عندما يذكر الإنتصار في رمضان ، يصرف الذهن
مباشرة إلى الإنتصارات العسكرية التي حققها المسلمون على أعدائهم في هذا
الشهر، من بدر إلى فتح مكة إلى عين جالوت إلى حرب العاشر من رمضان وغيرها
من الملاحم الإيمانية التي كتب الله فيها النصر المؤزر لعباده المؤمنين
وهذا حق ، ولكن مجالات الإنتصار في رمضان بالنسبة للمؤمن غير مقتصرة على
هذا الجانب فقط، بل إن الإنتصارات التي تحققت وتتحقق على أعداء الأمة
والمتآمرين عليها خلال شهر رمضان منذ بدء الرسالة إلى يوم الناس هذا ، بقدر
ماكانت نتيجة للأجواء الروحانية التي يصنعها رمضان بفيوضاته ورحماته
وجوائزه ومآثره التي يغدقها المولى عز وجل فيه على عباده المؤمنين الصائمين
، مما يهيء لهم أسباب النصر لينتصروا ،فإنها محصلة كذلك لكم الإنتصارات
التي يحدثها وينجزها العبد المؤمن على مستواه الفردي والجماعي في شهر
الصيام كما قال سبحانه:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا
اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ )(محمد7).
ومدى نجاحه في مجاهدته وجديته وإيجابيته للوصول إلى ذلك.
ويبدو أن الإنتصارات بشتى أنواعها وإختلاف مجالاتها في شهر رمضان ، مرتبطة
إرتباطا وثيقا ببعضها البعض ، فكلما إرتفع مؤشر هذه إرتفع منسوب تلك وإقترب
موعدها وتوفرت أسبابها ، وكلما حدث فشل وتقصير في هذه ، أصبحت الأخرى بعيدة
المنال وهكذا، وقد قيل : من لم ينتصر في حي على الفلاح ، لاينتصر في حي على
الكفاح ، كمثال على هذا الإرتباط.
لذلك فإن مدرسة الصيام محطة مهمة ليجعل العبد المؤمن لنفسه فيها برنامجا
عمليا لتحقيق الإنتصارات بمفهومها الشامل ، وقد أحصيت عددا معتبرا من
الإنتصارات التي يجب على المؤمن الصائم أن يحققها وينجح في إمتحانها ،
ليتاكد ويطمئن أنه فعلا إستطاع أن يستثمر أجواء الإنتصارات الإيمانية
الرمضانية وخرج منها بحظ وافر :
1) ــ الإنتصار على الرياء:
رمضان شهر الإخلاص بلا منازع ، وقد توفرت كل عوامل النجاح للمؤمن فيه على
كل دواعي الرياء وأسبابه، وتنمية عنصر المراقبة والتجرد لله عز وجل لديه ،
فإمتناع الصائم عن الطعام والشراب والشهوات المادية والمعنوية طيلة يومه،
إستجابة لأمر ربه هو عين الإخلاص ، وإن تحقيق هذا النوع من الإنتصار هو
الأساس الذي تنبني عليه كل الإنتصارات الأخرى ، فإن تربى العبد على
الإستحضار الدائم لعامل المراقبة هذا، وذلك بعدم جعل الله أهون الناظرين
إليه ، وتجنب مالايرضيه من فعل أو قول أو خلق أو سلوك سرا أو علانية ، فيكن
بذلك قد تجاوز عتبة الإنتصار الأول والمهم في مدرسة الصيام ليصحبه صحبة
دائمة لازمة طيلة العام.
