شهوات الدنيا ومصير أصحابها
أصغر الخلق
سأل عبد الرحمن الأمّم أبا العتاهية : أي خلق الله أصغر عند الله ؟ قال : الدنيا .. فهي لاتساوي عنده جناح بعوضة ، قال ..وأصغر منها محبّها .
قيل لأحد العارفين وهو على فراش الموت ماذا تشتهي قال : أشتهي لقاء الله .
قلت في كلمة لي في أحد المساجد : لو كان ملك الموت واقفا على باب المسجد هل فينا من احد مستعد للقاء الله ، فلم يرفع أحد يده ، وما ذلك إلا لأن شهوات الدنيا اغرقت قلوبنا في وحل الوهن والوهم والتقصير في الحقوق والواجبات ، فأنسانا ذلك الاستعداد للقاء الله ونسينا أن الموت أقرب الى أحدنا من شراك نعله ونسينا ان نكتب الوصية ونجعلها تحت الوسادة ، فكم وكم منّا نام ولم يكن له من الدنيا نصيب من نفس واحد أو جاءه الموت فجأة ولقد أخفى الله عن عباده ساعة الرحيل عن هذه الدنيا ليكونوا على استعداد دائم للقاء الله جلّ في علاه ولتكون شهوات النفس متوافقة ومتطابقة مع أوامر الله وشرعه ، قال الله تعالى " ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته____________________ .
شهوات الدنيا
لقد بيّن الامام علي رضي الله عنه بعض شهوات الدنيا قائلا : ( إنما الدنيا مأكل ومشرب وملبس ومركب ومنكح ، فأطيب المأكل العسل وهو مذقة ذبابة ، واطيب الشراب الماء وفيه يستوي البّر والفاجر ، وأفضل الملبس الحرير وهو لحاف دودة ، وأحسن المركب هو الخيل وعليه يقتل الرجال ، والمنكح هو مثل مبال في مبال ) بتصرف قليل جدا جدا .
اذا أعتبرنا أنّ من شهوات الدنيا النساء والاولاد والذهب والفضة والخيل والأنعام والحرث ، فان الانشغال بها عن ذكر الله لهو عين الظلم للنفس أولا ثم للمجتمع لما في ذلك من غمط للنفس والنّاس وأكل حقوقهم .
ان الاكثار من الشهوات حتى ولو كانت مباحة والانشغال بها عن ذكر الله لهو من الغفلة عن حقيقة ماخلقنا لأجله ولنستعرض بعض شهوات الدنيا التي ورد ذكرها في القرآن الكريم
قال الله تعالى ( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنْ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14) ) آل عمران .
وقد ضمت هذه الآية الكريمة في ثناياها التنبيه على أمهات الشهوات ومنها :
1- النساء : إن أول حادثة قتل حصلت على هذه المعمورة كانت بين أخوين - هما قابيل وهابيل " فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين " الآية 30المائدة - بسبب امرأة وما من قتل يحصل الى قيام الساعة الا وعلى ابن آدم الاول كفل أو وزر منها .
2- الأزواج والاولاد قال الله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) التغابن الآية 14 ، ان زوجة نوح ولوط عليهما الصلاة والسلام لم تكونا مؤمنتين وخيانتهما لهما في العقيدة والتوحيد وليس في المعاشرة الزوجية والشرف ، وقد سمعت مثل هذا الكلام من سيد ي الوالد الشيخ أحمد الحصري في أحد دروسه في الجامع الكبير (معرة النعمان ) وكذلك ابن " نوح عليه الصلاة والسلام " لم يكن من المؤمنين . وقد تكون المعاملة السيئة والحرص على المال وغير ذلك من أسباب العداوة وهنا يطلب العفو والصفح والمغفرة فيما بينهم .
