صالح بن عثمان بن موسى باشا الملقب بالدرويش هو المرحوم صالح بن عثمان بن حمزة بن موسى المكنى (بالدرويش) لانتسابه للطريقة المولوية، وأصل هذه الاسرة من الأندلس، فقد التحق احد الاجداد من سكان المدينة المنورة بحملة الاندلس العربية واستوطن فيها وانجب اولاداً منهم موسى باشا وهو الجد الرابع للمترجم له، وجاء مع المرحوم محمد باشا العظم الى معرة النعمان فدمشق وعين أميراً للحج وموسى باشا أميراً للجردة واستوطن دمشق وكان بيته في حي القنوات (الشابكلية) وفي سنة (1170 هجرية) و(1751 ميلادية) سافر موسى باشا امير الجردة مع قافلة الحجاج وعند وصول القافلة الى قرية (داعل) في حوران اشتبك مع العربان الذين تصدوا لسلب القافلة فاستشهد على اثرها وجيء بجثمانه فدفن في (ذي الخمار) القرية المعروفة بدمشق، وكانت الاسر في القديم تتكنى باسماء الآباء والاجداد، ومن هذه السلالة اسرة باكير بك واسرة تمر واسرة سي بك وغيرها. ولد المترجم سنة 1834 ميلادية.
علومه
أخذ المترجم العلوم الدينية على علماء عصره من آل الاسطواني والخاني، فكان عالماً فاضلا وشاعراً مجيداً، ومن المؤسف ان لا يعرف ورثته قدر آثاره، وهكذا ضاعت ثروته الادبية بسبب الاهمال وعدم التقدير ولم يبق منها اي اثر أدبي.
تعلقه بالفن الموسيقي
لقد فطر المترجم على حب الفن وكان رحمه الله ذا صوت جميل فاتصل بالفنانين وتلقى عنهم علم النغمة والاوزان والموشحات، له ولع خاص بإقامة الاذكار والمدائح النبوية والقصائد والموشحات الصوفية، وكان ماهراً بالضرب على النقرزان (النقارات) والرق ويجتمع في داره الواسعة الواقعة في حارة النوفرة في دار المحتسب اهل الذكر من رشيدي وشاذلي وقادري ومولوي، وكانت ملتقى الفنانين والخلان وله مكانة مرموقة في حلقة الذاكرين ينشد بصوته الرخيم النشيد الفارسي المأثور عند قيام الدراويش في الحلقة.
علاقته بالقباني
لقد تأكد ان المترجم كان من اقرب الفنانين الى المرحوم أبي خليل القباني الفنان الشرقي الاعظم وكانا على وفاق وامتزاج بالاهداف الفنية الموسيقية والتمثيلية حتى فرقهما الموت، وكان اختصاص الفقيد في فرقة القباني التمثيلية تهيئة الالبسة للممثلين وتلوين المسرح بالالوان الطبيعية الملائمة لفصول الرواية واخراج مناظر الامطار والزوابع والثلوج والرعود واصوات الحيوانات على اسطوانات مستديرة وتلقينها للمثلين وتعويدهم على اخراجها بالشكل الملائم، وكان يشترك في تمثيل الادوار المهمة وفي التلحين وتهيئة كتاب التلقين للممثلين، وسافر مع فرقة القباني الى مصر فكان من اخلص الدعاة لابي خليل القباني ورسالته الفنية.
سفره الى معرض شيكاغو
ولما دعي القباني لزيارة معرض شيكاغو كان الفقيد من جملة الممثلين البارزين الذين وقع اختيار القباني عليهم لمرافقته في رحلته التاريخية الى الولايات المتحدة.
وقد مكث هناك ستة اشهر، ولما كانت مقاصده النبيلة لا تقف عند حد فقد استفاد من وجوده في شيكاغو فدرس خلالها طب الاسنان وهو الفن الذي تفتقر اليه دمشق في ذاك العهد ويعود الفضل في ذلك الى أبي خليل القباني رحمه الله الذي مهد له السبيل للاتصال بما يريد وتحقيق أمنيته، وعند عودة الفرقة التمثيلية الى مصر عرج المترجم الى ايطاليا وبقي فيها مدة شهر ليتزود بالمعلومات والادوات اللازمة لهذه المهنة، ولما عاد الى دمشق علمها الى اولاده واحفاده واقربائه وغيرهم واتخذ عيادة له في سوق الحرير، ثم كثر عدد من انتحل اسمه ولقبه فأضاف كلمة (الدرويش) على اسمه كعلامة فارقة.
وفاته
وفي يوم الجمعة السابع من شهر ربيع الأول سنة 1328هـ و20 آذار سنة 1910 وافاه الاجل المحتوم فدفن في تربة باب الصغير بدمشق قرب الصحابي بلال الحبشي رحمه الله.
المراجع
alencyclopedia.com
التصانيف
الفنانون شخصيات الفنون العلوم الاجتماعية