2) ــ الإنتصار على الشيطان:
وقد هيأ المولى سبحانه وتعالى ذلك للصائم ، فصفده له ليسهل له وعليه هذا
النوع من الإنتصار ،ولكي يقوي عناصر المناعة الإيمانية لديه ، ويستحضر كل
مسببات القوة اللازمة لينتصر في معركته مع شيطانه بشكل دائم أو غالب على
الأقل، ورمضان فرصة مواتية لتنتقم من شيطانك وتغلبه وتصرعه بسهولة ويسر،
لأنك إن فشلت في معركتك معه في شهر الصيام ، فأنت فيما سواه من الشهور أفشل
، تصور نفسك في حلبة تصارع خصما مكبل اليدين والرجلين وأنت حر طليق في كامل
قوتك ولياقتك وعافيتك ونشاطك، يكن من العيب والقصور والحرمان أن لاتنتصر
عند ذلك.
فأعمل جاهدا وأستغل الفرصة لتذق طعم الإنتصار على الشيطان ، كي يغريك ذلك
في الإستمرار في صرعه فيما سوى ذلك من الأوقات.
3) ــ الإنتصار على الشهوات:
رمضان تمرين عملي للصائم على التغلب على شهواته المختلفة من شهوة البطن
والفرج والنظر والسمع والكلام والقلب والنفس وغيرها، بحيث يتحرر من أسرها
له ، ويتعالى على جواذبها التي تجذبه إلى مستنقعها الآسن ، ويخلص نفسه من
كل دواعي الإستجابة لإغراءاتها .
والإنتصار في معركة الشهوات قضية مصيرية بالنسبة للمؤمن ، لأنه إن انهزم
فيها وفشل في مقاومتها وسلم العنان والخطام لها ،أدى به ذلك ـ دون شك ـ إلى
الإنهزام في كل معاركه الأخرى، فالشهوات حواجز تحجز عنه موارد التوفيق ،
وصوارف تصرفه عن النجاح في أمر آخرته الذي هو رأس الأمر له.
وماانتصر أسلافنا على أعدائهم إلا بعد ما انتصروا في معركة الشهوات هذه،
وماانهزموا وإنكسرت شوكتهم إلا لما إستسلموا لشهواتهم وانهزموا أمامها ،
وما خسارتنا للأندلس السليب إلا خير دليل على ماأقول.
4) ــ الإنتصار على الشح والبخل:
إن التخلص من داء الشح والبخل، وتطهير النفس منهما ، والذي عده رسول الله
صلى الله عليه وسلم من المهلكات، والمتسبب في كثير من الموبقات ، لما قال:(
إياكم والشح؛ فإنه أهلك من كان قبلكم، أمرهم بالظلم فظلموا، وأمرهم
بالقطيعة فقطعوا، وأمرهم بالفجور ففجروا)(أبوداود من حديث عبد الله بن
عمرو)، من مقاصد الصيام المهمة ، لذلك كان صلى الله عليه وسلم أجود مايكون
في رمضان ، حتى كان كالريح المرسلة ، فليتأسى المؤمن به ، ويعلنها حربا
لاهوادة فيها على كل ماله علاقة بالشح والبخل ، فالفلاح الذي هو غايته
ومبتغاه في الدنيا والآخرة ، لايمكن أن يحوزه إلا إذا نجح في معركته مع
الشح ، كما قال تعالى:( وَأَنفِقُوا خَيْراً لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ
شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )(التغابن16).
فالصيام مدرسة يتعود فيها العبد على السخاء ، وإطلاق اليد بالعطاء، ويتعمق
لديه فيها الشعور بمعاناة المحرومين ، ويدوس فيها على أنانيته وحبه لذاته ،
لأن الروح السخية المعطاءة التي تستلذ رفع العنت والقهر عن المحتاجين ،
وتأخذ بأيديهم وتسد حاجتهم ، هي معيار القرب من الله عز وجل، كما جاء في
الحديث:( السخي قريب من الله قريب من الجنة قريب من الناس بعيد من النار ،
والبخيل بعيد من الله بعيد من الجنة بعيد من الناس قريب من النار ، ولجاهل
سخي أحب إلى الله تعالى من عابد بخيل)(الترمذي عن أبي هريرة).