2- المال : ( تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم .....) الحديث صحيح اخرجه الطبراني في المعجم الاوسط (ج3/94) برقم 2595 ، لنتذكر معا ما آل المال بصاحبه- قارون - في الدنيا قال الله تعالى ( إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنْ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ) القصص الآية (76)
( فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنْ المُنْتَصِرِينَ ) القصص الآية (81)
وأن المال الذي لايزكيه صاحبه يصفّح له صفائح من نار فتكوى به جبهته وجنبه وظهره جزاء كنزه ومنع اخراج زكاته .
3- السلطان والحكم : فقد أغرق الله فرعون وجنده ثم ترك جسده عبرة لمن خلفه . (وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ (90) أَالآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنْ الْمُفْسِدِينَ (91) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنْ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ ) (92) ) سورة يونس
4- اتباع الهوى : قال الله تعالى (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعْ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ) سورة ص الآية (26)
فتنة العلم والجهل (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنْ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصْ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) ) . الأعراف .
( اول من تسعر به النار .... )
5- الاكل والشرب : ويكفي منه ما يقيم الصلب أوثلث معدته (ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه ) ان ما يفسده درهم من بطنة اوشبع لايصلحه مائة درهم وقديما قالوا :الذي قتل السباع في البراري ادخال الطعا م على الطعام ،
و صدق القائل لقد جمع الاسلام الطب في أقل من نصف آية – قلت في ثلاث كلمات - قال تعالى : (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31)) الأعراف ،
قال الامام علي رضي الله عنه ينصح ابنه " قم عن الطعام وأنت تشتهيه ولا تات الطعام إلا وأنت تشتهيه واعرض نفسك على الخلاء قبل أن تنام ، لا يأتيك الطبيب ابدا "
6- الجاه والنسب : كل نسب مقطوع يوم القيامة إلا نسب الدين ، فيوم القيامة توضع الانساب ويرفع نسب الدين ألا وهو ( ان أكرمكم عند الله أتقاكم ) ، ( يوم لاينفع مال ولابنون الا من أتى الله بقلب سليم ) ، (يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ (13) ) . سورة المعارج
7-الحرث : " وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً (35) وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْهَا مُنقَلَباً (36) قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً (37)"الكهف
8- الكبر والحسد : الكبر والتكبر لله وحده فهو سبحانه المتكبر و جرّالثوب خيلاء من التكبر على عباد الله ، وأول معصية – في السماء - حصلت كانت بسبب تكبر ابليس على أمر الله وحسده لآدم – عليه الصلاة والسلام - فلم يسجد لآدم عليه الصلاة والسلام ، وفي الارض كانت أول معصية بسبب حسد أخ لأخيه لأن الله تقبّل من أحدهما ولم يتقبّل من الآخر ، ففي الحديث ( .... تعس عبد الخميصة ، تعس عبد الخميلة ...) الحديث صحيح أخرجه الطبراني في المعجم الاوسط (ج3/94) برقم 2595
قال عبد الملك بن عمير :رأيت رأس الحسين رضي الله عنه بين يدي ابن زياد في قصر الكوفة ، ثم رأيت رأس ابن زياد بين يدي المختار ، ثم رأيت رأس المختار بين يدي مصعب ، ثم رأيت رأس مصعب بين يدي عبد الملك ، قال سفيان فقلت له : كم كان بين أول الرؤوس وآخرها ، قال اثنتا عشرة سنة .
