في داخل الذرة هنالك حالتان متناقضتان:
الأولى: حالة الانجذاب إلى المركز.
الثانية: حالة الانفلات عن المركز.
فالنواة تسحب إليها الألكتونات بقوة، بينما الألكترونات تهرب منها بقوة أيضا.
وكما في الذرة كذلك في الإنسان، حيث تتجاذبه حالتان متناقضتان: إحداهما إيجابية تشده إلى الناس، وأخرى سلبية تبعده عنهم.
فالأمور السلبية ينظر إليها أغلب الناس على أنها طاقة مدمرة لابد من التخلص منها أو نسيانها، ولكن النسيان والتنكر للحقائق لا يعالج المشكلة، لأن الحالة السلبية قد تعبر عن نفسها في صورة الرغبة في الانعزال، أو الحقد، أوالغضب، وهذه كلها أمور عفوية.
فأنا وأنت نغضب، ونكره، ونتذمر، ونضجر.. وكلها حالات تعترينا ولا يمكن التخلص منها بشكل مطلق، ولكن بالإمكان التحكم بها، والسيطرة عليها لكي لا تؤدي إلى مضاعفات سيئة.
وهنا سؤال يقول: هل الحالة السلبية طاقة مدمرة فعلا، أم يمكن أن تتحول إلى طاقة بناءة؟
والجواب: مبدئيا، التعادل هو المطلوب. فإذا عدنا إلى مثال الذرة نجد؛ أن التعادل بين الحالتين المتناقضتين في انجذات الألكترونات إلى المركز، وهروبها منه، هو السبب في الحفاظ على قوة الذرة وتماسكها، كذلك الأمربالنسبة إلى الإنسان حيث أن حالة التعادل بين الروح الإيجابية، أي الانجذاب إلى الناس، والسلبية التي تعني الهروب منهم، هي التي تحافظ على تماسكه الداخلي.
ومع قطع النظر عن النتائج السلبية التي ترافق عادة الحالات السلبية إلا أنه لابد من القول أن للحالة السلبية طاقة هائلة كما هي للحالة الإيجابية، فإذا وجهت بالشكل الصحيح كانت بناءة وإلا كانت هدامة.
لنأخذ الغضب على سبيل المثال فإنه حالة طبيعية في الإنسان، ومن غير الممكن أن تنفصل عنه بشكل مطلق، فليس المطلوب هو أن تكون كالطماطم في الخضار التي تنسجم مع كل أنواع الطعام، فأنت بشر وتتداخل في داخلك أيضا طاقتان: طاقة الحب، وطاقة الكره، وتتفرع منهما أيضا حالتان هما: التولي، والتبري.. وهذا يعني أن عليك معرفة من تحب، ومن تكره.. ومن تتولى، وممن تتبرأ، ومع من تنسجم وممن تهرب.
وكما آنه ليس جميع أفراد المجتمع صالحين، ولي كل ما في الحياة صالح للاستفادة، لذا لابد أن تتعلم كيف تتخلص من النفايات؟ كما لابد أن تتعلم كيف تستقطب الأشياء النافعة؟ وهذا يتطلب الإستفادة من كل الطاقات الموجودة في الإنسان ولكن في الاتجاه الصحيح، لأن الحياة قائمة على الحالتين: الإيجابية والسلبية.
ألا نجد كيف أن صحة الإنسان قائمة على دعامتين: دعامة جلب ما ينفع، ودعامة دفع ما يضر، فكما أن في الحياة كل من النافع والضار، والخير والشر، فكذلك المجتمع يتشكل من الأفراد النافعين والضارين.. والأخيار والأشرار.. والصالحين والطالحين، ولذا لابد أن نعرف كيف، وأين نوجه الطاقة السلبية؟ وكيف، وأين نوجه الطاقة الإيجابية؟
فينبغي مراعات الحدود العقلية والشرعية للتحكم بهاتين الطاقتين. فإذا تجاوز الحب لأحد أفراد البشر حدوده، وتحول إلى من العبودية والخضوع المطلق فسوف يكون مدمرا.
إذا ليس المطلوب أن تذوب في غيرك وقد خلقك الله (عز وجل) حرا.. والبغض أيضا يجب أن لا يتعدي حدوده حتى لأشد أعدائك، لأنه سيوقعك في المهالك، بل يجب أن تبغض بقدر، وتحب بقدر.
وإذا سلمنا بحقيقة أن الناس يستجيبون للطاقات السلبية أكثر من استجابتهم للطاقات الإيجابية بحيث أنهم يغضبون أكثر مما يحبون مثلا، فنعرف حينئذ ضرورة التحكم في النفس من أجل توجيه هذه الطاقات بشكل سليم، ذلك أن الطاقة السلبية تشبه إلى حد كثير الطاقة الموجودة في الزلازل والرياح العاتية، فإذا استطعنا السيطرة عليها فسوف نكون قد حصلنا على مخزون هائل من الطاقات ويمكن أن نضعها في خدمة البشرية، وإذا لم يتم توجيه تلك الطاقات فإنها ستتحول إلى طاقة مدمرة.
وإذا تمكن أحد من التحكم بوتائر غضبه، ووجهها وجهة سليمة فإنه سينتفع من ذلك كثيرا، فلو انتبته حالة من الغضب على عادة سيئة فيرتدع عنها بقوة عضبه، فهنا يصبح الغضب كالكابح في السيارة حيث ينفع ولا يضر.
المراجع
annajah.net
التصانيف
تطوير الذات العلوم الاجتماعية علم النّفس