فتحقيق الإنتصار في هذا الجانب هو ديدن العبد الصائم في شهر السخاء،
والهزيمة في المعركة مع الشح والبخل أدعى لتوالي الهزائم فيما عداها.
5) ــ الإنتصار على اللسان وآفاته:
عندما نسمع حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم:( من لم يدع قول الزور والعمل
به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه)( رواه البخاري والترمذي وأبو داود
وابن ماجه وأحمد).
ندرك أهمية هذا النوع من الإنتصار في شهر رمضان ، فمن لم يستطع أن ينتصر في
معركته مع لسانه ــ خاصة وهو صائم ـ لايمكنه أن ينتصر في معركته مع شيطانه
وشهواته ، بل إن الإنهزام أمام اللسان وآفاته يؤدي بصاحبه إلى الإفلاس الذي
عبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:( أتدرون من المفلس ؟ قالوا:المفلس
فينا من لا درهم له ولا متاع , قال صلى الله عليه وسلم : إن المفلس من أمتي
من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة , ويأتي وقد شتم هذا ,وقذف هذا ,
وأكل مال هذا , وسفك دم هذا , وضرب هذا , فيعطي هذا من حسناته وهذا من
حسناته فإن فنيت حسناته من قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه
ثم طرح في النار ) (رواه مسلم).
لذلك كان الصيام تدريبا عمليا للعبد على ممارسة عبادة:(أمسك عليك لسانك)،
وإمتلاك القدرة على التحكم فيه وكبح جماحه ، وتوظيفه في الخير والطيب من
القول ، وقد ربط القرآن الكريم بين الهداية إلى صراط الله المستقيم ، وبين
الهداية إلى الكلام الطيب ، وكأنه يريد أن يؤكد لنا أنهما متلازمان ،
لايمكن أن يتحقق الثاني ، حتى يتم الإلتزام بالأول، فقال سبحانه:( وَهُدُوا
إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ
)(الحج24).
فالإنتصار على اللسان وآفاته من عدمه ، معيار مهم يعرف من خلاله المؤمن
الصائم مدى توفيقه ونجاحه في مدرسة رمضان، وحصوله على كنوزه ومنحه ونفحاته
وجوائزه التي لاتعد ولاتحصى.
6) ــ الإنتصار على السلبية واللامبالاة:
الصيام ميدان رحب لتحقيق كل مظاهر الجدية والإيجابية لدى المؤمن ، من خلال
مضاعفة أجر الطاعات ، وفتح أبوابها على مصراعيها ، وترغيبه فيها من طرف
مولاه ، بأن صفد له الشياطين ، وأكرمه بجملة من التكريمات ، رحمة ومغفرة
وعتق من النار وفرحتان وباب الريان وخلوف فمه كريح المسك وغيرها .
فالصيام ينمي روح الإيجابية والفعالية والشعور بالمسؤولية ، فيتعلم فيه
الفرد فن الإنتصار على السلبية واللا مبالاة وتبلد الشعور بالتبعة والتفريط
في القيام بالواجب، ويحدث ببركات الصيام وفضله وأجوائه ، نقلات نوعية في
الإنتقال بنفسه إلى مراتب العاملين العابدين المتحركين النشطين ، فيستشعر
طعم الإيجابية ويتعود ويتدرب عليها ، فيصاحبه ذلك حتى بعد رمضان ، فيتخلص
إلى غير رجعة ،، إن شاء الله ــ من كل صفات القعود والإنعزالية والإنسحابية
وإنسداد شهية العمل والحركة ، فيغرس فيه الصوم كل عوامل الجدية، ليصبح
عنصرا فعالا نافعا مؤثرا صانعا للحياة من حوله.
7) ــ الإنتصار على أمراض القلوب:
بما أن القلب السليم هو العملة الرابحة التي تنفع صاحبها يوم القيامة
وتنقذه من عذاب الله ، كما قال تعالى:( يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا
بَنُونَ،إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)( الشعراء88، 89).