وصدق القائل : هكذا تفعل الدنيا لا تترك حرا قرشيا ولا عبدا حبشيا الا وتغدر به ، قلت : فكم وكم قتل بنو يهود من الانبياء عليهم الصلاة والسلام بسبب الدنيا وعنتهم وكفرهم بالله العظيم ولازلنا نحن في غفلة عن مكرهم نأمن لهم وهم الذين ينقضون عهود الله وهذا ديدنهم وطبعهم فالفطن الفطن – الكيّس الكيّس - من عرفهم من خلال القرآن الكريم ، أما من وضع رأسه في الرمال فهو أشبه بنعامة ،
نحن نعيش في الدنيا ولا بد لنا من إعمارها ، فليكن مال الدنيا في أيدينا لا في قلوبنا ، ولنتمتع بما أباحه الله لنا من هذه الدنيا ضمن القنوات النظيفة يقول الاستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي حفظه الله ( ما من شهوة من شهوات الدنيا الا وجعل الله لها قناة نظيفة تجري فيها ) . قلت جميع شهوات الدنيا من اعلاها – الحكم – الى أدناها قد ترفعك في درجات جنات النعيم ان سلكت فيها مسلك الشرع الحنيف وان زغت بها عن الصراط المستقيم هوت بك في دركات الجحيم المقيم ( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) الاعراف (32) وفي بضع أحدكم صدقة - وبما يرضي الله تعالى وليكن ذلك رصيدا لنا في صحائفنا يوم القيامة
علاج الشهوات :
عالج الاسلام كل شهوة بما يناسبها واتبع لتحقيق هذا الغرض الجليل الذي به يسعد العبد في الدارين طرائق أهمها ما يلي :
1- التربية الاسلامية الصحيحة من قبل الأهل – بالحال قبل القال – للأبناء ، وصدق القائل : لولا المربي لما عرفت ربي ، ومن ثم كل يأخذ المسؤولية حسب موقعه ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته )
وينشأ ناشيء الفتيان منا على ما كان عوده أبوه
2- الصوم ؛ وهو أكبر مدرسة للمتفوقين فيها حيث أنهم يراجعون حساباتهم ويدققونها ، فصيام ثلاثة أيام من كل شهر حق الصيام تكفي لتربية النفس طيلة الشهر كله ، ففي الصيام يكبح المؤمن شهواته وان كانت حلالا ، ويقوي إرادته ناهيك عن اجتناب ما حرّم الله ليقف مع الله موقف الادب والطاعة فبهذا يكون الصوم جنة أي وقاية وحصانة ، فالصوم علاج لاسيما للشباب الذي لايستطيع الزواج وهو – الصوم – علاج لشهوة البطن والفرج واللسان .... الخ ،
3- الصحبة الصالحة : فالمرء على دين خليله " الاخلاء -- -------------" الآية
4- مراقبة الله والاعتصام به تعالى من الوقوع في الزلل : فهي تزيد في تربية النفوس السليمة
5- ذكر الله في كل الأحيان والتزام جماعة المسلمين
6- العلم بالله والجلوس الى العلماء والتزام آدابهم مع الحق تعالى والناس
7- الخوف من الله ، وتذكر العقوبة في الآخرة وعدم الاستهانة بعذاب الله وصدق القائل : لاتنظر الى صغر المعصية ولكن أنظر من تعص-------
8- الزهد في الدنيا ومعرفة حقيقة ماخلقنا لأجله وأنّ ما عند الله خير وأبقى
9- الورع : وفيه يكون الانسان في حصن منيع في الابتعاد عن الشبهات وعما حرّم الله والذي لايعرف الورع قد يخترع أو يردد الفاظ تبرر له ماهو فيه ليتمادى في الوقوع في الشبهات من حيث لايدري كقوله (هذا ورع بارد) وكأن هناك ورع حار أو ورع متوسط الحرارة
10- عدم التمادي في الشهوات وإن كانت من المباحات فان ذلك قد يورث في النفس اشياء لاتحمد عقباها ويفطن لذلك من لم يقع فيها ، وعدم أمن مكر الله مع ستره تعالى له
11- الدعاء بالعفاف ( اللهم ارزقنا الهدى والتقى والعفاف والغنى )
12- عدم اليأس من رحمة الله تعالى والاسراع الى التوبة النصوح
13- الصبر على الطاعة والانشغال بها والصبر عن المعصية والابتعاد عنها وعن القرب منها والوقوع فيها ( من حام حول الحمى ... )
14- تجفيف منابع المعصية أو الشهوة وذلك بعدم الاقتراب منها (ولاتقربوا الزنا ...) وهنا تقع المسؤولية الكبرى على الكبار سوآء كان أبا أو مدرسا أو حاكما .... الخ .
