منهم ايجنيو دي سانتا كروسي ايسبيو
الذي عاش في آخر الحقبة الاستعمارية الإسبانية، وهو من مشاهير الكتاب، والكاتب
الليبرالي جون مونتالفو الذي عاش في أواخر القرن التاسع عشر، وعرف بعدائه لنظام حكم
الديكتاتور «غبرييل غارسيا مورينو». ومن أدباء النصف الثاني من
القرن العشرين الأديب «بنيامين كاريون» الذي ألف كتاباً عن حكم الديكتاتور «غبرييل».