وبما أن القلب الأسود المظلم بأمراض الأحقاد والبغضاء والكراهية والحسد
والكبر والإستعلاء على الناس وغيرها حاجز لرحمة الله حائل دون توفيقه مانع
لمعيته الخاصة للعبد، وبما أن هذه الأمراض حالقة للدين كما جاء في الحديث:(
دب إليكم داء الأمم من قبلكم: الحسد والبغضاء، والبغضاء هي الحالقة، لا
أقول تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين)(رَواهُ البزار).
فإن شهر الصيام فرصة ذهبية للتخلص منها والإنتصار عليها ، لأن وسائل
التنظيف والتطهير للقلب متوفرة بكثرة ، والمحفزات المساعدة على ذلك ميسرة
إلا من أبى.
ومعركة أمراض القلوب ، معركة فاصلة في تحديد قيمة العبد ومقامه عند مولاه،
وماتفاضل من تفاضل من الصالحين إلا بها ، ومابشر من بشر بالجنة وهو حي إلا
بها ، لذا أحرى بالعبد المؤمن أن لايتهاون في الفوز بها ، مهما كانت
التضحيات ، لأن لها مابعدها ــ كما قلنا ــ في ضمان موقعه الريادي في
الدنيا والآخرة ، فسيد القوم من لايحمل الحقد هذا في الدنيا، فمابالك في
الآخرة التي قال الله عز وجل في حق أهل جنته:( وَنَزَعْنَا مَا فِي
صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ
)(الحجر47).
8) ــ الإنتصار على اليأس والإحباط:
فمن لم يستطع أن يتجاوز روح اليأس والإحباط ، وينتصر عليها في رمضان ، فهو
فيما سواه أعجز ، لأن ما يوفره الشهر من أجواء إيمانية وفرص ربانية وشفافية
روحية ، تساعد المؤمن الصائم وتدفعه دفعا إلى الأمل والتفاؤل ، وتكون سندا
قويا له على التعافي من كل مظاهر اليأس والإحباط ، التي تكون قد لازمته قبل
رمضان.
وبما أن من صفات شهر الصيام أنه شهر الإنتصارات ، فإنه يتنافى وكل عوامل
اليأس والإحباط ، وماتحققت هذه الإنتصارات للأمة على مدار تاريخها كله ،
إلا لما تخلصت من الروح اليائسة المحبطة المستسلمة للواقع ، وتجاوزت حالتها
المنكمشة المكتفة الأيدي ، المنتظرة مصيرها على أيدي أعدائها دون أن تنتفض
وتنهض ، بل إنها لما كسرت طوق اليأس هذا ، ونزعت عن نفسها قيود الإحباط
والذل والهوان ، إنطلقت تحقق النصر تلو النصر ، وتكسب الجولة بعد الجولة،
والمؤمن كذلك على مستواه الفردي ، إذا أراد أن يحقق الإنتصارات التي
ذكرناها ، فماعليه إلا أن يتحرر من شرانق الإحباط ، التي حبس نفسه فيها ،
ليرى أنوار الأمل المشرقة البراقة من حوله تملأ الدنيا ببركات ونفحات هذا
الشهر الفضيل.
9) ــ الإنتصار على سوء الخلق:
فرمضان مدرسة الأخلاق الفاضلة كذلك، فيه يتعلم الصائم ويتدرب ويمارس كل
أنواع الخلق الحسن ، التي رغب فيها الإسلام وحث عليها ، وقد يجد بعض
الممارسات والأفعال من الناس لتختبر فيه مدى تمسكه بحسن الخلق ، سواء مع
جيرانه أو أهل بيته أو زملائه في العمل أو معامليه في الأسواق ، لذلك كان
الحديث :( الصيام جُنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب -وفي
رواية: ولا يجهل- فإن امرؤ سابه أو قاتله فليقل: إني صائم، مرتين)(متفق
عليه عن أبي هريرة)،كدلالة على أن سوء الخلق يمحق بركات الصيام ، وأنه ـ أي
الصيام ـ مافرض إلا ليتدرب فيه الصائم عمليا على حسن الخلق ، وذلك لما له
من عاقبة حميدة ، تقربه من مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة
، وهو والله العز والشرف ، كما أنه يثقل ميزانه عند الحساب وهو عين النجاة
، كما جاء في الحديث:( إن أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحسنكم أخلاقاً )(
رواه أحمد والترمذي وابن حبان).