15- توفيرالاحتياجات المطلوبة لدى الافراد مع حفظ كرامتهم وعدم إراقة ماء وجوههم
16- الجهاد الأكبر : وهو جهاد النفس والهوى والشيطان والطمع ....الخ
شهوات الدنيا هي سلّم للترقي أو التردي
ورد فى الحديث الشريف " إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالا وعلما فهو يتقى فيه ربه ويصل فيه رحمه ويعلم لله فيه حقا فهذا بأفضل المنازل ، وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا فهو صادق النية يقول لو أن لى مالا لعملت بعمل فلان فهو بنيته فأجرهما سواء ، ورجل آتاه الله مالاً ولم يؤته علماً ، فهو يخبط في ماله ، لا يرعى لله فيه حقه ، ولا يصل به رحمه ؛ فهذا بأخبث المنازل ، ورجل لم يؤته الله مالاً ولا علماً ، فهو يقول: لو أن لي كفلان لعملت بعمله ، فهو ونيته ؛ فهما في الوزر سواء .
رواه الإمام الترمذي وابن ماجة وأحمد
هذا نبي الله سليمان عليه وعلى جميع الانبياء الصلوات والتسليمات والبركات من الله تعالى ، يطلب من الله حكما يصلح به الارض بعد فسادها " رب هب لي حكما لاينبغي لاحد من بعدي -------------
قلت : وأي شهوة أعظم من أن يكون المؤمن خليفة الله في أرضه وهذه النيتجة الحتمية والغاية العظمى من " وما خلقت الجن والأنس الا ليعبدون " والله أعلم .
كان بعض الشباب أيام الدراسة الجامعية يطرح سؤالا عمّا يشتهي أو يتمنى كل واحد منهم ، وكان – فلان – وهو صديق أخي الاستاذ الشيخ عبد المنعم أحمد الحصري رحمه الله يقول : أتمنى أن يكون عندي أجمل امرأة – بالحلال – ومعي نصف مليون ليرة سورية ( للعلم هذه الامنية كانت في السبعينيات من القرن العشرين ) وبعد فترة تغيرت الشهوات والامنيات وارتقى الحال عند بعضهم فمنهم من يتمنى رضوان الله ومنهم مازالت شهوته تثّاقل به الى الارض ، والذي يحز بالنفس أنّ البعض يحمل العلم ويسير به ،
يقول سيد قطب – رحمه الله – في ظلال القرآن تحت تفسير " ...فلنحيينه حياة طيبة ..." ، ( وليس المال الا عنصرا واحدا ، يكفيمنه القليل، حين يتصل القلب بما هو اعظم وأزكى وأبقى عند الله ...) ، وأذكر أن ّسيدي الوالد وضع بعض المال في التجارة فجيىء له بربح يساوي ( 2- 3 ) كيلو دهن – سمن عربي – فقال في نفسه انّ الله يريد لي العلم فكانت شهوته وأمنيته أن ينشر علماء عاملين يعلّمون الناس الخير فكان كذلك فلله الحمد والمنّة ،
لقد سمع الامام علي رضي الله عنه أبا بكر رضي الله عنه في المسجد يدعو ويقول : الهي أريدك ، ورأى في طرف المسجد اعرابي يدعو فسمعه يقول : الهي أريد شويهة .
قلت : اذا كانت الاعمال بالنية فالجدير بنا أن نطلب الدرجات العليا بشهواتنا النظيفة الرفيعة المستوى والتي فيها رضى الله تعالى ، فعلى المؤمن أن يرتقي بشهواته سلّم الرضى والقرب من الله وذلك من تطبيق الاسلام على نفسه وبيته ، وامنيته أن يكون الحكم لله ،
وأذكر أنّ رجلا جاء الى سيدي الوالد رحمه الله ، وقال له انني سأتطوع في الجيش لأقيم حكم الاسلام في سورية فقا ل له سيدي الوالد الشيخ أحمد الحصري ، كلمة واحدة معناها " سيكون أجلك قريبا " وكان ماقاله الشيخ ، رحمهما الله والمسلمين آمين .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه وبارك.
المراجع
odabasham.net
التصانيف
قصص أدب مجتمع