يقول الله تعالى : ( ما يلفظ من قول إلاّ لديه رقيب عتيد ) . أيّها المرابطون على ثغور الحقّ الأحبّة ! مهما بلغ المسلم من حماسته للحقّ، وغيرته على حرماته، وتأثّره لما يتعرّض له إخوانه من بطش وإجرام ، وظلم وتنكيل ، فإنّ ذلك لا يبرّر له أن يتزحزح عن منهج الحقّ وكلمة الحقّ، وعن الخلق الإسلاميّ، في تعامله مع المخالفين له، فليس الشديد بالصرعة، ولكنّ الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب، والمؤمن الحقّ وقّاف عند حدود الله، وإنّ التزامه بذلك كلّه نوع من العبادة، التي لا يحيد عنها في السرّاء والضرّاء، والشدّة والرخاء، ونوع من عدّته وسلاحه في مواجهة عدوّه المتجرّد من كلّ القيم والمبادئ .. وهو بذلك يسهم في خذلان عدوّه، وتشتيت شمله ، وتفريق الناس من حوله .. وقد سُئِلَ عَلِىٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ أَهْلِ الجَمَلِ أَمُشْرِكُونَ هُمْ ؟ قَالَ : مِنَ الشِّرْكِ فَرُّوا.
قِيلَ : أَمُنَافِقُونَ هُمْ ؟ قَالَ : إِنَّ المُنَافِقِينَ لاَ يَذْكُرُونَ اللهَ إِلاَّ قَلِيلاً . قِيلَ : فَمَا هُمْ ؟ قَالَ : إِخْوَانُنَا بَغَوْا عَلَيْنَا .. ولم يكتفِ بذلك رَضِىَ اللهُ عَنْهُ بل صلّى على قتلاهم، وقال : طهّرهم السيف .. فانظر إلى هذا السمو الأخلاقيّ، الذي ما بعده من سموّ .! فأين نحن من هذه الأخلاق الربّانيّة الكريمة .؟! وإنّنا في هذا الإطار الشرعيّ البيّن لا نقبل على أنفسنا وعلى إخواننا بحال من الأحوال : الإسفاف في الخصومة، والفحش في القول، ونشر الأخبار بدون تثبّت ، فضلاً عن الكذب على من نختلف معه .. ولنا في سموّ الخلق، والاحتساب عند الله ، أكبر العزاء والجزاء .. فيا شباب الثورة والتغيير لا يستخفّنكم الغضب من عدوّكم، وممّن خالفكم أن تتجاوزوا هدي الإسلام وآدابه، فتكونوا خصماء للحقّ، جفاة عن منهج العدل، مسفّين في الخصومة .. ولنكثر من هذا الدعاء النبويّ الكريم : ( اللهمّ فاطرَ السمواتِ والأرضِ عالمَ الغيبِ والشهادةِ، اهدني لما اختلفُوا فيه منَ الحقّ بإذنك، إنّكَ تَهدي مَن تشاءُ إلى صِراطٍ مستقيم )، اللهمّ إنّا نسألك القصد في الفقر والغنى، وكلمة العدل في الرضا والغضب ، وخذ بنواصينا إليك، ولا تجعل للشيطان، ولا للأهواء علينا سبيلاً ..
المراجع
odabasham.net
التصانيف
قصص أدب مجتمع قصة