وقال أيضا:( ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق، وإن
الله يبغض الفاحش البذيء)( رواه الترمذي).
لذلك فإن الإنتصار على السيء من الأخلاق ، وعلى العادات السيئة كذلك التي
يكون العبد قد تعودها قبل رمضان من الغايات العظمى التي ينبغي أن يجعلها
المؤمن على سلم أولوياته في هذا الشهر.
10) ــ الإنتصار على التآكل والهزال الروحي:
إن هموم الحياة ومشاغلها وضغوطها ، تنحت من الجانب الروحي والإيماني
للمؤمن، فإن لم يتعهدها دائما بالتجديد والتزود فإنه الهلاك بعينه ، فتأتي
نفحات رمضان وفيوضاته الروحية ، ليستدرك بها وفيها مانقص من إيمانه
،وماتآكل وهزل وجف من روحه، فيجدد التوبة والأوبة والرجوع إلى مولاه، ويكثر
من الإستغفار والتذلل والإنكسار والإنابة إليه، ويتصالح مع الصلاة والقرآن
والأذكار ، ويكثر من الصدقة والإنفاق في سبيل الله، فما يمر عليه الشهر إلا
وهو ممتليء روحيا يقظ إيمانيا ، ويجد نفسه وقد ردت إليه روحه التي كاد أن
يفقدها في زحمة المغريات والشهوات والجواذب والصوارف ، وتخلص من تآكلها
وهزالها وجفافها ، بعد أن كانت قاحطة جدباء، وأنها قد أشرقت بنور ربها ،
بعد أن أظلمت وأدلهمت بكثرة الذنوب والمعاصي والآثام والتقصير في جنب الله
عز وجل، فيخرج من محطة الصيام وهو أقوى إيمانا وأرق فؤادا وأنور قلبا وأهنأ
بالا وأكثر إطمئنانا وأشف روحا وأشد عزما وأصلب عودا وأوفر سكينة وأعظم
زادا ، فما عليه إلا أن يواصل الترقي الروحي ويحافظ على كل ذلك لينتفع بها
بعد رمضان.
فالحذر كل الحذر أن يخرج عليك رمضان ـ أخي المؤمن ـ وأنت تراوح مكانك
روحيا، فلا أنت تخلصت من جفافها وتآكلها ، ولاأنت إستطعت أن تتفوق في
عمليتي التخلية والتحلية ، فإن كان ــ وهو مالانتمناه لك ــ فأعلم بأنك قد
إنهزمت في معركة الروح ، وأنك حرمت بركات الشهر وفضائله .
فهذه عشارية من الإنتصارات ينبغي على العبد المؤمن الصائم أن يحققها ، وأن
تكون برنامجه العملي في رمضان ، حتى يحكم له بأنه قد كتب في عداد الفائزين
والناجحين والحاصلين على الجوائز ، وأنه قد قدم الدلائل العملية البينة
والقوية للقبول في مدرسة الثلاثين يوما ، ووضع لبنة صالحة لتقريب موعد
النصر وزيادة فرصه للأمة ودينها ، وبأن لايكون حجر عثر في طريق تحقيق ذلك
بتكاسله وهزائمه المتكررة أمام شيطانه وشهواته ونفسه وهواه ولسانه .
جعلنا الله وإياكم من المنتصرين ومن المقبولين.
المراجع
saaid.net
التصانيف
قصص أدب مجتمع الآداب قصة