أصبح شهر رمضان يمثل تحديا تربويا كبيرا لكثير من الأسر العربية؛ أطفال نائمون كسلا في النهار، ثم متحجرون أمام شاشات التلفاز في الليل، وآباء وأمهات يشاركونهم الكسل ومشاهدة التلفاز بالإضافة إلى الانشغال عنهم وعن الشهر الفضيل بعبء عزومات الإفطار المرهقة والتي تجرد الشهر من بساطته وروحه. لا نقصد الحكم بالتعميم، ولا نقصد الاستسلام للأمر الواقع، ولكننا فقط نرسم صورة لظاهرة موجودة في كثير من البيوت لكي نراها بكل ما فيها من قبح، لعلنا نراجع أنفسنا لنختار اختيارا أفضل.

والمدخل ببساطة هو أن يكون لديك خطة، وبإمكانك الجلوس مع أبنائك في بداية رمضان والتحدث معهم عن قيمته وأهميته، ويمكن أن تتناول في حديثك معهم عن رمضان أربعة جوانب أساسية:

1. تدريب النفس على الإمساك عما تشتهي رغم أنه متاح أمامها (الصيام) وهذه فرصة جيدة للحديث مع الطفل عن أن الصيام مدرسة "الضمير" و"الإرادة"، لأنه يجعلك تمسك عن رغباتك رغم أنك تستطيع أن تشرب أو تأكل دون أن يراك أحد، فتكون فرصة لتنمية الرقابة الذاتية والضمير اللذين لا غنى عنهما وخاصة في حياتنا المعاصرة التي أصبحت فيها رقابة الأهل محدودة الجدوى. وهو أيضا مدرسة الإرادة، حيث يتدرب الطفل على أن تكون لديه السيطرة على رغباته فلا يدعها هي تسيطر عليه. احك لابنك عن قصص الفشل التي يرجع أكثرها إلى استسلام الإنسان لرغباته وعدم تدربه على كبحها منذ الصغر فيتحول إلى حيوان شهواني فاقد الإرادة. ثم ضع أفكارا بسيطة للخطة، مثل:

- أن يلتزم بصيام عدد معقول من الساعات ولا يقضي اليوم كله نائما يلاحظ فيها إرادته وضميره.

- أن تكون هناك فقرة مشاعر وأفكار (reflection) كل يوم بعد الإفطار، ماذا شعرت اليوم؟ كيف دربت ضميرك؟ ماذا واجهت؟ كيف تأقلمت مع الصيام؟ كيف جعلت اليوم يمر بشكل أسهل؟

- احك له كل يوم قصة عن أهمية الضمير والإرادة واسأله عن مشاعره وأفكاره.
 
XXXXXXXXXXXXXXXXXXXXXXXXXXXXXXXXXXXXXXXXXXXXXXXXX;" src="https://www.alaraby.co.uk/home/readmore/b025cfbd-2d22-4065-9154-ab6e349dfd8e/e2e6170f-8e9c-4a77-ab9d-c25de5006fce">
 

2. تصفية الروح من الشوائب التي تصيبها (العبادات والقرآن والصلاة)
وهذه فرصة أيضا للحديث عن "الروح" وأن الانسان ليس فقط جسدا، وإنما بداخله روح قد تجلب له السعادة أو التعاسة. وأن العبادات والقرآن والصلاة وبعض العزلة هي وسائل لتنقية وتصفية الروح، وفرصة للسكينة وتذوق السلام والتفكر والتأمل. ثم ضع أفكارا بسيطة للخطة، مثل:

- أن يكون للطفل وقت – ولو قليلا – للتأمل وأن يشاركك تأملاته في نهاية اليوم.

- أن يمارس العبادات – ولو قليلا- ويحاول أن يشعر بها ويفهمها ويدرك روحها ومغزاها (الكيف هنا أهم من الكم).

- أن يذهب معك لصلاة التراويح ولو ركعتين (لا تثقل عليه حتى لا يمل).
- أن تختاروا سورة من القرآن وتعيشوا مع قراءة تفسيرها على مدار الشهر (ليس المهم هنا الحفظ ولكن المهم الفهم والتدبر).

- أن تكون هناك متعة وسعادة أثناء ممارستكم للعبادات معا، فلا يشعر أنها عبء أو هم وغم.

3. تقديم الطلبات والأمنيات للخالق (الدعاء).
الدعاء ليس مجرد عبادة، ولكنه مصدر للقوة والتماسك الداخلي، ويجب أن يفهم الطفل أنه ليس بالضرورة أن كل الأدعية تتحقق، لأن "الاستجابة" ليس معناها "التنفيذ"، ولكن الاستجابة (Response) معناها أن الطلب وصل وستتم الاستجابة له بالطريقة المثلى فلا تقلق، ومن الأفكار البسيطة هنا:

- أن تقترح على الطفل أن يختار خمسة أدعية يطلبها من الخالق في رمضان.

- أن تكون هناك فقرة دعاء على الإفطار.

- أن يستمع إلى أدعية التراويح ولو في التلفاز حتى تتدرب أذناه وروحه

4. الكرم ومساعدة الضعيف (الصدقات والتطوع)
رمضان حالة من الخير، فنحن نطلب الخير من الله، ونقدم الخير أيضا للناس. وهذا الخير الذي يقدمه الطفل قد يكون صدقة بسيطة أو عملا تطوعيا على قدر جهده، فتكون هذه بذرة خير تزرع في قلبه وسلوكا يمتد طوال العام، ومن أمثلة ذلك:

- استقطاع جزء بسيط من مصروفه للصدقة.

- أن يراك وأنت تتصدق وتمارس أعمالا تطوعية وتعطف على الضعيف.

- أن يشارك هو نفسه في أعمال تطوعية بسيطة (مثال: تعبئة شنطة رمضان- توزيع بعض الأطعمة على رجل المرور مثلا قبل الافطار..).  

وأخيرا... رمضان فرصة لقوة النفس والأخلاق والضمير والخير .. وكل عام ونحن وأطفالنا والعالم بخير وسكينة و سلام.


 

المراجع

alaraby.co.uk

التصانيف

قصص  أدب